الخدم

ناصر بن محمد الأحمد

2015-01-19 - 1436/03/28
عناصر الخطبة
1/انتشار ظاهرة استخدام الخدم في المجتمعات المعاصرة عموما وفي المجتمع السعودي خصوصا 2/بعض أسباب انتشار استخدام الخدم في السعودية 3/بعض انحرافات وجرائم الخدم وبعض القصص الواقعية في ذلك 4/بعض أبعاد مشكلة الخدم ومحاذير استخدامهم 5/التحذير من ظلم الخدم وبعض القصص الواقعية في ذلك 6/تحذير المستخدمين للخدم من ظلمهم

اقتباس

إن العلماء ورجال الفكر، والغيورين على مجتمعات المسلمين يحذرون عند استخدام الخدم من خطورة الخادمة الأنثى على الزوج وعلى الأبناء المراهقين. خطورة الخادم الرجل أو الشاب على الزوجة والبنات. خطورة الخدم على الأبناء الصغار، على حياتهم وعقيدتهم ولغتهم وأخلاقهم وعاداتهم خصوصاً إذا...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ...

 

أما بعد:

 

إن ظاهرة الخدم، أصبحت من الظواهر التي لا مفر منها في المجتمعات المعاصرة بشكل عام، وفي مجتمعنا بشكل خاص، فكان لا بد من عدة وقفات مهمة مع هذا الموضوع الواسع المتشعب، ولو بإشارات:

 

أولاً: الناس بطبيعتهم يتفاوتون في قدراتهم البدنية والعقلية، ويختلفون في ظروفهم وإمكاناتهم الاجتماعية والاقتصادية، فهناك القويّ الجسم، الصحيح البدن الذي يستطيع القيام بكل متطلبات حياته بنفسه، وهناك الضعيف والمريض والمعاق، ومن أدركته الشيخوخة، وكل منهم محتاج لمن يعينه على قضاء ضرورات حياته المختلفة، فكان لا بد من الخدم.

 

ثانياً: خلق الله -سبحانه وتعالى- الناس، وقدّر أرزاقهم، وجعلهم يتفاوتون في الرزق والدخل، فكان الغني والفقير، فالأغنياء محتاجون لاستخدام الفقراء في كثير من شئون حياتهم، والفقراء محتاجون لفرص العمل، ولمال الأغنياء، لتدبير شئون معاشهم، فكانت ظاهرة الخدم: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا)[الزخرف: 32].

 

ثالثاً: هناك بعض رجالات الأمة، أوقاتهم أثمن وأغلى من أن يضيعوها في خدمة أنفسهم، وهم أولئك الذين تنتفع الأمة بهم، إمّا عالم يستفيد الناس من علمه، فهو بين بحث وقراءة واطّلاع، أو داعية يجوب الأرض هنا وهناك ينشر دين الله -عز وجل-، أو مجاهد يسد ثغرة من الثغور التي قد يدخل منها أعداء الملة على الأمة، أو غيرهم ممن نفعهم متعد إلى آلاف الناس، أيّاً كان دورهم، وأين كان موقعهم، المهم أنهم يعيشون لغيرهم أكثر مما يعيشون لأنفسهم، كل هؤلاء لابد أن يخدموا، ليتفرغوا لعظائم الأمور، وكبريات المسائل.

 

رابعاً: بعض أسباب انتشار الخدم عندنا:

 

زيادة نعم المولى -جل وعلى- ودخول المجتمع عصر ما يسمى بعصر الطفرة الاقتصادية، مما زاد ذلك من دخل الأفراد والأسر، فارتفع مستوى المعيشة بمعدلات كبيرة، فنشأ عن ذلك النـزعة المتنامية إلى تغيير صورة البيت، من حيث البناء والأثاث والمقتنيات، والرغبة في اكتمال مظاهر الأبّهة، أو الوجاهة الاجتماعية، فازدادت مساحة البيت، وأصبحت الفيلاّ والقصر بديلاً عن البيت التقليدي، فزادت أعباء الخدمة، فكان لا بد من خدم.

 

ومن الأسباب: خروج كثير من النساء للعمل، وغيابهن عن البيت معظم ساعات النهار، بل ومن الطبيعي عدم قدرتها على الجمع بين أعباء الوظيفة وأعباء خدمة البيت، وتربية الأولاد، ومع ازدياد طموحها الوظيفي، ورفضها التفرغ لمهمتها الأساسية، وهي إدارة شئون البيت، فلا حل في مثل هذه الحالة إلاّ الخدم.

 

ومن الأسباب: اتساع نطاق العلاقات الاجتماعية، نتيجة لتحسن الأوضاع المالية لكثير من الأسر، ونشأة الميل للانفتاح على الآخرين، وما ترتب على ذلك من كثرة الولائم، وتبادل الزيارات العائلية، والترتيب لتجمعات عائلية كبيرة، وبشكل دوري، مما زاد من أعباء الخدمة المنـزلية على الزوجة، فأصبح استقدام الخدم أمراً لا مفر منه.

 

ومن الأسباب: وجود أفراد معاقين، أو في سن الشيخوخة في كثير من الأسر، ذات الدخل المرتفع، ممن يحتاجون لخدمة خاصة على مدى ساعات اليوم، فضلاً عن أن تكون الزوجة نفسها مريضة، ولا تستطيع القيام بأعباء نفسها، فضلاً عن القيام بأعباء البيت.

 

ومن الأسباب: كثرة عدد الأبناء، وتضخم مطالبهم اليومية، مع اعتلال صحة الأم، واحتياج شئون وأعباء خدمة البيت لمجهود فوق طاقتها وإمكاناتها.

 

وغير ذلك من الأسباب.

 

خامساً: احذر غفلة، بل وجرائم الخدم، وانتبه من الثقة الكاملة:

 

سأنقل لك -أخي الحبيب- بعض القصص الواقعية من جرائم بعض الخدم، والتي نشرت في صحفنا ومجلاتنا، فهي ليست سراً، ولا أقصد أن أخيفك، وأجعل عاملة المنـزل شبحاً بالنسبة لك، فقط أريدك أن تنتبه فما حصل لغيرك قد يحصل لك.

 

نشرت جريدة البلاد (العدد 10700 بتاريخ 8/5/1414هـ) تحت عنوان "من غرائب الخدم" براً جاء فيه أن إحدى الخادمات تأتي من بلادها، وهي تحمل معتقداً غريباً، يقول: ضعي البول أو البراز في الماء الذي تقدمينه للأسرة التي تعملين معها، أو في ثلاجتهم الباردة، بعدها تصبحين الحبيبة المقربة لكل أفراد الأسرة خصوصاً قائدها.

 

ونشرت الجريدة إلى جوار الخبر صورة خطية لاعتراف الخادمة بهذه الواقعة الغريبة الخطيرة.

 

نشرت جريدة عكاظ (العدد 9945 بتاريخ 10/5/1414هـ) رسالة لمدرسة تعمل في مدرسة بإحدى القرى النائية في جنوب المملكة، وتضطر طبعاً لترك ابنتها الصغيرة في رعاية الخادمة التي كانت تطمئن إليها جداً، وعادت من عملها يوماً لتجد ابنتها تعاني من ارتفاع شديد في الحرارة، شخّصه الطبيب بأنه التهاب في اللوز، ثم تبين أن الطفلة تعاني من التهاب حاد بالأمعاء، نتيجة لتناول شيء ملوث عن طريق الفم، وبالتشديد على الخادمة تبين أنها سقت الطفلة عن جهل بعضاً من الماء الذي تخلف من غسيل صندوق القمامة، لتكاسلها عن إحضار ماء نظيف عندما طلبت الطفلة أن تشرب.

 

ونشرت مجلة الدعوة (بتاريخ 26/6/1414هـ) خبراً يبين خطورة الكافرات من الخدم: مفاد الخبر: أن رزق زوجان بمولود لم يلبث بعد أيام أن مرض مرضاً شديداً لم يتعرف الطبيب على أسبابه، توفي الطفل وسلّم الزوجان بقضاء الله وقدره دون التفكير بأن الأمر جريمة، ثم رزق الزوجان بمولود آخر، تكررت معه نفس التجربة الأليمة، فشاء الله -جل وتعالى- أن ينكشف السر لهذه الأسرة المنكوبة عندما اعترفت الخادمة لزميلتها خادمة الأسرة المجاورة لهم بالسكن بأنها لا تتحمل الضوضاء، وبكاء الأطفال، فكانت تغرس إبرة في رأس الطفل إذا بكى في المنطقة الضعيفة من الجمجمة، فتنفذ إلى المخ، وتؤدي في النهاية إلى الوفاة.

 

وجريدة البلاد (العدد 10809 بتاريخ 29/8/1414هـ) نشرت هذا الخبر: استقبل قسم الإسعاف بمستشفى الرياض المركزي، خلال ستة أشهر أكثر من 120 حالة حروق وكسور لدى الأطفال الذين يتراوح أعمارهم من ثلاث إلى سبع سنوات، وأن 40% من هذه الحالات خطيرة، وأن سببها هو الإهمال من جانب الأم، واعتمادها التام في رعاية الأبناء على الخادمة التي تهمل الأبناء في غياب الأم، وتتفرغ للحديث في الهاتف.

 

أما جريدة المدينة (العدد 11308 بتاريخ 5/10/1414هـ) فنشرت خبراً عجيباً بعنوان: "آخر ابتكارات الشغالات" جاء في الخبر: عندما كان طارق يبكي أو يطلب شيئاً من الشغالة كانت تحاول الخلاص من طلباته وصراخه بأي شكل حتى تستريح، فكانت تلجأ إلى وضع شفاط المكنسة الكهربائية في أماكن حساسة من جسده، وتشغل دورة الشفط إلى أن ينهار الطفل تماماً من شدة الألم.

 

وقد ثبت من الفحص الطبي أن الطفل مصاب بهتك في عروق الخصيتين، نتيجة عملية الشفط[انتهى الخبر].

 

نشرت جريدة عكاظ (العدد 10087 بتاريخ 9/10/1414هـ) شكوى لشاب اكتشف سرقة خادمتهم لمجوهرات أمه، والخادمة تهدده أن أخبر والديه، فستدّعي عليه أنه هو الذي سرق المجوهرات، وعرضها عليها، حتى تستجيب لمحاولاته الاعتداء عليها جنسياً، ولما كان الشاب يخشى أن يصدق والده ادعاء الخادمة فيطرده، فقد آثر الصمت مضطراً وهو يتعذب بشدة ضياع مجوهرات أمه ومال أبيه، ولا يدري ماذا يفعل خاصة وأن سرقات الخادمة لن يتوقف عند هذا الحد.

 

ونشرت جريدة الجزيرة (العدد 7852 بتاريخ 17/101414هـ) خبراً: أن هناك خادمة كانت تقوم بتنظيف طفلة بريئة بعد قضاء حاجتها، وهذه الطفلة في شهورها الأولى، وفتحت الخادمة صنبور الماء الحار، وأخذت الطفلة تصرخ بشدة من الألم حتى انسلخ جلدها، ولم تتدارك الخادمة الموقف وشناعة فعلتها إلا بعد انتهائها من تنظيف الطفلة، ونقلت الطفلة للإسعاف في حالة يرثى لها.

 

ونشرت جريدة المدينة (العدد 11343 بتاريخ 10/11/1414هـ) هذا الخبر: خرجت الأم إلى السوق تاركة أطفالها الثلاثة مع الخادمة التي أخذت تتحدث في الهاتف مع سائق من جنسيتها يعمل لدى عائلة أخرى، وتركت الطفل الرضيع يبكي من الجوع، حتى أغمي عليه، إلى أن عادت الأم من السوق وأسرعت بنقله للطبيب الذي أسعفه بعد أن أوشك على الموت نتيجة انشغال الأم بشراء فستان جديد، وانشغال الخادمة بالحديث مع الصديق.

 

وجريدة البلاد (العدد 10966 بتاريخ 15/2/1415هـ) نشرت خبراً عنوانه: "غاب الأب وغفلت الخادمة فغرق أسامة" خلاصة الخبر أن بعض الأصدقاء تعودوا قضاء وقت طيب في المسبح في منـزل أحدهم مع أطفالهم الذين يلهون أمامهم في المسبح تحت مراقبة الخادمة، غادر أبو أسامة المسبح تاركاً أسامة في رعاية الخادمة، وتحت مسئوليتها، لكنها غفلت عنه، فغرق في المسبح في لحظات.

 

أيها المسلمون: ما ذكر فقط مجرد أمثلة -عيّنات- صور قليلة من حوادث ووقائع كثيرة، يصعب حصرها وتتبعها، والنتيجة التي ينتهي إليها استعراض انحرافات وجرائم الخدم، هي باختصار -الخدم سلاح ذو حدين- فبقدر ما يمثلون من ضرورة عملية أحياناً تفرضها أعباء الحياة، بقدر ما هم خطر وضرر وهمّ ماثل وحاصل.

 

فأنت -يا أخي- بين الضرورة والضرر، فقدّر أبعاد المسألة، فإن كان لابد، ففتح عينيك، وكن على حذر مستمر، وإياك والثقة الزائدة

 

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه واتباع سنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

 

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين ...

 

أما بعد:

 

النقطة السادسة حول موضوع الخدم: بعض أبعاد مشكلة الخدم:

 

من الصعوبة بمكان أن أشرح بالتفصيل كل بعد من أبعاد مشاكل الخدم؛ لأن كل واحدة منها تحتاج إلى خطبة مستقلة، لكن حسبي في هذا المقام القصير أن أعدّ لك النقاط فقط، واللبيب بالإشارة يفهم.

 

إن العلماء ورجال الفكر، والغيورين على مجتمعات المسلمين يحذرون عند استخدام الخدم من:

 

خطورة الخادمة الأنثى على الزوج وعلى الأبناء المراهقين.

 

خطورة الخادم الرجل أو الشاب على الزوجة والبنات.

 

خطورة الخدم على الأبناء الصغار، على حياتهم وعقيدتهم ولغتهم وأخلاقهم وعاداتهم خصوصاً إذا كانوا غير مسلمين.

 

خطورة الخدم على أموال وأسرار وصحة، بل وحياة أفراد الأسرة.

 

خطورة الخدم على أمن البلاد، حيث أدى وجودهم إلى ظهور جرائم التهريب، وتجارة المخدرات، وبيوت الدعارة السرية، والشقق الغير شرعية، والقتل والسلب والأمراض، بل وفوق هذا كله احتمالية قيامهم بعمليات التجسس لحساب بلدان معادية.

 

ظهور مهنة تجارة الخدم المنظمة عن طريق مكاتب الاستقدام، وما تمارسه من أساليب تعيد إلى الأذهان تجارة الرقيق في العصور الوسطى.

 

حرمة الخلوة بين الخادم أو الخادمة وأهل البيت سواءً كان داخل البيت أو حتى في السيارة حال التوصيل من مكان لآخر.

 

حرمة استقدام الكفار من الخدم وإدخالهم جزيرة العرب وتفضيل المسلمين عليهم.

 

هذه ثمانية نقاط سريعة ينبغي التنبه لها وعدم تجاوزها، -وكما قلت- كل واحدة تحتاج إلى كلام خاص، لكن لعل فيما أشير إليه إشارة كافية للعاقل.

 

سابعاً: ظلم الخدم.

 

لا يعني مما ذكر من قصص حول بعض جرائم الخدم أن أحوال بعض الأسر أحسن حالاً، لا، فإن هناك من الأسر -والعياذ بالله- لا تقل إجراماً في ظلمها لخدمها، وهضم حقوقهم والتعدي عليهم:

 

نشرت جريدة الاقتصادية (العدد 190 بتاريخ 6/2/1414هـ) خبراً: أن المحكمة حكمت بالسجن سبع سنوات على كويتي وزوجته لقتلهما الخادمة، حيث قام الزوجان بضرب وتعذيب الخادمة الفلبينية حتى الموت.

 

أقول: لو كان هذا الحادث عندنا ربما كان حكم الزوجين السيف.

 

نشرت جريدة المسلمون (العدد 479 بتاريخ 27/10/1414هـ) تحقيقاً صحفياً عن أوضاع الخادمات، فقالت إحدى ربات البيوت: إن كثيراً من الأسر تعامل الخادمة معاملة الحيوان، فلا تخصص لها مكاناً للنوم أو حتى لملابسها أو حاجياتها، وتمنعها من الأكل أو الجلوس خارج المطبخ، وتقفل عليها البيت مع احتمال وقوع حادث ما في البيت وهي سجينة.

 

وتقول أخرى: أنها سمعت الكثير عن الاضطهاد الذي تلاقيه تلك الخادمات لكنها لم تصدق مرةً عندما رأت صاحبة بيت شهرت سكينها، وكادت تطعن بها الخادمة في ثورة غضب.

 

وأخرى رمت خادمتها بيد الهاون، فكادت أن تكسر ضلوعها لولا لطف الله -تعالى-.

 

وإذا أردتم المزيد، فليحدثكم من يعمل في طوارئ المستشفيات عن الحالات التي تستقبل يومياً نتيجة الإصابات التي يتعرض لها الخدم جرّاء التعدي الذي يحصل عليهم من أرباب الأسر -ولا حول ولا قوة إلا بالله-.

 

حوادث لا تصدق لكنها وقعت، ولكم أن تتخيلوا النفسية التي ستعيشها الخادمة، وكيف ستتعامل هي مع أهل البيت بعد ذلك.

 

إن كان من تعليق متأخر حول ما نشرت الصحف من قصص حول جرائم بعض الخدم مما سردته لكم في الخطبة الأولى، فلماذا لا يكون السبب هي النتيجة الطبيعية للمعاملة الغير إنسانية التي تتعامل بها بعض الأسر مع خدمهم، من حرمانهم من أبسط حقوق الإنسان، أو منحهم أجور متدنية لا تفي بمتطلبات حياتهم الأساسية، ولا تكافئ جهودهم، وعدم احترام مشاعرهم، وتكليفهم من العمل فوق ما يطيقون، وتهديدهم المستمر بتقديمهم للجهات الرسمية أو بتسفيرهم، بل جعلهم في كثير من الأحيان مثار السخرية، وإلقاء النكت عليهم، وإضحاك الأولاد، وغير ذلك.

 

ثامناً -وأخيراً-: فلنتق الله -أيها المسلمون- فيما تحت أيدينا من الخدم، فإنهم أمانة في أعناقنا، ووالله لولا الحاجة ما ترك الواحد منهم زوجه وأهله وأولاده، ثم تغرب هنا لسنوات مقابل ريالات معدودات.

 

تصور -يا أخي- امرأة تخرج من بلدها وتسافر وتقدم إلى بلد لا تعرف عنه شيء، ولا تعرف ما هو مصيرها، وتودّع أهلها وأولادها ولا تعرف هل تعود إليهم أم لا، وهي امرأة، لولا الحاجة الضرورية عندهم ما تركت بيتها، ثم إذا قدموا علينا لم يجدوا الرحمة ولا الشفقة ولا الكلمة المناسبة أحياناً.

 

تخيل -يا أخي- أنك أنت الذي ترسل أحد أهلك أو بناتك بهذه الصورة، ما هو شعورك، ثم تهان أو تضرب عند من تخدمهم.

 

إنه ليس بين أحد وبين الله نسب، وما يدريكم أن الله يغير من الأحوال، فنضطر نحن أن نخدم عند غيرنا لكي نسترزق، والله على كل شيء قدير.

 

قضية أخيرة أختم بها: تأتي الخادمة وتبقى أحياناً لعدة سنوات، ثم ترجع إلى بلدها ولم تستفد شيئاً، ولم تستزد حكماً أو تتعلم مسألة أو يزدد إيمانها، بل ربما فقدت الكثير من إيمانها وإسلامها الضعيف الذي قدمت به، بل وحتى أخلاقها أحياناً، ما دلالة هذا؟

 

دلالته واضحة، وهو أن الأسرة بنفسها خاوية خالية، ليس عندها ما تقدمه لغيرها.

 

ألا فليراجع أرباب الأسر في حالهم وحال بيوتهم من الداخل: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)[الرعد: 11].

 

ربنا آتنا في الدنيا حسنة ...

 

 

المرفقات
إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات