التوبة إلى الله

علي عبد الرحمن الحذيفي

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ طرق الخير2/ معنى التوبة 3/ التوبة النصوح 4/ التوبة سبب للسعادة 5/ وجوب التوبة 6/ سعة رحمة الله 7/ التوبة من صفات الأنبياء 8/ التوبة توجب الخروج من الفتن 9/ تذكر قصص التائبين 10/ شروط التوبة 11/ العمل الصالح وسيلة إلى مرضاة الرب سبحانه 12/ الموت والاستعداد له

اقتباس

وكما شرع الله كثرة أبواب الخير والحسنات سد أبواب الشر والمحرمات؛ وحرم وسائل المعاصي والسيئات ليثقل ميزان البر والخير ويخف ميزان الإثم والشر فيكون العبد من الفائزين المفلحين.. قال الله -تعالى-: ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ..

 

 

 

 

 

الحمد لله التواب الرحيم الحليم العليم، أحمد ربي وأشكره على فضله العميم، وأشهد ألا إله إلا الله العلي العظيم، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمد عبده ورسوله الموصوف بكل خلق كريم.. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ذوي المنهج القويم.

أما بعد: فاتقوا الله -معشر المسلمين- حق التقوى؛ فتقوى الله الجليل عُدة لكل شدة وحصن أمين لمن دخله وجُنة من عذاب الله..

واعلموا -عباد الله- أن ربكم خلق بني آدم معرضًا للخطيئات.. وكذلك معرضًا للتقصير في الواجبات؛ فضاعف الحسنات ولم يضاعف له السيئات.. قال الله تعالى: ( مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) [الأنعام: 160]..

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إن الله كتب الحسنات والسيئات؛ فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة.. فإن عملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، فإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها عنده حسنة كاملة.. فإن عملها كتبها الله عنده سيئة واحدة "، رواه البخاري.

فشرع الله لكسب الحسنات طرقًا للخيرات وفرائض مكفرات للسيئات رافعة للدرجات..
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عيه وسلم-: " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر ".. رواه مسلم ..

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " أربعون خصلة -أعلاهن منيحة العنز- ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله بها الجنة ".. رواه البخاري.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عيه وسلم-: " الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة؛ فأفضلها قول: لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان ".. رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله: " أي الأعمال أفضل ؟ قال: الإيمان بالله والجهاد في سبيله، قلت: أي الرقاب أفضل ؟ قال: أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا، قال: قلت: فإن لم أفعل ؟ قال: تعين صانعا أو تصنع لأخرق، قال: قلت: يارسول الله.. أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل ؟ قال: تكف شرك عن الناس؛ فإنها صدقة منك على نفسك ".. رواه البخاري ومسلم.

وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ".. رواه مسلم.

وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها ".. رواه مسلم.

وكما شرع الله كثرة أبواب الخير والحسنات سد أبواب الشر والمحرمات؛ وحرم وسائل المعاصي والسيئات ليثقل ميزان البر والخير ويخف ميزان الإثم والشر فيكون العبد من الفائزين المفلحين.. قال الله -تعالى-: ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) [الأعراف: 33]..

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه– قال: " سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يقول: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ".. رواه البخاري ومسلم.

وجماع الخير وملاك الأمر وسبب السعادة التوبة إلى الله -عز وجل-.. قال الله تعالى:( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [النور: 31]..

ومعنى التوبة هي: الرجوع إلى الله والإنابة إليه من فعل المحرم والإثم.. أو من ترك واجبٍ أو تقصير فيه بصدق قلب وندم على ما كان..

والتوبة النصوح يحفظ الله بها الأعمال الصالحة التي فعلها العبد، ويكفر الله بها المعاصي التي وقعت، ويدفع الله بها العقوبات النازلة والآتية.. قال تعالى: ( فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ..) [يونس: 98].

روى ابن جرير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية عن قتادة قال: " لم ينفع قرية كفرت ثم آمنت حين حضرها العذاب فتركت إلا قوم يونس؛ لما فقدوا نبيهم وظنوا أن العذاب قد دنا منهم قذف الله في قلوبهم التوبة ولبسوا المسوح، وألهوا بين كل بهيمة وولدها -أي فرقوا بينهما- ثم عجوا إلى الله أربعين ليلة؛ فلما عرف الله الصدق من قلوبهم والتوبة والندامة على ما مضى منهم كشف الله عنهم العذاب بعد أن تدلى عليهم.. انتهى "، وقال تعالى ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ..) [هود: 3].

 

والتوبة واجبة على كل أحد من المسلمين؛ فالواقع في كبيرة تجب عليه التوبة لألا يبغته الموت وهو على المعصية، والواقع في صغيرة تجب عليه التوبة لأن الإصرار على الصغيرة يكون من كبائر الذنوب، والمؤدي للواجبات التارك للمحرمات.

تجب عليه التوبة أيضاً لما يلزم في العمل من الشروط ولما يلزم من انتفاء موانع قبوله وما يُخشى على العمل من الشوائب المُحذر منها كالرياء والسمعة..

عن الأغر بن يسار المزني -رضي الله عنه- قال:قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة ".. رواه مسلم.

والتوبة باب عظيم يتحقق به الحسنات الكثيرة العظيمة التي يحبها الله؛ لأن العبد إذا أحدث لكل ذنب يقع فيه توبة كثرت حسناته ونقصت سيئاته قال الله -تعالى- ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ) [الفرقان: 68-70].

أيها المسلمون.. سعة رحمة الله وعظيم فضله وحلمه وجوده وكرمه؛ حيث قبل توبة التائبين وأقال عثرة المذنبين، ورحم ضعف هذا الإنسان المسكين وأثابه على التوبة، وفتح له أبواب الطهارة والخيرات عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " إن الله -تعالى- يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ".. رواه مسلم.

والتوبة من أعظم العبادات وأحبها إلى الله -تعالى-.. من اتصف بها تحقق فلاحه وظهر في الأمور نجاحه.. قال تعالى: ( فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ) [القصص:67]..

وكفا بفضل التوبة شرفا فرح الرب بها فرحاً شديداً، عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة على هذا البعير متاعه ".. رواه البخاري ومسلم.

والتوبة من صفات النبيين -عليهم الصلاة والسلام- والمؤمنين، قال الله – تعالى-: ( لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) [التوبة: 117].

 

وقال تعالى عن موسى -عليه الصلاة والسلام-: ( قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) [الأعراف: 143]، وقال تعالى عن داود -عليه السلام-: ( اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) [ص: 17]، وقال تعالى: ( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِين َ) [التوبة: 112].

ألا ما أجل صفة التوبة التي بدأ الله بها هذه الصفات المُثلى من صفات الإيمان، والتوبة عبادة لله -تعالى- بالجوارح والقلب..

واليوم الذي يتوب الله فيه على العبد خير أيام العمر، والساعة التي يفتح الله فيها لعبده باب التوبة ويرحمه بها أفضل ساعات الدهر لأنه قد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبداً..

عن كعب بن مالك -رضي الله عنه- في قصة توبة الله عليه عن تخلفه عن غزوة تبوك أنه قال: " فلما سلمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال- وهو يبرق وجهه من السرور-: أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك "، رواه البخاري ومسلم.

معشر المسلمين.. إنه تحيط بكم أخطار عظيمة وتنذركم خُطوب جسيمة، وقد نزل بالمسلمين نوازل وزلازل وأصابتهم الفتن والمحن، وإنه لا مخرج لهم من هذه المضايق وهذه الكربات إلا التوبة إلى الله والإنابة إليه؛ فالتوبة واجبة على كل مسلم على وجه الأرض من الذنوب -صغارها وكبارها- ليرحمنا الله في الدنيا والآخرة، ويكشف الشرور والكربات ويقينا عذابه الأليم وبطشه الشديد..

قال أهل العلم: " إذا كانت المعصية بين العبد وربه لا حق لآدمي فيها، فشروطها: أن يقلع عن المعصية، وأن يندم على فعلها، وأن يعزم على ألا يعود إليها..
وإن كانت المعصية تتعلق بحق آدمي فلا بد مع هذه الشروط أن يؤدي إليه حقه أو يستحله منه بالعفو
"..

والتوبة من جميع الذنوب واجبة، وإن تاب من بعض الذنوب صحت توبته من ذلك الذنب وبقي عليه ما لم يتب منه؛ فتوبوا إلى الله أيها المسلمون، وأقبلوا إلى رب كريم أسبغ عليكم نعمه الظاهرة والباطنة وآتاكم من كل ما سألتموه ومد في آجالكم.

وتذكروا قصص التائبين المنيبين الذين من الله عليهم بالتوبة النصوح بعد أن غرقوا في بحار الشهوات والملذات؛ فانجلت غشاوة أبصارهم وحيت قلوبهم واستنارت نفوسهم، وأيقظهم الله من موت الغفلة وبصرهم من عمى الغي وظلمات المعاصي، وأسعدهم من شقاء الموبقات فصاروا مولودين من جديد مستبشرين بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [التحريم: 8].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم..

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله ذي الجبروت والملكوت الحي الذي لا يموت.. أحمد ربي وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك يحي ويميت، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمد عبده ورسوله.. بعثه الله بالهدى واليقين.. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. الذين جاهدوا في الله حق جهاده ففازوا في دنياهم بالخيرات وفي الآخرة برفيع الدرجات.

أما بعد: فاتقوا الله -تعالى- بلزوم طاعاته، واخشوا عذابه وعقوبته بالبعد عن محرماته..

عباد الله: لقد وهب الله لكم الآجال ومكنكم من صالح الأعمال لتجعلوها وسيلة إلى مرضاة ربكم ذي العزة والجلال.. فبالعمل الصالح يتقرب العباد وبه تتطهر القلوب من الزيغ والفساد.. قال الله -تعالى-: ( وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ) [سبأ: 37].

واعلموا أن وراءكم طالباً حثيثا لن تفوتوه؛ فلا تدرون متى يفجأ أحدكم الموت.. عندئذ يتمنى المرء لو فسح له في أجله وأصلح من عمله، فلا يؤخر في الأجل ولا يتمكن من صالح العمل.. قال الله -تعالى-: ( حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) [المؤمنون: 99 – 100]، وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواه وتمنى على الله الأماني ".

أيها الإنسان.. تذكر من بينك وبين أبينا آدم -عليه السلام- من الآباء والأمهات الذين قدموا على أعمالهم.. فأنتم على آثارهم سائرون وبهم لاحقون؛ فهل ترون من الأجيال الخالية أحد ؟ أو تسمعون لأصواتهم صدى ؟.

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: " اذكروا هادم اللذات (يعني الموت).. ما ذكر في قليل إلا كثره ولا في قليل إلا قلله "، واستعدوا له بالتوبة الصادقة في كل وقت لئلا يحال بين أحدكم وبين الدنيا بعمل سيء يشقى به ولا يفلح بعده.

عباد الله: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آ منوا صلوا عليه وسلموا تسليما..

وقد قال صلى الله عليه وسلم: " من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا "؛ فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين..

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.. اللهم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وسلم تسليماً كثيرا..

اللهم وارض عن الصحابة أجمعين وعن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين -أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..

اللهم وارض عنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين.. اللهم أعز الإسلام والمسلمين.. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الكفر والكافرين يارب العالمين.

اللهم ألف بين قلوب المسلمين وأصلح ذات بينهم وأصلح أحوالهم يا أرحم الراحمين.. اللهم أصلح ذات بينهم واهدهم سبل السلام وانصرهم على عدوك وعدوهم ياقوي ياعزيز.. اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك إنك أنت القوي المتين يارب العالمين..

اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ونفس كرب المكروبين من المسلمين، اللهم واشف مرضانا ومرضى المسلمين يارب العالمين.. اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين.. اللهم ضاعف حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم يا أرحم الراحمين..

اللهم يارب العالمين يا رحمن يا رحيم يا مالك يوم الدين.. اللهم أغثنا.. اللهم أنت الغني ونحن الفقراء.. اللهم أغثنا.. اللهم أغثنا.. اللهم أغثنا.. اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.. اللهم ولا تأخذنا بما فعل السفهاء منا يارب العالمين.. اللهم أنزل علينا الغيث.. اللهم أغثنا غيثاً عاجلًا يا أرحم الراحمين..

اللهم أعذنا وذريتنا من إبليس وذريته وجنوده وشياطينه يا رب العالمين.. اللهم أعذ المسلمين من الشيطان الرجيم وذريته وجنوده وشياطينه يارب العالمين.. اللهم اجعل بلادنا آمنة مطمئنة رخاء وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين.. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح ولاة أمورنا..

اللهم وفق ولي أمرنا إمامنا لما تحب وترضى.. اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك.. اللهم وأعنه على أمور الدنيا والدين.. اللهم انصر به دينك و أعلي به كلمتك إنك على كل شيء قدير.. اللهم ووفق نائبه لما تحب وترضى.. اللهم أعز به الإسلام إنك أنت الله لا إله إلا أنت.. أنت على كل شيء قدير.

اللهم اجعل ولاة أمور المسلمين عملهم خير لشعوبهم وأوطانهم إنك على كل شيء قدير.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.. اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

يا حي ياقيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله.. اللهم أعذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأعذنا من شر كل ذي شر يارب العالمين يا أرحم الراحمين.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله.. ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [ النحل: 90] ( وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) [النحل: 91].

واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، والله يعلم ما تصنعون.
 

 

 

 

 

 

المرفقات

إلى الله1

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات