التسعة الذين يحبهم الله

الشيخ لاحق محمد أحمد لاحق

2021-10-08 - 1443/03/02 2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/فضائل محبة الله للمسلم 2/من علامات محبة الله تعالى للمسلم 3/صفات وأعمال يحبها الله تعالى 4/أشخاص يحبهم الله تعالى.

اقتباس

والمقسطون: هم العادلون، والله هو العدل، وبالعدل قامت السماوات والأرض والعدل سبب في دوام الأمن ويضاده الظلم.. والعدل يكون مع النفس ومع الناس؛ فالعدل مع النفس بأَطْرها على...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له.

 

وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ما ترك خيرًا إلا دلَّنا عليه ولا ترك شرًّا إلا حذَّرنا منه.

 

ونعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم وشركه وهمزه ونفخه ونفثه ووسوسته، ونعوذ بالله من شرور جنوده أجمعين.

 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الحشر: 18]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد: فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسوله محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار. ولا أمنَ بلا ايمان ولاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ.

 

أيها المؤمنون: إن اللهَ الذي خلقنا ورزقنا، وهدانا وكفانا وآوانا، وحفظنا وحفظ حكامنا وبلادنا، وحفظ لنا ديننا وأعزنا بالإسلام، وجعلنا آمنين مطمئنين يأتينا رزقنا رغدًا من كل مكان وجعلنا نعيش في أمان؛ هو الأحق بالمحبة والشكر بفعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات.

 

أيها المؤمنون: قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[المائدة: 54].

 

وقال الله -سبحانه وتعالى-: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[آل عمران: 31]، وروى أبو هريرة أنَّ النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال: "إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ .."(رواه البخاري).

 

عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال يوم خيبر: "لأُعطينَّ هذه الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه، يُحِبُّ اللهَ ورسولَه، ويُحبُّه اللهُ ورسولُه"؛ قال: فباتَ الناس يَدُوكُون ليلتهم: أيُّهم يُعطاها، فلمَّا أصبح الناس غَدَوْا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كلُّهم يرجو أن يُعطاها: فقال: "أين عليُّ بن أبي طالب؟"، فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه! قال: "فأرسلوا إليه"، فأُتي به، فَبَصق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عينيه، ودعا له، فَبَرَأ حتَّى كأنْ لم يكن به وَجَعٌ، فأعطاه الراية(رواه البخاري).

 

عباد الله: أن من الطبيعي أن يحب الإنسان من يحسن إليه ويطيعه، وهذا من الوفاء ورد الجميل، والتعامل الراقي وحُسن الخلق، فجميعنا يحب والديه؛ لأنهما قد أحسنا إليه صغيرًا، وندين بالجميل لمن يسدي إلينا معروفًا، ولكن الأهم بمراحل هو أن يحب المحسنُ الإنسانَ.

 

عباد الله: لو أن أحد ملوكِ الأرضِ يحب إنسانًا بعينه ويذكره دائمًا، ويسخر له كل سبل الراحة والعيش الكريم، ويعطيه كل ما يستطيع لأحبه ذلك الإنسان وأطاعه.. أليس كذلك؟

 

عباد الله: فكيف لو أحب الإنسانَ ملكُ الملوك وملك السماوات والأرض ومن له الملك في الدنيا والآخرة ومن بيده الأمر كله وبيده خزائن كل شيء؟! فكيف لو أحبه من إذا أراد شيئًا قال له كن فيكون؟! فكيف لو أحبه الحي الذي لا يموت ومن بيده الملكوت؟!

 

كيف لو أحبه الله الملك القدوس السلام القوي العزيز المؤمن المهيمن العدل الواحد الأحد الصمد الرؤوف الرحيم الجبار الجواد النور البر الرحيم اللطيف الخبير السميع العليم البصير عالم الغيب والشهادة فاطر السماوات والارض رب كل شيء ومليكه؟!

 

عباد الله: إن قلبَ الإنسانِ بحاجة ماسَّة لأن يُحِبّ ويُحَبّ، والحب هو ميل القلب للشيء وأفضل الحب وأسماه هو الحب لله ولأجل الله، وأن محبةَ اللهِ للإنسانِ هي غاية الغايات ومنتهى الرجاءات وأكبر النجاحات قال الله -تعالى-: (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)[المائدة: 54]، وقال -تعالى-: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)[المائدة: 119].

 

عباد الله الصالحين:

إنَّ لمحبة الله للإنسان علامات وأمارات منها: توحيد الله. اتباع محمد -صلى الله عليه وسلم-. جهاد الكفار والمنافقين والفساق. محبة الصالحين وإكرامهم وبغض الكفار والعصاة والمنافقين. التواضع والحياء والحلم والأناة، والصبر الجميل، والنظافة، وحسن الخلق، والكرم والجود والشجاعة، والوفاء والشكر وصلة الرحم والصدق والمصداقية وإداء الأمانات والوفاء بالعهد. العمل بالطاعات وأداء الفرائض. ترك المعاصي والمنكرات. التقرب إلى الله بالنوافل. حبُّ الناس، وزيارتهم، والتباذل، والتناصح في الله.

 

وقد جاءت هذه الصفات في حديث واحد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه -عز وجل- قال: "حقَّت محبتي للمتحابين فيَّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيَّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيَّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيَّ"(رواه أحمد  4/ 386، و5/236) و"التناصح" عند ابن حبان (3/338)، وصحح الحديثين الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (3019 و3020 و3021).

 

ومن علامات محبة الله للإنسان: الابتلاءات فإن الله يبتلي الأمثل فالأمثل. التوفيق لأعمال الخير، ومن ذلك الدعوة إلى الله وتعليم الناس وتدريبهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعلم القرآن وتعليمه ونشر العلم.

 

ومن علامات محبة الله للإنسان: محبة الصالحين للعبد؛ فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله -تعالى- إذا أحب عبدًا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانًا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحبّ فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدًا دعا جبريل، فيقول: إني أبغضُ فلانًا فأبغضه؛ فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانًا فأبغضوه، ثم توضع له البغضاء في الأرض"(رواه البخاري).

 

بارك الله لي ولكم وللمسلمين في القرآن العظيم ونفعنا بهدي سيد المرسلين. وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله الذي جعلنا مسلمين، وأعزنا بالإسلام، وفضلنا على كثير من العالمين تفضيلاً. وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه.

 

أما بعد: فإنَّ مصيرَ الناسِ في الآخرة أما إلى الجنة أو إلى النار، قال الله -تعالى-: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)[الشورى: 7].

 

عباد الله: إن ربَّنا العظيمٌ الودود اللطيف البر الرؤوف الرحيم يحب تسعة أصناف من الناس، أسأل الله أن نكونَ منهم.

 

المحسنون: قال الله -تعالى-: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[البقرة: 195]؛ والإحسان الوارد في هذه الآية الكريمة هو الإنفاق في سبيل الله في جميع أعمال البر.

 

والإحسان هو أعلى مراتب الدين ومعناه أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وعبادة الله بكل قول وصمت وبكل فعل وترك وبكل شعور إيجابي وسلبي، قال -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[الذاريات: 56].

 

التوابون المتطهرون: قال الله -سبحانه وتعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[البقرة: 222]، وإن من أسماء الله الحسنى "التواب"، وإن الله يفرح بتوبة عبده ويبدّل سيئاته حسنات، قال الله -تعالى-: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)[الفرقان: 70].

 

الأتقياء: قال الله -سبحانه وتعالى-: (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)[آل عمران: 76]، وقد بيَّن الله من هم المتقون في القرآن الكريم، قال الله -تعالى-: (آلم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّنْ رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ)[البقرة: 1 - 5].

 

وقال الله -تعالى-: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ)[البقرة: 117].

 

وقد عرّف عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- التقوَى فقال: "هي الخوفُ مِنَ الجليلِ، والعَمَلُ بالتَّنزيلِ، والقناعةُ بالقليلِ، والاستعدادُ لِيومِ الرَّحيلِ". وقال علماؤنا: "إن التقوى أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية؛ بفعل أوامره واجتناب نواهيه".

 

المتوكلون: قال الله -تعالى-: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)[آل عمران: 159]، والتوكل على الله يعني تفويض الأمر كله لله، مع السعي والأخذ بالأسباب، ومن أهم الأسباب: الدعاء والعمل والبحث والصبر والاستمرار والإصرار والتكرار، والشكر لله بفعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات.

 

المحسنون: قال الله -تعالى-: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[المائدة: 113].

 

والإحسان الوارد في الآية الكريمة يعني: العفو عمن أساء إليك، يقول الله -سبحانه-: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[آل عمران: 134]، المقسطون قال الله -سبحانه وتعالى-: (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)[المائدة: ٤٢].

 

والمقسطون: هم العادلون، والله هو العدل، وبالعدل قامت السماوات والأرض والعدل سبب في دوام الأمن ويضاده الظلم، والإمام العادل يحبه الله وهو أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

 

والعدل يكون مع النفس ومع الناس؛ فالعدل مع النفس بأَطْرها على طاعة الله وترك المعاصي والمنكرات وتزكيتها وإكرامها والمحافظة عليها.

 

والعدل مع الناس بإعطائهم حقوقهم وتحكيم شرع الله فيهم وهدايتهم لما يصلح أمر دينهم ودنياهم وآخرتهم.

 

الذين يقاتلون في سبيل الله صفًّا: قال الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ)[الصف: 4]، قال المفسرون في هذه الآية حث على الوحدة والتعاون والعمل بروح الفريق ضد الشيطان وجنوده وأصحاب البدع والأهواء والضلال والعمل الجماعي في كل مناحي الحياة والبناء والأعداد.

 

أصحاب الرفق: عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "يَا عَائِشَةُ! إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ"(رواه مسلم).

 

عن أُمّنا عائشة -رضى الله عنها- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في بيتي هذا: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به"(رواه مسلم).

 

المتقنون للعمل: "إن الله يحبُّ إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"(رواه البيهقي).

 

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليَّ"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "أَوْلَى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة".

 

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

 

السلام عليك أيُّها النبي ورحمة الله وبركاته.

 

عباد الله: إني داعٍ فأمِّنوا، تقبل الله منا ومنكم فلعلها تكون ساعة استجابة.

 

لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

اللهم إنا نسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، اللهم يا حي قيوم.. يا حي يا قيوم.. يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين ولا أقل من ذلك يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اغفر لنا وارحمنا واهدنا وارزقنا واشفنا واكفنا وعافنا واعف عنا.

 

رب أصلح لنا ديننا ودنيانا وآخرتنا.

 

رب اصرف عنا السوء والفحشاء وكيد الأعداء وأن نقول عليك ما لا نعلم، اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين واحفظ حكامنا وعلماءنا وقيمنا وتعليمنا وحدودنا وانصر جنودنا ومكّن لنا في الأرض يا رب العالمين.

 

اللهم اهدنا فيمن هديت، وتولنا فيمن توليت، وعافنا فيمن عافيت، وبارك لنا فيما أعطيت، واصرف عنا برحمتك شر ما قضيت.

 

اللهم اجعل لنا نورًا في قلوبنا وأبصارنا وأسماعنا ووجوهنا وألسنتنا وأقلامنا، واجعل لنا نورًا حياتنا وقبورنا ويوم حشرنا وعبورنا على الصراط نورًا ويوم تدخلنا الجنة أنت نور السماوات والأرض سبحانك.

 

ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات.

 

اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين، اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم وأكرم نزلهم ووسع مدخلهم وجازهم بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفوًا وغفرانا، اللهم أبدلهم دارًا خيرًا من دارهم وأهلا خيرًا من أهلهم، اللهم اجعل قبورهم روضات من رياض الجنة.

 

اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك.

اللهم ادفع عنا الوباء والربا والغلاء والزنا والزلازل والقلاقل والفتن ما ظهر منها وما بطن. ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا.

 

رب اجعل هذا البلد آمنا وسائر بلاد المسلمين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا. اللهم حبب إلينا الإيمان والقرآن والإحسان وزينها في قلوبنا.

 

اللهم كره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين. اللهم انصر من نصر المسلمين واخذل من خذلهم. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل أهل الكفر والنفاق والفاسقين.

 

اللهم أعذنا من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن ومن غلبة الدين وقهر الرجال. رب علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا.

 

‏‎‎‎اللهم إنا نسألك حبَّك وحبَّ من يحبك وحب كل عمل وقول وشعور يقربنا إلى حبك.

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم. واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.

 

المرفقات

التسعة الذين يحبهم الله.doc

التسعة الذين يحبهم الله.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات