التحذير من هم الدين واستغلال المدين

الشيخ د صالح بن مقبل العصيمي

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ التحذير من الديون 2/ سبب استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم من الديون 3/ مفاسد الديون وأضرارها 4/ عَوَاقِب الاقْتِراض مِن غَير حَاجة 5/ نصائح للمدينين والمستدينين 6/ فضل إقراض المحتاج والصبر على المعسر.

اقتباس

عَلَى الْمُسْلِمِ أَلَّا يُحَمِّلَ نَفْسَهُ مَا لَا يَطِيقُ، وَأَلَّا يَسْتَدِينَ لِأَجْلِ الْكَمَالِيَّاتِ أَوْ أَسْفَارِ النُّزَهِ وَالْاَسْتِمْتَاعِ، فَيُرَبِّي نَفْسَهُ، وَأَوْلَادَهُ عَلَى الصَّبْرِ، وَالْاِحْتِسَابِ، وَيُوقِنُ أَنَّ هَذِهِ أَرْزَاقٌ يَسُوقُهَا اللهُ لِيَبْتَلِيَ بِهَا عِبَادَهُ؛ لِيَمِيزَ الشَّاكِرَ وَالصَّابِرَ. فَلَا يَعْتَرِضْ عَلَى أَقْدَارِ اللهِ، وَلَا يَتَسَخَّطْ حَتَّى لَو كَثُرَتِ الضُّغُوطُ الْاِجْتِمَاعِيَّةُ؛ فَهِيَ مَعَ صُعُــــوبَتِهَا أَخّفُّ أَلَمًا مِنْ الدُّيُونِ، الَّتِي قَدْ تَزِجُّ بِهِ فِي غَيَاهِبِ السِّجُونِ، أَوْ مُسْتَشْفَيَاتِ الصِّحَةِ النَّفْسِيَّةِ، أَوْ مَشَافِي الْمُخَدِّرَاتِ، وَتُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلَادِهِ...

 

 

 

 

 الْخُطْبَةُ الْأُولَى:

 

 إنَّ الحمدُ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

 أمَّا بَعْدُ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

 عِبَاَد اللهِ، مَا تَرَكَ النَّبِيَّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَمْرًا فِيهِ خَيْرٌ لِلنَّاسِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، إِلَّا حَثَّهُمْ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُمْ بِهِ، أَوْ نَدَبَهُمْ إِلَيْهِ. وَمَا مِنْ أَمْرٍ فِيهِ شَرٌّ أَوْ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ فِي دِينِهِمْ أَوْ دُنْيَاهُمْ؛ إِلَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْهُ، أَوْ اِسْتَعَاذَ بِاللهِ مِنْ شَرِّهِ، هَذَا مَنْهَجُهُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

 

عِبَادَ اللهِ، مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي اِسْتَعَاذَ مِنْهَا النَّبِيُّ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، أَمرٌ يَهُمُّ النَّاسُ، وَيَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ؛ أَلَا وَهُوَ الْاِسْتِعَاذَةُ مِنَ الْهُمُومِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الدِّيُونِ؛ حَيْثُ اِسْتَعَاذَ النَّبِيُّ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، مِنْ ضَلَعِ الدَّيْنِ، حَيْثُ كَانَ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

 وَ(ضَلَعُ الدَّيْنِ): ثِقَلُهُ وَشِدَّتُهُ وَهَمُّهُ. وَاِسْتَعَاذَ النَّبِيُّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مِنَ الْمَغْرَمِ، وَهُوَ الدَّيْنُ، فَكَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ فَيَقُولُ: "..اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ"، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ المَغْرَمِ؟! فَقَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ، حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

 

واسْتَعَاذَ مِنْهُ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-؛ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ آثَارٍ سَيِّئَةٍ، وَأَوْجَاعٍ مُؤْلِمَةٍ، وَهَمٍّ وَكَدَرٍ، وَنَصَبٍ وَتَعَبٍ؛ حَيْثُ لَا يَجِدُ الْمُسْتَدِينُ فِي الْغَالِبِ مَالًا، يَفِي بِهِ دَيْنَهُ، أَوْ قدْ لَا يَلْتَزِمُ بِالدَّفِعِ فِي الْوَقْتِ الْمُحَدَّدِ للسَّدَادِ؛ فَيَلْجَأُ لِلْكَذِبِ، وَإِعْطَاءِ الدَّائِنِينَ الْوُعُودَ الَّتِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَلْتَزِمُ بِهَا؛ وَلِذَلِكَ يُصَابُ الْغَارِمُ بِالْقَلَقِ، وَالْاِضْطِرَبِ، وَالْخَوْفِ، وَالْهَلَعِ؛ إِذَا رَأَى دَائِنًا مِنْ دَائِنِيهِ أَمَامَهُ؛ فَيَتَقَلَّبُ وَجْهُهُ، وَيَجِفُّ حَلْقُهُ، وَيَتَعَسَّرُ فِي كَلَامِهِ، وَيَتَمَنَّى لَوْ أَنَّ الْأَرْضَ اِبْتَلَعَتْهُ، وَلَا يَقِفُ أَمَامَ دَائِنِيهِ بِمِثْلِ هَذَا الْمَوْقِفِ الْفُجَائِيِّ؛ خَوْفًا مِنْ مُطَالَبَتِهِمْ بِحُقُوقِهِمْ.

 

 وَحَذَّرَ الرَّسُولُ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، مِنَ الْوُصُولِ إِلَى هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ، فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "لَا تُخِيفُوا أَنْفُسَكُمْ بَعْدَ أَمْنِهَا" قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الدَّيْنُ" (حَدِيثٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ: أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِي).

 

 فَالدَّيْنُ مِنْ مُسَبِّبَاتِ الْخَوْفِ وَجَالِبَاِتهِ، وَلِذَا تَجِدُ بَعْضَ الْمَدِينِينَ يَقْطَعُ الْاِتِّصَالَاتِ بِالْعَالَمِ خَوْفًا مِنَ الدَّائِنِينَ، فَلَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ إِلَّا خُفْيَةً، وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا خُفْيَةً. وَبِسَبَبِ الدِّيُونِ تَتَعَطَّلُ مَصَالِحُهُ، وَمَصَالِحُ أَهْلِهِ، وَتُوقَفُ خَدَمَاتُهُ، وَيُفْصَلُ مِنْ عَمَلِهِ؛ بِسَبَبِ تَغَيُبِهِ؛ فَيَعِيشُ فِي خَوْفٍ شَدِيدٍ، وَعَذَابٍ نَفْسِيٍّ أَلِيمٍ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

 

 عِبَادَ اللهِ، قَدْ يَكُونُ الدَّيْنُ لِضَرُورَةٍ مِنْ ضَرُورَاتِ الْحَيَاةِ، وَحَاجَةٍ مِنْ حَاجَاتِهَا فَلَا مَنَاصَ لِمُسْتَدِينٍ مِنْهُ، فَهَذَا دَفْعُ الْمَفْسَدَتِيْنِ بِأَخَفِّهِمَا؛ فَمَفْسَدَةُ الدَّيْنِ وَضَرَرُهُ؛ قَدْ تَكُونُ مُقُدَّمَةً عَلَى ضَرَرِ عَدَمِ الدَّيْنِ، فَهَذَا لَا حَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَسْتَدِينَ، وَلَكِنْ بِشُرُوطٍ:

 

 1- أَنْ يَنْوِيَ السَّدَادَ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ مُخْلِصَةٍ، وَيَبْشِرُ بِالْعَوْنِ مِنَ اللهِ؛ قَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-:"مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

 2- أَلَّا يَسْتَدِينَ إِلَّا لِحَاجَةٍ مُلِحَّةٍ؛ فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَسْتَدِينُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَتَكُونُ دَوَافِعُهُ الْبَحْثُ عَنِ الْكَمَالِيَّاتِ، الَّتِي لَا تُعَدُّ مُبَرِّرًا لِتَحَمُّلِ هَمِّ الدَّيْنِ، وَتَخْوِيفُهُ لِنَفْسِهِ مِنْ دَائِنِهِ؛ كَشِرَاءِ سَيَّارَةٍ فَاخِرَةٍ، أَوْ تَجْدِيدِ أَثَاثٍ، أَوْ تَرْمِيمِ بَيْتٍ، دُونَمَا حَاجَةٍ لِهَذَا التَّرْمِيمِ، وَلَا عَيْبَ حَقِيقِيًّا فِي بَيْتِهِ إِنَّمَا مَظْهَرِيَّةٌ جَوْفَاءُ، وَبَعْضُهُمْ يَسْتَدِينُ لِشِرَاءِ جِهَازٍ مِنْ أَجْهِزَةِ الْاِتِّصَالَاتِ الْحَدِيثَةِ، فَكُلَّمَا جَدَّ جَدِيدٌ مِنْ أَجْهِزَةِ الْاِتِّصَالَاتِ وَالْحَاسُوبَاتِ؛ بَادَرِ بِاقْتِنَائِهَا مِنْ أَمْوَالِ الدَّائِنِينَ، وَسُرْعَانَ مَا يَبِيعُهَا بِثَمَنٍ بَخْسٍ لِيَشْتَرِيَ بِأَضْعَافِهَا مَا جَدَّ مِنْهَا، بِأَمْوَالِ دَائِنِينَ.

 

وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَدِينُ لِلْمَظْهَرِيَّةِ، وَالْمُحَاكَاةِ، وَالْمُجَارَاةِ، وَالْمُبَاهَاةِ، فَيَسْتَدِينُ لِيُسَافِرَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ، وَأَوْلَادُهُ؛ مُحَاكَاةً لِأَقَارِبِهِ الْأَثْرِيَاءِ، تُكَلِّفُهُ السَّفْرَةُ الَّتِي لَا حَاجَةَ لَهَا عَشَرَاتِ الْآلَافِ، يُنْفِقُهَا فِي لَعِبٍ وَلَهْوٍ، مِنْ أَمْوَالِ غَيْرِهِ، ثُمَّ يَعُودُ وَالْهَمُّ يَلُفُّهُ، وَالْغَمُّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ يُحِيطُهُ، فَلَا يَهْنَأُ فِي حَيَاتِهِ، هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقْتَرِضُونَ لِلْمُبَاهَاةِ وَالْمُحَاكَاةِ؛ تَتَرَاكَمُ عَلَيْهِمُ الدِّيُونُ، وَتُرْهِقُهُمُ الْهُمُومُ، وَتَقُودُهُمْ إِلَى الْأَمْرَاضِ النَّفْسِيَّةِ؛ بَلْ قَدْ تَدْفَعُ بِهِمْ إِلَى مَا هُوَ أَشَرُّ: كَالْمُخَدِّرَاتِ، أَوْ الْاِنْتِحَارِ؛ مِنْ كَثْرَةِ الْهُمُومِ، وَهُرُوبًا مِنَ الْوَاقِعِ، وَمَا عَلِمُوا بِأَنَّ مَا فِي الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَنْكَى مِنْ عُقُوبَةِ الْاِنْتِحَارِ أَوْ مُطَالَبَاتِ أَصْحَابِ الْحُقُوقِ.

 

 فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَلَّا يُحَمِّلَ نَفْسَهُ مَا لَا يَطِيقُ، وَأَلَّا يَسْتَدِينَ لِأَجْلِ الْكَمَالِيَّاتِ أَوْ أَسْفَارِ النُّزَهِ وَالْاَسْتِمْتَاعِ، فَيُرَبِّي نَفْسَهُ، وَأَوْلَادَهُ عَلَى الصَّبْرِ، وَالْاِحْتِسَابِ، وَيُوقِنُ أَنَّ هَذِهِ أَرْزَاقٌ يَسُوقُهَا اللهُ لِيَبْتَلِيَ بِهَا عِبَادَهُ؛ لِيَمِيزَ الشَّاكِرَ وَالصَّابِرَ. فَلَا يَعْتَرِضْ عَلَى أَقْدَارِ اللهِ، وَلَا يَتَسَخَّطْ حَتَّى لَو كَثُرَتِ الضُّغُوطُ الْاِجْتِمَاعِيَّةُ؛ فَهِيَ مَعَ صُعُــــوبَتِهَا أَخّفُّ أَلَمًا مِنْ الدُّيُونِ، الَّتِي قَدْ تَزِجُّ بِهِ فِي غَيَاهِبِ السِّجُونِ، أَوْ مُسْتَشْفَيَاتِ الصِّحَةِ النَّفْسِيَّةِ، أَوْ مَشَافِي الْمُخَدِّرَاتِ، وَتُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلَادِهِ.

 

 وَعَلَيْهِ أَنْ يُذَكِّرَ أَوْلادَهُ بِقَوْلِ الْحَقِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء: 35]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) [البقرة: 155].

 

وَأَنْ يُرَبِّيَهُمْ عَلَى أَلَّا يَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُمْ فِي الْمَالِ، بَلْ يَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَدْنَى؛ فَالْاِبْتِلَاءَاتُ يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، أَمَّا إِذْلَالُ النَّفْسِ، وَإِهَانَتُهَا مِنْ أَجْلِ مُتْعَةِ سَاعَةٍ؛ فَهَذَا مِنْ فِعْلِ السُّفَهَاءِ. وَكَذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِ أَلَّا يَسْتَدِينَ لِتِجَارِةٍ؛ فَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَطْلُبُ الثَّرَاءَ السَّرِيعَ؛ فَيَقْتَرِضُ لِلتِّجَارَةِ، وَقَدْ عَدَّ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ مِنْ السَّفَاهَةِ، وَاِعْتَبَرُوا فَاعِلَهُ سَفِيهًا.

 

 وَأَشَدُّ مِنْهُ وَأَنْكَى؛ الَّذِي يَقْتَرِضُ مَظْهِرًا لِلْمُقْرِضِ أَنَّهُ اِقْتَرَضَ لِحَاجَةٍ، وَقَدْ أَبْطَنَ التِّجَارَةَ؛ فَهَذَا فَوْقَ كَذِبِهِ، وَغِشِّهِ، وَخِدَاعِهِ؛ يَحْمِلُ مِنْ حُبِّ الذَّاتِ مَا يَحْمِلُهُ، فِإِنْ كَانَ الْمُسْتَدِينُ لَيْسَ مُحْتَاجًا لِلْقَرْضِ؛ وَإِنَّمَا يُرِيدُ التِّجَارَةَ؛ فَصَاحِبُ الْمَالِ أَوْلَى بِرِبْحِ مَالِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُخْشَى أَلَّا يُبَاركَ اللهُ لَهُ فِي تِجَارَتِهِ؛ لأَنَّهُ بَدَأَهَا بِكَذِبٍ لِلْحُصُولِ عَلَى الْمَالِ، وَغَشَّ الْمُقْرِضَ؛ فَأَنَّى يُبَارِكُ اللهُ لَهُ؟!

 

وَالْبَعْضُ يَقْتَرِضُ لِلتِّجَارَةِ بِرَهْنٍ؛ فَيَرْهَنُ أَمْلَاكَهُ لِزِيَادَةِ رَأْسِ مَالِهِ، وَهَذَا الطَّرِيقُ إِنْ كَانَ حَوَّلَ قِلَّةً قَلِيلَةً مِنَ الْفُقَرَاءِ إِلَى أَغْنِيَاءَ؛ فَإِنَّهُ حَوَّلَ الْآلَافَ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ إِلَى فُقَرَاءَ، وَاِزْدَادَ بِهِ الْآلَافُ مِنَ الْفُقَرَاءِ فَقْرًا، فَلَئِنْ قَدِرَ عَلَى السَّدَادِ، وَفَكِّ الرَّهْانِ شَخْصٌ أَوْ اِثْنَانِ؛ فَالْوَقَائِعُ تُثْبِتُ أَنَّ الْكَثِيرِينَ عَجَزُوا عَنِ السَّدَادِ، وَاِزْدَادُوا فَقْرًا إِلَى فَقْرِهِم.

 

عِبَادَ اللَّهِ، كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَقْتَرِضُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، أَوْ لَا يَنْوِي السَّدَادَ، وَيُقْنِعُ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ اِسْتَدَانَ مِنْ قَادِرٍ؛ فَلَنْ يُطَالِبَهُ، أَوْ يُحْدِّثُ نَفْسُه بِأَنَّهُ سَيَعْفُو عَنْهُ فَتَتَرَاكَمُ عَلَيهِ الدُّيُونُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ؛ فَيُطَالِبُهُ هَذَا وَذَاكَ. وَتُقُودُهُ هَذِهِ الدِّيُونَ إِلَى زَرْعِ عَدَاوَاتٍ بَيْنَه وَبَيْنَ أَقَارِبِهُ، أَوْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ اِقْتَرَضَ مِنْهُمْ، وَتَلُوكُهُ الْأَلْسِنَةُ، وَتُشَوِّهُ صُوَرَتَهُ.

 

لِذَا فَعَلَى الْمُسَلِمَ أَلَّا يَسْتَدِينَ إلَّا لِضَرُورَةٍ، أَوْ حَاجَةٍ مُلِحَّةٍ، كَمَا أَنَّ عَلَى الدَّائِنِينَ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ بِالْمَدِينِينَ إِذَا ثَبْتَ لَهُمْ عَجْزُهُمْ؛ فَلَا يُضَيِّقُوا عَلَيهِمْ، وَلَا يُكَدِّرُوا حَيَاتَهُمْ عَلَيهِمْ؛ فَيَزِيدُوهُمْ هَمًّا عَلَى هَمِّهِمْ، وَتَعَبًا عَلَى تَعَبِهِمْ؛ فَيُلَاحِقُونَهُمْ فِي كُلَّ مَكَانَ؛ مِنْ أَجْلِ مَبَالِغَ بَخْسَةٍ هُمْ فِي غِنًى عَنْهَا، وَيُسَلِّطُونَ عَلَيهِمْ الْمَحَاكِمَ وَالشُّرَطَ، وَقَدْ حَثَّ اللهُ عَلَى الْإنْظَارِ؛ وَأَوْجَبَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَ تَعَالَى: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 280].

 

وَإِنَّكَ لَتَعْجَبُ مِنْ ثَرِيٍّ يَمْلُكُ الْمِلْيَارَاتِ يُلَاحِقُ فُقَرَاءَ مُعْدَمِينَ مِنْ أَجَلِ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ، قَدْ لَا تَتَجَاوَزُ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا!!

 

عِبَادَ اللَّهِ، فَلْيَتَّقِ اللهَ الْمُسْتَدِينُ، وَلَا يَسْتَدِينُ إِلَّا لِحَاجَةٍ، وَنَنْصَحُ الدَّائِنَ، إِنْ كَانَ قَادِرًا مَالِيًّا، أَنْ يَصْبِرَ عَلَى الْمُسْتَدِينِ؛ مَتَى مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ الْمُسْتَدِينَ غَيْرَ كَاذِبٍ بِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى السَّدَادِ، وَغَيْرَ مُتَلَاعِبٍ، وَلَيْسَ مُمَاطِلًا، وَأَلَّا يُرْهِقَهُ.أَمَا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُتَلَاعِبِينَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الْأَمْوَالَ بِحُجَّةِ الْاِسْتِثْمَارِ، وَالتَّكَاثُرِ، وَقَدْ يَدْمِّرُوا أُسَرًا، وَأَفْرَادًا؛ فَهَؤُلَاءِ مِنْ الْمُتَلَاعِبِينَ الْمُمَاطِلَيْنِ، الْمُخَادِعَيْنِ، الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ اللَّوْمَ وَالتَّعْنِيفَ، وَالتَّسَاهُلُ مَعَهُمْ يُشَجِّعُ غَيْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَحْذُوا حِذْوَهُمْ.

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

 الخطبة الثانية:

 

 الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

 

أمَّا بَعْدُ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

عِبَادَ اللَّهِ، إِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ مُحْتَاجًا؛ فَقَدْ نَدَبَ الْإِسْلَامُ إِلَى إِقْرَاضِهِ، قَالَ النَّبِيُّ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ إِلَّا كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً" (رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَه، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

 

وَلِذَا أَنْصَحُ كُلَّ مَنْ آتَاهُ اللهُ سَعَةً مِنَ الْمَالِ، أَنْ يَقْتَطِعَ جُزْءًا مِنْ مَالِهِ لِلْقَرْضِ الْحَسَنِ لِقَرَابَتِهِ، وَمَنْ يَهُمُّهُ أَمْرُهُمْ؛ حَتَّى لَا يَكُونُوا أَسْرَى لِلْمُحْتَالِينَ عَلَى الرِّبَا، كَبَعْضِ شَرِكَاتِ التَّــقْسِيط؛ الَّتِي تُقْرِضُهُمْ بِرِبْحٍ فَاحِشٍ، يَتَجَاوَزُ السِّتِّينَ بِالْمَائَةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْوَالِ، فَإِنَّ فِي صَنِيعِهِمْ هَذَا بِالْقَرْضِ الْحَسَنِ؛ تَفْرِيجًا لِلْكُرُبَات، وَإِقَالَةً لِعَثَرَاتِ ذَوِي الْهَيْئَاتِ، قَالَ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" (رَوَاهُ مُسْلِم).

 

عباد الله، عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَلَّا يَتَسَاهَلَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ، وَأَلَّا يَعْبَثَ بِهَا بِحُجَّةِ ثَرَاءِ الْمُقْرِضِينَ. فَالْمُسْتَدِينُ يُخْشَى عَلَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ، -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ وَضَعَ رَاحَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا نُزِّلَ مِنَ التَّشْدِيدِ"، فَسَكَتْنَا وَفَزِعْنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، سَأَلْتُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نُزِّلَ؟ فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ". حَدِيثٌ حَسَنٌ (رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ).

 

كَذَلِكَ أَنْصَحُ نَفْسِي وَإِخْوَانِي بِعَدَمِ كَسْرِ بَضَائِعِ الْمُضْطَرِّينَ، أَوْ اِسْتِغْلَالِ حَاجَتِهِمْ، وَشِرَائِهَا بِثَمَنٍ بَخْسٍ وَهِيَ تَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِمَّا دُفِعَ فِيهَا، وَقَدْ أَوْرَدَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، رَحِمَهُ اللهُ، فِي كِتَابِهِ الْعَظِيمِ "بَيَانُ الدَّلِيلِ عَلَى بُطْلَانِ التَّحْلِيلِ" بَعْضَ الْآثَارِ، وَمِنْهَا: قَوْلُ عَلِيٌّ، -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ يَعَضُّ الْمُوسِرُ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَلَا تَنْسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْوَيَنْهَدُ الْأَشْرَارُ، وَيُسْتَذَلُّ الْأَخْيَارُ، وَيُبَايِعُ الْمُضْطَرُّونَ، وَقَدْ "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّينَ". (أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ برقم (937)، وقد ضعف شعيب إسناده في الموسوعة الحديثية (2/252 رقم 937).

 

وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، أَنَّهُ قَالَ: "وَيَنْهَدُ شِرَارُ خَلْقِ اللَّهِ يُبَايِعُونَ كُلَّ مُضْطَرٍّ أَلَا إنَّ بَيْعَ الْمُضْطَرِّ حَرَامٌ. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ: لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، إنْ كَانَ عِنْدَك خَيْرٌ فَعُدْ بِهِ عَلَى أَخِيكَ، وَلَا تَزِدْهُ هَلَاكًا إلَى هَلَاكِهِ". (أَخْرَجَهُ اِبْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهَ).

 

 قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، -رَحِمَهُ اللهُ-: وَهَذَا الْإِسْنَادُ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ بِهِ حُجَّةٌ؛ فَهُوَ يُعَضِّدُ الْأَوَّلَ مَعَ أَنَّهُ خَبَرُ صِدْقٍ، بَلْ هُوَ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ؛ فَإِنَّ عَامَّةَ الْعِينَةِ؛ إنَّمَا تَقَعُ مِنْ رَجُلٍ مُضْطَرٍّ إلَى نَفَقَةٍ، يَضَنُّ عَلَيْهِ الْمُوسِرُونَ بِالْقَرْضِ، إلَا أَنْ يَرْبَحُوا فِي الْمِائَةِ مَا أَحَبُّوا؛ فَيَبِيعُونَهُ ثَمَنَ الْمِائَةِ بِضِعْفِهَا، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَلِهَذَا كَرِهَ الْعُلَمَاءُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرُ بَيْعِ الرَّجُلِ أَوْ عَامَّتُهُ نَسِيئَةً. (انظر: بيان الدليل على بطلان التحليل ص 81).

 

قُلْتُ: وَهَذَا وَاضِحٌ؛ حَيْثُ يُسَارِعُ بَعْضُ السَّمَاسِرَةِ وَالْوُسَطَاءِ فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ قَدِ اِنْكَسَرَ، وَقَدَ عَرَضَ عَقَارَهُ وَمُمْتَلَكَاتِهِ لِلْبَيْعِ؛ فَيَضْطَرُّونَهُ إِلَى بِيْعِهَا بِثَمَنٍ أَقَلَّ مِمَّا تَسْتَحِقُّهُ؛ فَيَزِيدُوهُ هَمًّا إِلَى هَمِّهِ: هَمُّ اِنْكِسَارِ بِضَاعَتِهِ، وَهَمُّ بَيعِ مُمْتَلَكَاتِهِ مِنْ حَاجَةٍ؛ فَعَامِلِ النَّاسَ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُعَامِلُوكَ.وَلِنَتَّقِ اللهَ بِأَنْفُسِنَا وَإِخْوَتِنَا، فَرَّجَ اللهُ عَنِ جَمِيعِ الْمَهْمُومِينَ، وَفَكَّ أَسْرَ الْمَأْثُورِينَ، وَقَضَى الدَّيْنَ عَنِ الْمَدِينِينَ.

 

 وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا..

 

 

المرفقات

من هم الدين واستغلال المدين

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات