عناصر الخطبة
1/ ضرورة صيانة المجتمع من الفتن والشرور 2/ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب تكريم الأمة 3/ أعضاء الهيئة يسهرون لحماية الأعراض والتوجيه للخير 4/ أصحاب المناهج الهدامة يتربصون برجال الهيئة 5/ حادثة الاعتداء على الشيخ الزهراني وضربه 6/ أسباب تجرؤ الناس على رجال الهيئةاقتباس
هذه ليست المرة الأولى التي يُعتدى فيها على رجال الحسبة وأعضاء الهيئات! فما دلالة هذا؟! ولماذا تجرأ الناس على رجال الهيئة دون غيرهم من موظفي الدولة؟، ولماذا وحدهم الذين دائمًا يُعتدى عليهم؟! حيث لم نسمع أن مجموعة دخلت مثلاً على ضابط شرطة أو مرور ليضربوه، أو على رئيس قسم الجوازات أو البلدية أو غيرهم!! ..
إن الحمد لله...
أما بعد:
أيها المسلمون:
إن المحافظة على حرمة الإسلام، وصون المجتمع المسلم من أن تخلخله وتقوضه البدع والخرافات والمعاصي والمخالفات، وحمايته من أمواج الشر الهائجة، وآثار الفتن المائجة، وتحذيره مزالق الشقوق ودركات الهبوط، أصل عظيم من أصول الشريعة، وركن مشيد من أركانها المنيعة، يتمثل في ولاية الحسبة، وشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تلك المهمة العظمى، والأمانة الكبرى، التي هي حفاظ المجتمعات وسياج الآداب والكمالات، بها صلاح أمرها، واستتباب أمنها، وقوة ملاكها وتمساكها، ما فُقدت في قوم إلا زاغت عقائدهم، وفسدت أوضاعهم، وتغيرت طباعهم، وما ضعُفت في مجتمع إلا بدت فيه مظاهر الانحلال، وفشت فيه بوادر الاختلال، والأمة حين تكون سائرة في جادة الطريق، محكمة شريعة الله بالتحقيق والتطبيق، يكون من أول مهامها، إقامة ولاية الحسبة، ورفع لوائها، وإعلاء بنائها، وإعزاز أهلها؛ لأن جميع الولايات تعود إليها، يقول تبارك وتعالى: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ) [الحج: 41]، ويقول تبارك وتعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران: 104].
أيها المسلمون: إن الصراع بين الحق والباطل، وبين الخير والشر، وبين المعروف والمنكر، صراع قائم ومستمر، ثم إن للحق والخير والمعروف، رجالاً ودعاةً وأنصارًا يدعون إليه ويرغِّبون فيه، ويأمرون به، ويصبرون عليه، ويتحملون في سبيل ذلك كل ما ينالهم ويصيبهم، كما أن لهم في المقابل أعداءً، يكرهون الحق الذي معهم ويقاومونه، ويدعون إلى الباطل، ويحسّنون الشر ويفعلونه.
أيها المسلمون: لقد وصف الله تعالى المؤمنين بأنهم: (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 71]، بينما وصف -جل وتعالى- الصنف الآخر من أهل النفاق ومن في قلوبهم مرض بأنهم: (يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) [التوبة: 67].
ولكن شتان بين هؤلاء وأولئك؛ فالمؤمنون الصالحون الآمرون بالمعروف، وليهم الله، ومن يعاديهم من المنافقين وأذنابهم، وليهم الشيطان: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ) [البقرة: 257]، والنهاية -مهما طال الطريق وادلهم الليل وكثرت العقبات- ستكون -بإذن الله- لأصحاب الحق، الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر؛ قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ) [المائدة: 56].
أيها المسلمون: لقد جعل الله تعالى تكريم هذه الأمة وفلاحها واستقرارها وعزها مقرونًا بالدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، كما جعل -عز وجل- سفول هذه الأمة واضطرابها وشقاءها وذلها، بمحاربة الدعوة والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف؛ قال الله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران: 110]. قال القرطبي -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: "مدْح لهذه الأمة ما أقاموا ذلك واتصفوا به، فإذا تركوا التغيير وتواطؤوا على المنكر، زال عنهم اسم المدح، ولحقهم اسم الذم، وكان ذلك سببًا لهلاكهم".
أيها المسلمون: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله هو حصن الإسلام الحصين، والدرع الواقي من الشرور والفتن، والسياج المانع من المعاصي والمحن، يحمي أهل الإسلام من نزوات الشياطين، ودعوات العلمانيين، وتربص الماكرين المجرمين، ويُحفظ به حرمات المسلمين.
إن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يسبب ظهور الفسق والفجور، وفشو الفساد والدعارة، ما يؤدي إلى خراب البلاد وهلاك العباد، وحينئذٍ يحل عذاب الله؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغيروا فلا يغيروا، يوشك أن يعمهم الله بعقاب". رواه أبو داود.
فيا أيها الناس: مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعو فلا يستجاب لكم، وتستغفروا فلا يغفر لكم.
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يدفع رزقًا، ولا يقرب أجلاً، وإن الأحبار من اليهود والنصارى لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لعنهم الله على لسان أنبيائهم، ثم عُموا بالبلاء. إذًا يجب على كل فرد منا امتثال قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". رواه مسلم.
أيها المسلمون: إن أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذين يمارسون العمل الميداني، هم في قمة هرم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، فهم من خير الناس وأفضلهم، وهم ممن يرجى لهم الفلاح؛ حيث إنهم يسعون للصلاح والإصلاح، إنهم هم الذين يقفون في وجه تيار الفساد ليصدوه عن العباد والبلاد، وهم الذين يسهرون لحماية الأعراض، ويجتهدون في التقليل من الأمراض، وهم الذين يوجهون الناس إلى الخير، ويحولون بينهم وبين فعل الشر، وهم الذين يمضون في المجاهدة جُلَّ أوقاتهم على قلة رواتبهم، ولكنهم لا يرجون من الناس جزاءً ولا شكورًا، وإنما يرجون من ربهم عفوًا ورحمةً وأجرًا عظيمًا. فما أحسن أثرهم على الناس، وما أسوأ أثر الناس عليهم!!
أولئك الذين يسهرون ونحن نائمون في فرشنا، ويعملون ونحن منشغلون بدنيانا، ويجاهدون للحفاظ على محارمنا وأعراضنا ونحن لا نعلم، يصدُون الباطل، ويقاومون الفساد، ويمنعون وقوع المنكرات؛ فكم من جريمة ضبطوها، وكم من مصانع للخمور أزالوها، وكم من شقق للدعارة داهموا أربابها فأغلقوها، كم من منحرف اهتدى على أيديهم، وكم من عاصٍ ستروه بعد معصيته، كم من فتاةٍ أنقذوها من أيدي ذئاب البشر، وكم من طفل أرجعوه إلى والديه من عبث المجرمين به!!
لهم جهود لا تُنكر، وبذل وعطاءٌ -مع كل أسف- لا يُشكر، في المجمعات التجارية والشواطئ والأسواق وأماكن الترفيه والحدائق العامة، في ملاحقة الساقطين والساقطات، وإبطال حيل المغازلين والمغازلات، وكل من يرتاد إلى هذه الأماكن ليصطاد في الماء العكر. إنهم رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إنهم أسود الحسبة، إنهم أبطال مراكز الهيئات.
يا هيئة الإرشاد وجهك مشرق *** والمكرمات روائحٌ وغوادي
أمـر بمعروف ونهيٌ صــادقٌ *** عـن منكرٍ وتحلـلٍ وفسادِ
كم من تائبٍ تاب على أيديهم، وكم من ضائع اهتدى بسببهم بعد الله، وكم من حائر أخذوا بيده إلى الطريق القويم، كم من مدمن للخمر انتشلوه حفاظًا على دينه وصحته، وكم من تارك للصلاة أرجعوه إلى دائرة الدين، كم من معاكس أوقفوه عند حده، ومنعوه من اللعب بأعراض الناس، وكم من متشبه قوّموه وأرشدوه، كم من فرد كان على شفا الوقوع في الفاحشة والهاوية ووجدَ رجال الهيئة يبصّرونه بما ينفعه، ويحذرونه مما يضره، كم من مروِّج للأشرطة الفاضحة والسموم المهلكة وقع في أيديهم، فمنعوا شره عن المسلمين، كم وكم...
ألا ترونهم في الأسواق وفي أماكن التجمعات آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر؟! أهم ينتظرون مكافأة أو جزاءً؟! تكفيهم المكافأة التي وعدهم بها الله سبحانه: (وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ)، والمكافأة التي وعدهم بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا".
يـا خيرنا يا ذخرنا يـا فخرنا *** حـقٌّ عليَّ بمثلكم أن أفـخرا
كم من فتاةٍ قد حفظتم عرضها *** توصـونـها باللين أن تتسترا
كـم غافلٍ أرشدتموه إلى الهدى *** إذ عـاد من بعد الضلالة مُبصرًا
أيها المسلمون: ومع هذا كله فإننا لا ندعي لهم العصمة، ولا ننفي الخطأ عنهم، فالخطأ طبيعة ابن آدم، لكن لا سواء بين خطيئة مُصِرٍّ ومستكبر، وبين خطأ غير مقصود وقع سهوًا وعفوًا من مجتهد، أقل أحواله أنه مأجور على خطئه، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وهو على خطأه من أكثر الناس تحسرًا وأسفًا، والوقوع في الخطأ حصل لأكمل جيل وأفضل رعيل، ومع ذلك قابلهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المربي الأعظم بالصفح والعفو، بل والاستغفار والاعتذار.
فأيها المحتسبون من رجال الهيئة: اصبروا وصابروا ورابطوا، واحتسبوا الأجر عند الله، فحسبكم دعوة أمٍّ لكم بالسداد بعد أن أنقذتم ابنتها من غائلة الانحلال، ودعوة أب أنقذتم ابنه من براثن الفساد، ودعوات أسرة سرتم بأبيهم إلى بر النجاة وأنقذتموه من التشرد والضياع، فكنتم -وما زلتم- كالأب الذي يتابع أبناءه، فيقوّم من يخطئ، ويرشد من ينحرف، وكالأم التي يؤلمها أن يصيب فلذات كبدها الشر.
يا رجال الحسبة: قد يقابلكم البعض بالنكران والجحود، وقد يتهمكم البعض بالقسوة والجمود، ولكن حسبكم من عملكم دعوة صالحة -كما أسلفت- وأجركم على الله، ولا تسمحوا لمن يثنيكم عن عملكم أن ينال منكم، سيروا والله يوفقكم ويرعاكم ويسدد على طريق الحق خطاكم، يقول الله تعالى: (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [لقمان: 17].
يا رجال الحسبة: إن مهمة الإصلاح ليست هينة، وتذكروا أن الله معكم، وتذكروا أن قلوبنا معكم، فلتسر قافلتكم الإصلاحية تقود المجتمع إلى بر الأمان، ولتبقَ الأصوات النشاز تنطلق؛ فهي عما قريب ستكون من الماضي -بمشيئة الله-.
إن القيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهمة جسيمة، ذات أعباء لا يقدر عليها إلا الكُمّل من الرجال، وأنتم كذلك، هي مهمة الأنبياء والرسل -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-، مهمة تصطدم بشهوات الناس ونزواتِهم وغرورِهم وكبريائِهم وهبوط السفلة منهم، ولابد أن ينالكم شيء من الاعتداء والأذى. فصبرًا صبرًا -يا رجال الحسبة-، فقد أوذي إمامكم وقائدكم خاتم الأنبياء، وإمام الحنفاء محمد -صلى الله عليه وسلم- فصبر وصابر حتى نصره الله: (وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ) [الأنعام: 34]، (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج: 40].
إن إيذاء المصلحين، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، أو الاعتداء عليهم، أو الطعن فيهم، أو تضخيم أخطائهم، أو بث الإشاعات الكاذبة عنهم، جرم عظيم، وذنب كبير، تصيب المرءَ مغبتُه ومعرّتُه ولو بعد حين، يقول -جل وعلا-: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [آل عمران: 21]، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تعالى قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب". رواه البخاري. فاحذروا من الانخداع بمقالات الجاهلين، أو الانسياق وراء أكاذيب الحاقدين، وما يدور على ألسنة المغرضين المنافقين، يقول -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب: 69-71].
نفعني الله وإياكم بهدي...
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه...
أما بعد:
أيها المسلمون: لقد سمع الجميع بحادثة الاعتداء على موظف الدولة وعضو الحسبة الشيخ/ فلاح الزهراني، إمام وخطيب جامع المانع بالحزام الذهبي قبل أيام، من قِبَل بعض المجرمين، وكانوا قرابة عشرين شخصًا، حيث دخلوا عليه في مكتبه في هيئة الثقبة وهو يمارس عمله الرسمي وقاموا بضربه.
والقصة بدأت بأن الهيئة وصلها بلاغ عن وجود شخصين أثارا فوضى ومعاكسات داخل أحد أسواق المدينة، ما دعا نائب رئيس مركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالثقبة الشيخ فلاح الزهراني إلى التحرك بصحبة عضو آخر ورجل أمن للموقع، حيث بدؤوا التعامل مع المشكلة بنصح الشابين، إلا أنهما لم يستجيبا، وأصرّا على المكابرة بالخطأ، وبعدها طُلب منهما ركوب سيارة الهيئة والذهاب إلى المركز لاستكمال الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات التي لا تتجاوز التعهد الخطي والنصح والإرشاد، ركب الشخصان -اللذان لم يتجاوز عمرهما العشرين- سيارة الهيئة، في الوقت الذي كانت مجموعة كبيرة من زملائهما يترقبون الموقف ويتابعون تحركات سيارة الهيئة، إلا أن عضوي الهيئة انتبها إلى تحركاتهم، وأبلغا الجهات الأمنية التي وَجّهَت بتحرك عدد من الدوريات إلى هيئة الثقبة، ووصل الشيخ فلاح إلى المركز فترجّل ودخل مكتبه تاركًا زميله ورجل الأمن والشخصين المضبوطين في السيارة، ولم تمضِ إلا دقائق قليلة حتى تجمّع قرابة 20 شخصًا أمام المركز، وصعد والد أحد الشابين بصحبة أربعة أشخاص منتحلين شخصيات رجال من البحث الجنائي، وأوهموا رجل الأمن المرافق للهيئة والعضو الآخر ودخلوا إلى مكتب الهيئة، وانهالوا ضربًا على الشيخ فلاح، وسحبوه إلى الخارج أمام مرأى أهالي الحيّ، وفشلت تدخلات رجل الأمن والعضو الآخر في إيقاف الاعتداء الذي شارك فيه آخرون كانوا في الخارج، مستخدمين العصي ومفتاح عجلات سيارة، وصلت بعدها الدوريات الأمنية، وألقوا القبض على بعض المعتدين، وهرب البقية. وذكرت جريدة الوطن أن اثنين من المقبوض عليهم يعملان في جهة عسكرية.
أيها المسلمون: هذه ليست المرة الأولى التي يُعتدى فيها على رجال الحسبة وأعضاء الهيئات! فما دلالة هذا؟! ولماذا تجرأ الناس على رجال الهيئة دون غيرهم من موظفي الدولة؟، ولماذا وحدهم الذين دائمًا يُعتدى عليهم؟! حيث لم نسمع أن مجموعة دخلت مثلاً على ضابط شرطة أو مرور ليضربوه، أو على رئيس قسم الجوازات أو البلدية أو غيرهم!!
لذلك أسباب: من أهمها: ترك المجال في الصحف والمجلات لأقلام العلمانيين والليبراليين وهم يسخرون ويستهزئون برجال الحسبة وأعضاء الهيئات في الكثير من المقالات في السنوات الأخيرة، ولا ينشرون لمن أراد الرد عليهم، ولا يخفى على الجميع ما قامت به حلقات ما يسمى بـ"طاش ما طاش" في عشرات من حلقاتها بالسخرية والتندر والاستهزاء برجال الحسبة، وبطلاب العلم وبالمشايخ، في صور جعلتهم أضحوكة للناس، ويزول العجب من هذا المسلسل لو علمت -أخي الحبيب- أن مخرج "طاش ما طاش" رافضي المعتقد، فماذا يتوقع منه غيرَ هذا؟! لكن العجب من المسلمين السنة أن تنطلي عليهم مثل هذه المسلسلات، ويظنون أنها تعالج قضايا اجتماعية، ومتى كانت التمثيليات طريقًا لإصلاح أوضاع البلد، وحلاً لأزمات المجتمع؟!
الخلاصة: أن كثيرًا من الناس -ومع الطرق والنقد المستمر في وسائل الإعلام المختلفة لرجال الحسبة وأعضاء الهيئات- صاروا يصدّقون كثيرًا مما يقوله هؤلاء العلمانيون كذبًا وتزويرًا، بعدها صاروا هم يتحدثون عن مثالب رجال الحسبة في مجالسهم ومنتدياتهم، فتجرأ الناس بعدها، فأصبحنا بعد كل فترة نسمع عن قيام بعض السفلة بالاعتداء عليهم وضربهم.
اللهم عليك بدعاة الفساد، الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، اللهم عليك بهم وبمن يؤيدهم، اللهم وأنزل عليهم بلاءً يشغلهم، وفتنة تفتك بهم، اللهم بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى، أسعد المؤمنين وأفرحهم بهلاك الظالمين المفسدين، اللهم طهر البلاد من رجس المنافقين والكافرين والشهوانيين.
وعليك اللهم بالذين يسعون لإفساد عقائد المسلمين وأخلاقهم من اليهود والنصارى وأذنابهم من المنافقين والحيارى، اللهم عليك بهم، اللهم أنزل عليهم بلاءً عاجلاً، وأرسل عليهم جندًا من جندك، وسهمًا صائبًا، يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
اللهم لا تهلكنا بما فعل السفهاء منا، اللهم وأبرم لهذه الأمة أمر رشد، يا سميع الدعاء. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، برحمتك يا مجيب الدعوات.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم