عناصر الخطبة
1/الغاية العظمى من العبادات كلها 2/الاستقامة طريق الفوز والفلاح 3/جهاد المسلم لنفسه للثبات على الطاعة 4/سبيل الفوز برضوان الله تعالىاقتباس
فجاهِدْ نفسَكَ عبدَ الله، واسأل اللهَ الثباتَ على الطاعة والهدى، واستعن بالله -تبارك وتعالى-، وأخلِصْ النيَّة بعزيمة راسخة على التزام شرائع الإسلام، واستحضار الخوف من الله -جل وعلا-، وتذكر حال هذه الدنيا وأن الآخرة خير وأبقى...
الخطبة الأولى:
الحمد لله العلي الأعلى، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له في الآخرة والأولى، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله النبي المصطفى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ عليه وعلى آله وأصحابه الأتقياء.
أمَّا بعدُ، فيا أيها المسلمون: إن الغاية العظمى من العبادات كلها تعظيم الخالق -سبحانه-، وكمال التذلل له -عز شأنه- وتحقيق غاية الحب له -سبحانه- وبحمده، ليكون العبد في غاية التوحيد الكامل لربه، مجسدا في حياته قول ربه -جل وعلا-: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)[الْأَنْعَامِ: 162-163].
إنَّ عبادة المسلم لربه يجب أن تكون دائمة لا تنقطع ولا تزول، إلا بموت العبد ومفارَقته هذه الحياة؛ (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[الْحِجْرِ: 99].
إن فريضة الله على عباده في هذه الحياة أن يستقيموا على عبادة الله -جل وعلا-، وأن يلزموا طريقَ الرشاد والهدى، وأن ينأوا بأنفسهم عن سُبُل الشيطان ومواقع الردى، فاجعل شعارك -أيها المسلمُ- قولَه -جل وعلا-: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)[هُودٍ: 112]، واجعل نصب عينيك وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قل: آمنت بالله ثم استقم".
أيها المسلمُ: اجعل من أداء الفرائض باعثًا إلى المزيد من الخيرات، وفعل الصالحات، وحاجزًا منيعًا وسدًّا مُحكَمًا، من الوقوع في المعاصي والسيئات، يقول ربنا -جل وعلا-: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ)[الْحَجِّ: 37]، فكن لربك في حياتك كلها متقِيًا طائعًا منيبًا، فمن أراد السعادة الأبدية والفوز الأتم والفلاح الأكمل فليستقم على تقوى الله -جل وعلا-، وليلزم نفسه بذلك؛ سرًّا وجهرًا، في أحواله كلها، يقول ربنا -سبحانه-: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الْأَحْقَافِ: 13-14]، فجاهِدْ نفسَكَ عبدَ الله، واسأل اللهَ الثباتَ على الطاعة والهدى، واستعن بالله -تبارك وتعالى-، وأخلِصْ النيَّة بعزيمة راسخة على التزام شرائع الإسلام، واستحضار الخوف من الله -جل وعلا-، وتذكر حال هذه الدنيا وأن الآخرة خير وأبقى، رَبِّ نَفسَكَ على الفضائل والأعمال الصالحة، والبُعْد عن أسباب سخط الله -جل وعلا-؛ (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)[الْعَنْكَبُوتِ: 69]، وتذكَّرْ بقلبِكَ وجوارحِكَ الوصيةَ العظيمةَ لنبي الْهُدَى -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "كل أمتي يدخلون الجنة، إلا مَنْ أَبَى. قيل: يا رسول الله، ومَنْ يأبى؟ قال: مَنْ أطاعني دخَل الجنةَ، ومَنْ عصاني فقد أبى"(رواه البخاري)، فتمسَّكوا بدِينِكم تُفلِحوا، والتزموا طاعةَ ربكم تَسعَدُوا؛ (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)[الْمُؤْمِنَونَ: 1].
بارَك اللهُ لنا في الوحيين، ورزقنا الْهُدَى والتوفيق والسداد.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ عليه وعلى آله وصحبه.
عبادَ اللهِ: إنَّ الإنسان في هذه الحياة يتطلب أن يفوز بكل مطلوب ومرغوب، وأن ينجو من كل كرب ومرهوب، فحينئذ عليه الالتزام بوصية خالقه العظيم، يتحقق له ذلك؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 200]، والرباط اسم شامل للمداوَمة على الخيرات، والاستقامة على الطاعات والمسارَعة إلى الصالحات؛ فَاحْبِسْ نفسَكَ -يا عبدَ اللهِ- على طاعة الله -جل وعلا-، والانكفاف عن زواجره، والاحتساب لأقداره في خَلقِه؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الْحَجِّ: 77].
ثم إن الله -جل وعلا- أمَرَنا بأمر عظيم، فيه الفلاحُ والسعادةُ؛ ألَا وهو الإكثار من الصلاة والتسليم على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر لموتى المسلمين، الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، اللهم أنزل عليهم رضاك يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم اغفر لهم ذنوبَهم، اللهم كفِّر عنهم سيئاتِهم، اللهم وأحلِلْ بهم رضوانَكَ يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أَرْضِنَا وارضَ عنَّا، اللهم احفظنا واحفظ المسلمين من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتكَ أن نغتال من تحتنا، اللهم اكتب السلامة والعافية للمسلمين في كل مكان، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم (آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، اللهم إنا نسألك الْهُدَى والسداد، اللهم ألهمنا رُشدَنا، وأعذنا من شرور أنفسنا، اللهم وفِّق وليَّ أمرنا، اللهم اكتب له الصحة والعافية، اللهم اجعله ممن طال عمره وحسن عمله، اللهم وفِّق ولي عهده لما تحبه وترضاه، اللهم أعنه ووفقه وسدده، اللهم أَعِنْهُ على كلِّ خيرٍ، ووفقه لكل صلاح يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وفق جميع ولاة أمور المسلمين لما فيه صلاح رعاياهم.
اللهم اجمع المسلمين على الخير، اللهم اجمع كلمتهم على البر والتقوى، اللهم يا حي يا قيوم، نسألك أن تؤتي نفوسنا تقواها، اللهم زكها أنت خير من زكاها، اللهم اجعلنا سببًا ومفتاحا لكل خير، ومغلاقا لكل شر يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعلنا ممن يحب المسلمين كحب أنفسهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعلنا ممَّن يحبون للمسلمينَ ما يحبُّون لأنفسهم، يا حي يا قيوم، اللهم يا غني يا حميد، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم إنا فقراء إلى رحمتك، اللهم أغث بلادنا، اللهم أغث بلاد المسلمين، اللهم اسقنا، اللهم لك الحمد، على ما أنعمت به علينا من الغيث، اللهم نسألك المزيد، اللهم أنتَ الغنيُّ فنسألكَ المزيدَ، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.
عبادَ اللهِ: (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)[الْأَحْزَابِ: 41-42].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم