عناصر الخطبة
1/احترام النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه للضعاف 2/غياب خُلق الاحترام في المجتمع 3/وجوب احترام الوالدين 4/قبح احترام المصالح 5/احترام المراجعين.اقتباس
الناس يحبّون مَن يحترمهم، الناس يحبون من يقدّرهم، الناس يحبّون من يبشّ ويبتسم في وجوههم، الناس يحبّون من يسلّم عليهم ويشاركهم في أفراحهم وأحزانهم، ومن احترم الناس احترموه، ومن قدّرهم وقيّمهم احترموه وقيّموه...
الخطبة الأولى:
تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديراً، أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدًا عبدُ الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[سورة آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[سورة النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)[سورة الأحزاب:70].
عباد الله: عن أنس -رضي الله عنه- قال: كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يَدخُلُ علينا، وكان لي أخٌ صغيرٌ، وكان له نُغَرٌ يَلعَبُ به، فمات، فدخَلَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ذاتَ يَومٍ فرآه حزينًا، فقال: "ما شأنُ أبي عُمَيرٍ حزينًا؟ فقالوا: مات نُغَرُه الذي كان يَلعَبُ به يا رسولَ اللهِ، فقال: يا أبا عُمَيْر، ما فَعَلَ النُّغَيْر؟ أبا عُمَيْر، ما فَعَلَ النُّغَيْر؟" (إسناده صحيح على شرط مسلم).
ما هذا الدين؟! ما هذا النبي؟! ما هذه الأخلاق؟! ما هذا التواضع؟!، ما هذا الاحترام للأنفس حتى لو كان عمره سنتين؟!، إنه -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاحترام، الاحترام نحترم أنفسنا، ونحترم غيرنا كباراً وصغاراً، موقف عظيم ودرس من دروس الاحترام علَّمنا إيَّاه -صلى الله عليه وسلم- ما أحوجنا إليه! وما أفقرنا إليه! خاصة أولئك الأجلاف الذين لا يحترمون صغيراً ولا كبيراً، كثير منا لا يعرف الاحترام، ولا يُقدّر الناس؛ لا يحترم حتى أباه وأمه ولا جيرانه ولا ذويه؛ معيراً منتقداً، لو رأى صغيراً حزيناً على شيء يحبه حتى لو كان طائراً أو لعبة لوصفهُ بأقبح الأوصاف يصفهُ بالسفيه بالورع بالجاهل بقلة الأدب بالغباء.
وما أكثر ما يسمعها من بعض الطلاب في المدارس! عندما يُخْفِقُون أو يُخْطِئُون أو يتجاوزون؛ فإنهم يسمعون من بعض المربين ما يهينهم، ويُقلّل من مكانتهم، قد يسمعون حتى وصفهم بالحيوانات والدواب، طلاب علم يقال لهم هذه الألفاظ من بعض من يُرَبُّون!، إن هذه الكلمات ستبقى في النفوس ويتذكرها الصغار كلما رأوا ذلك المربي، وذلك الأب وذلك الأخ وذلك الجار؛ إنه الاحترام الذي ينقصنا في عالمنا اليوم.
- احترام الوالدين (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)[سورة الإسراء: 23-24]؛ احترام الأب والأم وخاصة عندما يكبران في السن عندما يُنْهِكْهُما المرض والتعب، يجب أن تبقى مكانتهما كما هي في نفوس الأبناء، وليس كما يفعل بعض الناس السفهاء عندما تمرض أمه، وتعجز عن الحركة، وتكثر حاجتها إلى العلاج، وإلى الملاحظة؛ تجده يزهد فيها، ويتخاصم مع إخوته، ويجبر إخوانه إنهم يتناقلونها بينهم، ويغضب عندما تتأخر عنده يوم أو يومين، أو تطلب المستشفى، يذهب بها ويتركها للعاملين في المستشفى، ينزلونها من السيارة ويُرْكِبُونها في عربية العجزة، ويدفعونها إلى الطبيب، بل ويتمنى اليوم الذي تموت فيه ويرتاح من التعب.
وكذلك الأب المسكين؛ يرفع عليه الصوت، وتضيق النفوس عندما يتصل أو يطلب أو يحتاج، وفي المجالس يترك جانباً ينظر إليه أنه ذهب زمانه وفات أوانه لا يتكلم معه ولا يدري ما حاجته، وإذا جاء الزملاء والأصدقاء يخرج ويتضايق ويغضب عندما يدخل عليهم ويجالسهم؛ لأنه في نظر هذا الابن العاصي العاقّ لا يصلح لمثل هذه المجالس، عدم احترام وعقوق وإساءة ونكران جميل؛ إن الأب يحسّ بذلك والأم تحسّ بذلك، ولكن لا يتكلمون، إنه الاحترام المفقود وفي عالم العاقين.
الله -سبحانه وتعالى- وصانا بالاحترام؛ احترام الجار، احترام الغريب، احترام الأرحام، قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما زالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بالجارِ حتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ"(أخرجه البخاري ومسلم).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ليسَ منَّا من لم يرحَم صغيرَنا ويعرِف شرَفَ كبيرنا"(صحيح الترمذي للألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِن مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ"(صحيح البخاري)، الناس يحبّون مَن يحترمهم، الناس يحبون من يقدّرهم، الناس يحبّون من يبشّ ويبتسم في وجوههم، الناس يحبّون من يسلّم عليهم ويشاركهم في أفراحهم وأحزانهم، ومن احترم الناس احترموه، ومن قدّرهم وقيّمهم احترموه وقيّموه، فالله الله -أيها الأحبة- لا يغيب عنا هذا الخلق العظيم؛ إنه دليل على إيمان العبد وتمسكه بما يرضي الله عنه، ودليل على سُمُوّ أخلاقه ونفسه.
اللهم وفّقنا لتقاك، واجعل عملنا في رضاك، اللهم وفقنا لأحسن الأخلاق واصرف عنا سيئها.
أقول ما تسعون…
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركا فيه كما يُحب ربُنا ويرضى.
عباد الله: عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أنَّ رَجُلاً أسْوَدَ أوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كانَ يَقُمُّ المَسْجِدَ فَمَاتَ، فَسَأَلَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عنْه، فَقالوا: مَاتَ، قالَ: أفلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي به دُلُّونِي علَى قَبْرِهِ -أوْ قالَ قَبْرِهَا- فأتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا"(أخرجه البخاري ومسلم)؛ احترام وخُلق عالٍ حتى للأموات.
لا نريد احترام المنافع؛ احترامًا مزيفًا، احترامًا مستهلكًا احترامًا محرمًا آثمًا؛ ألا يُحترم الرجل إلا لمصلحة ولمنفعة فقط، ولذلك ترى أولئك الجهال عندما يُرى صاحب المنفعة يُقدّم ويُجَلّ ويُحترم ويُوسّع له في الطريق، فإذا ذهبت المصالح ذهب الاحترام، بل يذهب السلام، فلا يسلم عليه ولا يُؤْبَه به.
أين احترام المراجعين عند بعض الموظفين عندما يأتي المراجع اليوم واليومين والثلاثة فلا يجد ذلك الموظف، وإذا وجده لا ينجز حاجته، ولا يهتم فيها، وربما حرم من حقوقه وظلم، فإذا جات الوسائط والشفاعات كانت الأمور على ما يرام، أين ذلك الموظف من الأمانة وأداء الواجب، واحترام الآخرين؟
أين هو من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، مَن كانَ في حاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه بها كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ"(أخرجه البخاري ومسلم).
والله -أيها الأحبة- إن كثيراً من المراجعين يصابون بالإحباط والمرض مما يعانون من بعض الموظفين، وقد سمعت من يدعو وسمعت من يقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، ووالله إنه الويل، ثم الويل لذلك الموظف إذا كان المراجع محقاً إذا كان مظلوماً.
اللهم وَفِّقنا لفعل الخيرات وترك المنكرات، وحب المساكين وحب عمل يقربنا إلى حبك وطاعتك ورضاك.
وصلوا وسلموا.
والله أعلم.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم