الألعاب الإلكترونية وخطرها

الشيخ د صالح بن مقبل العصيمي

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ كثرة الألعاب الإلكترونية 2/ إدمان كثير من الصغار والكبار على ألعاب الإنترنت 3/ مخاطر الألعاب الإلكترونية العقدية والأخلاقية والصحة والاجتماعية 4/ سبل مواجهة هذه الأخطار.

اقتباس

مِنْ خِلَالِ التَّتَبُّعِ لِمَكَامِنِ الْخَطَرِ فِي الِإنْتَرْنِتِ، وَخَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالأَطفَالِ؛ لُوحِظَ اِنْتِشَارُ وَسَائِلِ التَّرْفِيهِ الْحَدِيثَةِ، وَخَاصَّةً الأَلْعَابَ الإِلِكْتُرُونِيَةَ، ذَائِعةَ الصِّيتِ، يُزَاوِلُهَا الأَفرَادُ عَلَى اِخْتِلَافِ أَعْمَارِهِمْ وَأَجْنَاسِهِمْ لأَوْقَاتٍ طَوِيلَةٍ دُونَمَا كَلَلٍ أَوْ مَلَلٍ، حَيْثُ تَحْتَوِي عَلَى أَلْعَابِ الْقِتَالِ وَالْحُرُوبِ وَالْخَيَالِ الْعِلْمِيِّ، وَالرِّيَاضَةِ، وَالإِثَارَةِ، وَغَيْرِهَا، وَهَذِهِ الأَلْعَابُ لَهَا سَلْبِيَّاتٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا: أَوَّلًا: إِفْسَادُ الْعَقَائِدِ: فَلَا تَكَادُ تَخْلُو لُعْبَةٌ مِنْ مُخَالَفَاتٍ شَرْعِيَّةٍ؛ فَتَجِدُ فِي بَعْضِ الأَلْعَابِ تَكْيِيفًا لِصُورَةِ الْخَالِقِ...

 

 

 

 

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

 

 إنَّ الحَمْدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

عِبَادَ اللهِ، مِنْ خِلَالِ التَّتَبُّعِ لِمَكَامِنِ الْخَطَرِ فِي الِإنْتَرْنِتِ، وَخَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالأَطفَالِ؛ لُوحِظَ اِنْتِشَارُ وَسَائِلِ التَّرْفِيهِ الْحَدِيثَةِ، وَخَاصَّةً الأَلْعَابَ الإِلِكْتُرُونِيَةَ، ذَائِعةَ الصِّيتِ، يُزَاوِلُهَا الأَفرَادُ عَلَى اِخْتِلَافِ أَعْمَارِهِمْ وَأَجْنَاسِهِمْ لأَوْقَاتٍ طَوِيلَةٍ دُونَمَا كَلَلٍ أَوْ مَلَلٍ، حَيْثُ تَحْتَوِي عَلَى أَلْعَابِ الْقِتَالِ وَالْحُرُوبِ وَالْخَيَالِ الْعِلْمِيِّ، وَالرِّيَاضَةِ، وَالإِثَارَةِ، وَغَيْرِهَا، وَهَذِهِ الأَلْعَابُ لَهَا سَلْبِيَّاتٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا:

 

أَوَّلًا: إِفْسَادُ الْعَقَائِدِ: فَلَا تَكَادُ تَخْلُو لُعْبَةٌ مِنْ مُخَالَفَاتٍ شَرْعِيَّةٍ؛ فَتَجِدُ فِي بَعْضِ الأَلْعَابِ تَكْيِيفًا لِصُورَةِ الْخَالِقِ -جَلَّ وَعَلَا-، وَمَعَ شِدَّةِ حُرْمَةِ تَكْيِيفِ الرَّبِّ-جَلَّ وَعَلا- إِلَّا أَنَّهُمْ مَعَ ذَلِكَ يُصُوِّرُونَهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِصُورَةٍ مُشَوَّهَةٍ؛ تَعَالَى اللُه عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا؛ فَهُوَ الْجَمِيلُ الَّذِي حَوَى صِفَاتِ الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ، مُنَزَّهٌ عَنِ النِّدِّ وَالْمَثِيلِ وَالتَّعْطِيلِ وَالتَّكْيِيفِ.

 

كذلك تَحْتَوِي هَذِهِ الأَلْعَابُ عَلَى تَدْنِيسٍ لِكِتَابِ اللهِ، وَاِمْتِهَانٍ لِمَقَامِ نَبِيِّ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ حَيْثُ يُظْهِرُونَهُ بِأَشْنِعِ صُورَةٍ؛ لإِنْقَاصِ قَدْرِهِ، كَمَا يُسِيئُونَ لِصَحَابَتِهِ الْكِرَامِ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمِ، كَذَلِكَ اِنْتِشَارُ الأَصْنَامِ وَالصِّلْبَانِ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الأَلْعَابِ؛ فَأَصْبَحَ مَنْظَرُ الصَّنَمِ وَالصَّلِيبِ مَأْلُوفًا مُسْتَسَاغًا وَمَقْبُولًا عِنْدَ اللَّاعِبِينَ، لَا يَمْتَنِعُ الطِّفْلُ عَنْ لِبْسِهِ، وَلَا يَأْنَفُ غَالِبًا مِنْ ذَلِكَ.

 

ثَانِيًا: لَا تَخْلُو لُعْبَةٌ فِي الْغَالِبِ مِنْ صُوَرِ النِّسَاءِ الْعَارِيَاتِ، وَشِبْهِ الْعَارِيَاتِ؛ فَمَنْ أَدْمَنَ مُشَاهَدَةَ هَذِهِ الأَلْعَابِ اِسْتَسْهَلَ اللِّبْسَ الْفَاضِحَ، وَالنَّظَرَ إِلَى الْعَارِيَاتِ.

 

ثَالِثًا: تَرْبِيَةُ الأَطْفَالِ عَلَى اِسْتِسْهَالِ وَتَقَبُّلِ الْحَرَكَاتِ الْمُثِيرَةِ لِلْغَرَائِزِ فِي أَثْنَاءِ اللَّعِبِ، وَلَمْسِ الشُّبَّانِ بَعْضِهِمْ لِعَوَرَاتِ بَعْضٍ فِي مَشَاهِدَ مُقَزِّزَةٍ مُنَفِّرَةٍ.

 

رَابِعًا: تَجِدُ فِي هَذِهِ الأَلْعَابِ اِسْتِسْهَالًا لِتَعَاطِي الْمُخَدِّرَاتِ مِنْ هِيرُوينَ وَحَشِيشٍ وَغَيْرٍهِمَا، وَإِيضَاحًا لِوَسَائِلِ الْحُصُولِ عَلَيْهَا، كَمَا أَنَّ فِيهَا تَحْسِينًا لِصُورَةِ شَارِبِي الْخُمُورِ؛ فَيُظْهِرُونَهُمْ بِصُوَرٍ مُغْرِيَةٍ، تُشَجِّعُ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ، وَتُظْهِرُ حَيَاتَهَمْ كَأَنَّهَا أَسْعَدَ حَيَاةٍ، وَهُمْ بِالْوَاقِعِ مِنْ أَشْقَى النَّاسِ.

 

خَامِسًا: تُغْرِي هَذِهِ الأَلْعَابُ بِتَعَاطِي الْمُنَشِّطَاتِ عِنْدَ مُمَارَسَةِ الرِّيَاضَةِ؛ وَتُهَوِّنُ مِنْ أَمْرِهَا؛ فَتُبْرِزُ اللَّاعِبَ الَّذِي يَتَعَاطَاهَا بِأَنَّهُ قَوِيُّ الْبِنْيَةِ؛ وَلَا يَشْعُرُ بِالتَّعَبِ عِنْدَ مُمَارَسَةِ الرِّيَاضَةِ، وَغَالِبُهُمْ لَا َيَعْرِفُ أَنَّهَا تُؤَثِّرُ عَلَى صِحَّتِهِ تَأْثِيرًا بَالِغًا. حَيْثُ تُضَخِّمُ هَذِهِ الْمُنَشِّطَاتُ عَضَلَةَ الْقَلْبِ، وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي عَدَمِ التَّعَبِ، فَتُتْلِفُهَا -بَعْدَ ذَلِكَ- وَتُتْلفُ الْكُلَى وَالْكَبِدَ؛ دُونَ أَنْ يَحِسَّ بِهَا مُتَعَاطِيهَا إِلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الأَوَانِ.

 

سَادِسًا: اِنْتِشَارُ السُّبَابِ وَالشَّتَائِمِ فِي هَذِهِ الأَلْعَابِ بِأَلْفَاظٍ عَرَبِيَّةٍ وَاضِحَةٍ، يَسْتَعْظِمُ الإِنْسَانُ الْعَاقِلُ النُّطْقَ بِهَا؛ فَيَتَرَبَّى الأَطْفَالُ عَلَى هَذِهِ الأَلْفَاظِ السَّيِّئَةِ نُطْقًا بِهَا وَتَقَبُّلًا لَهَا.

 

سَابِعًا: يَكْثُرُ فِي هَذِهِ الأَلْعَابِ: التَّهَوُّرُ وَالْمُغَامَرَةُ عِنْدَ قِيَادَةِ السَّيَّارَاتِ، وَقَطْعُ الإِشَارَاتِ، وَمُخَالَفَةُ الأَنْظِمَةِ، فَيَتَرَبَّى الصِّغَارُ عَلَى الاِسْتِهَانَةِ بِحَيَاةِ النَّاسِ، وَأَنْظِمَةِ الْمُرُورِ، وَالتَّمَرُّدِ عَلَى رِجَالِ الأَمْنِ، وَالْهُرُوبِ مِنْهُمْ عِنْدَ نِقَاطِ التَّفْتِيشِ، وَإِطْلَاقِ النَّارِ عَلَيْهِمِ، وَعَلَى دَوْرِيَّاتهمْ، وَيَعْتَبِرُونَ هَذِهِ الأَفْعَالَ قُوَّةً وَشَجَاعَةً. لِذَا فَإِنَّ الْفِرَقَ الضَّالَّةَ الْمُنْحَرِفَةَ عَنِ الْمَنْهَجِ السَّلِيمِ اِسْتَغَلَّتْ هَذِهِ الأَلْعَابَ أَسْوَأَ اِسْتِغْلَالٍ؛ فَنَجِدُ فِيهَا حَثًّا عَلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ فِي الَمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا، وَالْقَاتِلُ لَهُمْ يَهْتِفُ: اللهُ أَكْبَرُ! وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الشَّهَادَةِ، وَإِطْلَاقِ الْقَذَائِفِ وَالرَّصَاصِ عَلَى مَنْ بِالْمَسْجِدِ.

 

ثَامِنًا: تُنَمِّي هَذِهِ الأَلْعَابُ رُوحَ الْعُنْفِ وَالْعَدَاءِ، وَحُبَّ الِانْتِقَامِ، فِي لَاعِبِيهَا، وَالْقَتْلَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ، وَتَقْطِيعُ الأَجْسَادِ بِشَكْلٍ مُخِيفٍ بِاِسْتِخْدَامِ: الأَسْلِحَةِ، وَالسَّكَاكِينِ، وَكُلِّ أَدَوَاتِ الْقَتْلِ. وَلِذَا نَجِدُ أَنَّ مَنْ يَنْضَمُّونَ إِلَى الْفِرَقِ الضَّالَةِ الْمُنْحَرِفَةِ يَسْتَهِينُونُ بِالْقَتْلِ، وَيَقْتُلُونَ خُصُومَهُمْ بِأَبْشَعِ قِتْلَةٍ، وَأَفْظَعِ وَسِيلَةٍ؛ دُونَمَا رَادِعٍ مِنْ: دِينٍ، أَوْ عَقْلٍ، أَوْ عُرْفٍ.

 

تَاسِعًا: تَرْبِيَةُ الأَطْفَالِ عَلَى سَرِقَةِ الأَمْوَالِ وَالسَّيَّارَاتِ، وَتَعْرِضُ لَهُمْ حِيَلًا وَطُرُقًا مُبْتَكَرَةً للسَّرِقَةِ؛ تُغْرِي الشَّبَابَ بِتَنْفِيذِهَا، إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَاِب الْحَاجِةِ لِلْمَالِ، فَمِنْ بَابِ إِظْهَارِ الشَّجَاعَةِ وَالإِقْدَامِ.

 

عَاشِرًا: تُنَمِّي هَذِهِ الأَلْعَابُ رُوحَ الْعُزْلَةِ وَالاِنْطِوَاءِ عِنْدَ الأَطْفَالِ؛ فَالطِّفْلُ يَسْتَغِنِي بِهَا عَنْ رِفْقَتِهِ، لأَنَّهُ يَلْعَبُ مَعَ هَذِهِ الأَلْعَابِ لِوَحْدِهِ؛ فَيَتَرَبَّى عَلَى الاِنْطِوَاءِ وَالْعُزِلَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ.

 

الْحَادِي عَشَرَ: يَتَعَرَّفُ مِنَ خِلَالِهَا الأَطْفَالُ عَلَى أَصْدِقَاءَ مِنْ خِلَالِ اللَّعِبِ مَعَهُمْ عَنْ بُعْدٍ، وَغَالِبُهُمْ أَصْدِقَاءُ سُوءٍ؛ حَيْثُ يَتَحَرَّى الْبَعْضُ اللَّعِبَ مَعَ الْغِلْمَانِ، وَيُغْرُونَهُمْ بِإِهْدَائِهِمْ أَلْعَابًا أَوْ أَسْلِحَةً أَوْ مَالًا، وَيَتَوَاصَلُونَ مَعَهُمْ عَبْرَ مَوَاقِعِ الاِتِصَالِ الْإِلْكْتُرُونِيَّةِ، ثُمَّ يَبْتَزُّونَهُمْ دُونَ مَعْرِفَةِ الآبَاِء عَنْ ذَلِكَ، فَهُتِكَتْ أَعْرَاضُ بَعْضِهِمْ دُونَ عِلْمِ وَالِدِيهِمْ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ!

 

الثَّانِي عَشَرَ: أَوْرَثَتْ هَذِهِ الأَلْعَابُ آثَارًا صِحِيَّةً وَخِيمَةً؛ مِنْهَا: ضَعْفُ الْبَصَرِ عِنْدَ عَدَدٍ لَا يُسْتَهَانُ بِهِ مِنَ الأَطْفَالِ؛ مِنْ جَرَّاءِ التَّرْكِيزِ الشَّدِيدِ عَلَى الشَّاشَةِ، مَعَ تَقَوُّسِ الظَّهْرِ وَالْعَمُودِ الْفِقَرِيِّ. كَمَا أَوْرَثَتْ اِضْطِرَابًا فِي الأَعْصَابِ عِنْدَ فِئَةٍ مِنَ الأَطْفَالِ، وَتَوَتُّرًا دَائِمًا؛ بِسَبَبِ التَّرْكِيزِ الشَّدِيدِ أَثْنَاءِ اللَّعِبِ. وَسَبَّبَتْ إِيذَاءً نَفْسِيًّا لِكَثِيرٍ مِنَ الأَطْفَالِ؛ مِنْ جَرَّاءِ الْمَنَاظِرِ الْمُرْعِبَةِ الْمُخِيفَةِ أَثْنَاءِ اللَّعِبِ.

 

وَلِذَا نَجِدُ الْغَرْبَ، مَعَ أَنَّهُمْ مَنْ أَسَّسَ هَذِهِ الأَلْعَابَ؛ إِلَّا أَنَّهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَتَتَابَعُونَ بِرَفْعِ الدَّعَاوَى الْقَضَائِيَّةِ ضِدَّ مُنْتِجِي هَذِهِ الأَلْعَابِ؛ لآثَارِهَا السَّيِّئَةِ عَلَى أَبْنَائِهِمْ، وَيَحِدُّونَ مِنْ اِنْتِشَارِهَا. فَهَلْ هُمْ أَحْرَصُ عَلَى أَبْنَائِهِمْ مِنَّا؟! لَا وَاللهِ. فَلَابُدَّ أَنْ نَعْرِفَ أَنَّ هَذِهِ الأَلْعَابِ أَصْبَحَتْ عِنْدَ بَعْضِ الأَطْفَالِ حَاجَةً أَسَاسِيَّةً، وَمَظْهَرًا هَامًّا مِنْ مَظَاهِرِ سُلُوكِهِمْ؛ فَهِيَ لَمْ تَعُدْ وَسِيلَةً لِقَضَاءِ وَقْتِ الْفَرَاغِ؛ بَلْ أَصْبَحَتْ وَسِيلَةً تَرْبَوِيَّةً تَفُوقُ الْمَدْرَسَةَ وَالْبِيْتَ، وَتُسَاهِمُ فِي نُمُوِّ الشَّخْصِيَّةِ وَالتَّرْكِيبِ الصِّحِيِّ، فَأَثَرُهَا جِدُ خَطِيرٌ عَلَى أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ؛ لِذَا يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهَا.

 

اللَّهُمَّ اِحْمِنَا وَأَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاِسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

 

أمَّا بَعْدُ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.      

 

 عِبَادَ اللهِ، إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ وَلَعِ الأَطْفَالِ بِهَذِهِ الأَلْعَابِ الْغَفْلَةُ مِنَ الآبَاءِ عَنْ أَطْفَالِهِمْ، أَوْ عَدَمُ مَعْرِفَةِ بَعْضِهِمْ بِخَطَرِهَا. لِذَا نَجِدُ بَعْضَ الآبَاءِ يَطْمَئِنُّ عِنْدَ وُجَودِ اِبْنِهِ يُمَارِسُهَا؛ بِظَنِّهِ أَنَّها تُثَقِّفُهُ وَتُنَمِّي قُدُرَاتِهِ، وَتَحْمِيهِ مِنَ الاِخْتِلَاطِ بِرِفْقَةِ السُّوءِ، وَمَا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَهُ لأَشَرِّ رِفْقَةٍ، وَأَضَرِّهَا عَلَى دِينِهِ وَخُلُقِهِ وَصِحَّتِهِ.

 

 عِبَادَ اللهِ، لَابُدَّ مِنْ رِقَابَةٍ لِلآبَاءِ عَلَى أَوْلَادِهِمْ بِلُطْفٍ وَرَحْمَةٍ، بَعِيدًا عَنِ الرَّخَاوَةِ وَالضَّعْفِ وَالْحِجَجِ الْوَاهِيَةِ الْبَارِدَةِ؛ كَمَنْ يَقُولُ: أَخْشَى أَنْ أُحَطِّمَهُ إِذَا رَاقَبْتُهُ. سُبْحَانَ اللهِ! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ إِذَا لَمْ تُرَاقِبْهُ؛ فَأَنْتَ لِلشَّيْطَانِ تُسْلِمُهُ؟ فَتُدَمَّرَهُ وَتُهْلِكَهُ، فَهَلْ حَقًّا تَخْشَى أَنْ تُحَطِّمَهُ فَتُهْمِلَهُ؟ أَمْ أَنَّكَ تَتَعَلَّلُ لاِنْشِغَالِكَ عَنْهُ بِعِلَلٍ تُقْنِعُ بِهَا نَفْسَكَ فَقَطْ؟

 

أَلَا فَاتَّقُوا اللهَ فِي أَنْفُسِكِمْ وَأَوْلَادِكْمْ، وَاِعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَسْؤُولُونَ أَمَامَ اللهِ عَمَّا اِسْتَرْعَاكُمْ مِنَ الأَمَانَةِ. كَمَا عَلَيْكُمْ مَعَاشِرَ الشَّبَابِ أَنْ تَتَّقُوا اللهَ بِأَنْفُسِكُمْ وَبِوَالِدِيكُمْ، وَأَنْ تُرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ، فِإِنْ غَفَلَ الآبَاُء عَنْ مُرَاقَبَتِكُمْ فَإِنَّ اللهَ عَلَيْكُمْ رَقِيبٌ. فَغُضُّوا أَبْصَارَكَمْ، وَاِمْتَنِعُوا عَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْكُمْ. حَمَانِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتّنِ، وجَعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

 

الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاِقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

 

«اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ».

 

اللَّهُمَّ اُنْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا، وَاِرْبِطْ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَثَبِّتْ أَقْدَامَهُمْ، وَانصُرْهُمْ عَلَى الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَمكُمُ اللهُ.

 

 

 

المرفقات

الإلكترونية وخطرها

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات