الأعداء

محمد بن إبراهيم الشعلان

2022-10-04 - 1444/03/08
عناصر الخطبة
1/ عداوة الكافرين للمؤمنين 2/ المحاور الأربعة لعدوان الكافرين على المؤمنين 3/أمور ساعدت الكفار على إمرار بعض مخططاتهم 4/ وسائل إفشال مخططات الأعداء

اقتباس

لقد اشتدت ضراوة الأعداء وبأسهم على المسلمين وبلادهم في هذا الزمان، وظهرت عداوتهم للمسلمين ظهوراً بينا وواضحاً، وبان حقدهم وغيظهم بياناً ظاهراً، والله -سبحانه وتعالى- قال فيهم: (إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا) [النساء:101].

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي له ملك السموات والأرض وهو على كل شيء قدير، أحمده وأشكره وهو للحمد أهل وللشكر جدير.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا شبه ولا نظير، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله البشير النذير، والسراج المنير، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

 

عباد الله: لقد اشتدت ضراوة الأعداء وبأسهم على المسلمين وبلادهم في هذا الزمان، وظهرت عداوتهم للمسلمين ظهوراً بينا وواضحاً، وبان حقدهم وغيظهم بياناً ظاهراً، والله -سبحانه وتعالى- قال فيهم: (إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا) [النساء:101].

 

وقد جعلوا عدوانهم على المسلمين وبلادهم في أربعة محاور: محور الاقتصاد والإنتاج، ومحور

الفكر والثقافة، ومحور العولمة، ومحور التضييق والتنكيل وكيل التهم وإلصاقها بالمسلمين.

 

تلكم -عباد الله- أهم المحاور التي قامت عداوتهم لنا عليها، ساعدهم في ذلك: الوهن الذي أصاب أمة الإسلام، والنزاع الذي حل بها إلا من عصم الله، والذي أدى إلى الفشل والضعف، اللذان هما النتيجة الحتمية للنزاع الذي يقع بين الأمة الواحدة،كما قال -تعالى-: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال:46].

 

المحور الأول: محور الاقتصاد والإنتاج: لقد تبجح الأعداء في عداوتهم من خلال هذا المحور، فحظروا الإنتاج الصناعي الكبير على الدول الإسلامية وقصروا ذلك على دول سبع كافرة تسمى الدول السبع الصناعية الكبرى، وغضوا الطرف عمن جعلوها وتدا مضروباً في جسم الأمة الإسلامية.

 

كل هذا من أجل أن يستأثروا بالصناعة وأدواتها، ويجعلوا المسلمين عالة عليهم في ذلك، فيعز عليهم الحصول على وسائل الدفاع عن دينهم وبلادهم إلا بعد شرائها منهم.

 

وضيقوا على المسلمين في أهم رافد اقتصادي لهم، وأعز ناتج من الأرض، وأكبر ممول لهم، ألا وهو هذا البترول، الذهب الأسود، الذي أنعم الله به عليهم، وأخرجه لهم من الأرض، فحاولوا جهدهم تقليل سعر بيعه، والسعي في أن يصل ثمنه إلى أدنى سعر وأزهده.

 

بل هددت بعض الدول الكافرة بالخروج من سلك المنظمة البترولية وبيع بترولها بسعر رخيص لكي يضربوا دول الإسلام في هذا الناتج المهم والرافد الاقتصادي الكبير.

 

وشيء آخر تفكر فيه الدول الكافرة وهو أن تؤخذ ضريبة على الدول المنتجة للبترول لكونها تلوث الجو بالكربون الناتج من تكرير هذا البترول، وهي كاذبة في هذا، قاتلها الله! والمقصد من هذا هو إضعاف اقتصاد الدول الإسلامية عموماً، وهذه الدولة خصوصاً، وضربها في أهم روافدها ومنتجها.

 

ولكن؛ يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين، فإن تمسكت الأمة الإسلامية بدينها، واعتصمت بكتاب ربها وسنة نبيها محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلن يضرها كيد أعدائها، كما قال -تعالى-: (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [آل عمران:120].

 

المحور الثاني: محور الفكر والثقافة: فقد غزوا أمة الإسلام بالفكر الرخيص والثقافة المائعة الماجنة، وجندوا مفكريهم ومثقفيهم بنشر أفكارهم وثقافتهم الرخيصة في بلاد المسلمين وبين مثقفيهم، ونوعوا أساليب نشرها بأسلوب مقروء، وأسلوب مسموع، وأسلوب مشاهَد! مما لا يخفى على كثير منكم. وهدفهم القضاء على الدين الإسلامي في أحكامه ومعاملاته وأخلاقه وآدابه، وأهم شيءٍ محْو العقيدة الإسلامية الصحيحة من عقول شباب الأمة وشيوخها.

 

ولكن؛ متى تمسك المسلمون بعقيدتهم ودينهم، ونبذوا كل فكر دخيل وثقافة دخيلة؛ فإن الله -عز وجل- يدافع عنهم، كما قال -تعالى-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) [الفرقان:31].

 

فالله هو الهادي لعباده يكشف لهم أباطيل الكفار وضلالاتهم، وهو الناصر لهم عليهم بالسلام والسنان.

 

المحور الثالث: محور العولمة: عولمة الاقتصاد، والعلاقات بين الأمم، وعولمة الفكر والثقافة، وهذا هو الطامة الكبرى، وهو الهدف الأسمى لأعداء الدين من هذه العولمة؛ من أجل أن يتلقى المسلمون ثقافات الغرب الكافر وأفكاره الرخيصة الماجنة بكل يسر وسهولة، فتضيع بذلك ثقافة المسلمين المتلقاة من كتاب الله -عز وجل- ومن سنة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، فيسهل القضاء على الدين الإسلامي، ومحوه من بلاد المسلمين، وتمزيق أخلاقهم الكريمة، وآدابهم الحسنة العالية.

 

المحور الرابع: محور التضييق والتنكيل ببعض البلاد الإسلامية: وهو ما يسمى بالحصار الاقتصادي، والهدف منه هم المسلمون الذين يعيشون في البلد المحاصر، وضحيته هم المسلمون. وإلصاق تهم الإرهاب بالمسلمين، ووصف الدين الإسلامي بأنه دين الإرهاب كما هي دندنتهم في كل محفل ولقاء.

 

عباد الله: إن القصد من هذا البيان، هو أن تعلموا عداوة الكفار لكم لتحذروهم حذراً شديداً، وتجزموا أنهم لا يريدون بكم خيراً ولو أظهروا ذلك لكم، وأن تتمسكوا بدينكم وتعضوا عليه بالنواجذ مهما كلفكم ذلك ما كلفكم؛ لأن الله -عز وجل- وعدكم إذا تمسكتم بدينه ونصرتموه، وعملتم به في أنفسكم وأهليكم ومجتمعكم، بالتأييد والنصر، كما قال -تعالى-: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر:51]، وقال -سبحانه-: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم:47].

 

والقصد أيضاً من هذا البيان، أنكم مقبلون على شهر كريم، هو شهر رمضان المبارك، الذي ترجى فيه إجابة الدعوات، فلتكثروا فيه دعاء رب العالمين بأن يعز الإسلام والمسلمين، ويذل الكفر والكافرين، ويجعل كيدهم ومكرهم في نحورهم، ويجعل تخطيطهم وعملهم السيئ وبالاً عليهم ونكالا إلى يوم الدين، وأن يحفظ بلاد المسلمين عامة وهذه البلاد خاصة منهم أجمعين، وأن لا ينالوا ما تمنوه فيها أبداً إلى يوم الدين.

 

فنسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يحفظ بلاد المسلمين عامة، وهذه البلاد خاصة، من كيد أعداء الدين، وأن يعيذنا من مكرهم وغيظهم وتسلطهم أجمعين، وأن يعيننا على التمسك بهذا الدين، ويوفقنا للتفقه في أحكامه المتعلقة بالدنيا والدين، وأن يثبتنا عليه إلى يوم الدين.

 

 

الخطبة الثانية:

 

... عباد الله: تبصّروا في دينكم، وتفقهوا في أحكامه، فأنتم اليوم بحاجة شديدة إلى سلاح الدين والعلم أكثر من حاجتكم إلى سلاح الحديد، بل إن العلم الشرعي وسيلة إلى تحصيل القوة في السلاح المادي، كما قال -تعالى-: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) [الأنفال:60].

 

 

 

 

المرفقات
إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات