عناصر الخطبة
1/ إعلان الحرب على الإرهاب. 2/أي إرهاب أعلنوا الحرب عليه 3/بغيهم وتعديهم في الحرب على الإرهاب 4/صور من الإرهاب الذي يقصدونه؟ 5/دعوة للتمسك بالدين الصحيح القيّماقتباس
الإسلام الكامل الذي يكون في جميع مجالات الحياة التعبدية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية هذا الإسلام بكماله وشموله لا يعجبهم، ولا يروق لهم القبول به والتغاضي عنه، وإنما يجب عليهم حربه وإعلان النفير ضده وضد أهله....
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مُضِل له, ومن يُضلِل فلا هادي له, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, نصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله, أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الأخيار الأطهار الأبرار وعلى من اقتفى أثره وسار على سنته ما تعاقب الليل والنهار.
أما بعد:
عباد الله: بعد أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر الشهيرة أعلنت أمريكا قيادة الحرب على ما يسمى بالإرهاب، وطاش عقلها الطائش وزاد طيشاً فوق طيشه فقام بضرب إخواننا المسلمين في أفغانستان، وأسقطوا الدولة الإسلامية التي كانت تحكم الناس بشرع الله هناك وهي حكومة طالبان، وصرح زعيم أمريكا يومها أن الحرب حرب صليبية مقدسة، وأنّ من ليس معهم في هذه الحرب الظالمة فهو قطعاً مع الإرهاب.
ولكن من حقنا -نحن المسلمين- أن نتساءل ما هو الإرهاب الذي يقصده الغرب؟ ومن هم هؤلاء الإرهابيون الذين أعلنوا الحرب عليهم؟ وما معنى قولهم أنها حرب صليبية وأنها ستشمل ستين دولة كما صرحوا يومها بذلك؟.
إن الأحداث بينت وكشفت بما لا يدع مجالاً للشك والريب أن الإرهاب الذين أعلنوا الحرب عليه هو الإسلام، وأن الإرهابيين المستهدفين هم المسلمون، فكل مسلم في نظرهم هو إرهابي يستحق القتل والقضاء عليه.
ولكنهم لازالوا في المراحل الأولى من مراحل الحرب على الإرهاب التي يعتقدون ويصرحون أنها حرب طويلة المدى، وأنها ستكلفهم الكثير والكثير، ولذلك بدأوا فيها بالقضاء على المسلمين الذين هم طليعة الأمة وطائفتها المنصورة، الذين يسعون إلى إقامة الدين وتحكيم شرع رب العالمين، فإذا تم القضاء على هؤلاء في نظرهم سيتم القضاء على الآخرين من المسلمين ريثما يتم القضاء على من يسمونهم بالمتشددين الإسلاميين، والمتطرفين المتعطشين للدماء, القتلة للأبرياء.
ولكن الله -سبحانه وتعالى- أخزى الصليبيين ورد كيدهم إلى نحورهم، وأبطل مكرهم الكبير، وقصّر حربهم الطويلة، وجعل بدايتها غصة في حلوقهم، حيث تفاجأوا بما لم يكن في حسبانهم، ولاقوا من المسلمين ردوداً عنيفة ومقاومة شرسة، أبطلت خططهم، وقضت على أحلامهم، وجعلتهم يفكرون بالانسحاب لا بالإقدام، وبإعلان التراجع والهزيمة والفشل لا بإعلان مواصلة الحرب واستهداف الدول، خاصة بعد هزيمتهم في أفغانستان والعراق وانسحابهم منها أذلاء صاغرين.
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج 39: 40] ويقول -سبحانه وتعالى-: (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) [الحج : 60].
نعم بغي على إخواننا، وأُعتدي عليهم ظلماً وعدواناً، واتهموهم بتهم كبيرة لا علاقة لهم بها، وليس لهم فيها ناقة ولا جمل، وأحرقوهم بنيرانهم الحارقة، وصبوا عليهم صواريخهم المدمرة، وأمطروهم بطائراتهم المرعبة، ولكن من حارب الله غلب، ومن ظلم عباد الله المظلومين واعتدى عليهم هُزم شر هزيمة، (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [غافر 51: 52] ويقول -جل وعلا-: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم : 47].
عباد الله: إن الإرهاب الذين يريدون القضاء عليه هو الإسلام الصحيح؛ بمنهجه القويم وهديه المستقيم، الذي لا يرضى بالمداهنة ولا يقبل بالمساومة معهم، ويعلنها صريحة لهم، (إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) [الممتحنة : 4].
إنهم يريدون إسلاماً خاضعاً لهم، باقياً تحت سيطرتهم، معلناً ولاءه لهم، مذعناً لأوامرهم، لا يخالفهم في أمر من أمورهم، ولا ينكر عليهم كفرهم وإجرامهم وعنادهم، فإذا رأوا الإسلام الصحيح القائم على عقيدة التوحيد لله وحده والولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين قالوا هذا إرهاباً أعلنوا الحرب ضده، وتحالفوا من أجل القضاء عليه.
إنهم لا يفكرون إلا بمنطق الكفار الأولين الذين قال الله عنهم: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) [إبراهيم 12: 13].
فإما أن تتخلى عن أصولك ومبادئك التي تخالف مبادئهم وتناقض أنظمتهم وأصولهم، وتكون معهم وتعود في ملتهم ونظامهم، وإما فأنت عدوهم اللدود الذي يجب أن يسحق ويخرج، ولكن الله ردّ هذه الغطرسة وهذا الاستعلاء بوعده بهلاك الظالمين، ونصرة المظلومين، وجعل العاقبة للمتقين، (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ).
إن الإرهاب الذي يقصدون حربه ويعلنون صباح مساء أنهم جادون في هزيمته هو الإسلام الذي يدعوا إلى تحكيم الشريعة، ويؤمن بشيء اسمه تطبيق الحدود الشرعية، ولا يعرف إلا الدخول في الإسلام كافة، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) [البقرة : 208]، أي في الإسلام كله.
فهذا الإسلام الكامل الذي يكون في جميع مجالات الحياة التعبدية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية هذا الإسلام بكماله وشموله لا يعجبهم، ولا يروق لهم القبول به والتغاضي عنه، وإنما يجب عليهم حربه وإعلان النفير ضده وضد أهله، الذين يعدون في نظرهم إرهابيون من الطراز الأول، يقول الله -تبارك وتعالى-: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام 161: 163].
فهذا الدين القيّم المستقيم الشامل لكل مناحي الحياة، المتدخل في كل جزئياتها وتفاصيلها، ومحياها ومماتها، يرون أنه لن يبقي لهم شيئاً ولا بد من مواجهته وحربه، لأنه قائم على التوحيد ومناف للشرك والجاهلية، ودينهم قائم على الشرك ومناف للتوحيد، فأنى للضدين أن يجتمعا، فلابد من العداوة والمواجهة بين فريق يقول وما أنا من المشركين ويقول (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) وفريق يعلن الكفر ويصرح بعداوة الإسلام والمسلمين.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، واستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله, أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.
أما بعد:
أيها الناس: إن من دواعي وأسباب إعلان الغرب الحرب على الإرهاب الإسلامي هو أنه إسلام -كما يقولون- يدعو إلى التحريض، ويحرض على العنف، ويدعو إلى الجهاد والشهادة وإعداد العدة للقتال والنزال، ولا يسمح بحرية الأديان، وحقوق الإنسان، وحرية المرأة.
وهم يريدون إسلاماً مسالماً مستسلماً يفعلون فيه ما يشاؤون فلا يقف في وجوههم، ولا يعلن الجهاد عليهم، ولا يدعو أتباعه للرد على إجرامهم وكفرهم، وكأنهم يقولون لنا: دعونا نهين دينكم، ونسب رسولكم، ونسخر من معتقداتكم، ونقتل أتباعكم، وإياكم ثم إياكم أن تردوا علينا، أو تحرضوا أتباعكم ضدنا، فإن فعلتم فإنكم إرهابيون تستحقون الحرب!!.
ونحن نقول لهم إذا كان الدفاع عن المقدسات وإعلان الحرب على من يهينها ويهيننا إرهاباً فلتشهدوا أننا إرهابيون، أمرنا الله بأن نرهبكم، ونخلع بالخوف قلوبكم، ونزلزل أفئدتكم، ونحرض أتباعنا على مواجهتكم، (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) [الأنفال : 60].
إنهم يريدون إسلامًا ليبراليًّا ديمقراطيًّا سلميًّا مدنيًّا، ويحاولون التروّيج لذلك الإسلام المزيّف المحرف حسب رغباتهم وأهوائهم كما فعل أسلافهم من قبل, حرّفوا النصرانية وحرّفوا اليهودية, والآن يريدون تحريف الإسلام, وجعله ديناً يتماشى معهم ويكون تابعاً لهم.
أيها الإخوة المؤمنون: إننا نعيش في زمنٍ تكالبت فيه الشدائد, وتوالت فيه المحن والمصاعب, وأطبقت فيه الخطوب, والسعيد اليوم من عصمه الله من الوقوع في حبال هؤلاء المجرمين وما يروجون له من دين يخالف دين الإسلام ومنهجه الواضح المبين.
إياكم أن تتركوا شريعة ربكم ونور نبيكم وتجعلوه وراءكم ظهرياً, وإياكم أن تستمعوا لزبالات أفكار أحفاد القردة والخنازير الذين يدعونكم إلى إسلام لا ولاء فيه ولا براء، ولا جهاد ولا نصرة، ولا تحريض ولا قتال، ولا تحكيم للشريعة ولا إقامة للدين.
عودوا إلى ربكم, واستهدوا ربكم, واطلبوا منه الهداية والعزة والنصر والتمكين، فإن الله قد وعدكم بالعزة والنصر والتمكين، فقال: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم : 47]. يقول تَمِيم بن أوس الدَّارِيِّ -رضي الله عنه- سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ" [أحمد (16957) ].
صلوا وسلموا وأكثروا من الصلاة والسلام على من أمركم ربكم بالصلاة والسلام عليه، فقال عز من قائل كريم: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب : 56].
اللهُمَّ انصُر عِبادَكَ المؤمِنينَ المجَاهِدينَ نَصرَاً مُؤَزَّرَاً، اللهُمَّ افتَح لَهُم مِن لَدُنْكَ فَتحَاً مُبِيناً، اللهُمَّ عَليكَ بِأعدائِكَ الذينَ يُحاربُونَ دِينَكَ وَيُنكِّلُونَ بِأوليائِكَ، اللهُمَّ احصِهِم عَدَداً واقتُلهُم بِدَدَاً ولا تُغاِدر مِنهُم أًحَدَاً، اللهُمَّ أَرِنَا فِيهِم مَا تُقِرُّ بِهِ أَعيُنَنَا وَتَشفِي بِهِ صُدُورَنَا وَتُذهِبَ بِهِ غَيظَ قُلوبِنا، اللهُمَّ رَبَّنَا إِليكَ نَشكُو ضَعفَنَا، وَإِلَيكَ نَشكُو فقرَنَا، وَإِليكَ نَشكُو حَاجَتَنا، أَنتَ رَبُّنا وَلا رَبَّ لَنا سِواكَ وَلا إِلهَ لَنا غيرُك فلا تكِلنا إِلى أنفُسنَا وَلا لأَحدٍ سواكَ طَرفةَ عَينٍ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم