عناصر الخطبة
1/أمر الله ببناء المساجد وعمارتها 2/ظاهرة التخلف عن صلاة الجماعة 3/بعض أدلة الكتاب والسنة على وجوب المحافظة على صلاة الجماعة 4/من أحوال الصالحين في المحافظة على صلاة الجماعة 5/فوائد وثمرات المحافظة على صلاة الجماعةاقتباس
إخوة الإيمان والعقيدة: إن في إقامة الصلاة في المساجد تعليم للجاهل، وتذكير للغافل، فكم من رجلٍ يتعلم من صلاة إمامه صلاته، ومن قراءة إمامه قراءته؟ كم من رجلٍ تذكر بعد أن سهى؟ وكم من رجل استبصر بعد أن لهى؟ إنه...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1].
أيها المؤمنون -عباد الله-: إن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد:
معاشر المؤمنين الموحدين: إن الله -سبحانه وتعالى- قد أمرنا بفريضة عظيمة.
إن الله -سبحانه وتعالى- قد أوجب علينا شريعة كريمة.
إن الله -سبحانه وتعالى- أمر برفع المساجد وببنائها، ثم قال عز من قائل: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [التوبة: 18].
إن الله -سبحانه وتعالى- أمر بترتيب الأئمة والمؤذنين، وأن يُرفع الأذان، ويُنادى بأعلى الأصوات: "حي على الصلاة، حي على الفلاح".
ثم وصف أهل النداء، فقال: (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [النور: 37 - 38].
أيها المؤمنون: أو علمتم فيما نتحدث في هذه الخطبة المباركة؟
إنها صلاة الجماعة، صلاة أمر الله -تعالى- أن تُقام في جماعة المسلمين، صلاة كرّمها الله ورفع لها بيته، ونادى بها بدعوته.
فمن ذا الذي منكم يجيب -يا عباد الله-؟
كأني، ولا حول ولا قوة إلا بالله، بكثير من المسلمين، وقد تخلفوا عن شهود صلاة الجماعة، كأني بكثير من الأسر، ولا يخرج من أهل البيت واحد، كأننا ببعض الأسر الكبيرة ولا يشهد الجماعة منهم إلا رجل أو اثنان، وحتى الذين يشهدون يا ليتهم يأمرون المتخلفين بشهود الصلاة.
أيها المؤمنون -عباد الله-: إن الله -سبحانه وتعالى- أمرنا جميعاً بحضور الصلاة، حيث يُنادى لها.
وكأننا والعجب يغشانا في زماننا هذا، حتى أنك تسمع الأذان، وهو يُرفع، وأسواق المسلمين وطرقاتهم تغص بالناس!؟
أي عجب وأنت تسمع الصلاة تُقام، وقد اقتض الناس في المدرجات وفي المنتديات؟
فماذا نقول -عباد الله- أو يُرفع الأذان بيننا ولا يجيب إلا القليل؟ أو تُقام الصلاة في مساجدنا ولا يحضرها إلا القليل؟ أين إسلامكم -عباد الله-؟ وأين إيمانكم -معاشر المؤمنين-؟
فجلجلة الأذان في كل حي *** ولكن أين صوت من بلالِ
منابركم علت في كل ساحِ *** ومسجدكم من العُباد خالِ
عبد الله: كأني بك وأنت تشكو من قسوة القلب وغفلته، وقد أصابك وعيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لينتهين أقوام من ودعهم الجماعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين".
كأني أراك أو أسمعك، وأنت تشكو من القلق والهم والضيق والغم، تلبس عليك الشيطان، أو أصابك نذير رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من ثلاثة في حضر ولا بدو لا تُقام فيهم الصلاة، إلا استحوذ عليهم الشيطان".
يا من تتأخرون عن الصلاة في المساجد، يا من فقدناهم في مساجد الله: اسمعوا ما الخبر؟
جاء أعمى إلى رسولنا -عليه الصلاة والسلام-، فقال: يا رسول الله، إني رجل ضرير البصر، بعيد الدار، ولي قائد لا يلائمني إلى المسجد، والمدينة كثيرة الهوام والسباع، أفتأذن لي أن أصلي في بيتي؟ فلما رأى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عذره، وعلم سبب تأخره؛ بعيد الدار، أعمى البصر، لا قائد، طريقه كثيرة الهوام والشوك والدواب، قال عليه الصلاة والسلام: "نعم".
فلما أدبر الرجل، وكأن رسولكم -صلى الله عليه وسلم- قد تذكر أمراً أو ذُكّر به من السماء، فنادى الرجل، لماذا دعا الأعمى؟ ولماذا نادى المعذور بهذه الأعذار التي سمعتها؟ ناداه فرجع إليه، فقال عليه الصلاة والسلام: "هل تسمع النداء؟" قال: نعم، قال عليه الصلاة والسلام: "فإني لا أجد لك رخصة".
قال له في رواية: "أو تسمع "حي على الصلاة، حي على الفلاح"؟.
أيها المتخلفون عن صلاة الجماعة: تدبروا هذا النبأ: أقيمت صلاة العشاء في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، فتقدم ليصلي بالناس، فرأى في الصفوف قلة، فقال عليه الصلاة والسلام: "لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي رجال معهم حزم من حطب إلى أقوام لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار".
أقوام لا يشهدون الصلاة تُحرق بيوتهم بالنار، أقوام لا يشهدون الصلاة في الجماعة تُخرب بيوتهم، أقوام لا يشهدون الصلاة مع المسلمين يعذبهم الله.
أيها المسلم، أيها المستسلم لأمر الله ولأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-: اعقل -بارك الله فيك- واعقل أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، جاء في حديث أبي بن كعب -رضي الله تعالى عنه-: أن رسولنا -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- صلى صلاة الفجر -يا من لا تصلون صلاة الفجر في المساجد- فلما قضى الصلاة، قال: "أشاهدٌ فلان؟" قالوا: لا، قال: "أشاهدٌ فلان؟" قالوا: لا.
يا من ما حضّرت اسمك في هذه الصلاة: أشاهدٌ أنت؟ تقول: لا، فلما قالوا ذلك، قال عليه الصلاة والسلام: "إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما من الأجر لأتوهما ولو حبواً على الركب، وإن الصف الأول مثل صف الملائكة، ولو علمتم فضيلته لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته لوحده، وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وكلما كثر كان أحب عند الله".
فماذا بقي بعد هذا؟ لماذا تزدحم مساجدنا بصلاة الجمعة ولا تزدحم بصلاة الجماعة؟ لماذا تكثر صفوف المساجد في صلاة المغرب وتقل في صلاة الفجر؟ ماذا تقولون لله؟
شغلتنا الدنيا بأسواقها! ألهتنا الدنيا بأموالها! شُغلنا عن الصلاة بمنتدياتها وأحاديثها! بمدرجاتها وألعابها! ماذا تقولون لله؟
والله ينادي: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ) [البقرة: 43].
قال ابن كثير: "أي اركعوا مع من يركع من أمة محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-".
ماذا تقولون يا من تتخلفون عن صلاة الجماعة؟
يوم أن يشقق الله السماء، ويزلزل الأرض، ويكور الشمس، ويسير الجبال، ويفجر البحار، ويحشر الخلائق، يوم لا ينفع مال ولا بنون، يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) [القلم: 42 - 43].
قال أبو سعيد -رضي الله تعالى عنه-: قال نبينا -عليه الصلاة والسلام-: "يكشف ربنا -سبحانه وتعالى- يوم القيامة عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعة، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً، كلما أراد أن يسجد خرّ على قفاه".
عباد الله: اتقوا الله -سبحانه وتعالى-، فقد رفع لكم بيته، وناداكم بدعوته، ووعدكم أجراً كبيراً عظيماً من فضله، فلماذا هذا التهاون؟ ولماذا هذا التخلف؟ أو من أجل اللعب واللهو؟ أو من أجل النوم والكسل؟ أو من أجل حطام قليل من الدنيا؟ أو أحاديث أخبارٍ من الناس؟
اتقوا الله -سبحانه وتعالى-، اتقوا الله، لماذا لا تسعون إلى المساجد؟: "وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يأتي مسجداً من هذه المساجد؛ إلا كان له بكل خطوة يخطوها حسنة، وتُكتب له درجة، وتمحى عنه خطيئة"؟
لماذا تتخلفون عن السير إلى المساجد: "ومن غدا إلى المسجد أو راح، كُتب له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح"؟
ما الذي ألهانا -يا عباد الله- عن إجابة دعوة الله؟ "وما من أحد يتوضأ ثم يأتي المسجد، إلا وهو زائر الله، وحُق على المزور أن يكرم الزائر"؟
ماذا لكم تتخلفون -يا عباد الله- عن لقاء الله؟ ورسولنا -عليه الصلاة والسلام- يقول: "لا يتوضأ أحد فيحسن الوضوء ويسبغه، ثم يأتي المسجد لا يريد إلا الصلاة إلا تبشبش له الله، كما يتبشبش أهل الغائب لطلعته"؟
فلأيّ شيءٍ هذا التخلف؟ ولماذا هذا التأخر؟ أو هان عليكم الأجر؟ "ومن صلى العشاء في جماعة، فكأنما صلى نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما صلى الليل كله".
أو استقللتم الثواب؟ "ومن صلى البردين دخل الجنة"؟
أو ضاع عليكم -عباد الله- أو نسيتم عهد الله وذمته وميثاقه؟ "ومن صلى الفجر فهو في ذمة الله حتى يرجع"؟
ما بالنا تخلفنا وتأخرنا عن صلاة الجماعة؟ أو أعطانا أحدٌ أكثر مما أعطانا ربنا؟ "وما من أحد لا تفوته تكبيرة الإحرام في جماعة أربعين يوماً، إلا كُتبت له براءتان : براءة من النفاق، وبراءة من النار"؟
فاكتبوا براءاتكم -يا عباد الله- وسجلوا شهادات عتقكم من النار ومن النفاق، يقول ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه-: "من سرّه أن يلقى الله مسلماً يوم القيامة، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو أنكم تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، وإن كان الرجل يُؤتى به يُهادى بين الرجلين -يعتمد بين الرجلين- حتى يُقام في الصف".
فاتقوا الله، اتقوا الله -أيها المسلمون- وماذا تقولون لله حين تلقوه؟ وقد تأخرتم عن بيته، وتخلفتم عن فريضته، وما أجبتم دعوته؟
يا الله! تضيع المعاذير بين يدي الله -سبحانه وتعالى-!.
يا الله! تبور الحيل إذا قاموا بين يدي الله غرلاً حفاة بهماً!.
فاتقوا يوماً تلقون فيه الله: (وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) [البقرة: 281].
أيها المؤمنون الأكارم: ماذا قال الصالحون؟ ماذا قال الصالحون عند لقاء الله -سبحانه وتعالى-؟
ماذا قال سعيد بن المسيب -رحمه الله تعالى- لابنته وهي تبكي عليه عند موته؟
قال لها: "لا تبكي، فو الله، ما فاتتني تكبيرة الإحرام في المسجد أربعين سنة".
ماذا قال الصالحون؟ ماذا قال الصالحون عند لقاء ربهم؟ ماذا قال سليمان بن مِهران -رحمه الله- لابنته لما بكت عليه حين الوفاة؟
قال لها: "لا تبكي، والله ما فاتتني تكبيرة الإحرام خلف الإمام ستين سنة".
ماذا قال الصالحون؟ ماذا قال الصالحون عند لقاء الله؟ وكيف لقوا ربهم؟ ثابت بن عامر -رحمه الله تعالى- يمرض مرضاً شديداً فيسمع نداء المغرب، فيقول لأبنائه: "احملوني، احملوني" قالوا: ما نحملك، قد عذرك الله، فيقول: "أأسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح ثم لا أجيب؟" فحملوه، فلما قام في الصلاة، ولما فرض بالصلاة، ولما ركع معهم في الصلاة، ولما بلغ السجدة الأخيرة في صلاة المغرب، فاضت روحه إلى ربه -سبحانه وتعالى-.
هكذا كانت الحياة، وهكذا كان اللقاء، وهكذا كان الممات.
فاتقوا الله في يوم تلقونه، واحرصوا على سنن الهدى، وأدّوا صلاتكم حيث يُنادى بها، فبهذا أُمرتم، فإياكم ثم إياكم أن تتخلفوا.
أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يغفر لنا ولكم وللمؤمنين، فاستغفروه إنه هو غفورٌ برٌ كريم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على نبيه الذي اصطفى، وعلى آله وصحبه أهل الوفاء، ومن سار على نهجهم؛ فاتبع واقتفى.
أيها المؤمنون -عباد الله-: إن منسك صلاة الجماعة منسك عظيم، وشعيرة لله كريمة.
إن الله -سبحانه وتعالى- قد حث وحض على هذه الصلاة؛ لما فيها من اجتماع المسلمين، فقد كتب الله -سبحانه وتعالى- أن يجتمع عباده المسلمون في اليوم الواحد خمس مرات، وفي الأسبوع مرة، وفي السنة مرة في صلاتهم لعيدهم أو في وقوفهم بعرفات؛ فاعلموا حقها، ففيها اجتماعكم وعزكم، فيها تتعارفون، وتتوادون، ويسأل البعض عن المريض، ويعرف البعض من الميت، وتتعلمون أمور دينكم.
أيها المؤمنون -عباد الله-: إن في اجتماعكم في صلاة الجماعة، إقامة وإظهار لشعائر الله في الأرض، فاتقوا الله -سبحانه وتعالى- في شعائره: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج: 32].
أقيموا شعائر الله في الأرض، لينظر أعداء الله من يهود ونصارى إلينا -معاشر المسلمين- تركنا أسواقنا، وملاعبنا، وأزواجنا، وديارنا، وانطلقنا جماعات ووحداناً إلى بيوت ربنا -سبحانه وتعالى-؛ نرفع ذكره، ونجيب دعوته، وننور جباهنا بالسجود، لله -سبحانه وتعالى- المعبود.
إخوة الإيمان والعقيدة: إن في إقامة الصلاة في المساجد تعليم للجاهل، وتذكير للغافل، فكم من رجلٍ يتعلم من صلاة إمامه صلاته، ومن قراءة إمامه قراءته؟ كم من رجلٍ تذكر بعد أن سهى؟ وكم من رجل استبصر بعد أن لهى؟
فاتقوا الله -سبحانه وتعالى-.
إنه -والله- في إجابتك لدعاء الله -سبحانه وتعالى- وحضورك الصلوات ما يدل على صدق إيمانك، تركت مضجعك ونومك، تركت ملعبك وملهاك، تركت راحتك وكسلك، تركت دنياك ومالك، وأقبلت إلى ربك -سبحانه وتعالى- تجيب النداء: الله أكبر، الله أكبر، .. حي على الصلاة، حي على الفلاح، فهنيئاً لك الإيمان، هنيئاً هنيئاً لك الإيمان: "بشر المشائين للمساجد في الظُلم بالنور التام يوم القيامة".
بشارةٌ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لك يا من تعتاد المساجد بالصلوات بالنور التام، يومٌ الناس فيه يتخبطون في ظلماتهم، آمنتَ بالله رباً، واتبعتَ سنة نبيه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هدياً، واستسلمتَ لأمر ربك ولدينك، ورضيتَ بالإسلام ديناً.
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يعيننا وإياكم على طاعته، وأن يجنبنا وإياكم معصيته.
اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا يا رحمن يا رحيم.
اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة، والنجاة من النار.
اللهم أبرم لأمة محمد أمر رشد، يُعز فيه أهل الطاعة، ويُعافى فيه أهل المعصية، ويؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم أعز الدين، اللهم أعز وانصر المسلمين.
اللهم عليك بأعدائك أعداء الدين؛ فإنهم لا يعجزونك.
وقوموا إلى صلاتكم مغفوراً لكم -بارك الله فيكم-.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم