عناصر الخطبة
1/الله صاحب النعم وواهبها 2/الأمن من أجل نعم الله على عباده 3/حقيقة الأمن وعوامل جلبه 4/حين يغيب الأمن.اقتباس
يَسُودُ الأَمْنُ في قَوْمٍ اسْتَمَدُّوا الأَمْنَ مِنْ رَبِهِم، ورَكَنُوا إِليهِ في شَأَنِهِم، ويُسْلَبُ الأَمْنُ مِنْ قَومٍ، رَكَنُوا إِلى مَنْ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِم نَفْعاً ولا ضَرّاً...
الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَمَّا بَعْدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
أَيُّها المُسْلِمُون: مُرُوءَةُ المَرْءِ تُعْلِيْ مِنْ مَكَانَتِهِ، ويَرْتَقِيْ المَجْدَ مَنْ بالمَكْرُماتِ عُنِي، مُرُوءَةُ المَرْءِ تَحْمِلُهُ على فِعْلِ الخَيْرِ، وعلى بَذْلِ المَعْرُفِ، وعلى شُكْرِ مَنْ أَحْسَن.
وَمَا جَحَدَ المَعْرُوفَ كَرِيْمٌ، وَمَا أَهْمَلَ الشُّكرَ وَفِيٌّ، وَمَا غَفَلَ عَن الوَفَاءِ شَاكِر؛ "وَمَنْ لَكَ بِالحُرِّ الَّذي يَحفَظُ اليَدا".
وأَعْظَمُ مُنْعِمٍ، وأَجَلُّ مُحْسِنٍ، وأَكْرَمُ مُتَفَضِّلٍ هُوَ اللهُ رَبُّ العَالَمِيْن؛ فَما مِنْ نِعْمَةٍ إِلا واللهُ مُوْلِيَهَا، وَمَا مِنْ نِعْمَةٍ إِلا واللهُ مُسْدِيْها؛ (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ)؛ نِعَمُ اللهِ سابِغَةٌ؛ فَمْنْ ذَا الذِيْ يُحْصِيْ لَها عَدّاً؟! (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (تَحَدَّى اللهُ القَوْمَ أَنْ يَعُدُّوا نِعَمَهُ، فَكَيْفَ لَوْ تَحَدَّاهُم أَنْ يَشْكُرُوْها)!
والأَمْنُ وَاحِدٌ مِنْ تِلْكَ النِّعَمِ الغَامِرَة، الأَمْنُ بِسَاطٌ تُنْشَرُ فَوْقَهُ بَاقِ النِّعَم، الأَمْنُ رَبْوَةٌ تُرَفْرَفُ فَوْقَها رَايَاتُ النِّعَمْ، الأَمنُ أَكْرَمُ نِعْمَةٍ؛ فَلا يَطِيْبُ عَيْشٌ في سَاحَةٍ نُزِعَ مِنها الأَمْنُ، ولا تَطِيْبُ حَياةٌ زَالَ عَنْها الأَمَان؛ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ).
وفي تَمَامِ الأَمْنِ قِيامُ العَبْدِ بأَمْرِ اللهِ؛ فَمَنْ خَافَ على دِيْنِهِ أَخْفَاه، ومَنْ خَافَ على دِيْنِهِ ضَعُف، أَرضٌ بِها المَرءُ خائِفٌ، سَيَظَلُّ فيها مُسْتَضْعَف؛ (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ)، كُنا مُسْتَضْعَفِينَ بَيْنَ قومٍ جَبَّارِينَ نَخْشىَ بأَسَهُم، ونخافُ بَطْشَهُم ونُحاذِرُ سَطْوَتَهُم، فَلَمْ نُقِمْ لأَجْلِ الخَوفِ دِيْنَنَا؛ (قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا).
الأَمنُ طُمَأنينةٌ تَتَحَقَّقُ بِزَوالِ الخَوف؛ فَمَنْ زَالَ عَنْهُ الخَوفُ فَهْوَ آمِن، أَمْنٌ يَمْتَدُّ لِيَشْمَلَ كَافَّةَ أَرْكانِ الحَياةِ ونَواحِيْها، أَمْنٌ في الدَّارِ وأَمْنٌ في القَرارِ، وأَمْنٌ في الإِقامَةِ وأَمْنُ في السَّفَر، أَمْنٌ على الأَنْفُسِ وأَمْنٌ على الأَعْرَاض، وأَمْنٌ على الأَمْوالِ وأَمْنٌ على المَكاسِب، أَمْنٌ مِنْ عَدُوٍ ظَاهِرٍ يُجاهِرُ بِالعَدَاء، وأَمْنٌ مِنْ عَدُوٍ مُسْتَتِرٍ يَتَآمَرُ في الخَفَاء، أَمْنٌ مِنْ كُلِّ طَارِقٍ يَطْرِقُ النَّفْسَ بِمَكْرُوه؛ (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ).
ومُؤْمِنٌ آمِنٌ مُغْتَبِطٌ بِنِعْمَةِ اللهِ عليهِ، يَتَقَلَّبُ في الأَمْنِ قَرِيراً، يَتَساءَلُ: كَيْفَ نحفظُ النِعمةَ فِينا؟ كيفَ نَحْمِي الأَمانَ أَنْ يَرْحَلا؟ كيفَ نَسْتَدْفِعُ العُقوبةَ عَنا؟ كيفَ نأَمَنُ البَلاءَ أَن يَنزِلا؟
مُتَسَائلٌ عَقَلَ المواعِظَ وادَّكَر، فَمَضَى يَحُثُّ السَّيْرَ في دَرْبِ الأَمان، مُسْتَمْسِكٌ بِالوَاقِياتِ، مُتَزَوِّدٌ بِالبَاقِيَاتِ، لا يَرْتَضِيْ سَبَباً تَحْوْلُ بِهِ النِعَم، مُتَسَائِلٌ كَيْفَ نَحْفَظُ النِّعْمَةَ فِيْنَا؟ كَيْفَ نَحْمِي الأَمَانَ أَنْ يَرْحَلا؟
الأَمْنُ حَلِيْفُ قَوْمٍ حَفِظُوه؛ فَما رَحَلَ الأَمْنُ عَنْ قَومٍ أَكْرَمُوه، يُحْفَظُ الأَمْنُ بِحِفْظِ أَسْبابِه، يَبْقَى الأَمْنُ في قَومٍ قَامُوا بِأَمْرِ اللهِ خَيْرَ قِيام، عَرَفُوا اللهَ في السَّراءِ فَعَرَفَهُمْ في الضَّرَّاءَ، واسْتَجابُوا لأَمْرِهِ في العُسْرِ كَما اسْتَجابُوا لَهُ في الرَّخاءَ، اسْتَمْسَكُوا بِكتابِ اللهِ وبِهِ عَمِلُوا، واهْتَدُوا بِشَرِيْعَتهِ وعَلَيْها اسْتَقَامُوا؛ (بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
يَسُودُ الأَمْنُ في قَوْمٍ يُقِيْمُونَ العَدْلَ فِيْهِم؛ فَفِي مَراسِيْ العَدْلِ يَرْسُو الأَمان، وَمَا هَدَأَتْ رِيَاحُ الخُوفِ عَنْ ساحِلٍ بِه الظُلُم قَائِم، أَمَّنَ اللهُ عِبَادَهُ بِتَمَامِ عَدْلِه؛ (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا)، بالعَدْلِ قامَتْ بِهِ السَّماواتُ والأَرْضُ، وبالعَدْلِ قَامَ واسْتَقَامَ المَيْزان، وبالعَدْلِ يَسُودُ ويَعُمُّ الأَمان؛ (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ).
يَسُودُ الأَمْنُ في قَوْمٍ تَقَارَبَتْ قُلُوبُهُم، وتآلَفَتْ أَرْواحُهُم، واجْتَمَعَتْ عَلى الحَقِّ كَلِمَتُهُم، وتَتَصَدَّعُ قِلاعُ الأَمْنِ في قَومٍ زُرِعَتْ الفُرْقَةُ فِيْهِم؛ (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).
يَسُودُ الأَمْنُ في قَوْمٍ قَرَؤُوا كِتابَ اللهِ، فاسْتَنارَتْ بَصِيْرَتُهُم، أَدْرَكُوا أَنْ كُفْرانَ النِّعَمِ يُعَجِّلُ زَوالَها، وأَنَّ البَطَرَ مُؤْذِنٌ بِهَلاك؛ (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)، بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ.
يَسُودُ الأَمْنُ في قَوْمٍ قَرَؤُوا كِتابَ اللهِ، وقَرؤُوا فيه؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا).
يَسُودُ الأَمْنُ في قَوْمٍ اسْتَمَدُّوا الأَمْنَ مِنْ رَبِهِم، ورَكَنُوا إِليهِ في شَأَنِهِم، ويُسْلَبُ الأَمْنُ مِنْ قَومٍ، رَكَنُوا إِلى مَنْ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِم نَفْعاً ولا ضَرّاً.
يَسُودُ الأَمْنُ في قَومٍ مُؤْمِنِينَ، أَقامُوا شَعائِرَ الدِيْنَ ورَفَعُوا بِهِ رُؤُسَهُم، وعَدٌ مِنَ اللهِ لَهُم؛ (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)، (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)، (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ).
بارك الله لي ولكم..
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَن لا إله إلا اللهُ ولي الصالحين، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رسول رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- لعلكم ترحمون.
أيها المسلمون: الأَمْنُ نِعْمَةٌ مِنَ اللهِ تُسْتَمَدُّ لَنْ تُدْرَكَ بِقُوَّةِ سُلْطَانٍ، ولا بِكَثْرَةِ أَعْوَانٍ، ولا بِشِدَّةِ بَأَسِ، وبِوَفْرَةِ مَالٍ، ولا بِمَناعَةِ حُصُون؛ (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ).
الأَمْنُ نِعْمَةٌ مِنَ اللهِ، وقَدْ يَبْتَلِيْ اللهُ عِبادَهُ المُؤْمِنِيِنَ بِشَيءٍ مِن الخَوفِ لِحِكَمٍ يَعْلَمُها؛ (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ).
وعِنْدَ مَواقِفِ الخَوفِ يَعْلُوا إِيْمانُ المُؤْمِنِ، ويَبْرُزُ ثَباتُه، ويَعْظُمُ تَوَكُّلُهُ، ويَصْدُقُ يَقِيْنُه؛ (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا).
عِنْدَ مَواقِفِ الخَوفِ تُنْزَعُ الأَراجِيْفُ، وتُؤَدُ الشَّائِعاتُ، ويُسْنَدُ الأَمْرُ إِلى مَنْ لَهُ بِهِ عِلْمٌ وفِقْهُ ودِرايَة، لِتَبْقَى الأُمَةُ في مَأَمَنٍ مِنْ كُلِّ خَطَر؛ (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا).
وإِنَّ نِعَماً نَتَقَلَّبُ اليَومَ فيها لَيَجِبُ عَلى كُلِّ عاقِلٍ أَنْ يَرْعَاهَا بِصِدْقٍ، وأَنْ يَحْفَظَها بِحَقٍّ، وأَنْ يَأَخُذَها بِعِنايَة، أَمَةٌ آمِنَةٌ في بَلَدٍ أَمِيْن، تَمُوجُ المَخاوِفُ مِنْ حَولِهِا، نُذُرٌ تَلُوحُ، تُوجِبُ على الأَمَةِ أَخْذَ الحَذَر.
اعْتِصامٌ بِحْبْلِ اللهِ ولا عِصْمَةَ للأُمَةِ بِغَيْرِ حَبْلِ الله؛ (قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ)، ولُزُومٌ لِشَرْعِ اللهِ وقِيامٌ بأَمْرِ اللهِ؛ (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
وسَعْيٌ لِجَمْعِ الكَلِمَةِ على الإِيمانِ والتَّقْوى، وبُعْدٌ عَنْ أَسْبابِ التَّفَرُّقِ والتَّنازُعِ والخِلاف؛ (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
تَوْبَةٌ إِلى اللهِ من المُنْكَرات، ورَجُوعٌ إِليه، وتَزَوُّدٌ مِن الصَّالحات؛ فَما شَاعَتْ مُنْكَراتٌ في أُمَةٍ إِلا أَهْلَكَتها؛ (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
اللهم احفظ أمننا وإيماننا..
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم