أمور استهان بها الولي والمرأة

خالد بن عبدالله الشايع

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ الغيرة على النساء خلق عظيم 2/ الغيرة من أخلاق العرب 3/ حث الإسلام على الغيرة على النساء 4/ أمثلة من تقصير الأولياء تجاه نسائهم 5/ أمثلة من تساهل النساء في ارتكاب المحرمات

اقتباس

والغيرة خلق عظيمة يحتاج المرء إلى تنميته واعتداله، وقد عرفت الغيرة بأنها هي ما ركّبه الله في العبد من قوة روحية تحمي المحارم والشرف والعفاف من كل مجرم وغادر. وقال بعض الأئمة: "كل أمة وُضعت الغيرة في رجالها وُضعت الصيانة في نسائها". ولقد رفع الإسلام من شأن هذا الخُلق وأشاد بذِكره حتى جعل الموت دفاعاً عنه جهاداً في سبيل الله؛ ومن قتل دون عرضه فهو شهيد.

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

أما بعد:

فيا أيها الناس: يقول -جل في علاه-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، وقال: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)، وقال -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ).

 

وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع ومسؤول عن رعيته".

 

معاشر المسلمين: من هذا المنطلق سنتكلم في هذه الخطبة -بإذن الله تعالى-، وذلك لغياب دور الراعي المصلح المحافظ فيما استرعاه الله في هذا الزمن عند فئام من الناس، حيث نتج من ذلك مخالفاتٌ كثيرة تدمى لها القلوب، ليست في محيط العائلة فحسب، بل أصبحت ظاهرةً عرفية في المجتمعات -والعياذ بالله-.

 

ونحن عندما نتطرق لها لنحذر منها جميعًا، ولنصلح من الخلل الواقع؛ فإن الأمر خطير جدًّا، ولا يمكن الصبر عليه أو السكوت عنه.

 

معاشر المؤمنين: المرأة عورة، وقد كانت الدماء في الجاهلية تراق من أجلها، بل وفي الإسلام كما قال الشاعر:

 

أصون عرضي بمالي لا أدنسه *** لا بارك الله بعد العرض بالمال

 

والغيرة خلق عظيم يحتاج المرء إلى تنميته واعتداله، وقد عرفت الغيرة بأنها هي ما ركّبه الله في العبد من قوة روحية تحمي المحارم والشرف والعفاف من كل مجرم وغادر.

 

وقال بعض الأئمة: "كل أمة وُضعت الغيرة في رجالها وُضعت الصيانة في نسائها".

 

ولقد رفع الإسلام من شأن هذا الخُلق وأشاد بذِكره حتى جعل الموت دفاعاً عنه جهاداً في سبيل الله؛ ومن قتل دون عرضه فهو شهيد.

 

ومن نخوة العرب وغَيْرتهم أنه كان مِن عادتهم أنهم إذا وردوا المياه ليستقوا، أن يتقدّم الرجال والرِّعاء ثم النساء؛ حيث يغسلن أنفسهنّ وثيابهنّ ويتطهرن آمنات ممن يزعجهنّ؛ فمن تأخّر عن الماء حتى تَصْدُر النساء -أي: تَرِد- فهو الغاية في الذل.

 

كما كانوا يفخرون بغضِّ البصر عن الجارات ويعتبرون ذلك من العفة والغيرة على الأعراض؛ وما أجمل قول عنترة الجاهلي:

 

وأغضّ طَرْفي إنْ بدت لي جارتي *** حتى يواري جارتي مأواها

 

 ويُحكى أن أعرابياً في الجاهلية زُفّت إليه عروسه على فرس، فقام وعقَر تلك الفرس التي ركبت عليها العروس، فتعجب الجميع من حوله وسألوه عن سرِّ عمله فقال لهم: خشيت أن يركب السائس مكان جلوس زوجتي ولا يزال مكانها دافئاً!

 

ويُروى عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه لما رأى الأسواق يزدحم فيها الرِّجال والنساء، قال -غَيْرةً على نساء المسلمين-: "ألا تستحيون؟! ألا تغارون؟! فإنه بلغني أن نساءَكم يزاحِمْن العلوج -أي: الأجانب- في الأسواق".

 

وكانت عائشة -رضي الله عنها- تقرأ قوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) [الأحزاب: 33]، ثم تضع خمارها على وجْهِها وتبكي وتقول: "خان النساءُ العهد، خان النساء العهد".

 

أقول كيف لو رأت أمُ المؤمنين ما صنع النساء في هذا العصر!! والله المستعان.

 

أيها المؤمنون: لا أظن أحدًا منا -وأبدأ بنفسي- لم يضعف وتخور قواه أمام الأمواجِ المتلاطمة، التي جعلته يتنازل عن أشياء من قيمه، وجعلته يتجرع غصص الخور، ونقص الغيرة، إلا أن الناس يختلفون في هذا التنازل، والبعض للأسف وصل إلى الحضيض، وسيتضح ذلك من خلال ما سأطرحه -بإذن الله- في الخطبة الثانية.

 

اللهم استر على نساء المسلمين أجمعين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

 

 

الخطبة الثانية:

 

أما بعد:

 

فيا أيها الناس: سنعرض خلال هذه الخطبة لأمثلة على بعض الأعمال التي وقع فيها بعض أولياء الأمور ونساؤهم هذه الأيام، ووالله إنها لأعمال يندى لها الجبين، ويعتصر القلب ألمًا لحال نساء المسلمين؛ فمن ذلك:

 

السفر للدراسة لوحدها ومزاحمة الرجال على طاولة الدراسة.

من كان يظن أن المرأة الشابة ذات العقدين من عمرها ستسافر لبلاد الكفر لوحدها بلا محرم، تمكث في الطائرة أكثرَ من خمسَ عشرة ساعة وقد تصل ليوم كامل، فتهبط في مطار وتقلع لآخر حتى تصل لبلدة الدراسة، وفي الصباح تسرح للمعهد أو الجامعة لتصف بجانب الرجل وتتخذ زملاء في الدراسة، يا سبحان الله!! هل بقي للغيرة في قلب ولي أمرها شيء؟! والبعض يحاول تخفيف المنكر، فيسافر معها، ويصلح أمورها، ثم يعود لبلده تاركًا عورته وحُرَمَه بين الكفار!! فوالله إن هذا لمنكر عظيم يجب الكف عنه قبل ساعة الندم. هذه صورة

 

وإليك أخرى؛ تذهب المرأة للمشغل، فتضع لباسها، بل تتعرى وتكشف عورتها المغلظة؛ لتجملها الكوافيرة، فترسم على جسدها بل وعلى عورتها المغلظة، وتزيل شعرها، ومثله إزالة الشعر بالليزر، فتسمح المرأة للممرضة بالنظر لعورتها المغلظة لتزيل شعرها؛ فأين الحياء، وأين الرقيب؟!

 

ومثلها الدخول على الطبيب الرجل، وكشف العورة؛ ككشف الوجه أو بعض الجسد، ويعظم الأمر عندما تدخل على طبيب النساء والولادة فتكشف عن فرجها بلا حياء، بحجة أن الرجل أمهر من المرأة في الطب، مع وجود الطبيبة، ولا ينقضي عجبك من المرأة تدخل على الطبيب لتعالج قدمها فتكشف وجهها، وكأن الطبيب ليس برجل، أو أن الحجاب يسقط في تلك الحالة، بل وكأن الطبيب منزه عن الفتنة، والواقع للأسف يشهد بالعكس إلا ما رحم ربي.

 

عباد الله: مما يدمي القلب، عدم تطبيق تأنيث محلات النساء بالطريقة الشرعية، فتدخل محلات المكياج والعطورات، فتجد الاختلاط الصارخ، فالرجل وبجواره المرأة؛ فكم من القضايا سجلت في الهيئات من هذه الأفعال، أو أن تعمل كاشيرة في هايبر أو مول، مختلطة بالرجال، واضعة نفسها وسط الفتنة، أو أن تستعمل لجلب الزبائن، فتكون في الاستقبال، سواء في المستوصفات أم غيرها، ثم تضع المكياج والكحل والنقاب، وتتعالى الضحكات مع زملاء المهنة، فقلي بربك: أليس لهذه المرأة رجل يغار عليها؟!

 

عباد الله: هذا الواقع لا يخفى على أحد، والجميع يراه في تلك الأماكن والله المستعان.

 

وغير ذلك كثير، فانظر للنساء في مضمار المشي، كيف تمشي بل كيف تلبس؟! ومزاحمتهن للرجال بلا حياء، حتى إن الرجل ليفسح لها الطريق حتى لا تصطدم به، وليت الأمر يقف على هذا، بل تجد اللبس الفاضح، والعطر الفائح، وتجد المعاكسات على أشدها، فالكل يمشي، والله أعلم بالنيات.

 

ومثلها غرق النساء في وسائل التواصل الاجتماعي، كالتويتر، والفيس بوك، والانستنجرام وهلم جرًا، فكم وقعت المرأة ضحية للابتزاز من هذا الطريق!! فتساهل النساء في تنزيل صورهن، وصور محارمهن، حتى أصبحت المرأة لو أرادت أن تشرب ماءً لصورته ونزلته في حسابها، فضلاً عن الأكل والشرب والتنزه، فتلك المواقع دعت للتساهل في أمر التصوير ونشر صور النساء، والمرأة الضعيفة تظن أنها إذا جعلت حسابها خاصًا لمن تأذن له أنها بمعزل عن الخطر، وما علمت أن اختراق تلك الحسابات من أسهل الأمور.

 

ومن التساهل في ارتكاب المحرمات تلك المحرمات التي ترتكب بحجة مظاهر التجمل للرجال كوصل الرموش والنمص، وتقليد الغرب، في أعياد ميلاد أو ذكرى زفاف.

 

ولو جلسنا نتكلم عن تلك العثرات لطال بنا المقام؛ كالتفنن في أنواع العبايات، المزخرفة والمزركشة، وكالخروج من المنزل بالبنطال، وكالتساهل في اللبس أمام المحارم من الرجال بل حتى عند الإخوان، وما تدري البنت أن الفتنة قريبة من كل رجل ولو كان أخًا لها، وانظر لتساهل النساء مع السائق بالخلوة به والحديث معه، ومثله صاحب الليموزين.

 

وانظر للخروج للمطاعم العائلية مع السائق، أو مع الأخ الصغير، بل وصل الأمر للخروج للبراري البعيدة مع السائق، فلا يملك العبد إلا السؤال: أين وليهم؟! أم هم يتامى لا ولي لهم؟!

 

ومن الشر المستطير، الغفلة عن البنات، فيسمح لها بالخروج لزميلتها، بل حتى لاجتماعهن مع البعض في استراحات، وإقامة احتفالات للنجاح وللميلاد ولغيرها من المنكرات.

 

معاشر المسلمين: لنتق الله في هذه الأمانة التي ضيعناها؛ فوالله إن السؤال واقع، والحساب عسير. عافانا الله وإياكم.

 

اللهم أصلح أحوال المسلمين...

 

 

 

 

المرفقات

استهان بها الولي والمرأة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات