عناصر الخطبة
1/عناية الإسلام بكبار السن 2/أهم حقوق كبار السن 3/رسائل مهمة إلى كبار السن والشباب.اقتباس
من مكارمِ الإسلامِ وفضائلهِ العظيمةِ حرصُه على كبارِ السنِّ، وأمرُه برعايتهِم، والقيامِ بحقوقهِم، لتتحققَّ الثمرةُ المرجوةُ وهي نزولُ الرحمةِ، ونيلُ رضا اللهِ -جلَّ وعلا-، وحلولُ الخيرِ والبركةِ،
الخطبة الأولى:
إنّ الحمدَ للهِ، نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ منْ شُرورِ أنفسِنَا ومِنْ سَيّئَاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِهِ اللهُ فلَا مُضِلّ لَهُ، ومنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ ألّا إِلَهَ إِلّا اللهُ وحدهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنّ محمدًا عبدهُ ورسولُه، صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وصحبِهِ وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعدُ: فاتّقُوا اللهَ أَيُّهَا المؤمنونَ، واعلموا أنَّ التَّقوى هي سبيلُ النَّجاةِ، واتِّباعُ الهَوى هو سبيلُ الهلكةِ والشَتاتِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون)[آل عمران:102].
عبادَ اللهِ: من مكارمِ الإسلامِ وفضائلهِ العظيمةِ حرصُه على كبارِ السنِّ، وأمرُه برعايتهِم، والقيامِ بحقوقهِم، لتتحققَّ الثمرةُ المرجوةُ وهي نزولُ الرحمةِ، ونيلُ رضا اللهِ -جلَّ وعلا-، وحلولُ الخيرِ والبركةِ، قال -صلى اللهُ عليه وسلم-: "هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ"(رواه البخاري)، وقال -صلى اللهُ عليه وسلم-: "ابْغُونِي ضعفاءَكم؛ فإنَّما تُرزقونَ وتُنصرونَ بضعفائِكم"(رواه أحمد)، وقال -صلى اللهُ عليه وسلم-: "ليسَ منَّا منْ لمْ يرحمْ صغيرَنا، ويَعْرفْ شرفَ كبيرِنا"(رواه أبو داود والترمذي).
وكبيرُ السنِّ هنا هو مَنْ وصلَ إلى سنِّ الشيخوخةِ، وأصابَه الضعفُ والوهنُ، وظَهرتْ عليهِ تجاعيدُ الكِبرَ، فَثقُلَ سمعُه، وضعُفَ بصرُه، وَوَهنَ عظمُه، وكثُر نسيانُه، وتغيَّر لونُ شعرِ رأسِه ولحيتِه. وما مِنْ بيتْ من بيوتِنا إلا وفيه من أمثالِ هؤلاءِ رجالاً ونساءً.
عبادَ اللهِ: وهؤلاءِ الكبارُ الأكارمُ، هُم أحْبابُنا وبركةُ حياتِنا، فيجبُ علينَا أن نؤدِّيَ شيئًا من حقوقِهم طاعةً للهِ -جلَّ وعلا-، وأداءً لشيءٍ من إحسانِهم وفضلِهم وردًا لجميلِهم فيمَا مَضَى، ومن ذلك ما يلي:
أولاً: إكرامُهم وتوقيرُهم وإجلالهم، وقد حثَّنا رسولُنا -صلى اللهُ عليه وسلم- على ذلك؛ فعن ابنِ عباسٍ -رضي اللهُ عنهما-، قال: جاءَ شيخٌ يريدُ النبي -صلى اللهُ عليه وسلم- فأبطأ القومُ عنه أَنْ يوسِّعوا له، فقال النبيُّ -صلى اللهُ عليه وسلم-: "ليس منَّا منْ لم يرحمْ صغيرنَا ويوقِّر كبيرَنا"(رواه الترمذي). وعن معاذِ بنِ جبلٍ -رضي الله عنه-: أن رسولَ الله -صلى اللهُ عليه وسلم- قال: "إذَا أتاكم كبيرُ قومٍ فأكرمُوه"(رواه ابن ماجة وحسَّنه الألباني).
ثانياً: التواضعُ لهم، وجميلُ الإحسانِ إليهم، قال -صلى اللهُ عليه وسلم-: "إنَّ مِن إجلالِ اللهِ: إكرامَ ذي الشيبةِ المسلم"(رواه أبو داود).
ثالثًا: بَدْؤهمْ بالسلامِ: احترامًا وتقديرًا لهم، قال -صلى اللهُ عليه وسلم-: "يُسَلِّمُ الصَّغيرُ على الكَبيرِ، وَالمَاشِي على القاعِدِ، وَالقَلِيلُ على الكَثِير"(رواه البخاري).
رابعاً: حُسنُ الحديثِ والخطابِ معهُم: فَنتَكَلَّم معهُم بألطفِ خطابٍ، وأجملِ كلامٍ، دلالةً على قدرهِم ومنزلتِهم في نفوسِنا.
خامساً: تقديمُهم في المجالسِ، والكلامِ، والطعامِ، والشرابِ، والدخولِ والخروجِ.
سادساً: الدعاءُ لهم: بطولِ العُمرِ، والازديادِ من العملِ الصالحِ، والحفظِ والإعانةِ على الخيرِ، وحُسنِ الخاتمةِ، لما ورد عن عبدِاللهِ بنِ بسرٍ: أنَّ أعرابيًّا قال: يا رسول اللهِ، مَن خيرُ الناسِ؟ قال: "مَن طال عمرُه، وحسُن عمله"(رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترمذي).
سابعاً: مراعاةُ حالِهم وضعفِهم: بسببِ الكبرَ والتجاوزِ في العمرِ؛ وهذا يوجبُ زيادةَ العنايةِ والاهتمامِ بهم، وإدخالِ السرورِ عليهم.
ثامناً: الذهابُ بهِم للحجِّ والعمرةِ، وإعانتُهم على الزياراتِ العائليةِ وصلةِ الأرحامِ، والخروجِ بهم للمتنزّهاتِ إذا أحبوا ذلك ورغبوا فيه.
تاسعًا: التوسعةُ لهُم في الاجتماعاتِ الأسريةِ، والمبادرةُ للسلامِ عليهِم، وتقديمُ الأطفالِ الصغارِ للسلامِ عليهم وإشعارُهم بوقَارهِم ومكانتِهم.
عاشراً: الاهتمامُ بملبسِهم ومظهرهِم، خاصةً في أيامِ المناسباتِ؛ كالأعيادِ وغيرِها؛ لكي يظهرَ بالمظهرِ الطيِّبِ، ويُشاركَ الناسَ في فرحتِهم وبهجتِهم.
أحد عشر: أنْ نُخَصِّص لهم في بيوتِنا أماكنَ للعبادةِ، فَنَجعْلَ لهُم مصلَّى بفراشٍ لينٍ، ورائحةٍ طيبةٍ، وأضواءَ مناسبةٍ تُعينهُم على الخلوةِ بربِّهم ومناجاتِه، ولو وُضعَ فيهِ مصحفٌ يقرأُ فيه فهذا خيرٌ على خيرٍ.
اثنَا عشرَ: إشراكهُم في الحديث في المجالسِ بطرحِ الأسئلةِ عليهِم فيمَا يُحبُّونَه ويرغبونَه، ولا سيَّما في ماضي حياتِهم، بذكرِ بعضِ مواقفهِم وأعمالِهم التي يُسَرُّونَ بالحديثِ عنها، ويكونُ فيهَا نفعٌ للحاضرين.
أعوذُّ باللهِ من الشَّيطانِ الرَّجيمِ: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون)[النحل:97].
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآياتِ والعظاتِ والذكرِ الحكيمِ أقولُ ما سمعتمْ فاستغفروا اللهَ يغفر لي ولكم إنَّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ على فضلهِ وإحسانهِ، والشُّكرُ لهُ على تَوفيقهِ وامتنانهِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه ومن سارَ على نهجِه إلى يومِ الدين.
أما بعد: فاتقوا اللهّ عبادَ اللهِ: واعلموا أنَّ "مِنْ إجلالِ اللهِ إجلالَ ذي الشَّيبةِ المسلمِ"(رواه أبو داود)، و"ليسَ أحدٌ أفضلَ عندَ اللهِ من مؤمنٍ يُعَمّر في الإسلامِ؛ لتحميدِه وتسبيحِه وتكبيرِه وتهليلِه"(راوه أحمد، وحسنه الألباني في الصحيحة).
فَأَبْشِروا وأمِّلوا يا مَنْ أمدَّ اللهُ في أعمارِكم؛ فأنتمْ أصحابُ المقامِ الكبيرِ في قلوبِنا، قال رسول اللهُ -صلى اللهُ عليه وسلم-: "مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ"(رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترمذي).
وأَبشِروا فأنتمْ نورُ عُيونِنا، وبركةُ حياتِنا، وأحبُّ النَّاسِ إلى قلوبِنا، فقدْ ضَحيَّتُم وقَدّمتُم وربَّيتُم وتَعبتُم منْ أجلِنا، ولئن نسي بعضُ النَّاسِ فضلكُم، فإنَّ اللهَ لم ينسَ ذلكَ، ولَئنْ جَحَدُوا مَعروفَكم، فإنَّ البرَّ عندَ اللهِ لا يبلى، فعملُ الخيرِ مستمرٌ لكُم إلى أَنْ تلقَوا ربَّكم، والآجالُ محددةٌ، والأرزاقُ محسوبةٌ، ولن تموتَ نفسٌ حتَى تستكملَ رزقَها وأجلَها.
وأَبْشروا يا أحبابَنا فإنَّ ما قدَّتموه من الخيرِ يدومُ ويبقَى، وإذا أحسنَ الله خاتمتَكُم ودخلتُم الجنَّةَ برحمةِ ربِّكم، فستجدونَ عندهُ الجزاءَ الأوفَى.
وأَنتُم يا مَعاشرَ الشبابِ، اتّقوا اللهَ -جلَّ وعلا- في كبارِ السن رجالاً ونساءً، فهُم بَركةً عليكُم في حياتِكُم وعلى أولادِكم، فقدَ قالَ -صلى اللهُ عليه وسلم-: "البركةُ مع أكابرِكُم"(رواه ابن حبان، وصححه الألباني في صحيح الجامع).
وتذكَّروا أنَّه سيأتيْ عليكُم يومٌ تكونُونَ فيهِ كبارًا مُسنِّين، ضعيفي البدنِ والحواسِ، فإذَا أحسنتمْ إليهمْ فاعلمُوا أنَّ اللهَ -جلَّ وعلا- سوفَ يُقيِّضُ لكم مَنْ يُحسنُ إليكُم.
أسألُ اللهَ -جلَّ وعلا- أن يرحمَ ضعفَنا وضعفَكم، وأنَ يَجبرَ كسرَنا وكسرَكم، وأن يجعلَنا وإياكُم ووالدينَا ومنْ نحبُّ في الدرجاتِ العُلا من الجنَّةِ.
هذا وصلُّوا وسلموا على الحبيب المصطفى؛ فقد أمركم اللهُ بذلكَ فقال -جلَّ من قائلٍ عليمًا-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب:٥٦].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم