عناصر الخطبة
1/ أهمية عقيدة الولاء والبراء ودلالاتها 2/ مستلزِمات الولاء والبراء وارتباط نقيضه بالشرك 3/ موالاة الرافضة للكافرين وحربهم للمسلمين عبر التاريخ 4/ العقد النفسية المكونة للفكر والسلوك الرافضي الحاقد 5/ شيءٌ من تأريخ النصيرية وعقائدهم وأفكارهماقتباس
كنا نقول في الرافضة ما نقول من مبدأ عقدي صِرف لا دخل له بالمواقف السياسية، وكنا نحذّر منهم من زمان قبل هذه الأحداث بسنين عديدة، وكان البعض يلومون، بل كان البعض يحبونهم، لكن بغير علم؛ لأنهم لا يفقهون العقيدة الإيمانية، وبعضهم كانوا متحمسين لكل...
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هاديَ له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
الولاء والبراء ركنٌ أساسٌ مِن أركان العقيدة، وشرطٌ من شروط الإيمان؛ الولاء والبراء مظهران من مظاهر إخلاص المحبة لله ثم لأنبيائه وللمؤمنين، وهما مفصل من مفاصل التوحيد؛ بل لا يصح التوحيد إلا بهما، فأن توالي في الله حقا وأن تعادي في الله حقا، هو الدلالة القاطعة على صدق توحيدك لربك، وصفاء حبك له دون غيره.
أترتمي في أحضان أعداء الله الذين كفروا به -تعالى- وبنبيه وبكتابه حبا وتعظيما وخوفا ورجاء، ثم تزعم بأن ذلك لا يؤثر على حبك وتوحيدك لربك؟! كيف؟! هذا عين الجهل بالتوحيد.
فالمشركون لما ساووا بين حبهم لآلهتهم وحبهم لله، وعظموا وأحبوا تلك المعبودات وأعطوها من التعظيم والتقدير والانقياد القلبي والسلوكي مثلما هو لله -عز وجل- كانوا بذلك مشركين؛ ولذلك أرسل الله فيهم الرسل لتبين لهم أنه لا يجوز أن يصرف أي نوع من أنواع العبادة إلا لله وحده.
ومن ذلك الحب؛ فالحب إذاً لله وحده لا شريك له، وليس المقصود هنا الحب الغريزي الفطري، وإنما المقصود الحب الإيماني، الحب الشرعي الاختياري، المقترن بالخضوع والتعظيم والتسليم.
فإننا لو تأملنا حقيقة العبادة التي خُلقنا من أجلها وخلق الله -تبارك وتعالى- الجن والإنس لها، لوجدنا أن العبادة درجة من درجات المحبة، فمن عبد شيئا فإنما عبده لأنه أحبه حبا جما عظيما، أحبه في قلبه، اقتضى واستوجب ذلك الحب أن يعبده ويطيعه ويرجوه ويخافه ويصرف إليه جميع أنواع العبادة.
إذاً؛ فالمشركون لما ساووا بين حبهم لآلهتهم وحبهم لله كان هذا منهم شركاً مستقبحاً، فقال الله -تعالى- فيهم: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ) [البقرة:165]، فسمى من ساوى بينهم وبين الله -تعالى- أندادا، والند هو النظير والشبيه.
فأولئك لم يكونوا يشركون بالله -تبارك وتعالى- شيئا في الخلق أو التدبير أو الإحياء أو الإماتة ونحو ذلك، إلا أنهم كانوا -بالرغم من ذلك- مشركين بالله -تعالى- شركا أكبر، وما ذلك إلا لأنهم أشركوا في محبته -جل وعلا-.
ومن هنا نقول -أيها الإخوة- إنه ينبغي أن يكون ولاءُ المسلم وبراؤه قائمين على إيمانٍ عميق، وعلم راشد، وفطرة وذكاء أيضا؛ لا على عاطفة، ولا على مواقف سياسية دنيوية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ) [الممتحنة:1].
هذا هو المبدأ الأساس الذي يبني عليه الموحّد موقفه: (وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ)، لا تتخذوهم أولياء ما داموا قد كفروا بما جاءكم من الحق.
(قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) [الممتحنة:4].
ما زلتم أعداء لنا حتى تؤمنوا بالله وحده، ليست هناك مصالح دنيوية تجعلنا أعداء لكم، أو تجعلكم أعداء لنا، إنما الشرك هو الذي يجعلكم بعيدين عنا.
فالولاء والبراء في الدين ليس كالبراء الدنيوي، الدنيوي يتنقل فيه الإنسان من موقف لآخر بحسب مصلحته وحسب أهوائه، فيحب إنساناً لفترة، فإذا اختلف الموقف كره من كان بالأمس يحبه، فإذا عاد لسابق عهده عاد يحبه من جديد!.
لا؛ الحب الإيماني حب ثابت راسخ يجتمع فيه القلب على حب الله وحب كل ما كان قريبا لله -عز وجل- دون أن يتعلق ذلك الحب بأية مصلحة دنيوية، وكذلك البراء والبغض، إنما هو لله -تعالى- وفي الله، وهذا لا يعني الاعتداء والظلم، وإنما يعني أنه لا مكان للحب في القلب للمشرك، بل البغض.
والأحداث حولنا، لا سيَّما على الساحة الشامية الغراء، تلزمنا بالارتقاء في العلم والوعي، إذ بالعلم والوعي نبني قواعد القيم الدينية الصحيحة، لا بالجهل ولا بالعاطفة.
معاشر الإخوة: كنا نقول في الرافضة ما نقول من مبدأ عقدي صِرف لا دخل له بالمواقف السياسية، وكنا نحذّر منهم من زمان قبل هذه الأحداث بسنين عديدة، وكان البعض يلومون، بل كان البعض يحبونهم، لكن بغير علم؛ لأنهم لا يفقهون العقيدة الإيمانية، وبعضهم كانوا متحمسين لكل مَن واجَهَ اليهود.
كانوا يشيدون بحزب اللات بعد حربه الأخيرة مع اليهود؛ بل دعا بعضهم إلى نصرتهم بالجنود من المسلمين، من الدعاة! مع أن حربه تلك كانت بسبب أسرى من الجانبين من جانب الرافضة ومن جانب اليهود، لم يكن لها علاقة بفلسطين ولا المسجد الأقصى الذي طالما طنطن أمينه العام حول تحريره، والمسجد الأقصى أصلا مسجد سني لا علاقة له به.
وكان الكثيرون يعتقدون أن إكرام هؤلاء ومودتهم تكسب ولاءهم، بل الكثيرون يظنون أنهم يشتركون معنا في نفس المعتقد، وهل من شهد أن لا إله إلا الله بلسانه ثم قام فنحر لا إله إلا الله بشركه وجحوده للسنة يعتبر من أهل لا إله إلا الله؟! يعتبر من أهل كلمة التوحيد؟.
ناهيك عن موقفهم من القرآن بين شك وتكذيب، وموقفهم من أمهات المؤمنين وكبار صحابة رسول الله -صلى الله عليه السلام- من تكفير ولعن وافتراء وسبّ.
وتأمل في كلام ابن تيمية -رحمه الله- فيهم؛ إذ قال في معرض كلامه عن أهل الأهواء في "منهاج السنة"، قال: "فأهل الأهواء يعتقدون رأيا هو خطأ وبدعة، ويقاتلون الناس عليه، بل يكفّرون مَن خالفهم، فيصيرون مخطئين في رأيهم وفي قتال من خالفهم أو تكفيرهم ولعنهم، وهذه حال عامة أهل الأهواء".
قال: "وكذلك قد فعلت الجهمية ذلك غير مرة، والله ينصر عباده المؤمنين عليهم"، قال: "والرافضة شَرٌّ منهم إذا تمكنوا؛ فإنهم يوالون الكفار وينصرونهم، ويعادون من المسلمين كل من لا يوافقهم على رأيهم".
وقال في موطن آخر: "والرافضة إذا تمكنوا لا يتقون"، إلى قوله: "كيف ظهر فيهم من الشر الذي لو دام وقوي أبطلوا به عامة شرائع الإسلام، لكن: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [التوبة:32]".
وكان يقول:"فالرافضة يرون أن كفر أهل السنة أغلظ من كفر اليهود والنصارى؛ لأن أولئك عندهم كفار أصليون، وهؤلاء -أي: أهل السنة عندهم- مرتدون".
ثم قال: "فالرافضة يوالون من يعادي أهل السنة والجماعة، يوالون التتار، ويوالون النصارى، وقد كان بالساحل بين الرافضة وبين الفرنج مهادنة..."، المقصود بالرافضة في الساحل: الرافضة في ساحل الشام، وهم النصيرية، وأصحاب الفرق يعدون النصيرية من غلاة الرافضة.
قال: "حتى صارت الرافضة تحمل إلى قبرص –أي: تهرب إلى النصارى– خيل المسلمين وسلاحهم، وغلمان السلطان وغيرهم من الجند والصبيان، وإذا انتصر المسلمون على التتار أقاموا المأتم والحزن، وإذا انتصر التتار على المسلمين أقاموا الفرح والسرور، وهم الذين أشاروا على التتار بقتل الخليفة".
يقصد بذلك الرافضي محمد بن العلقمي وآخر خلفاء بني العباس الذي قلده الخليفة الضعيف وزارة الدولة، وأبقاه وزيرا أربع عشرة سنة، وألقى إليه زمام الأمور، فأشاع الرفض والكفر، وأهان المسلمين.
ثم التفت إلى اليد التي أحسنت إليه وأكرمته وقربته وعضها عضة قاتلة، فرتب مع هولاكو بمعاونة الرافضي الآخر نصير الدين الطوسي قتل الخليفة واحتلال بغداد، فكتب لهولاكو ملك التتار، وجرّأه، وقوّى عزمه على قصد العراق ودخولها، وكان سببا في بلائهم على المسلمين وإسقاط الدولة العباسية؛ بل ونصح هولاكو بقتل الخليفة الذي قربه إليه وأحسن إليه وعظمه.
قال عنه شيخ الإسلام: "لم يزل يمكر بالخليفة والمسلمين، ويسعى في قطع أرزاق عسكر المسلمين وإضعافهم، وينهى العامة عن قتالهم -أي: عن قتال التتار-، ويكيد أنواعا من الكيد، حتى دخلوا فقتلوا من المسلمين ما يقال إنه بضعة عشر ألف ألف إنسان"، يعني بضعة عشر مليونا!.
والرافضة مع علمائهم ما زالوا يمدحون ابن العلقمي المجرم هذا، ويعظمون شريكه الطوسي إلى يومنا هذا، يقول العالم الشيعي محمد باقر الخوانساري في ترجمة لنصير الدين الطوسي ما نصه: "ومن جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكايةً استيزاره للسلطانِ المحتشمِ هولاكو خان ومجيئه في موكب السلطان المؤيد مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد لإرشاد العباد وإصلاح البلاد، بإبادة ملك بني العباس، وإيقاع القتل العام من أتباع أولئك الطغام -أي: الأوغاد- إلى أن أسال من دمائهم الأقذار كأمثال الأنهار، فانهار بها في ماء دجلة، ومنها إلى نار جهنم دار البوار".
هذا هو الغل والحقد المكنون لأهل السنة، مع النصرة والولاء للتتار الوثنيين، ولذلك قال شيخ الإسلام: "وَقَدْ عَرَفَ الْعَارِفُونَ بِالْإِسْلَامِ: أَنَّ الرَّافِضَةَ تَمِيلُ مَعَ أَعْدَاءِ الدِّينِ، وَلَمَّا كَانُوا مُلُوكَ الْقَاهِرَةِ -يعني العُبيديين الذين كانوا يسمون أنفسهم الفاطميين- كَانَ وَزِيرُهُمْ مَرَّةً يَهُودِيًّا وَمَرَّةً نَصْرَانِيًّا أَرْمِينِيًّا، وَقَوِيَتْ النَّصَارَى بِسَبَبِ ذَلِكَ النَّصْرَانِيِّ الْأَرْمِينِيِّ، وَبَنَوْا كَنَائِسَ كَثِيرَةً بِأَرْضِ مِصْرَ فِي دَوْلَةِ أُولَئِكَ الرَّافِضَةِ الْمُنَافِقِينَ".
قال: "وَفِي أَيَّامِهِمْ أَخَذَتْ النَّصَارَى سَاحِلَ الشَّامِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى فَتَحَهُ نُورُ الدِّينِ وَصَلَاحُ الدِّينِ".
وهذا ما فعلوه قريبا بالعراق لما تآمروا مع الغرب وسهلوا له احتلال العراق، فالخيانة والغدر معتقد لديهم، ولا أدل على ذلك من التقية التي هي إظهار خلاف الباطن، والتي يعدونها -كما هو منصوص في كتبهم- عشرة أضعاف الدين، ولا دين لمن لا تقية له! إما أن تكذب وتنافق وإلا لا دين لك! دينهم خليط من الكذب والشك والحقد والنفاق والشعور بالظلم، عدا الشرك الصريح الذي يظهرونه في شعائرهم وطقوسهم بكل صراحة.
فالرافضي، كما قال أحد الباحثين في عقيدتهم: "الرافضي تحركه عُقَدُه، معقّد! وأول عقدة لديه هي عقدة النقص، كونهم أقلية رافضية قليلة في بحر متلاطم من أهل السنة والجماعة".
عقدة النقص هذه نشأت عنها عقدة الاضطهاد، وهذه نشأت عنها عقدة ما يسمونها المظلومية، والتي أسست عندهم عقدة الشك، يقول: "فهذه العقد النفسية إذا تأسست وترسخت وأصبحت عقيدة متوارثة تشكل تركيبة مجتمع بأكمله أطفالا ورجالا ونساء؛ فإنه لا يمكن لأفراد مجتمع هذه تركيبته أن يبرز في صدورهم الغيظ والغل والحقد على مخالفيهم مهما أحسن مخالفوهم إليهم، وبالتالي يكون هذا المجتمع في إحدى حالتين، وهو ما سطره التاريخ بكل وضوح إلى يومنا هذا:
الحالة الأولى: عندما تكون السيطرة لأهل السنة والجماعة ترى هذا المجتمع يعيش بالمسكنة والتملق من خلال التقية، بحيث يخدع الآخرين.
والحالة الثانية: عندما تؤول السيطرة إليه ترى عكس الحالة الأولى تماما، تزول التقية ويظهر على حقيقته، حتى إن أولئك المنخدعين به من أهل السنة يعجبون من مسكنته بالأمس كيف تحولت اليوم إلى شرارة ضارية! ويعجبون من تنكره لكل العلاقات الطيبة السابقة! ويعجبون من جحوده إحسان مخالفيه له، وفي نفس الوقت إعماله الظلم على مخالفيه بكل قسوة.
لماذا كل هذا؟!.
الجواب: هذا من صميم معتقد ذلك المجتمع، هذا هو الجواب، هو ليس موقفا سياسيا ولا انتقاما لمجريات سابقة، لا، هو -بكل بساطة- معتقد، هذا الحقد دين يتقرب به ذلك المجتمع إلى ربه، نسأل الله العفو والعافية!.
أسأل الله -تعالى- أن يكفينا شرورهم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد: فإن النصيرية حركة باطنية ظهرت في القرن الثالث للهجرة، أصحابها يُعَدُّون من غلاة الشيعة الذين زعموا وجودا إلهيا في علي -رضي الله عنه-، وألهوه به.
وتاريخ النصيرية يشهد بأنهم مع كل غازٍ بأرض المسلمين، ولقد مكن لهم الاستعمار الفرنسي وأعاد لهم اسم العلويين الذي يحبونه تمويها وتغطية لحقيقتهم الباطنية.
وهم -كغيرهم من الباطنيين- يكتمون من دينهم أكثر مما يُعلِنون، لا سيما في بيئة مليئة بأهل السنة، فهم يعتقدون أن الله يحل في الأشخاص، وأن حلولاً له كان في علي بن أبي طالب.
بل ذهبوا إلى ما يشبه عقيدة التثليث عند النصارى، ففي عقيدتهم ثالوث يتكون من علي ومحمد وسلمان الفارسي، ويزعمون أن العلاقة بين أطراف هذا الثالوث علاقة إيجاب، فعليٌّ خلق محمدا، ومحمد خلق سلمان، وسلمان خلق الأيتام الخمسة، ويقصدون بهم: المقداد بن الأسود، وأبا ذر الغفاري، وعثمان بن مظعون، وعبد الله بن رواحة، وقنبر بن كادان, مولى علي.
وجعلوا لهؤلاء مسؤولياتٍ معينةً في تصريف الكون، فالمقداد موكل إليه الرعد والصواعق والزلازل، وأبو ذر موكل بالرياح وقبض أرواح البشر، وقنبر موكل بنفخ الأرواح في الأجسام.
وهم يقولون باستحلال الخمر، واستنساخ الأرواح، وقدم العالم، وإنكار البعث والنشور، وبأن الصلوات الخمس عبارة عن خمسة أسماء، هي: علي وحسن وحسين ومحسن وفاطمة، فذكر هذه الأسماء الخمسة -على رأيهم- يجزيهم عن الوضوء والغسل من الجنابة وبقية شروط الصلاة الخمسة وواجباتها.
والصيام عندهم اسم ثلاثين رجلاً واسم ثلاثين امرأة، ويقولون بأن إلههم الذي خلق السماوات والأرض هو علي بن أبي طالب! فهو عندهم الإله في السماء والإمام في الأرض، وعندهم أشياء أخرى عجيبة غريبة يطول المقام بذكرها.
وللموضوع تتمة إن شاء الله تعالى.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم