أحمد وثغر الإسلام

عبد العزيز بن عبد الله السويدان

2022-10-06 - 1444/03/10
عناصر الخطبة
1/ضريبة الفتوحات الإسلامية 2/من مفاسد الفلسفة 3/المبتدعة وخطرهم على السنة وشواهد ذلك 4/تبنى المأمون لرأي المعتزلة بالقول بخلق القرآن 5/مشورة ابن أبي دؤاد على الخليفة بأن يمتحن الناس في خلق القرآن 6/ثبات الإمام أحمد في فتنة القول بخلق القرآن وصبره 7/الجواب عمن يهون تصدي الإمام أحمد لهذه الفتنة 8/صفات العلماء المصطفين

اقتباس

أيها الإخوة: لقد كان هؤلاء المبتدعة أصحاب شعر وبيان، وبلاغة وفصاحة، وكانوا كذلك أصحاب براعة وقدرة فائقة في التأثير في الناس، فوصلوا إلى مواقع مؤثرة في الدولة العباسية، وأثروا في بعض الخلفاء العباسيين، ممن كانت لديهم قابلية لطرحهم، إلى درجة كبيرة، فالمأمون والمعتصم والواثق. ومن أكبر هؤلاء المبتدعة أحمد بن....

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].

 

أما بعد:

 

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

عند الكلام عن محنة خلق القرآن يطرأ على البال ظروف ذلك الزمان العباسي، أواخر القرن الثاني والثالث الهجري، ومنها: استمرار فتوحات المسلمين في الشرق والغرب.

 

والفتوحات الإسلامية وإن جزمنا بأن فيها مصالح عظيمة، لكن ينبغي في الوجه المقابل أن لا نغفل ضريبة تلك الفتوحات، ولو كان فيها انتشار للإسلام، هذه الضريبة إحدى معالمها دخول أفكار وعقائد، وفلسفات إغريقية وشرقية، فتنت بعض ضعاف النفوس، ولعبت بطائفة من المسلمين بعد أن جعلتهم يهملون قلوبهم، ويضخمون عقولهم، ويقحموها في غير مجالها، وفي ما لا طاقة لها به، حتى خاضوا فيما لا يجوز الخوض فيه، كالخوض في ذات الله بلا دليل، والخوض في القدر والخوض في المتشابهات.

 

وكان في صدور هؤلاء كبر يستعلون به على العلماء، كما هو طبع أصحاب الأهواء، ولقد شغلتهم تلك الفلسفات الوافدة بالجدل والنقاش العقيم، وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو أمامة في السنن: "ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أتوا الجدل".

 

وكان مجموعة من هؤلاء المتحذلقين يأتون مجلس الحسن البصري، فأخذوا يناقشونه في حال الفاسق، وأنه ليس مؤمنا ولا كافرا، وكان على رأس هؤلاء واصل بن عطاء، فلما طال النقاش اعتزل واصل مجلس الحسن هو ومن معه، وبهذا الموقف سموا معتزلة.

 

والتحق بهم عمرو بن عبيد وغيره من أصحاب هذه اللوثات، كـ "بشر المريسي" وثمامة بن أشرف، وكانوا يجعلون عقولهم حاكمة على نصوص الشريعة مقدمة عليها، هذا منهج كانوا ينتهجونه بسبب الكبر الذي في صدورهم وتأثرهم بكتب الفلاسفة، التي هي تربي على الجدل في كل مسألة.

 

وبهذا المنهج الذي لا يكاد يعترف بحدود النقاش يستفحل الانحراف، ويتسع ويتطور؛ لأن الفلسفة تظل تفتح أبوابا من الجدل العقيم لا نهاية لها، فإذا خاضت في الدين وعقائده، ضاع الدين، ولابد.

 

ولذلك كان الامام الشافعي يقول: "لأن يلقى الله العبد بكل ذنب، ماعدا الشرك أحب إلي من أن يلقاه بعلم الكلام".

 

لقد أوصلت الفلسفة المريسي؛ لأن يقول: "إن السجود للشمس والقمر ليس بكفر وإنما هو علامة للكفر فقط".

 

وابن أشرف كان ينتقد الأنبياء، نعم، حتى الأنبياء يقول بكل وقاحة: "ثلاثة من الأنبياء مشبهه، أي إن هؤلاء الأنبياء يفترون على الله بتشبيهه بخلقه يقول موسى حيث قال: (إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ)[الأعراف: 155].

 

وعيسى حيث قال: (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ)[المائدة: 116].

 

 ومحمد حيث قال: "ينزل ربنا".

 

أيها الإخوة: لقد كان هؤلاء المبتدعة أصحاب شعر وبيان، وبلاغة وفصاحة، وكانوا كذلك أصحاب براعة وقدرة فائقة في التأثير في الناس، فوصلوا إلى مواقع مؤثرة في الدولة العباسية، وأثروا في بعض الخلفاء العباسيين، ممن كانت لديهم قابلية لطرحهم، إلى درجة كبيرة، فالمأمون والمعتصم والواثق.

 

ومن أكبر هؤلاء المبتدعة أحمد بن أبي دؤاد، وكان قد تعرف عليه الخليفة المأمون من خلال القاضي يحيى بن أكثم، ثم أصبح من المقربين، بل من أقرب المقربين، بل أصبح ذا حظ كبير عنده لدرجة، أنه كتب في وصيته عند موته مخاطبا أخاه المعتصم في وصيته: "وأبو عبد الله أحمد بن أبي دؤاد لا يفارقك في المشورة، في كل أمرك، فإنه موضع ذلك".

 

فولاه المعتصم القضاء، وكذلك ابنه الخليفة الواثق من بعد تبعا لأبيه، وقد أعجب به المعتصم إعجابا شديدا ومال إلى معتقده بالرغم من معارضة، أكثر العلماء لذلك المعتقد.

 

يقول بن إسماعيل: ما رأيت أحدا قط أطوع لأحد من المعتصم لأبن أبي دؤاد، يقول: وكان يسأل الشيء اليسير فيمتنع منه، ثم يدخل بن أبي دؤاد فيكلمه في أهله وفي الحرمين، وفي أقاصي أهل المشرق والمغرب، يعني يشفع، ويشير إليه، فيجيبه إلى كل ما يريد.

 

وكان المأمون قد تبنى رأي المعتزلة بالقول بخلق القرآن، ومقتضاه أن الله -تعالى- لا يتكلم؛ لأنه بزعمهم منزه عن الكلام، فهم ينفون صفة الكلام عن الله -تعالى-.

 

وفي هذا إنكار لصريح القرآن في أكثر من آية: (وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) [النساء: 164].

 

(وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا) [الشورى: 51]

 

(تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ) [البقرة: 253].

 

(وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) [الأعراف: 143].

 

وغيرها من الآيات.

 

يقول الإمام اللالكائي -رحمه الله-: "فطبقات تلو طبقات من الصحابة والتابعين، ثم أتباعهم ممن يصرحون أن القرآن كلام الله غير مخلوق، فمن قال: إن القرآن مخلوق فليس من أهل السنة والجماعة؛ لأنه قد خالفهم في أصل عظيم ومفترق طريق بين الحق والباطل".

 

الحاصل: أن بن أبي دؤاد أشار إلى الخليفة بأن يمتحن الناس، أي العلماء والوجهاء بالقول بخلق القرآن، وأن يحملهم على هذا ذلك الاعتقاد، ويقصرهم عليه قصرا، فطلب المعتصم من ولاته في الأنصار عزل القضاة الذين لا يقولون بذلك الرأي، ففزع العلماء، وأبطن أكثرهم عقيدته الصحيحة، وأظهروا قبولهم برأي المعتزلة، خوفا من بطش المأمون وولاته، وأخذا برخصة الله في قوله تعالى: (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ) [النحل: 106].

 

وقوله أيضا: (إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً)[آل عمران: 28].

 

ولكن الإمام العالم الزاهد أحمد بن حنبل الشيباني لم يتبع أسلوب التعريض، بل كان صريحا بإظهار عقيدته، والانكار على ابن أبي دؤاد سوء فعلته، وفساد ذلك القول، فكانت المحنة المشهورة التي امتحن فيها هذا الإمام، ومن صبر معه من العلماء.

 

وليس المقام مقام ذكر محاسن الإمام وفضائله، ومكانته العلمية، فهذا مقام يطول، ولكن المقام مقام تذكير بحرص هذا الإمام على دين الله وغيرته على حدوده، وصدعه بالحق، وإرضاءه الله وحمايته المسلمين من الزيغ والضلال على أيدي المبتدعة.

 

لقد حمى الله الدين بصبر الإمام أحمد ووقوفه في وجوه المعتزلة، لقد سجن وعذب وضرب بالسياط في عهد المعتصم بعد وفاة المأمون وبقي في السجن لمدة العامين ونصف العام، ثم أعيد إلى منزله، وبقي فيه طيلة خلافة المعتصم، ثم ابنه الواثق، ولما تولى المتوكل الخلافة سنة 232 هـ انتصر لأهل السنة، وأكرم الإمام أحمد، وأنهى عهد سيطرة المعتزلة على الحكم، ومحاولة فرض عقائدهم بالقوة لفترة 14 عام.

 

أيها الأخوة المسلمون: قد يقول قائل: إن القضية التي تصدى لها الإمام أحمد ليس لها ذلك الخطر الذي نصب نفسه لمجابهته، وما يضر الإمام أحمد لو سكت عن مسألة، لا أثر لها على واقع حياة الناس، الإيمان بأن القرآن مخلوق، أو غير مخلوق، مسألة ذهنية قلبية، فالناس ما زالوا يصلون ويصومون، ويؤدون بقية الشعائر.

 

والجواب له عدة جوانب: الإسلام أولا: لا مساومة فيه، ولا تنازل فيه عن معتقد، ولا حكم شرعي صغر أو كبر: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القلم: 9].

 

(لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً) حتى الشيء القليل ممنوع: (لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا)[الإسراء: 74].

 

وهل جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بادئ الأمر إلا بأمر قلبي اعتقادي بشهادة أن "لا إله إلا الله".

 

وثانيا: أن أي تنازل لن يقف عند حد، بل سيظل يجر سلسلة طويلة من التنازلات، حتى يضيع الدين كله، هكذا هي الفلسفة لا تقف عند حد، فإذا أصبحت مبدأ عند الناس فسيلعبون بألفاظ القرآن كما يشاءون.

 

ثالثا: إن تكذيب صريح القرآن ولو بدعوى التنزيه ليس تنزيها، بل هو إهانة للقرآن وتقليل من شأن الله -جل وعلا-، وإذا قبل بإنكار صفة الكلام اليوم -أي الإمام أحمد- فستتبعها صفات أخرى غدا، والله المستعان.

 

رابعا: إن إيثار السلامة واتخاذ التقية سبيل للخلاص من المحنة بأن يداري الإمام الخليفة، ويسمع حاشيته وبطانته قول ظاهرة القبول وباطنه غير ذلك، هذه التقية لن يدركها الناس، بل سيحملون كلامه على ظاهره فيفتنون.

 

والأمام أحمد ليس كغيره من العلماء، فلابد من التضحية في سبيل دين الله، ولذلك لما دخل عليه بعض الناس على الإمام أحمد، وهو محبوس بالرقة، قبل أن يساق إلى بغداد، جعلوا يذكرونه بما ورد في التقية من الأحاديث، فقال لهم: كيف تصنعون بحديث خباب؟: "إن من كان قبلكم كان ينشر بالمناشير، ثم لا يصده ذلك عن دينه" ماذا تصنعون بهذا الحديث؟

 

ولما أرادوا أن يقدموه للضرب قال له المروزي: يا أستاذ، قال الله -تعالى-: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ)[النساء: 29] فقال: يا مروزي اخرج وانظر أي شيء ترى؟ يقول المروزي: فخرجت إلى رحبة دار الخليفة، فرأيت خلقا من الناس لا يحصى عددهم إلا الله -عز وجل-، رأيتهم، والصحف بأيديهم، والأقلام والمحابر في أذرعتهم، فقلت لهم: أي شيء تعملون؟ فقالوا: ننظر ما يقول أحمد فنكتبه، فقلت لهم: مكانكم فدخلت على أحمد، فقلت له: رأيت قوما بأيديهم الصحف والأقلام ينتظرون ما تقول فيكتبونه، فقال الإمام أحمد يا مروزي: أضل هؤلاء كلهم، أقتل نفسي ولا أضل هؤلاء، قلت: هذا رجل هانت عليه نفسه في الله -عز وجل- فبذلها.

 

وهنا يتضح معنى شهادة علي بن المديني الذي قال فيها: "إن الله –عز وجل- أعز هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث: أبوبكر الصديق يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة، وبذلك أصبح إمام أهل السنة".

 

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.

 

أما بعد:

 

فهناك صفات للعلماء الذين يكرمهم الله -تعالى- بحماية الدين، وصد شبهات المبطلين، وإنقاذ الناس من الضياع والضلال والقيام على ثغور الإسلام.

 

ومن هذه الصفات: التحلي بالعلم الصحيح النابع من توجيهات القرآن الكريم، وما صح من سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- من غير بدعة، ولا منهج غريب.

 

ومن الصفات كذلك: الإخلاص في طلب هذا العلم، وفي تبليغه، وعدم الحرص على فضول الدنيا، وحطامها الزائل، بالتقرب إلى كبار الناس، وإرضائهم بسخط الله، وقد سن هذا الصنف من العلماء نهجا واضحا في التقلل، والصبر، والبعد عن إذلال النفس، واهانتها في سبيل تحصيل فضول العيش، وضربوا أروع الأمثلة في ذلك.

 

بل إنهم كانوا لا يستنكفون عن القيام بأي عمل يدوي، مهما كان ليعشوا أعزة أحرارا، أغنياء عن الحاجة لأحد، يقولون كلمة الحق في وجه كل من يحيد عنها، ولا يخافون لومة لائم، ولا قطع جراية، أو مرتب، فكان منهم الفراء والعطار والزجاج والإسكافي، وما ضرهم ذلك، ولا نقص من قدرهم، بل العكس.

 

ومن الصفات أيضا: الالتصاق بالجماهير، فالعلماء الذين أحدثوا أثراً مدويا، هم الذين لم ينعزلوا في بيوتهم، أو في حلقات ضيقة حصروا أنفسهم فيها، ولم يعلموا ما يموج به المجتمع من مشاكل، وإنما تناولوا قضايا الناس الملحة، ونظروا فيها وفيما له أثره، وانعكاساته على حاضر الناس، ومستقبلهم، دينا وخلقا.

 

وهؤلاء العلماء فضلا عما يحتسبونه عند الله من أجر، فإن لهم في قلوب الناس مكانة عالية، ومقاما محمودا، ولهم في دعائهم نصيبا كبيرا، فأي مغنم بعد هذا المغنم؟

 

أما الأعداء الذين يتربصون بالدعاة والعلماء، أولئك الأشرار من أصحاب البدع والزيغ والضلال، أولئك الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فهم يعيشون ويموتون في سخط الله، ونهايتهم في مزبلة التاريخ، إذا ظلوا على ما هم عليه.

 

فبينما حضرت الألوف المؤلفة جنازة الإمام أحمد كان هلاك ابن أبي دؤاد صامتا لم يصل عليه إلا ابنه العباس، ودفن في داره ببغداد، وقد ابتلاه الله بالفالج قبل موته بأربع سنين، حتى بقي طريحا في فراشه، لا يستطيع أن يحرك شيئا من جسده، وحرم لذة الطعام والشراب والنكاح، وغير ذلك.

 

وقد دخل عليه بعضهم، فقال له: "ولعله كان مظلوما، والله ما جئتك عائدا، وإنما جئتك لأعزيك في نفسك، وأحمد الله الذي سجنك في جسدك الذي هو أشد عقوبة من كل سجن".

 

ثم خرج من عنده داعيا عليه بأن يزيده الله، وأن لا ينقصه مما هو فيه، فازداد مرضا إلى مرضه، حتى هلك، فشتان بين الطالحين والمفسدين.

 

أضحى ابن حنبل حجَّةً مبرورةً *** وبِحُبِّ أحمدَ يُعـرَفُ المـتنسِّكُ

وإذا رأيت لأحمـد متنقِّصـاً *** فاعلم بـأنَّ سُتـورَهُ ستُهَتَّـكُ

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين...

 

 

 

المرفقات

وثغر الإسلام

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات