عناصر الخطبة
1/ ثبوت العين وأثرها 2/ نوعا العين: الجنية والإنسية 3/ أحوال الناس إزاء العين 4/ نصيحة للعائن 5/ وسائل للوقاية والعلاج من العين 6/ المعاصي سبب المصائب والعين 7/ الآثار الإيجابية للمصائب 8/ التوكل على الله وعدم القلق من العيناقتباس
وحديث اليوم امتدادٌ للحديث السابق عن الآفات والعلل التي تُصيبُ بعضَ بني الإنسان، وكيف يحفظ الله منها، حديث اليوم عن آفةٍ تستنْزِلُ الفارسَ عن فرسه و"تورد الرجلَ القبرَ، وتُدْخِلُ الجملَ القِدْرَ"، إنها (العين) و "العينُ حَقٌّ، ولو كان شيءٌ سابقَ القدَر لسبقتْه العين، وإذا اسْتُغسلْتُم فاغتسلوا" كذا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنْفُسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، اللهمّ صل وسلم عليه، وعلى إخوانه من الأنبياء، وعلى آل بيته الطاهرين، وأزواجه أُمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
فأما بعد: فأوصي نفسي وإياكم -معاشر المسلمين- بتقوى الله؛ امتثالاً لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71].
أيها المسلمون: وحديث اليوم امتدادٌ للحديث السابق عن الآفات والعلل التي تُصيبُ بعضَ بني الإنسان، وكيف يحفظ الله منها، حديث اليوم عن آفةٍ تستنْزِلُ الفارسَ عن فرسه و"تورد الرجلَ القبرَ وتُدْخِلُ الجملَ القِدْرَ"، إنها (العين) و "العينُ حَقٌّ، ولو كان شيءٌ سابقَ القدَر لسبقتْه العين، وإذا اسْتُغسلْتُم فاغتسلوا" كذا قال المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.
جاءت لإشارة إلى العين في القرآن الكريم على لسان يعقوب -عليه السلام- حين خاف على أبنائه فقال: (وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) [يوسف:67].
وهكذا يفعل المؤمنون الأسباب، ويبقى التوكّلُ على الله ملاذاً آمِناً، ومُعْتَقداً صادقاًن يأخذون بالحيطة والحذر، ويؤمنون بالقضاء والقدر، ويثقون بقدرة الواحد الأحد (وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ).
وجاء في القرآن أيضاً إخبارٌ من الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم- عن حسد الكافرين له، ومحاولة إنفاذه بأبصارهم: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) [القلم:51].
قال ابن عبّاس ومجاهد وغيرهما: (لَيُزْلِقُونكَ) أي يُعينونك بأبصارهم، بمعنى يحسدون. قال ابن كثير: وفي هذه الآية دليلٌ على أن العين إصابَتها وتأثيرَها حقٌّ بأمر الله -عز وجل- كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة.
إخوةَ الإيمان: وينبغي أن يُعْلَم أن العين إنسيّةٌ وجنيّةٌ، بمعنى أنها تُصيبُ من الجنّ كما تُصيبُ من الإنس، فعن أمّ سَلَمة -رضي الله عنها-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لجارية في بيتها، رأى في وجهها سفْعةً: "بها نظرةٌ استرقوا لها".
والسفعةُ علامةٌ من الشيطان، وقيل ضربةٌ واحدةٌ منه؛ والمعنى: بها عينٌ، أصابتها نظرةٌ من الجن أنْفَذ من أسنّة الرّماح.
ولهذا كان -صلى الله عليه وسلم- يتعوذ من (الجان)، ومن (عين الإنسان) حتى إذا نزلت المعوذتان أخذ بهما، وترك ما سوى ذلك.
عباد الله: ومع ثبوت العين وأثرها بإذن الله، حتى قال -عليه الصلاة والسلام-: "أكثرُ مَن يموت من أُمّتي بعد قضاء الله وقدَره بالعين"، فلا ينبغي الإفراط ولا التفريط بشأنها، وكما لا يسوغ إنكارها، فلا ينبغي الإسراف بشأنها ونسبةُ كلِّ شيءٍ إليها.
وفوق ما مضى من الأدلّة يرُدُّ ابن القيم، رحمه الله، على المنكرين لأثر العين بقوله: فأبطلت طائفةٌ ممن قلّ نصيبهم من السّمع والعقل أمر العين، وقالوا: إنّما ذلك أوهامٌ لا حقيقة لها. وهؤلاء من أجهل الناس بالسمع والعقل، ومن أغلظهم حجاباً، وأكثفهم طباعاً، وأبعدهم معرفةً عن الأرواح والنفوس وصفاتها وأفعالها وتأثيراتها، وعقلاءُ الأمم على اختلاف مللهم ونِحَلهم، لا تدفع أمر العين ولا تُنكِره، وإن اختلفوا في سببه، وجهة تأثير العين. اهـ.
أما المسرفون بشأن العين فتطاردهم الأوهام، ويحاصرهم القلق، ويضعُف عندهم اليقين، ويختلّ ميزان التوكل؛ أولئك يعظمون البسيط، وينسبون كلّ إخفاق أو فشلٍ إلى العين، وإن لم يكنْ بهم عين.
وربّما استدرجهم الشيطان فأمرضهم وما بهم مرض، وأقعدهم عن العمل وما بهم علّة، ذلكم لأن نسبة العجز والكسل إلى الآخرين أسهل من الاعتراف به وتحمّل لوم الآخرين.
وبين هؤلاء الجفاة والغلاة تقف طائفةٌ من الناس موقفاً وسطاً، تؤمن بالعين وتصدّق بآثارها نقلاً وعقلاً، ولا تُغالي فتنسب كلّ شيءٍ إليها، تتقي العين قبل وقوعها، وتفعل الأسبابَ المأذونَ بها شرعاً بعد وقوعها.
أيها المسلمون: وإذا كان هذا كله يقال (للمَعين) فيقال للعائن: اتق الله، ولا تضرّ أحداً من إخوانك المسلمين، وإيّاك والحسدَ! فإنه مَنْفَذٌ للعين، فكلُّ عائنٍ حاسدٌ، وليس كلُّ حاسدٍ عائناً، ولما كان الحاسدُ أعمَّ من العائنِ كما في قوله تعالى: (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) [الفلق:5].
والعائن ربما فاتته نفسه أحياناً، فوقعت منه العين، وإن لم يُردها، وقد يكون العائنُ صالحاً، وربّما أصاب أقربَ الناس إليه، وإن لم يقصد، من والدٍ أو ولد؛ ولذا يوصَى المسلمُ عموماً، والعائنُ خصوصاً، بذكر الله، والتبريك حينما يعجبه شيء، وتلك وصيّةٌ من وصايا الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا بها حين يقول: "إذا رأى أحدُكم من نفسه أو مالهِ أو من أخيه ما يُعْجبُه فلْيَدعُ له بالْبَرَكة؛ فإنّ العين حق".
إن النفوس المؤمنة لا يفارقها الذكرُ، ولا ترضى للآخرين بالضُّرِّ، ويصاحبها الدعاء والتبريك والشكر (وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) [الكهف:39].
على أن المسلمَ نفسه ينبغي أن يحتاط لنفسه، ويدفعَ غوائل الشرِّ عنه ما استطاع، وإذا كانت العينُ سهماً تخرجُ من نفس الحاسدِ أو العائن نحو المحسود والمعين فهي تصيب تارةً وتُخطئُ تارة، فإن صادفته مكشوفاً لا وقاية عليه أثرت فيه ولا بد، وإن صادفته حَذِراً شاكي السلاح لا مَنْفَذَ فيه للسهام لم تؤثر فيه كذا قال العارفون.
فإن قلْتَ: وكيفَ أتّقي العين؟ وما أعظم سلاحٍ ألوذُ به؟ أجبتُ بأنّ الأذكار والأوراد الشرعية أعظم ما يحفظ الله بها الإنسان، فاسم الله الأعظم لا يضرّ معه شيء، و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ما تعوّذ متعوِّذٌ بمثلهما، وقراءة آية الكرسي والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة يحفظ الله بهما عباده المؤمنين، وقد سبق لك البيان؛ إلى غير ذلك من أوراد الصباح والمساء التي بسطها العلماء في كتب الأذكار.
قال ابن القيّم: ومما يُدفع به إصابة العين قولُ: ما شاء الله لا قوّة إلا بالله، روى هشام بن عُروة عن أبيه أنه كان إذا رأى شيئاً يُعجبُه أو دخل حائطاً من حيطانه قال: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله.
ومنها رُقية جبريل عليه السلام للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- التي رواها مسلم في صحيحه: "بسم الله أرقيكَ، من كلِّ شيءٍ يؤذيكَ، من شرّ كل نفسٍ أو عين حاسدٍ اللهُ يشفيك، باسم الله أرقيك".
ولقد رخّص النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرقية، وقال لأسماء بنت عُمَيس -رضي الله عنها-: "مالي أرى أجسام بني أخي ضارعةً؟ -أي: نحيفة- يُصيبهمُ الحاجة؟"، قالت: لا، ولكنّ العين تسرع إليهم، فقال: "أرقيهم"، فعرضت عليه فقال: "أرقيهم".
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) [سورة الفلق].
نفعني الله وإياكم بهدي الكتاب، وسنة المصطفى عليه السلام، وأقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ العالمين، أحمده تعالى وأشكره، وأُثني عليه الخير كلَّه، وهو أهل الثناء والحمد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبدُه ورسوله، اللهم صلّ وسلّم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.
أيها المسلمون: ومِن وسائل اتّقاء العين -أيضاً- التبريك، وهو قولك: (اللهمَّ باركْ عليه) للشيء تراه أو يُذكَر لك فيُعْجبُكَ، إذْ قد تقع منك العين وإن لم تُرِدْها، فعن أبي أُمامةَ بنِ سهل بن جنيف قال: اغتسلَ أبي، سهلُ بنُ حنيف، بالخرّار، فنزع جبّةً كانت عليه، وعامرُ بنُ ربيعةَ ينظر إليه، وكان سهل شديدَ البياض، حسنَ الجلد، فقال عامر: ما رأيتُ كاليوم، ولا جلدَ مخبأة عذراء! فوعك سهلٌ مكانه واشتدّ وَعْكه.
فأُخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوعْكهِ فقيل له: ما يرفعُ رأسه، فقال: "هل تتهمون له أحداً؟"، قالوا: عامر بن ربيعة، فدعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتغيَّطَ عليه فقال: "علامَ يقتلُ أحدُكم أخاه؟ ألا برّكْتَ؛ اغتسلْ لهُ"، فغسل عامرٌ وجههُ ويديهِ، ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه، وداخِلَةَ إزارِه في قَدَحٍ، ثمّ صُبَّ عليهِ من ورائه، فبرَأَ سهلٌ من ساعتِه.
عبادَ الله: وإذا كان التبريك سبباً واقياً الله عن وقوع العين، فإنّ اغتسال العائن ووضوءه بماءٍ يصبُ على المعين شفاءٌ له بإذن الله، كما سمعتم بقصة سهل بن حنيفٍ وعامرٍ بن ربيعة -رضي الله عنه-، وهو مفسّرٌ لقوله -صلى الله عليه وسلم-، "وإذا اسْتُغْسِلْتُم فاغْتَسِلُوا".
ولذا؛ فينبغي للمسلم ألا يمتنع عن الاغتسال إذا اتّهمه أهل المعين، أو أحسّ هو من نفسه أنه عانَ أحداً من المسلمين.
أيها المسلمون: وثمّةَ وقايةٌ من العين، بإذن الله، يغفل عنها كثيرٌ من الناس، ألا وهي: سترُ محاسن من يُخاف عليه العين بما يردها عنه، فقد ذكر البغويّ في شرح السنّة أن عثمان -رضي الله عنه-، رأى صبيًّا مليحاً، فقال: "دسموا نونَتَه كيلا تُصيبَه العين".
ثم شرحه بقوله: ومعنى دسّموا: أي سوّدوا، والنونة: الثّقبةُ أو النّقرة التي تكون في ذقن الصبي الصغير.
إخوةَ الإيمان: ويبقى بعد ذلك أمران مهمّان: يحسنُ التنبيه إليهما حين الحديث عن العين:
الأول منهما: ألاّ تُكْثر من التطّير والتشاؤم، وتُحسن الظنّ بالله، وتُقوي جانبَ التّوكُّل عليه، وأن يُلازمنا الفألُ الحسّن فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يُعْجبه الفأْل، ونهى عن الطيَرة فقال: "الطيرَةُ شرك، الطّيرةُ شرك، الطيرةُ شرك، وما مِنَّا إلا، ولكن يُذهبُه الله بالتوكّل".
وفي قوله: "وما منَّا إلاّ ولكن": أي: وما مّنا إلا ويعتريه التطيّر، ويسبق إلى قلبه الكراهة له؛ ولكنّ اللهَ يُذهبه بالتوكل، ولا يؤاخذه الله بما عرض له، ولم يعبأ له، وسلّم أمره لله.
ثانياً: ألاّ ننسى حظوظ النفس وآثار المعاصي في وقوع المصائب والكوارث لبني الإنسان، فكثيرٌ من الناس إذا وقع لهم مرضٌ أو اعترته مصيبةٌ عزاه للعين مباشرةً دون أن يتهم نفسه، أو يفتشَ في أحواله وعلاقته بربه.
صحيحٌ أن العين حقٌ -وقد سبق البيان- ولا يُماري في ذلك مسلمٌ يؤمن بنصوص الكتاب والسنة، ولا عاقلٌ يرى أثر العين رأيَ العين؛ ولكن الذي ينبغي ألا يُنسى أن للذنوب أثراً في وقوع المصائب، كيف لا؟ والحق تبارك وتعالى يقول: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى:30].
قال الحسن: لمَّا نزلتْ هذه الآية قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما منِ اخْتلاجِ عِرقٍ، ولا خَدْشِ عودٍ، ولا نكبة حجَرٍ إلا بذنب، ومَا يعفو اللهُ عنه أكثرُ".
وقال عكرمة: ما من منكبةٍ أصابت عبداً فما فوقها إلا بذنبٍ لمْ يكُن اللهُ ليغْفره له إلا بها، أو لينالَ درجةً لم يكنْ لِيُوصلَه إليها إلا بها.
ويقول تعالى: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِه) [النساء:123]. روى الإمام مسلم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: لمَا نزلت هذه الآية بلغت من المسلمين مَبْلَغاً شديداً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قاربوا وسدّدوا، ففي كلّ ما يُصابُ بهِ المسلمُ كَفَّارةٌ، حتى النّكبَةُ يُنكَبُها، أو الشَّوكة يُشاكها".
قال ابنُ عبد البر، رحمه الله: الذنوب تكَفِّرها المصائب والآلام، والأمراض والأسقام، وهذا أمرٌ مجتَمَعٌ عليه.
أيها المسلمون: ولا يقف الأمر في المصائب التي يبتلي الله بها عباده عند حدود تكفير السيئات، بل فيها زيادة حسناتٍ ورفعة درجات، فعن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما ضرب على مؤمن عِرقٌ قطُّ إلا حطّ الله به عن خطيئته، وكتب له حسنةً، ورفع له درجة".
ألا فاحتسبوا ما يُقدّر الله عليكم من المصائب والأسقام، واستغفروا ربكم واشكروه، ولا تُحيلوا كلّ شيءٍ للعين وإن كانت العين حقاً.
عصمني الله وإياكم من الذنوب والآثام، وعافانا والمسلمين من كيد الفجار، وحسد الحساد.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم