خطبة عيد الفطر 1438هـ

الشيخ د علي بن عبدالعزيز بن علي الشبل

2024-04-04 - 1445/09/25
التصنيفات: الفطر
عناصر الخطبة
1/خصوصية الأمة 2/يوم الجوائز 3/حكم صلاة العيد 4/الفرح بالعيد 4/زكاة الفطر 5/العيد فرصة للتسامح والتواصل 6/التهنئة المشروعة في العيد.

اقتباس

يوم العيد فرصةٌ لتصفية النفوس وإزالةِ ما فيها من السخائم والشحناءِ والبغضاء، فرصةٌ عظيمةٌ لصلة الأرحام، فبادروا بها يا رعاكم الله، وتفقّدوا جيرانك وأهليكم، واغتنموا ذلك عملاً عند الله -جَلَّ وَعَلَا- ترضونه.

الخطبةُ الأولَى:

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.

 

الحمد لله رب العالمين، (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ‌وَجَعَلَ ‌الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)[الأنعام: 1]، و(الْحَمْدُ لِلَّهِ ‌الَّذِي ‌هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ)[الأعراف: 43]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليهِ وعلى آله وأصحابهِ وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

اللهم لك الحمد كله، ولك الشكر كله، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، لك الحمد كالذي نقول، ولك الحمد خيرًا مما نقول، لك الحمد على نعمةِ الإسلام، ولك الحمد على نعمةِ الإيمان، ولك الحمد على التمام وعلى الصيام والقيام، ولك الحمد على اجتماعِ الكلمة ولك الحمد على الأمن والأمان، ولك الحمد على كل شيء أنت أهلٌ أن تُحمد عليه.

 

عباد الله: هذا يوم عيدكم، خصَّكم الله -عَزَّ وَجَلَّ- به مع عيد الأضحى، قدم -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- المدينة وكان لليهود يومُ عيدٍ يلعبون فيه فسألهم عنه فقالوا: هذا يوم عيدنا، يريدون أن يعتزوا به عن المُسلمين، فقال -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- مُبشِّرًا أمته: "قد أبدلكم الله أهل الإسلامِ بعيدين: بعيد الفطرِ بعد صيامكم، وعيد الأضحى"؛ أي في حجكم؛ فاللهم لك الحمد كما ينبغي لجلالِ وجهك وعظيم سلطانك، لك الحمد على نعمك العظيم وآلائك الجسيمة.

 

عيد الفطر -أيها الإخوة- هو يوم الجوائز، وهذه ملائكة الله -جَلَّ وَعَلَا- منتشرة على أفواه السكك والطرق ترقُب هؤلاء المُصلين، تعدّهم وتناديهم بصوتٍ لا يسمعه المكلَّفون، حتى يُعطوكم جوائزكم، جائزة من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، وجائزةُ من قامه إيمانًا واحتسابًا، ولا يخسر في هذا اليوم إلا من كان خاسرًا شقيًا عند الله -عَزَّ وَجَلَّ-.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

 في يوم العيد يخرج المُسلمون إلى مُصلياتهم فيُصلون هذه الصلاة العظيمة شكرًا لله -عَزَّ وَجَلَّ- على نِعمه، وأداءً لحقه بهذه الصلاة، جاء في الصحيحين من حديث أم عطية -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قالت: "أمرنا أن نُخرج العواتق وذات الخدور يشهدن الخير ودعوة المُسلمين ويعتزل الحِيضُّ المُصلى"، دلالة على أن صلاة العيد على المستغفرين غير المعذورين أنها صلاةٌ واجبة لا بد أن يشهدوها.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

الحمد لله أن بلّغنا هذا العيد ونحن في صحةٍ في أبداننا وأمنٍ في بلادنا وأوطاننا، عندنا قوتُ يومنا، و "من أمسى آمنًا في سربه، معافًى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"؛ قاله نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-.

 

واعتبر -يا عبد الله- بمن فات وسبق من أقاربك وأصحابك الذين لم يدركهم رمضان أو أدركوه ثم لم يدركوا العيد؛ فاحمد الله -جَلَّ وَعَلَا-، وادعُ لهم بالرحمة والرضوان والمغفرةِ والإحسان.

 

واعتبر -أيها المؤمن- بهذه النعم التي نحظى بها، أمنٌ وأمان يضرب بهما المثل، وراحةٌ في الأبدان وصحةٌ فيها، هي غبطة من هذا الحديث لك أيها الصغير، وعند مرور يومك تُصلي صلاتك وأنت خارج تعتمر بيت الله -عَزَّ وَجَلَّ- لا تخاف أحدًا، الطرق مؤَّمنة والسبلُ سالكة لا خوف ولا قُطَّاع طريق، ولا خوف إلا من شرذمة أرادوا بحرمِ الله سوءًا وأرادوا بما هو أعظم من الحرم عند الله وهي دماء المُسلمين فجورًا، وردَّ الله كيدهم وأمثالهم ومدبريهم في نحورهم وجعل تدبيرهم تدميرًا عليهم إنه -سبحانه- جوادٌ كريم.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

نفعني الله وَإِيَّاكُمْ بالقرآن العظيم، وما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

عباد الله: فرض النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- عليكم في هذا اليوم صدقة الفطر وزكاة الفطر، وهي لك منفعةٌ -أيها الصائم- وكذلك أنت يا من لم تصم لعذر المرض أو السفر أو الكِبَر، روى أبو داود وابن ماجه والإمام أحمد بأسانيدهم عن ابن عباسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قال: "فرض النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- صدقة الفطر طُهرةً للصائم عن اللغو والرفث وطُعمةً للمساكين"، وقال: "من أداها قبل الصلاة أي صلاة العيد فهي زكاةٌ مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات".

 

فمن لم يُخرج هذه الصدقة وهي زكاة الفطر التي فرضها -عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- صاعًا من طعام -أي من طعامِ أهل البلد- صاعًا من تمرٍ وصاعًا من زبيب، وصاعًا من شعير، وصاعًا من أقط، من لم يكن قد أخرجها فليُبادر الآن إلى إخراجها قضاءً لهذا الواجب، لا أداء لأن وقت الأذان كان قبل صلاة العيد، وعليه إن أخَّرها تعمدًا أو تهاونًا وكسلاً أن يتوب إلى الله -جَلَّ وَعَلَا- لأنه مذنبٌ بتأخيرها عن وقتها الذي وقَّتها به النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-.

 

 ومن مشروعيتها: أنها طُعمةٌ للمساكين، جاء عند البيهقي وغيره: "أغنوهم عن السؤال هذا اليوم"؛ أي في يوم العيد ليفرح المساكين مع المُوسرين، ليفرح الفقراءُ والمساكين مع إخوانهم الأغنياء والموسرين، هذا دينكم دين الرحمة ودين التعاون ودين التعاطف بين المؤمنين، جاء في الصحيحين عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- ضاربًا أروع الأمثلة في علاقة المؤمن بإخوانه: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

 

الله أكبر الله أكبر الله، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

 يوم العيد فرصةٌ لتصفية النفوس وإزالةِ ما فيها من السخائم والشحناءِ والبغضاء، فرصةٌ عظيمةٌ لصلة الأرحام، فبادروا بها يا رعاكم الله، وتفقّدوا جيرانك وأهليكم، واغتنموا ذلك عملاً عند الله -جَلَّ وَعَلَا- ترضونه.

 

واعلموا أن ربّ رمضان هو رب غيره من الشهور، ففي صحيح مُسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْه- قال: قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كمن صام الدهر"، فمن عليهِ قضاءٌ من رمضان في أيامٍ أفطرها بعذرٍ فليبادر أولاً بصيام ما عليهِ من رمضان، فإذا أتم قضاءهم بادر بصيامِ ستةِ أيامٍ من هذا الشهر ليفوز بهذا الفضل العظيم في ثوابِ رمضان وأجر صيام الدهر كله.

 

الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

 ما هي التهنئة المشروعة في يوم العيد يا عباد الله؟ روى الإمام البيهقي وغيره: أن أصحاب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- كان يُهنئ بعضهم بعضًا في يوم العيد قائلين داعين: "تقبَّل الله منا ومنكم"؛ لأن المتقبَّل منه في هذا اليوم هو العبد السعيد وهو العبد الفرِح وأما من لم يُتقبَّل منه وُدَّ عليهِ عمله ولا يكون له من حظه من صِيامهِ إلا التعب، ولا من قيامهِ إلا النَصب فذلكم هو الشقيُّ؛ عياذًا بالله.

 

تقبَّل الله منا ومنكم وأعاد علينا هذا العيد بعزٍ ونصرٍ توحيد للإسلام والمُسلمين، وأمنٍ وأمانٍ لأوطاننا.

 

 اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد.

 

 اللهم أبرم لهذه الأمةِ أمرًا رشدًا يُعز به أهل طاعتك، ويُهدى بهِ أهل معصيتك، ويؤمر فيهِ بالمعروف، ويُنهى فيهِ عن المنكر يا ذا الجلال والإكرام، اللهم عزًّا ونصرًا تُعز به الإسلام وتنصر المُسلمين، وذلاً ومقتًا على أعداءِ الدين الكائدين له والضارين عبادك وأولياءك المؤمنين.

 

اللهم أنجِّ المُستضعفين من المُسلمين في كل مكان، اللهم أنجهم بعفوك وعافيتك، اللهم صب عذابك ورجزك على القوم الظالمين المعتدين، وخُصَّ منهم الصهاينة المغتصبين والرافضة والكائدين للإسلامِ والمُسلمين بقوتك يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم آمنا والمُسلمين في أوطاننا، اللهم أصلح أئمتنا وولاةَ أمورنا، اللهم اجعل ولايتنا والمُسلمين فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم اغفر للمُسلمين والمُسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياءِ منهم والأموات.

 

اللهم اغفر لنا ولهم وارحمنا وارحمهم وأحلَّ علينا وعليهم رضاك فلا تسخط علينا أبدًا برحمتك يا ذا الجلال والإكرام، (‌رَبَّنَا ‌آتِنَا ‌فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201]، (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا ‌يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصافات: 180-182].

 

 

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life