عناصر الخطبة
1/عظم منزلة نفس المؤمن عند الله تعالى وعند رسوله 2/فضل المحافظة على نفس المؤمن وعظيم ثوابه 3/أهمية تعلم العبد طريقة التعامل مع ما سيقدم عليه وخطورة الجهل به 4/وجوب المحافظة على النفس من الأخطار وأهمها خسران الآخرةاقتباس
فَكَمْ تائهٍ في الصَّحْراءِ -لَوْلا اللهُ ثُمَّ جُهودُ الباحِثِينَ- لَكانَ في الهَالِكِيِنْ، وكَمْ مُلْقَى على قارِعَةِ الطَرِيقِ في حَادِثٍ -لَوْلا اللهُ ثُمَّ جُهودُ المُسْعِفِينَ العارِفِينَ- لكان في الرَّاحِلِين؛ وكَمْ هِيَ المَوَاقِفُ التي تَعْرِضُ أَمامَ المرءِ فَجأةً.. تَتَعَرَّضُ...
الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ:
(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٍ وَٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٍا كَثِيرٍا وَنِسَآءَۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيباً)[النساء: 1]، (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ ءَاذَوۡاْ مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْۚ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً * يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلاً سَدِيداً * يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 69-71].
أيها المسلمون: مُؤمِنٌ شَرَحَ اللهُ صدرَهُ للإسلامِ فهو على نورٍ من رَبِه، قَدَّسَ اللهَ وسَبّحه، مَجَّدَ اللهَ وكَبَرَه، وَحَّدَ اللهَ وَعَظَّمَه، لَمْ يَحِنِ لِغَيْرِ اللهِ ظَهراً، ولَمْ يسْجُدْ لِسِوى الله، مُسْتَمْسِكٌ بالكتابِ مُتَّبِعٌ للرَّسُوْل.
مُؤْمِنٌ أَحبَّ اللهَ وَعَبَدَه، وخافَهُ ورَجاه، فَنَالَ مِنَ اللهِ أَشْرَفَ مَكَانَةٍ، وأَعْظَمَ تَكْرِيْم؛ (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا..).
مُؤْمِنٌ.. مُحاطٌ بِوَلَايةِ الله، مُؤَيَّدٌ بِنَصْرِ الله، مُسَدَّدٌ بِهِدايةِ الله؛ (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)، (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا).
مُؤمِنٌ أَحَبَّهُ اللهُ.. فما يُقدِّرُهُ عَلَيْهِ مِنْ أَقْدَارٍ فَهْيَ لَهُ خَيْرٌ.. وإِنْ كانَ ظَاهِرُها ضَرَّاء، قالَ صُهَيْبٌ -رضي الله عنه-: قالَ رَسُوْلُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا لَه، وإنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكانَ خَيْرًا له"(رواه مسلم).
وفِيْ الحَدِيْثِ القُدْسِيِّ قال رَبُّنا -سُبْحانَه-: "وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ"(رواه البخاري).
مُؤمِنٌ أَحَبَّهُ اللهُ.. لَهُ حُرْمَةٌ لا تُسْتَحَلّْ، ولَهُ كَرَامَةٌ لا تُسْتَباحْ؛ (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا).
نَفْسُ المُؤمِنِ مَعْصُوْمَةٌ، وَمَالُهُ مُحتَرَمٌ، وَعِرْضُهُ مُصَان؛ فلا يَجْتَرِئُ على المؤمنِ في نَفْسِهِ ولا في عِرْضِهِ ولا في مَالِه ولا في شيءٍ مِن أَمرِه مُجْتَرِئٌ بِغَيْرِ حَقٍّ إلا مُحِقْ.
نَفْسُ المُؤمنِ أَغْلَى النُّفُوْسِ وأَشْرَفِها.. لا يَعتَدِيْ عَلَيْهَا إِلا ظَالِمٌ، وَلا يُزْهِقُها إلا خاسِرْ؛ (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، (ومَنْ قَتَلَ نَفساً مؤمنةً بِغَيْرِ حَقٍّ فَكَأنما قَتَلَ الناسَ جَمِيْعاً)، (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا..).
ومَنْ عَرَّضَ نُفُوْسَ المؤْمِنِيْنَ للخَطَرِ بَاءَ بِالإِثمِ، ومَنْ وَاجَهَهُمْ بِأَسْبَابِ الهَلاكِ هَلَك عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَن رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ أَشَارَ إِلى أَخِيهِ بحَدِيدَةٍ، فَإنَّ المَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ حتَّى يَدَعَهُ"(رواه مسلم).
مُؤْمِنٌ.. نَفْسُهُ نَفِيْسَةٌ ورُوْحُهُ ثَمِينَة؛ مأَمورٌ بِحِفْظِها، ومَنْهِيٌّ عَن إِزْهاقِها؛ (وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا* وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا).
نَفْسُ المؤمنٍ نَفِيْسَةٌ.. لا تُبذَلُ في ذُلّ، ولا تُرْخَصُ في مَتاع، ولا تُباعُ إِلا لله (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ).
نَفْسُ المؤمنٍ نَفِيْسَةٌ.. لا يُخَاضُ بِها في غِمارِ المخَاطِرِ، ولا يُقتَحَمْ بها في أَوْدِيَةُ المهالِك؛ (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
نَفْسُ المؤمنٍ نَفِيْسَةٌ.. ولا يُبْذَلُ النَّفِيْسُ إلا فِيْ نَفِيس.. في ذِيَادٍ عَن الدِّين، وفي إِعْلاءٍ لِكَلِمَةِ اللهِ -رَبْ العالمين-؛ (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ..).
نَفْسٌ تَتَنَفَّسُ التَّوْحِيْد.. هِيَ عَلَى اللهِ كَرِيْمَة.. أُدْخِلَ رَجُلٌ الجنةَ لإماطَتِهِ الأّذى عن طَرِيْقِها. عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَن رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَرَّ رجلٌ بغُصْنِ شجرةٍ على ظَهْرِ طريقٍ، فقال: والله لَأُنَحِّيَنَّ هذا عن المسلمينَ، لا يُؤْذِيهِم، فأُدْخِلَ الجنةَ"(رواه البخاري ومسلم).
نالَ رِضا اللهِ مَنْ حَفِظَ للنَّفسِ المؤْمِنَةِ حُرْمَتَها؛ وسَعَى في حِمَايَتِها.. أَنقَذَهَا مِنْ غَرَقْ، أَو أَدْرَكَها مِنْ هَلاك، أو أَسْعَفَها مِن خَطَرْ، أَو دَاوَاهَا مِنْ مَرَضْ.
رِجالٌ سَلَكُوا في الحياةِ مَسْلَكاً كريماً، وامْتَهَنُوا عَمَلاً جليلاً، لَهُم في الحِفاظِ على أرواحِ المؤْمِنِيْنَ قَدَمُ سَبْقٍ؛ فما تَتَعَرَّضُ نَفْسٌ مُؤمنةٌ للخَطَرِ إلا ابْتَدَرُوا إلى إِنْجادِها.
فَكَمْ تائهٍ في الصَّحْراءِ -لَوْلا اللهُ ثُمَّ جُهودُ الباحِثِينَ- لَكانَ في الهَالِكِيِنْ، وكَمْ مُلْقَى على قارِعَةِ الطَرِيقِ في حَادِثٍ -لَوْلا اللهُ ثُمَّ جُهودُ المُسْعِفِينَ العارِفِينَ- لكان في الرَّاحِلِين؛ وكَمْ هِيَ المَوَاقِفُ التي تَعْرِضُ أَمامَ المرءِ فَجأةً.. تَتَعَرَّضُ فيها نَفُوْسٌ مُؤْمِنَةٌ للخطَرْ، فما يَنالُ شَرَفَ ابْتِدَارِ المواقِفِ إلا عارِفٌ مَتَمَكِّنٌ فَطِن.
ومَنْ تَعَلَّمَ كَيفَ يُواجِهُ المواقِفَ الحَرِجَةَ باقتِدارِ فإِنَّما يَتَعَلَّمُ أَسبابَ حِفظِ النُّفُوْسِ المؤُمِنَةِ وحِمايَتِها؛ (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا).
ولا عُذرَ لجاهِلٍ يَتَجَرَّأُ عَلَى عَمَلٍ يَجْهَلُه.. فَكَمْ جَاهِلٍ أَرَادَ أَنْ يُعِينَ فأَعْمَى، وأَراد أَن يُنْقِذَ فَأَهلَك، وأَرادَ أَن يُصْلِحَ فَأَفْسَد، وفي حَدِيثِ صَاحِبِ الشَّجَّةِ حِينَ أُرْشِدَ بِجَهْلٍ فَهَلَك.. قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "قَتَلوه قَتَلَهمُ اللهُ، ألَا سَأَلُوْا إِذْ لم يَعلَموا؛ فإنَّما شِفاءُ العِيِّ السُّؤالُ".
تَعَلُّمُ أَسْبَابِ إِنقاذِ النُّفوسِ وَقتَ المخاطِرْ.. عِلْمٌ يُؤْجَرُ عليه المؤْمِنُ، وَهْوَ مِنْ فُرُوْضِ الكِفَايَاتِ؛ (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ).
بارك الله لي ولكم..
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأَشْهَدُ أَن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشْهَدُ أَن محمداً رسول رب العالمين صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله لعلكم ترحمون.
أيها المسلمون: نَفْسُ المُؤمنِ نَفِيسَةٌ.. والمؤُمِنُ مَأمورٌ بحمايَتِها؛ وهَلاكُ النَّفسِ ضَياعٌ لِرأَسِ المال؛ والاسْتِهَانَةُ بأَرْوَاحِ المؤْمِنِيْنَ جُرْمٌ وإِثْمٌ وجِنَايَةٌ.
تَهَوُّرٌ في القيادَة، خَوْضٌ في الأَوْدِيةَ، اسْتِعراضٌ في أَنواعِ المخاطِرِ، جَسارَةٌ على شَتَّى المُغَامَرَات. وكَمْ شاهدَ الناسُ مِنْ نهاياتٍ للتَّهَوُّرِ مؤْلِمَة.
ولَئن أَمَرَتْ الشريعةُ بِحمايَةِ النَّفسِ والنأَيِ بِها عَنِ المَخَاطِرِ.. فإِنَّ أَعظَمَ خَطَرٍ تَتَعَرَّضُ لَهُ النفوسُ.. انْحِرافُها عَن سَبِيْلِ اللهِ، وإعْرَاضُها عَنْ أَمْرِ الله، تَقْتَحِمُ النَّفسُ حِمَى الحرامِ، وتَسْتَبِيحُ مَوَاطِنَ الآثَام، لا تَتَقِي اللهَ فيما تأَتي وتَذَرْ، تُخاطِرُ بالدِينِ في دروبِ الغِوايةِ.. فلا تُفِيقُ إلا على شَفِيرِ الهلاك.
خَسارَةٌ النَّفسِ يَومَ القيامة.. خَسارةٌ لا رِبْحَ بَعدَها؛ (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ).
ولَئِن حَرِصَ الوالِدَانِ عَلَى وِقايَةِ الأَولادِ مِنْ أَسْبَابْ الخَطَرْ.. فإِنَّ أَعظَمَ خَطَرٍ تَجِبُ وِقايتَهُمْ مِنهُ.. دُخُولُ النار؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).
وَلَئِنْ شَكَرَ اللهُ عَمَلَ رَجْلٍ.. أَنْقَذَ نَفْساً مُؤْمِنَةً مِنَ الموتْ، فَلَقَدْ شَكَرَ عَمَلَ ناصِحٍ.. أَنْقَذَ نَفْساً مِنْ النَّار. ذَكَّرَها وَوَعَظَها، وَعَلَّمَها وبَصَّرَها. دَعَاها إِلى اللهِ حَتَّى اسْتَفاقَت، وأَرْشَدَهَا إِلى الهِدايَةِ حَتَّى اسْتَقَامَتْ؛ (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
أَسْعَدُ الناسِ بأَوسِمَةِ الشَّرَفِ، وأَحَقُّ الناسِ بمراتِبْ التَكرِيم.. مَنْ يَحْمِلُونَ هَمَّ إِنقاذِ الناسِ مِنْ خَسَارَةِ الآخِرَة.. فَتَراهُمْ على النُّصْحِ والإِصْلاحِ والدَّعْوَةِ والأَمْرِ بالمعرُوفِ والنهي عن المنكر لا يَبْرَحُون.
على سَبِيْلِ المرسلين.. في دَعوةٍ إلى الله على بَصِيْرَة، فَكَمْ أَنْجَى اللهُ بِهِمْ مِن هالِك! وكَمْ هدى بِهمْ مِن حَائِرْ! وكَمْ أَرْشَدَ بِهِم مِنْ ضَالّ، وكَمْ أنْقَذَ بِهِمْ عَبْداً مِن النار! غُلامٌ يهودِيٌ.. مَرِضَ فعادَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَدَعَاهُ إِلى الإِسْلامِ فأَسْلَمْ، فَخَرَجَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وهو يقولُ: "الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ("(واه البخاري).
فَمَنْ أَمَرَكَ بِمَعروفٍ.. فإنما يدعوكَ إلى الفَوْزْ، ومَنْ نهاكَ عَن منكرٍ فإنما يُحَذِّرُكَ مَنْ الهَلَاكْ.
رَحِمَ اللهُ عَبْداً.. أَنْقَذَ نَفْساً مُؤمِنةً مِنْ خَطَرٍ أَحاطَ بها.. ورَحَمَ اللهُ عَبْداً.. أَنْقَذَ نَفْساً مَنْ أَسبابِ دُخولِ النار.
اللهم احفظنا والمسلمين بحفظك..
واكْلأنا والمسلمين بعنايَتِك..
وأَعذنا من زوال نعمتك، وتحول عافيتك وفُجاءةِ نقمتك، وجميع سَخَطِك..
التعليقات