عناصر الخطبة
1/حاجة العباد لمواسم الخيرات 2/فضائل شهر رمضان 3/استقبال شهر رمضان 4/الجود والإنفاق عنوان رمضان 5/الحذر من سُرّاق شهر رمضان.اقتباس
وَهُناكَ سُرَّاقٌ لِرمَضَانَ، يَصُدُّونَ الخَلْقَ ويُضِلُّونَهم عن سَبِيلِ رَشَادِهم وهِدَايَتِهم، لم نَزَلْ نَرَاهُم عَبرَ الشَّاشَاتِ، والقَنَواتِ الهَابِطَةِ, والدِّعَايَاتِ السَّخِيفَةِ, فَقَاطِعُوهُم قَطَعَهمُ اللهُ, كَمَا شَغَلُونَا عَنْ دِينِنا وأَفسَدُوا أَبنَائَنا وبَنَاتِنا..
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
مَا أَسْعَدَنا! هَبَّت رِيَاحُ الإيمانِ بِقُدومِ رَمَضَانَ, نَحنُ واللهِ أَحوَجُ مَا نَكونُ إليهِ فَهُوَ شَهْرُ الصِّيامِ والقِيامِ، وَالتَّرتيلِ والقُرَآنِ, وَالبُعدِ عن النَّزَعَاتِ، إنَّهُ شَهرُ تَحقِيقِ التَّقوى وَكَفَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[البقرة:183]، وفي الصَّحِيحِ أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَال: "إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ, وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ".
فَيَا رَبَّنا هَبَ لَنَا من واسِعِ رَحمَتِكَ. فَقَد آمنَّا بقَولِكَ: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[الزمر:53]، وبِقَولِكَ في الحَدِيثِ القُدسِيِّ: "يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي".
فَاستَفتِحُوا شَهرَكُم بِتَوبَةٍ صَادِقَةٍ نَصُوحٍ. فَمَن أَرَادَ صِيامَاً مَقْبُولاً فَليَتَطهَّرْ مِن أَدْرَانِ الذُّنوبِ وَيَغسِلَ قَلبَهُ مِن أَوحَالِ المَعَاصي. وَأَبْشِرُوا بِشَهْرِ القُرْآنِ فَقَد قَالَ اللهُ عَنْ رَمَضَانَ: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)[البقرة:185]؛ فَرَطِّبوا ألسِنَتَكُمْ بِتِلاوَتِهِ، وَزَكُّوا أنْفُسَكُمْ بِتَدبُّرِهِ.
اللهُ أكْبَرُ: شَهرٌ افتَرضَ اللهُ على عِبادِهِ صِيَامَهُ وجَعَلَهُ أَحَدَ أَرْكَانِ الإسلامِ، أمَّا ثَوابُهُ فَمَرَدُّهُ إلى أَكرَمِ الأَكرَمِينَ، في الصَّحيحِ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: إِلاَّ الصَّوْمَ؛ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ؛ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ".
حَقًّا رَغِمَ أَنفُ مَن أَدرَكَهُ رَمَضَانُ فَلم يُغفَرْ لَهُ؛ شَهْرُنا شَهْرُ القِيامِ والتَّرَاويحِ, فاعمُروهُ كُلَّهُ لا بعَضَهُ فقد جَعَلَ رَسُولُ اللهِ مَغفِرَةَ الذُّنوبِ لِمَن قَامَهُ كُلَّهُ؛ فَلا تُفرِّط فِي لَيلَةٍ مِنْ لَيَالِيهِ. وفِي الصَّحِيحَينِ عن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ قَالَ: "مَن صَامَ رمَضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِر لَهُ ما تَقدَّم مِن ذَنَّبِهِ"، و"مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنَّبِهِ"، وَ"مَن قَامَ لَيلةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا غُفِر لَهُ ما تَقدَّمَ مِن ذَنَّبِهِ".
فاللهم أَعنَّا جَمِيعًا على صيامِ رمضانَ وقيامِه إيمَانَا واحتِسَابَا, أقولُ ما سَمِعتم وأستغفرُ الله لي ولكم وللمسلمينَ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله دائمِ الإحسَانِ، أنعمَ علينا بِالصِّيامِ، وَجَعَلَهُ أَحَدَ أَركَانِ الإسلامِ، أَشهدُ ألَّا إله إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشهدُ أنَّ مُحمَّدا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صلَّى اللهُ وسلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ الكِرامِ, أَمَّا بَعدُ: فَأوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ وَنَفْسي بِتقوى اللهِ.
أيُّها المُسلِمونَ: الجُودُ والإنفاقُ عُنْوَانُ رَمَضَانَ، فقد كان نَبِيُّنا -صلى الله عليه وسلم- أجودَ ما يَكُونُ في رمضانَ؛ فَكُونُوا مِن المُنفِقينَ, وَلا تَسْمَعُوا لِلمُشَكِّكِينَ. الذينَ: (يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[التوبة:67].
عِبادَ اللهِ: يَقُولُ نَبِيِّنا -صلى الله عليه وسلم- :"لاَ تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ".
عبادَ اللهِ: لِنُجاهِدَ أَنفُسَنا بِالبُعْدِ عن المُنكرَاتِ فإنَّ نَبِيَّنا -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"؛ وَهُناكَ سُرَّاقٌ لِرمَضَانَ، يَصُدُّونَ الخَلْقَ ويُضِلُّونَهم عن سَبِيلِ رَشَادِهم وهِدَايَتِهم، لم نَزَلْ نَرَاهُم عَبرَ الشَّاشَاتِ، والقَنَواتِ الهَابِطَةِ, والدِّعَايَاتِ السَّخِيفَةِ, فَقَاطِعُوهُم قَطَعَهمُ اللهُ, كَمَا شَغَلُونَا عَنْ دِينِنا وأَفسَدُوا أَبنَائَنا وبَنَاتِنا: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا)[النساء:27]. وَلا تشْغلَنَّكُم الأَجْهِزَةُ؛ فَقَدْ تَجُرَّكُمْ مِنْ حَيثُ لا تَشْعُرُونَ. فاعتَصِمُوا بِاللهِ وَأَحْسِنوا التَّعَامُلَ مَعَهَا, فلا عَاصِمَ اليَومَ مِنْ أمْرِ اللهِ إلاَّ مَنْ رَحِمَ.
أيُّها الأَخُ المُدَخِّنُ: أَشْعِلْ عَزِيمَتَكَ، وارمِ عُلْبَةَ دُخَانِكَ؛ فَهِيَ فُرصَتُكَ بِأَنْ تَتَخَلَّصَ مِنْ أذًى جَاثِمٍ على نَفْسِكَ وَمَالِكَ وَأولادِكَ، أعَانَكَ اللهُ وَقَوَّاكَ وَسَدَّدَكَ.
فاللهمَّ أَعِنَّا على صِيامِ رَمَضَانَ وَقِيامِهِ إيمَانًا وَاحتِسَابًا، وَفِّقْنَا لإدراكهِ فِي صِحَّةٍ وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ. اللهمَّ وَاجعَلْ مُستَقْبَلنَا فِيهِ خَيرًا مِن مَاضِينَا.
اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين وأذِلَّ الشِّرك والمشركينَ، ودمِّر أعداءَ الدِّينِ. وفِّق ولاةَ أمورنا لِمَا تُحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى.
اللهم انصُرْ جُنُودَنا واحفظ حُدُودَنا والمُسلِمِينَ أجمَعينَ. اللهمَّ رُدَّ كَيدَ الكَائِدِينَ وَعليكَ بالرَّافِضَةِ والحَوثِيِّينَ. اللهم اغفر لنا ولِوالِدينا والمُسلمينَ أجمعينَ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛ فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
التعليقات