عناصر الخطبة
1/ من علامات حسن الختام 2/ الاستبشار بتلك العلامات وعدم الجزم بنجاة صاحبها 3/ من أسباب التوفيق لحسن الختاماهداف الخطبة
اقتباس
نَسْألُ اللهَ في هذه السَّاعَةِ أنْ يُحْسِنَ لَنَا العَمَلَ والخِتَامَ، وَأنْ يُثَبِّتَنَا على صِرَاطِهِ المُستَقِيمِ؛ لأنَّنا مُوقِنُونَ بِأَنَّ "قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُصَرِّفُهَا حَيْثُ يَشَاءُ"، وَأَنَّ اللهَ -سبحانه- "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا وَفَّقَهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ ثُمَّ قَبَضَهُ عَلَيْهِ". نَحْنُ مُحْتَاجُونَ لِذلِكَ؛ لأنَّ "الأَعْمَالَ بِالْخَوَاتِيمِ".كَمَا قَالَ ذلكَ رَسُولُنا، صلى الله عليه وسلم.
الخطبة الأولى:
الحَمدُ للهِ الذي يَعْلَمُ مَا تُخْفِي القُلُوبُ وَالخَوَاطِرُ، المُطَّلِعِ على خَفِيَّاتِ السَّرَائِرِ، العَالِمِ بِمَكْنُونَاتِ الضَّمَائِرِ، نَشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ مُقَلِّبُ القُلُوبِ، وَغَفَّارُ الذُّنُوبِ، وَسَاتِرُ العُيُوبِ، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلْمَاً، وَأَحْصَى كُلَّ شَيءٍ عَدَدَاً.
وَنَشهدُ أنَّ سَيِّدَنا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَخْشى النَّاسِ لِرَبِّهِ وَأَتْقَى، دَلَّ عَلى الهُدَى، وَحَذَّرَ مِن الرَّدَى، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، مَعَالِمِ الهُدَى, وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإحْسَانٍ وإيمَانٍ وَمَنْ على نَهْجِهِمُ التَزَمَ وَاقْتَفَى.
أمَّا بَعْدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].
أيُّها المُسلِمُونَ: نَسْألُ اللهَ في هذه السَّاعَةِ أنْ يُحْسِنَ لَنَا العَمَلَ والخِتَامَ، وَأنْ يُثَبِّتَنَا على صِرَاطِهِ المُستَقِيمِ؛ لأنَّنا مُوقِنُونَ بِأَنَّ "قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُصَرِّفُهَا حَيْثُ يَشَاءُ"، وَأَنَّ اللهَ -سبحانه- "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا وَفَّقَهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ ثُمَّ قَبَضَهُ عَلَيْهِ". نَحْنُ مُحْتَاجُونَ لِذلِكَ؛ لأنَّ "الأَعْمَالَ بِالْخَوَاتِيمِ".كَمَا قَالَ ذلكَ رَسُولُنا، صلى الله عليه وسلم.
أيُّها الكِرَامُ: لَقَدْ بَشَّرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-أصْحَابَهُ وَأُمَّتَهُ بِعَلامَاتٍ يُسْتَدَلُّ بِهَا وَيُسْتَبْشَرُ بِهَا على حُسْنِ خِتَامِ مَيِّتِنَا, وَمَعَ ذَلِكَ لا نَقْطَعُ لأيِّ مَيِّتٍ بِجَنَّةٍ وَلا نَارٍ إلَّا مَنْ شَهِدَ اللهُ لَهُ وَرَسُولُه -صلى الله عليه وسلم- بِذَلِكَ.
فَمِنْ علامَاتِ حُسْنِ الخِتَامِ: النُّطْقُ بِشَهَادَةِ ألَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عندَ المَوتِ؛ لِقَولِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ".
أيُّها المُؤمِنُونَ: لا تَظُنُّوا أنَّ النُّطْقَ بِالشَّهادَةِ في ذاكَ المَوقِفِ أمْرٌ هَيِّنٌ! فَكَمْ سَمِعتُمْ وَسَمِعْنَا مِمَّنَ انْطَلَقَتْ أَلسِنَتُهُمْ عِنْدَ احْتِضَارِهِمْ بِكُلِ كَلامٍ إلَّا مِن الشَّهَادَةِ، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلاَّ باللهِ تعالى! قَالَ ابنُ القَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-: إِذَا كَانَ العَبْدُ فِي حَالِ حُضُورِ ذِهْنِهِ وَقُوَّتِهِ قَد تَمَكَّنَ مِنْهُ الشَّيطَانُ، وَاسْتَعْمَلَهُ فِي المَعَاصِي, وَأَغْفَلَ قَلْبَهُ عَن ذِكْرِ اللهِ، وَعَطَّلَ لِسَانَهُ عَنْ ذِكْرِهِ، وَجَوَارِحَهُ عَنْ طَاعَتِهِ؛ فَكَيفَ الظَّنُّ بِهِ عِنْدَ سُقُوطِ قُوَاهُ، وَاشْتِغَالِ قَلْبِهِ وَنَفْسِهِ بِأَلَمِ النَّزْعِ؟ وَالشَّيطَانُ في ذلِكَ المَوقِفِ قَدْ جَمَعَ كُلَّ قُوَّتِهِ, وَحَشَدَ عَليهِ بِجَمِيعِ مَا يَقْدِرُ عَليهِ لِيَنَالَ مِنْهُ فُرْصَتَهُ، فَأَقْوى مَا يَكُونُ عَليهِ شَيْطَانهُ ذَلِكَ الوَقْتِ، وَأَضْعَفُ مَا يَكُونُ عليهِ العَبْدُ هُوَ فِي تِلْكَ الحَالِ، فَمَنْ تُرَى يَسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَهُنَاكَ حَقَّا (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ) [إبراهيم:27]. فاللهُمَّ ثَبِّتْنَا على الشَّهادَةِ وَأَمِتْنَا عليها يا رَبَّ العالَمِينَ.
عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ علاماتِ حُسْنِ الخاتِمَةِ المَوتُ بِرَشَحِ وَعَرَقِ الجَبِينِ؛ عَنِ بُرَيْدَةَ أَنَّهُ كَانَ بِخُرَاسَانَ، فَعَادَ أَخًا لَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَوَجَدَهُ بِالْمَوْتِ فَإِذَا هُوَ يَعْرَقُ جَبِينُهُ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَر! سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-يَقُولُ: "مَوْتُ الْمُؤْمِنِ بِعَرَقِ الْجَبِينِ".
وَمِنْ مُبَشِّرَاتِ حُسْنِ الخِتَامِ المَوتُ لَيلَةَ الجُمُعَةِ أو نَهَارها: لِقَولِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ".
وَأعظَمُ بَشَارَةِ أنْ يَمُوتَ المُسْلِمُ شَهِيدَاً في سَبِيلِ اللهِ -تعالى-، قَالَ اللهُ -تعالى-: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [آل عمران:169-170]. عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ سِتُّ خِصَالٍ"، وَمِنْهَا "وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ".
أيُّها المُؤمِنُونَ: قَدْ يَبْتَلِي اللهُ بَعْضَ عِبادِهِ بِأمْرَاضٍ مُتْعِبَةٍ وَشَاقَّةٍ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ -تعالى- أنْ جَعَلَهَا سَبَبَاً لِحُسْنِ الخَاتِمَةِ؛ لِمَشَقَّتِهَا, وَلِكَثْرَةِ تَكْفِيرِ سَيِّئاتِ مَنْ أُصِيبَ بِهَا إذا هُوَ صَدَقَ في احْتِسَابِ أَجْرِها عنْدِ اللهِ -تعالى-.
فَمَنْ مَاتَ بِدَاءِ وَأَلَمِ الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ بِمَرَضِ الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ، يَجْمَعُها قَولُ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: "الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ". وَ"مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"..
أيُّها المُؤمِنُ: وَمِنْ مُبَشِّرَاتِ حُسْنِ الخَاتِمَةِ أنْ يَمُوتَ المُسْلِمُ عَلى عَمَلٍ صَالِحٍ؛ لِمَا أخرَجَ الإمَامُ أحمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ- بِسَنَدِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ -رضيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: أَسْنَدْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-إِلَى صَدْرِي فَقَالَ: "مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ"..
فاللهمَّ إنَّا نَسْألُكَ حُسْنَ القَولِ والعَمَلِ، وحُسْنَ الخِتَامِ والمُنقَلبِ، وأستغفُرَ اللهَ لِي وَلَكُمْ ولِسَائِرِ المُسلِمينَ فاستغفِروهُ؛ إنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
الخطبة الثانية:
الحَمدُ للهِ ذي الفَضْلِ والامْتِنَانِ، جَعَلَ الجَزَاءَ مِن جِنْسِ العَمَلِ فَقَالَ: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) [الرحمن:60].
نَشهدُ ألَّا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ عَظِيمُ الجلالِ وَالشَّأْنِ, وَنَشهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أتْقَى النَّاسِ للهِ في السِّرِّ والإعلانِ، صّلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أهلِ البِرِّ والصِّدْقِ والإيمان،ِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحسانٍ.
أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ يامُؤمِنُينَ, وَرَاقِبُوا رَبَّكُمْ, وَخَافُوا عِقَابَهُ, وَأحْسِنُوا الظَّنَّ بِاللهِ، فاللهُ عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِهْ بِهِ.
وَلَقَدْ جَرَت سُنَّةُ اللهِ -تعالى- وَجَعَلَ مِنْ كَمَالِ عَدْلِهِ وَرَحْمَتِهِ أنَّ مَنْ صَدَقَ اللهَ فِي نيَّتِهِ وَعَمِلَ بِسُنَّةِ رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم-, أَنْ يَخْتِمَ لَهُ بِخَيرٍ، وَأَنْ يَجْعَلَ عَوَاقِبَ أُمُورِهِ إلى خَيرٍ؛ كَمَا قَالَ اللهُ -تعالى-: (إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) [الكهف:30].
نَعَمْ، كُلُّ إنْسَانٍ يَتَمنَّى حُسْنَ الخِتَامِ، فَأَبْشِروا! فَإنَّهُ "مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ"، كَمَا قَالَ ذَلِكَ نَبِيُّنا -صلى الله عليه وسلم-.
عبادَ الله: ألا وإنَّ مِنْ أَسْبَابِ التَّوفِيقِ لِحُسْن الخِتَامِ صِدْق الإيمَانِ وَتَحْقِيقهُ,كَمَا قَالَ اللهُ -تعالى-: (فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) [الأنعام:48].
وَمِنْها: تَقْوى اللهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ، بِأنْ "تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنه يراك".
ألا وإنَّ مِنْ أعْظَمِ الأسْبَابِ المُوجِبَةِ لِحُسْن الخِتَامِ: المُحَافَظَةُ عَلى الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ مَعَ جَمَاعَةِ المُسْلِمينَ؛ فَإنَّهُ "مَنْ مَاتَ عَلَى شَيْءٍ بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ" كَمَا قَالَ ذَلِكَ نَبِيُّنا -صلى الله عليه وسلم-. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى".
يا مُؤمِنُين: مَنْ أرَادَ حُسْنَ الخِتَامِ فليجْتَنِبَ الكَبَائِرَ وَالعِظَام مِن الذُّنُوبِ والآثَامِ؛ فَقَدْ قَالَ اللهُ تَبَارَكَ: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُدْخَلاً كَرِيمًا) [النساء:31].
البُعْدُ عَنْ ظُلْمِ النَّاسِ، وَعَدَمُ البَغْيِّ وَالعُدْوَانِ عَلَيهمْ فِي أنْفُسِهِمْ وأَمْوالِهِمْ وَأعْرَاضِهِم؛ سَبَبٌ لِلتَّوفِيقِ وَحُسْنِ الخَاتِمَةِ. كَيفَ وَقَدْ قال رَسُولُنَا -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ، مِنَ الْبَغْيِ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ".
إخْوَانِي: الإحْسَانُ إلى الخَلْقِ، وَثَنَاءُ النَّاسِ عَليكَ وَدُعُاؤهُمْ لَكَ سَبَبٌ عَظِيمٌ لِلتَّوفِيقِ وَحُسْنِ الخَاتِمَةِ؛ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ"، وَفِي الحَدِيثِ: "إِنَّ الْعَبْدَ لَيَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ".
عِبَادَ اللهِ: العَافِيَةُ مِن البِدَعِ؛ والابْتِعادُ عَنْ الخُرَافاتِ والانْحِرَافَاتِ العَقَدِيَّةِ, سَبَبٌ لِحُسْنِ الخَاتِمَةِ؛ كَمَا قَالَ اللهُ -تعالى-: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف:110].
مَعَاشِرَ المُؤمِنينَ: اعْلَمُوا -رَحِمَنَا اللهُ جَمِيعَاً- أَنْ مَنْ ظَهَر عَلَيهِ عَلامَةٌ مِنْ عَلامَاتِ حُسْنِ الخِتَامِ فَإنَّهُ لا يَلْزَمُ الجَزْمُ لَهْ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ؛ فَإنَّ ذَلِكَ إلى اللهِ -تعالى-، إنَّمَا يُسْتَبْشَرُ لَهُ بِذَلِكَ، وهذا مِن عاجِلِ بُشْرَى المُؤمِنِ.
فَيَا عِبَادَ اللهِ: اعْمَلُوا الصَّالِحَاتِ، وَجَانِبُوا المُحرَّمَاتِ، وَاجْتَهِدُوا فِي تَحْصِيلِ أَسْبَابِ حُسْنِ الخِتامِ، وَأَحْسِنُوا العَمَلَ، وَأَحْسِنُوا الظَنَّ بِربِّكُمْ، وَفِي الحَدِيثِ: "مَنْ أَكْثَرَ مِن قَولِ: اللهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ الْآخِرَةِ؛ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ البَلاءَ".
اللهم وفقنا للعمل الصالح وثبتنا عليه، اللهم إنا نسألك قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، ورزقا طيبا، وعملا متقبلا، وعلما نافعا، وعافية في البدن، وبركة في العمر والذرية والرِّزقِ.
اللهم اجعل زادنا التقوى، وزدنا إيمانا ويقينا، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا غائِبا إلا رددتهُ, ولا مَظلومَا إلا نَصَرْتَهُ.
اللهم احفظ حدودنا، وانصر جنودَنا, ووفِّق ولاةَ أمورنا لِما تُحبُّ وترضى، واجعلهم رحمةً على رَعايَاهُم. نَعُوذُ بَك من الغلا والرِّبا والزنا وسُوءِ الفِتَنِ، مَا ظَهَر منها وما بَطَنَ.
عبادَ اللهِ: اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعونَ.
التعليقات