من مواطن حمد الله

إسماعيل القاسم

2022-10-08 - 1444/03/12
عناصر الخطبة
1/من أسماء الله الحميد 2/ حمد الله تعالى وإجلاله وتعظيمه 3/الحمد في حياة الأنبياء 4/المؤمن يحمد الله على كل حال.

اقتباس

فالله -سبحانه- هو الحميد، بحمده لنفسه أزلاً، وبحمد عباده له أبدًا، فهو -سبحانه- محمود في أُلوهيته، ومحمود في ربوبيته، ومحمود في ملكه، وأنه إله محمود، وربٌّ محمود، ورحمن محمود، ومَلِكٌ محمود، فله بذلك جميع أقسام الكمال والجلال.

الخطبة الأولى:

 

تفرد الله بالأسماء الحسنى والصفات العلى، وهو -سبحانه-: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)[الشّورى: 11]، ومن هذه الأسماء (الحميد)، والصفة منه الحمد.

 

فالله -سبحانه- هو الحميد، بحمده لنفسه أزلاً، وبحمد عباده له أبدًا، فهو -سبحانه- محمود في أُلوهيته، ومحمود في ربوبيته، ومحمود في ملكه، وأنه إله محمود، وربٌّ محمود، ورحمن محمود، ومَلِكٌ محمود، فله بذلك جميع أقسام الكمال والجلال.

 

وسُمي نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- محمدًا، لكثرة خصاله المحمودة، وهو صاحب المقامِ المحمود -وهو الذي يحمده فيه جميعُ الخلق لتعجيل الحساب، وإراحة الخلق من طول الوقوف-.

 

والحمد هو إخبارٌ عن محاسن المحمود، مع حبه وإجلاله وتعظيمه، والحمد أنواع: منها حمدٌ قوليٌّ وهو حمد اللسان، وحمد فعليٌّ، وهو الإتيان بالأعمال البدنية ابتغاء وجه الله.

 

وقد افتتح الله -سبحانه- حمده بسور عدة من كتابه الكريم كفاتحة الكتاب (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الفَاتِحَة: 2]، ويُقصد بها الثناء على الله، وأنه مالكٌ لجميع الحمد من الخلق، ومستحقٌّ أن يحمدوه، فَحَمْدُ الله لا ينفك عن ألسن عباد الله المؤمنين في حياتهم الدنيوية وتقلباتهم فيه.

 

وأنبياء الله -عليهم السلام- يحمدون الله في جميع أحوالهم، فإبراهيم -عليه السلام- حمد الله -سبحانه- حين وهب له ذرية؛ فقال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ)[إبراهيم: 39].

 

وحمد اللهَ نوحٌ -عليه السلام- حين أنجاه الله ومن معه من المؤمنين، وأغرق أهل الأرض الكافرين، فقال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[المؤمنون: 28].

 

وحمد اللهَ داودُ وسليمانُ -عليهما السلام- بقولهما: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ)[النَّمل: 15].

 

ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- يحمد الله في ليله ونهاره، وحِلِّه وترحاله، فيحمده عندما يأوي إلى فراشه فيقول: "الحمد لله الذي كفاني وآواني، الحمد لله الذي أطعمني وسقاني"(رواه أبو داود)، ويحمد الله عند استيقاظه بقوله: "الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني"(رواه مسلم).

 

ويحمد الله عند أكله وشربه، وركوبه، وفي أفراحه وأتراحه، فيقول إذا رأى ما يحب: "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات"(رواه ابن ماجه)، وإذا رأى ما يكره يقول: "الحمد لله على كل حال"(رواه ابن ماجه)، وقد جاء في الكتاب والسنة حمدُ الله على كل حال، وذلك يتضمن الرضا بقضائه.

 

وأعظم ما يحمد العبدُ ربَّه عليه نعمةُ الإسلام فلا تعدلها نعمة؛ حيث النعمة التي أكمل الله لنا الدين، وأتم النعمة، ورضيه لنا دينًا.

 

ولأهمية الحمد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبدأ بحمد الله في خطبه، ويكرّر حمد الله في صلاته في جوف الليل، فيقول: "اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض"(متفق عليه).

 

وعند النسائي من حديث الأسود بن سَرِيع: قال: قلت: يا رسول الله ! ألا أنشدك محامد حمدت بها ربي -تبارك وتعالى-، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أما إن ربك يحب الحمد".

 

قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء: الحمد لله"، وقال: "سُمِّى الحمدُ لله دعاءً وهو ثناء محض؛ لأن الحمد متضمّن الحب والثناء، والحب أعلى أنواع الطلب، فالحامد طالب للمحبوب، فهو أحق أن يُسمَّى داعيًا من السائل الطالب، فنفس الحمد والثناء متضمّن لأعظم الطلب".

 

فاللهم إنا نحمدك كثيرًا، طيبًا مباركًا فيه، على آلائك الجسيمة، فتقبل اللهم حمدنا.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

اعلموا أن حمد الله متكرر على ألسن عباده المؤمنين، وقد رغَّب النبي -صلى الله عليه وسلم- بحمد الله والثناء عليه آناء الليل وأطراف النهار، فقال: "أحب الكلام إلى الله أربع: سُبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرك بأيهنَّ بدأت"(رواه مسلم)، "ومن قال في يوم سبحان الله وبحمده مائة مرة، حُطت خطاياهُ وإن كانت مثل زَبَد البحر"(متفق عليه).

 

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عجبت من قضاء الله للمؤمن، إن أصابه خير حمد ربه وشكر، وإن أصابتهُ مُصيبة حمد ربه وصبر، المؤمن يُؤجر في كل شيءٍ"(رواه الإمام أحمد)، "وإذا رأى العبد رؤيا يحبها فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها، وليحدث بها"(رواه البخاري).

 

وحَمْدُ الله يكون في تسيير العمل ودفع الألم، فقد أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- عليًّا وفاطمةَ حين سألاه عن خادم بقوله: "ألا أعلمكُما خيرًا مما سألتماني، إذا أخذتما مضاجعكما: تُكبرا أربعًا وثلاثين، وتُسبّحا ثلاثًا وثلاثين، وتحمدا ثلاثًا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم"(رواه البخاري).

 

"وإن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها"(رواه مسلم).

 

وقالت عائشة -رضي الله عنها-: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر في آخر أمره -أي: في آخر حياته- سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه"(رواه أحمد).

 

ونحن نحمدك ربنا ونستغفرك، فاغفر لنا، إنك أنت الغفور الرحيم.

 

ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه؛ فصلوا عليه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

المرفقات
2BggyU9mz9akc8p5QwfFcRJc7OGZBfOxWgc7ozWa.doc
pFRHcbjvykykIizwiUhQojYI5wqoVJ2XiZfZ6gdG.pdf
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life