من محاسن دين الإسلام

خالد خضران الدلبحي العتيبي

2024-08-22 - 1446/02/18
عناصر الخطبة
1/نعمة الإسلام هي أعظم النعم 2/مما امتاز به الإسلام من المحاسن 3/تأملات في محاسن أركان الإسلام 4/التحذير من كيد الشيطان في تشويه الإسلام

اقتباس

ومن محاسن دين الإسلام العظيمة: ما جاءت به هذه الشريعة من العفة والبعد عن الرذيلة، فحرمت الشريعة الزنا، وأغلقت كل بابٍ يوصل إليه كالتبرج والسفور والاختلاط والخلوة بالمرأة الأجنبية، وخضوع المرأة بالقول مع الرجل الأجنبي، وإطلاق البصر...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بعد:

 

عباد الله: نحمد الله -عز وجل- على ما منَّ علينا بنعمة الإسلام؛ فنعمة الإسلام هي أعظم النعم كما قال -تعالى-: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[آل عمران: 103]، ودين الإسلام كلما تمسكنا به كلما سعدنا في ديننا ودنيانا، فهو صالحٌ لكل زمان ومكان؛ ولذلك أمر الله -سبحانه وتعالى- بالتمسك بجميع تعاليمه كافة، وحذرنا من خطوات الشيطان؛ فإنه لا يريد منا أن تمسك بهذا الدين العظيم، فإن استطاع أن يخرجنا منه بالكلية فهذا الذي يسعى إليه، وإذا لم يستطع فإنه يحاول أن يجعلنا مقصرين بالتمسك به، قال -تعالى-: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)[البقرة: 208].

 

فتثبيطُ المسلمين وإضعافُ تمسكهم بدينهم، وتشويهُ صورة الإسلام وصورة دعاته، من العلماء والدعاة والخطباء والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر؛ هو من مداخل شياطين الجن والإنس، فالإنس فيهم شياطين، ولهم منابرُ إعلامية يبثون سمومهم عن طريقها، فهم يحاولون أن يصوروا لمجتمعنا المسلم أن التمسك بالإسلام وبتعاليمه هو سببٌ تخلف المسلمين عن ركب الحضارة والتطور والرفاهية، ويريدون حصر الإسلام في المسجد فقط، وأما خارج المسجد فليفعل الإنسان ما يشاء؛ (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا)[الكهف: 5].

 

ولنعلم -عبادَ الله- أن دين الإسلام هو الدين الذي رضيه الله لنا، قال -تعالى-: (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)[المائدة: 3]، وجعله الله -سبحانه وتعالى- ناسخاً لجميع الأديان التي قبله فلا يقبل الله ديناً غير الإسلام، قال -تعالى-: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[آل عمران: 85]، وتكفل الله -تعالى- ببقاء هذا الدين وبحفظ كتابه، قال -تعالى-: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الحجر: 9].

 

فالمشكلة -عبادَ الله- ليست في الإسلام كما يصوره المنافقون، بل المشكلة في المسلمين هم الذين لم يطبقوا الإسلام، ولو تمسك المسلمون بدينهم لأصبح لهم التمكين، وكانوا هم الذين يقودون الأمم، قال -تعالى-: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)[آل عمران: 139]، والمقصود بالإيمان هنا كمال الإيمان، وهذا لا يكون إلا بالتمسك بالإسلام كله.

 

ومن تأمل الإسلام وتجرد من الهوى فإنه يجد أنه دينٌ عظيم، لا يأتي إلا بكل خير، ولا يحذر إلا من كل شر.

 

فنسأل الله -تعالى- أن يجعلنا من المتمسكين به؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

أما بعد: لو تأملنا -عبادَ اللهِ- بعضَ محاسنِ هذا الدين لرأينا العجب العُجاب، فمن محاسن هذا الدين: ما بني عليه من أركان خمسة وتسمى أركان الإسلام الخمسة، وهي شهادةُ أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمداً رسولُ الله، وإقامُ الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام.

 

فشهادة أن لا إله إلا الله معناها: لا معبود حق إلا الله، فمن عرف معناها واعتقدها وعمل بمقتضاها؛ ارتاح قلبه واطمأن، فهو لا يعبد إلا الله، ولا يتعلق قلبه إلا بالله، فمن أعظم محاسن الإسلام تعبيد الناس لله وحده لا شريك له.

  

وتأملوا -عباد الله- في الصلاة التي تتكرر علينا كل يوم خمس مرات، كم فيها من محاسنَ عظيمة، ومن ذلك أنها تصل العبد بربه، فهي صلة بين العبد وبين ربه، وفيها راحة وطمأنينة عجيبة، وفيها تكفير لسيئات العبد، ففي البخاري ومسلم يقول -عليه الصلاة والسلام-: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا، مَا تَقُولُ: ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ؟"، قَالُوا: لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا، قَالَ: "فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الخَطَايَا".

 

وتأملوا -عباد الله- في الزكاة، وهي مالٌ مخصوص يؤخذ من شخص مخصوص ويصرف لطائفة مخصوصة، منهم الفقراء والمساكين، ففي الزكاة تكافل اجتماعي وتراحم ومواساة، ولو أخرجت الزكاة على حقيقتها وخاصة زكاة عروض التجارة التي تعد بالمليارات؛ لما وجدت بيننا فقراء ولا مساكين، وتأملوا كما يحصل لمن أخرجها من البركة في ماله ودفع الآفات عنه!.

 

وأما صيام رمضان فهو أحد أركان الإسلام، وفيه تعويد النفس على الصبر، وفيه صحة للأبدان، وتذكرٌ لحال الجائعين الذين لا يجدون ما يدفعون به شدة جوعهم.

 

وأما الحج فمن محاسنه اجتماع العدد الكبير من المسلمين من شتى أصقاع الأرض، لباسهم واحد، ومكانهم واحد، ودينهم واحد، وقبلتهم واحدة، ويدعون إلهاً واحداً؛ فيحصل في هذا الاجتماع التعاون على طاعة الله، وتعارف المسلمين ويحصل منافعُ كثيرة.

 

ففعلاً هذه الأركان هي بناء لهذا الإسلام، وكلما حسَّن الإنسان بنائه كلما سُعد فيه، نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا من السعداء.

 

عباد الله: إن من محاسن دين الإسلام أنه حث على الأخذ بأسباب القوة، قال -تعالى-: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)[الأنفال: 60]، وهذا عامٌ يشمل كل قوة، ومن ذلك القوة العسكرية والقوة الاقتصادية.

 

ومن محاسن دين الإسلام: أنه أتى بما يحفظ الأموال العامة والأموال الخاصة، فحرمت الشريعة الرشوة وحرمت الغش والربا والغرر والظلم والسرقة والتبذير والإسراف، وغير ذلك من الأبواب التي فيها أكلٌ للمال بالباطل أو إضاعة للمال.

 

ومن محاسن دين الإسلام العظيمة: ما جاءت به هذه الشريعة من العفة والبعد عن الرذيلة، فحرمت الشريعة الزنا، وأغلقت كل بابٍ يوصل إليه كالتبرج والسفور والاختلاط والخلوة بالمرأة الأجنبية، وخضوع المرأة بالقول مع الرجل الأجنبي، وإطلاق البصر فيما حرم الله، وغير ذلك من معاولِ هدم العفة والحياء.

 

ومحاسنُ دين الإسلام كثيرة لا يمكن حصرها، فالحذر -أيها المسلمون- من مداخل الشيطان الذي يريد أن ينفرنا من التمسك بهذا الدين، والحذر من الذين يزهدون في التمسك بهذا الدين العظيم، فهم يشككون في بعض تعاليم الإسلام؛ لأنها تصادم ما هم عليه، وما يريدونه من أمورٍ محرمة، والعياذ بالله.

نسأل الله -تعالى- أن يجلنا ممن يرضون بالله، ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبياً رسولا.

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life