ما يجتنب لبسه في الصلاة

عبدالله بن عياش هاشم

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: الصلاة
عناصر الخطبة
1/حكم صور ذوات الأرواح 2/حكم الصلاة في ثوب عليه صور ذوات الأرواح 3/حكم الصلاة على سجاد فيه صور أو زخارف

اقتباس

لا يَجوزُ للمَرْأَةِ أنْ تُصّلِّي في ثَوْبٍ فيه تَصاوِيرَ سَوَاءً كانت تَصاوِيرَ لِبَنِي آدم أو لحيوانات أخرى، لكن لو صَلَّتْ صّحَّت الصَّلاةُ مع الإثْمِ، الصَّحيح: أنها تَصِحُّ الصَّلاةُ لكن مع الإثم...

الخُطْبَةُ الأُوْلَى:

 

إِنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ -صلى الله عليه وسلم-.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:١٠٢].

 

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[النساء:١]

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:٧٠-٧١].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فعن أبي طَلْحَة -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ"(رواه البخاري ومسلم)؛ فلا يجوز تعليق صور ذوات الأرواح، من الإنسان أو الحيوان أو الطير أو غيره، في البيوت، أو وضعها كستائر وستورٍ على الجدران أو غيرها، لأنها تمنع دخول الملائكة، والبيت الذي لا تدخله الملائكة محروم من الخير، وتدخله الشياطين.

 

معاشر المسلمين: رجَع النبي -صلى الله عليه وسلم- من سَفَرٍ فدَخَل على عائِشَةَ -رضي الله عنه- فَرَأى [سَهْوَةً] هي شَبِيهَةٌ بالرَّفِّ على الجدار أو النافِذة الصغيرة، وقد غُطِّيَت [بقرام] ستارة رقيقة فيها [تَمَاثِيلُ] صور لذوات أرواح، [فَلَمَّا رَآهُ هَتَكَهُ] وبادر -صلى الله عليه وسلم- فنَزَعَه، [وَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ] غَضَبًا وكَراهِيَّةً وإنْكارًا لِمَا رَأى، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "يَا عَائِشَةُ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ!!"، قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنه-: فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنْهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ الحديث في الصحيحين.

 

وفي الصحيحين أيضًا من حديث عائِشةَ أمِّ المُؤمِنينَ -رضي الله عنه-: أنَّها اشتَرَت نُمرُقةً فيها تصاويرُ -والنُّمْرُقَة وِسادَة صغيرة يُتَّكَؤُ عليها فكأنَّها وضَعَتْها في صَدْر المجْلِس-، فلمَّا رآها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قام على البابِ، فلم يَدخُلْه، -قالت- فعَرَفْتُ في وَجْهِه الكراهيَةَ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أتوبُ إلى اللهِ، وإلى رَسولِه، ماذا أذنَبْتُ؟! فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما بالُ هذه النُّمرُقةِ؟" قلتُ: اشتَرَيتُها لك لتَقعُدَ عليها وتَوَسَّدَها، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أصحابَ هذه الصُّوَرِ يُعَذَّبونَ يومَ القيامةِ، ويُقالُ لهم: أحيُوا ما خَلَقْتُم"، وقال: "إنَّ البيتَ الذي فيه الصُّوَرُ لا تَدخُلُه الملائِكةُ".

 

معاشر المصلين: إذا كان هذا حُكْم الصُّوَرِ في البيوت، فإنَّها أشدُّ حُرْمَةً في المساجِدِ، فنرى بَعْضُ النَّاسِ يدخُلُ المسجِدَ بملابسَ عليها صُوَرٌ تَمْنَعُ دخولَ الملائكةِ بيوتَ الله، نسألُ الله العافِيَةَ.

 

وتكونُ أَشَدُّ جُرْمًا وإثْمًا إذا كانت الصُّوَرُ لكافرين أو ماجِنين وفاسقين، أو شِعاراتٌ للكُفْرِ وصُوَرُ أصنامِ الوَثَنِيِّينَ.

 

أحبتي: سُئل الشيخ عبدالعزيز بن باز يرحمه الله: هل يجوزُ للمَرْأَة أنْ تُصَلِّي بالثَّوْب الذي يوجد به صور؟ فكان جوابه رحمه الله:

"فقد دَلَّتِ الأَحاديثُ الصَّحيحةُ عَنْ رَسول الله -صلى الله عليه وسلم- على تحريم التَّصْوِيرِ وعلى لَعَنَ المُصّوِّرِين، ولما رأى عند عائشة -رضي الله عنه- سِترًا فيه تَصَاوِير هَتَكَهُ وغَضِبَ عليه الصلاة والسلام وقال: "إِنَّ ‌أَصْحَابَ ‌هَذِهِ ‌الصُّوَرِ ‌يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ".

 

فلا يَجوزُ للمَرْأَةِ أنْ تُصّلِّي في ثَوْبٍ فيه تَصاوِيرَ سَوَاءً كانت تَصاوِيرَ لِبَنِي آدم أو لحيوانات أخرى، لكن لو صَلَّتْ صّحَّت الصَّلاةُ مع الإثْمِ، الصَّحيح: أنها تَصِحُّ الصَّلاةُ لكن مع الإثم، لا تُعِيدُ الصَّلاة، لكن عليها التَّوْبَة إلى الله، ولا تَعودُ تَصَلِّي في ثَوْبٍ فيه تَصَاوِير، لا في فنيلة ولا في قميص ولا في سراويل ولا في خمار يجب ترك ذلك.

 

وهكذا الرجل لا يصلي في ثوب فيه تصاوير لا فنيلة ولا قميص ولا غترة ولا سراويل ولا بشت، يجب ترك ذلك؛ لأن هذا أعظم من الستر اللي على الجدار، نسأل الله السلامة".

 

فَلْنَتَّقِّ اللهَ، ولنُحافِظ على صلاتِنا، ونَجْتَنِبْ كُلَّ ما يكُونُ سَببًا لحِرمانِنَا من أُجُورها، ونسْأَلُ الله أنْ يرْزُقَنا الإخْلاصَ والخُشُوعَ فيها، وأنْ يَتَقَبَّلَها منَّا، إنَّه سَمِيعٌ مُجيب.

 

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ والسنة، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِما مِنَ الآياتِ وَالحكمة، أَقُولُ قولي هذا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ ولسائر المسلمين من كل ذنب، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فعَنْ ‌عَائِشَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- ‌صَلَّى ‌فِي ‌خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ -أي عليها نقش وخطوط- فَقَالَ: "شَغَلَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ، اذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ، وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةٍ"(متفق عليه).

 

فلا يجوز لمسلم أنْ يُصَلِّي في ملابس أو على سِجَّادٍ فيها صُوَرٌ، أو رسوماتٌ أو أَشْكالٌ وزخارِفَ أو كاتبات تكون سَبَبًا فإِشغالِ المُصّلِّين بالنَّظَرِ إليها، ويُؤَثِّرُ على الخُشوعِ فيها.

 

وأشدُّ من ذلك إِثْمًا إذا كانت من شعارات الكفر كالصليب والتنين، أو شِعاراتِ المُجونِ والفُسوق، كشِعاراتِ الشَّوَاذِّ وأمثالها، أو كِتاباتٍ فيها فُحْشٌ.

 

فالصليب شعار النصارى يعظمونه، وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري عن عائشة -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ ‌تَصَالِيبُ ‌إِلَّا ‌نَقَضَهُ.

 

ومَنْ صَلَّى على شَيْءٍ قد رُسِمَ فيه صليبٌ، أو في مكان به صليب وهو لا يَعْلَم، أو يَجْهَلُ الحُكْمَ فإنَّ صلَاتَه صحيحة مع الكراهة، وعليه أن يجتنب هذا مستقبلا، بذلك أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء.

 

اللهم تقبل صلاتنا وارزُقنا الخُشوعَ فيها، وتجاوز عنا زللنا وخطايانا، وتُبْ علينا يا توَّابُ يا رحيم، يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم إنَّا نسألكَ بفضلكَ وكرمكَ أن تحفظنا من كل سوء ومكروه، وأن تدفع البلاءَ، وترفعَ الداء عن الأرض.

 

اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن، وسوء الفتن، ما ظهَر منها وما بطَن، اللهم إنَّا نعوذ بكَ من جَهْد البلاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.

 

اللهم أَحْسِنْ عاقبتَنا في الأمور كلها، وأَجِرْنا من خزيِ الدنيا وعذابِ الآخرةِ، اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، وارحم موتانا، وكُنْ للمستضعَفين منا برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم وفِّق خادمَ الحرمينِ الشريفينِ ووليَّ عهدِه وأعوانهما ووزراءهما لِمَا تُحِبُّ وترضى، خُذ بِنواصيهم للبر والتقوى، واجعلهم اللهم سلمًا لأوليائك، حربًا على أعدائك، ووفِّقْهم لِمَا فيه خير للإسلام وصلاح المسلمين.

 

اللهم وفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين لِمَا تحبه وترضاه، اللهم وفقهم لتحكيم شرعك في رعاياهم، والعدل بينهم.

 

اللهم انصر جنودنا المرابطينَ على حدود بلادنا، اللهم انصرهم نصرًا مؤزَّرًا عاجلًا غير آجل، وردَّهم لأهليهم سالمين غانمين منصورين، برحمتك وفضلك وجودك يا ربَّ العالمينَ.

 

(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[الحشر:10].

 

الَّلهُمَّ اغفر لنا ولوالدينا، ولوالد والدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة:201].

المرفقات
KRZ19JWFnwbkASJV3Ag7WyMcOZGJag40y7kNIJX6.pdf
N8bBUVkxy5di6xNp2AnZnlDygnBQDSUqnsxX5jPS.doc
التعليقات
زائر
08-06-2022

موضوع مهم وفعال جزاك الله خير 

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life