عناصر الخطبة
1/ وجوب تعرية فكر المفسدين الغلاة 2/ تحريم الدماء المعصومة 3/ سوء أفعال الغلاة والخوارج 4/ من أهم وسائل الحماية والتحصين لأبنائنا وبناتنا 5/ لماذا يستقطبون صغار السن 6/ أهمية الوحدة واجتماع الكلمة 7/ واجب العلماء والمربين تجاه الشباب.اهداف الخطبة
اقتباس
لقد اجتهد أرباب هذا الفكر في استقطاب صغار السن؛ لأنهم أسرع في قبول هذه الأفكار، وأقل كلفة من غيرهم، وقلوبهم بيضاء نقية، وسرعان ما تؤثر بهم الشبه. وقد وصف رسولنا الخوارج بأنهم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، وهذا فيه إشارة إلى أن هؤلاء يستغلون صغار السن، ويجعلونهم أداة لتنفيذ جرائمهم، والواقع خير شاهد على ما نقول.. إنه لا بد من تضافر الجهود، كلٌّ فيما يخصه وحسب طاقته، في جميع المجالات، مجال التعليم والإعلام والدعوة والخطابة ومحاضن الجيل...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
عباد الله: إن من أوجب الواجبات تعرية فكر هؤلاء المفسدين، وبيان خطرهم على الإسلام وأهله، وكشف ضلالهم وإجرامهم.
لقد فاق هؤلاء فيما أقدموا عليه من جرائم أفعال الخوارج وزادوا عليها، لقد كفَّروا المسلمين، واستحلوا دماءهم وأموالهم.
ويكفي في وصفهم قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الإسلام ويدَعُون أهل الأوثان، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد".
وجاء الوعيد صريحًا شديدًا لمن قتل نفسًا معصومة بغير حق، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93].
وهؤلاء أقدموا على قتل أنفسهم –انتحارا، عياذا بالله– حيث فجروا بأنفسهم، وقتل الإنسان نفسه جريمة من أكبر الجرائم وأعظم الذنوب.
جاء في الحديث الصحيح: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا" (متفق عليه).
وزاد إجرام هؤلاء حيث سعوا في خراب المساجد، والاعتداء على الراكعين الساجدين فيها، وهذا أشد الظلم وأشنعه، قال الله -تعالى-: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [البقرة: 114].
عباد الله: المسؤولية عظيمة ونحن في سفينة واحدة، ومن خرقها أغرق نفسه وأغرق معه غيره، فلا بد من الإحساس بالمسئولية والقيام بالواجب.
وليحذر كل مسلم أن يصدر منه شيء يثير الفتنة أو يفهم منه التعاطف مع هؤلاء، أو تبرير أفعالهم، فهذا يعتبر مشاركة لهم في جرائمهم.
بل على كل واحد منا أن يكون صالحا مصلحا، نجمع ولا نفرق، وندعو إلى الله بحكمة وروية، ونبين للناس ما أشكل عليهم، ونرجع لأهل العلم فيما أشكل علينا، ونحث الناس على تمام الطاعة والولاء لولاة الأمر في اليسر والعسر، والمنشط والمكره، ففي ذلك الأمان والطمأنينة، وسلامة المجتمع من الويلات والفتن التي جرت بعض المجتمعات -ممن حولنا -إلى تفرق وتحزب، أفسد عليهم دينهم وعيشهم، وباتوا في خوف وهلع لا يعلم نهايته إلا الله.
عباد الله:
وإن من أهم وسائل الحماية والتحصين لأبنائنا وبناتنا ضد هذه الأفكار ما يأتي:
- إرشادهم إلى الإيمان بالله، ودفعهم للتأمل والتفكر في هذا الكون الفسيح العريض الذي يدل على قدرة الخالق وحسن تدبيره.
- وعلينا أن نغرس في نفوسهم روح الخشوع والتقوى والعبودية لله -جل وعلا-، وأن نربي فيهم روح المراقبة الذاتية لله –تعالى- في كل تصرفاتهم وأحوالهم، وأن الله يعلم سرهم ونجواهم، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
- وعلينا أن نربيهم على الفضائل الخلقية والسلوكية والوجدانية، "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" (رواه الترمذي).
- كما يجب علينا أن نتابعهم، ونحرص عليهم، ونحفظهم ممن يسممون أفكارهم، وينحرفون بهم عن الجادة والوسطية، ولا نترك لهم الحبل على الغارب يذهبون أينما شاءوا ومع من شاءوا !!.. بل لا بد أن نعرف من يصاحبون؟ ومع من يجلسون ويخرجون؟ وهل هذه الصحبة ممن يستأمنون عليهم إذا كانوا معهم؟
- وعلينا أن نوضح لأبنائنا وبناتنا فكر الفئة الضالة؛ لئلا يسرقوهم منا في ساعة من نهار، فالأعداء يتربصون بهم كل حين ليحرفوهم عن الصراط المستقيم.
لقد اجتهد أرباب هذا الفكر في استقطاب صغار السن؛ لأنهم أسرع في قبول هذه الأفكار، وأقل كلفة من غيرهم، وقلوبهم بيضاء نقية، وسرعان ما تؤثر بهم الشبه.
وقد وصف رسولنا الخوارج بأنهم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، وهذا فيه إشارة إلى أن هؤلاء يستغلون صغار السن، ويجعلونهم أداة لتنفيذ جرائمهم، والواقع خير شاهد على ما نقول.
وخلاصة القول أيها المؤمنون:
إنه لا بد من تضافر الجهود، كلٌّ فيما يخصه وحسب طاقته، في جميع المجالات، مجال التعليم والإعلام والدعوة والخطابة ومحاضن الجيل.
لا بد أن تتضافر الجهود لبيان الحق والوسطية، وتعرية الفكر الضال، وربط الناشئة بعلمائهم، والتفافهم حول قيادتهم، وأن يحافظوا على مكتسبات وطنهم، ليكونوا عناصر فاعلين في هذا المجتمع، ليحقق الأمن والأمان ورغد العيش .
وصدق الله العظيم (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا..) [المائدة: 32].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم، فاستغفروا الله يغفر لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن المصالح الشرعية والنصوص الصريحة تدعو الأمة إلى الوحدة واجتماع الكلمة، لا سيما أن الأعداء يتآمرون على بلادنا من كل حدب وصوب، فليكن لنا التزام واعتصام وسمع وطاعة.
نحرص على حفظ دماء المسلمين وتوحيد كلمتهم واجتماع شملهم، وأن نقطع الطريق على كل من يريد بنا أو ببلادنا أو قيادتنا شرًّا مهما كان دافعه وهواه، فلا شيء عندنا أغلى من ديننا، ولا شيء بعد الدين أثمن من الأمن.
فاحرصوا أيها المؤمنون على أن تكونوا هداة خير، ودعاة صدق، واحذروا من السفهاء والجهلة الذين ضلوا وأضلوا.
عباد الله:
إن المسئولية الكبرى تقع على عاتق العلماء، أن يقوموا برسالتهم التي ائتمنهم الله عليها، فيشرحوا صدورهم للشباب، ويكثروا الجلوس معهم، ويتبسطوا في الحديث معهم، ويوجهوهم، ويتحاوروا معهم بكل رفق وحلم وأناة، ويكشفوا الشُّبَه التي تعلق في أذهانهم، ويزيلوا ما يبثه أهل السوء من التلبيس والباطل.
ومتى قام أهل العلم بدورهم في هذا المجال: سدُّوا الباب على أهل البغي والضلال، وحصنوا الشباب ضد هذا الفكر الضال.
كفى الله المسلمين شر الأشرار وكيد الفجار، وحفظ الله بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، ورد كيد الكائدين إلى نحورهم.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ...
التعليقات