عناصر الخطبة
1/ من أدعية استفتاح الصلاة 2/الأحاديث التي ورد فيها هذا الدعاء 3/معنى المباعدة بين المسلم وبين ذنوبه 4/التخلية قبل التحلية 5/تأملات في قوله: (وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ) 6/أسرار ولطائف " وباعد" 7/ أسرار ولطائف: "بيني وبين" و "خطاياي" 8/ من آثار المعاصي على الفرد والمجتمعاقتباس
وحينما تتأمل في قوله "وباعد" ستجد أن طلب المباعدة بينك وبين الشيء يكون قبل أن تقع فيه، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يشير إلينا بهذه الكلمة إلى أن نجتنب المعاصي ونحذرها، ونبتعد عنها لا أن قع فيها فقط...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الملك الوهاب، الرحيم التواب، خلق الناس وأمرهم بالتوبة من الذنوب والخطايا والله عنده حسن المآب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بلا شك ولا ارتياب، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي أنُزل عليه الكتاب، تبصرة وذكرى لأولي الألباب، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآب.
أما بعد:
عباد الله: روت أم المؤمنين عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ: "اللهُمَّ فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ، وَالْمَغْرَمِ" [البخاري (6368) مسلم (589) ]. وفي الصحيحين عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ، سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ "أَقُولُ: اللهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ " [البخاري (744) مسلم (598)].
ما أجمل هذه الدعوات، وما ألذ هذه الكلمات، وما أحسن هذه العبارات، ولو أردنا أن نقف مع كل دعوة من هذه الدعوات لطال بنا المقام، ولكن حسبنا أن نقف مع عبارة واحدة من هذه العبارات العبقة، ودعاء واحد من هذه الأدعية الجميلة، التي تخترق القلوب، وتصل إلى الأفئدة بلا استئذان، إنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ".
إن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- يدعوا ربه -سبحانه وتعالى- في هذا الدعاء أن يمحو ذنوبه كلها، وأن يغفرها له، وأن لا يؤاخذه بها، وأن يباعد بينه وبينها كما باعد بين المشرق والمغرب، وهذا الدعاء الجميل كان -صلى الله عليه وسلم- يدعو به دائماً كما في حديث عائشة المذكور، قالت: "كَانَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ"، وكان أيضاً يدعو بهذا الدعاء عند استفتاح الصلاة، ويجعله واحداً من أدعية الاستفتاح التي يستفتح بها صلاته قبل أن يقرأ الفاتحة في الركعة الأولى، كما في حديث أبي هريرة المذكور، فتعالوا بنا نغوص في هذه العبارة الرائعة، لنستخرج منها اللآلئ الجميلة والكنوز الثمينة، التي تحتويها هذه الكلمات العذبة: "وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ".
تخيل وأنت واقف بين يدي الله تدعو الله بهذا الدعاء تصور خطاياك وذنوبك التي عملتها، تذكرها كلها، دقها وجلها، وأولها وآخرها، وعلانيتها وسرها، وما علمته منها ومالم تعلمه، وما عملته بلسانك، أو بيديك، أو برجليك، أو بفرجك، أو ببطنك، أو بقلبك، أو بأي عضو آخر من أعضاء جسدك، تخيل هذه الذنوب كلها، ثم اسأل الله بصدق وخشوع وتأسف وخضوع أن يباعد بينك وبينها كما باعد بين المشرق والمغرب، تطلب من الله أن يجعل بينك وبين ذنوبك ومعاصيك أقصى حد، وأطول مسافة، وهي المسافة التي بين المشرق والمغرب، فهل يوجد أبعد مما بين المشرق والمغرب؟ وهذا ما يقوله القرين يوم القيامة لقرينه الذي أضله،(يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) [الزخرف:38].
ثم تصوروا -يا عباد الله- أن هذا الدعاء يقال عند استفتاح الصلاة، مع أن الصلاة عبادة إلا أنه طلب منا ونحن نستفتحها أن نستغفر الله ونتوب إليه، ونطلب منه أن يباعد بيننا وبين ذنوبنا، مع أننا مقبلون على عبادة تعد من أعظم العبادات، فكم سيكون مطلوب منا أن نكثر من التوبة والاستغفار إذا عصينا وأذنبنا؟ فإذا كان يطلب منا الدعاء بالمغفرة والمباعدة بينا وبين معاصينا عند الصلاة فكيف يكون المطلوب منا عند الوقوع في الذنب والمعصية؟ وإذا كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقول هذا الدعاء ويكرره عند استفتاح كل صلاة، فماذا نقول نحن عن أنفسنا وخطايانا؟.
إن الخطايا والذنوب تؤثر على مناجاة العبد لربه، وكلما سلم العبد منها وتطهر من آثارها كلما كانت المناجاة أتم وأكمل، ولما كان المصلي بحاجة لتمام المناجاة، وكانت الذنوب تؤثر عليها صار العبد يطلب من ربه المباعدة بينه وبين خطاياه حتى تكتمل له لذة المناجاة، وعلى هذا فمن أراد التلذذ بمناجاة الله فليطهر نفسه أولاً من الذنوب، فإن لها أثرا في منع التلذذ بالعبادة والمناجاة بين يدي الله، ولهذا قالوا: "التخلية قبل التحلية".
تفكر في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وباعد بيني وبين خطاياي"، وحينما تتأمل في قوله "وباعد" ستجد أن طلب المباعدة بينك وبين الشيء يكون قبل أن تقع فيه، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يشير إلينا بهذه الكلمة إلى أن نجتنب المعاصي ونحذرها، ونبتعد عنها لا أن نقع فيها فقط، نسأل الله أن يعصمنا من الوقوع فيها، وأن يباعد بيننا وبينها، فهذه العبارة: "وباعد بيني وبين خطاياي" تصدق على مرحلة ما قبل الوقوع في المعصية ومواقعة الذنب، لذا طلب العبد أن يسأل ربه أن يباعد بينه وبين خطاياه فهو أدعى له للسلامة من الوقوع فيها.
كما تشير الآية إلى أن الإنسان خَطّاء، وكل ابن آدم لابد له من الوقوع في الذنب والمعصية، من قوله "خطاياي" التي كتب علي؛ وبما أن الأمر كذلك، والإنسان لا محالة له من الزلل والخطيئة اختار -عليه الصلاة والسلام- لفظة "وباعد"، لأن الوقوع في المعصية أمر حتمي، فتسأل الله أن يباعد بينك وبين هذا الوقوع، بحيث لا تقع فيه بسهولة، أو يتكرر منك الوقوع بشكل مستمر.
أيها المسلمون: ولو دققنا في قوله -عليه الصلاة والسلام-: "وباعد بيني وبين خطاياي"، سنلاحظ في: "بيني وبين" أنه بدأ فــــي طلب المباعدة بنفسه، ثم "وبين خطاياي"، وهذا يعنى أن المؤمن يجب عليه أن يكون حريصاً من ذات نفسه على إبعاد نفسه عن الذنوب، وهذا أنسب من لو قال: باعد بين خطاياي وبيني، ولذلك قدم بيني على بين خطاياي لأن الإنسان هو من يخطئ ويعصي.
ثم تأملوا أيضاً في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ" في "وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ" كرر كلمة "بين" فقال "بيني وبين خطاياي"، لكنه في المشرق والمغرب لم يكرر كلمة "بين"، وإنما قال "كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ"، وهذا يصور شدة طلب العبد لربه في مباعدته عن ذنوبه أبعد مما بين المشرق والمغرب، وهذا الشعور له أثره على معرفة العبد بأثر الذنوب وخطرها، وعاقبة الوقوع فيها.
أيضاً في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وباعد بيني وبين خطاياي" دليل على أن الدنو من المعاصي والقرب من الذنوب وأماكنها أحد الأسباب التي تسهل للعبد الوقوع فيها، ومن هنا جاء اللفظ بأن يطلب العبد من ربه أن يباعد بينه وبين الخطايا، لأن قربه منها سبب لسهولة الوقوع فيها، وقد جاء في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ، فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ، فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ... إلخ الحديث [مسلم (2766) ].
فالشاهد أن العالم أمر هذا الرجل التائب أن يبتعد عن أرضه، وأن ينطلق إلى بيئة أخرى صالحة، حتى لا يعود إلى الانتكاسة ومواقعة الذنوب مرة أخرى، مما يدل على أن الدنو من المعاصي والقرب من الذنوب وأماكنها من أعظم الأسباب التي تجعل العبد يقع فيها، يقول الله -سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) [التحريم : 8]، ويقول: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31].
أقول ما سمعتم واستغفر الله ..
الخطبة الثانية:
الحمد لله، غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير. والصلاة والسلام على رسول الله، مُعلَّمِ الإنسانية، ومرشدها وهاديها إلى الحق، وإلى صراط مستقيم، وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأحبابه إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
وبعد:
عباد الله: لنتأمل في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خَطَايَايَ" إنه يعترف بذنبه وخطاياه، وأي ذنوب أو خطايا عملها نبينا -صلى الله عليه وسلم- حتى يطلب من الله أن يباعد بينه وبينها؟ ولكنه الاعتراف بالذنب، والإقرار بالخطأ، والتواضع العظيم منه -صلى الله عليه وسلم- لربه -جل وعلا-، ولا شك أن لهذا الاعتراف أثراً طيباً على طرد الإعجاب بالنفس ومعرفة قدرها، وفيه من شدة الارتباط بالله والخضوع التام له شيئاً عظيماً، حيث نسب الذنوب لنفسه، فقال: "خطاياي" لأنه هو الذي باشرها وعملها فلذلك نسبها لنفسه، ثم إن الاعتراف بالذنب عند الدعاء والتذلل بين يدي الله والتقديم بين مناجاته بالإقرار بالخطأ، يكون أكثر مناسبة لإجابة الدعاء، حين يعترف العبد بذنوبه وخطاياه، ويطلب من ربه أن يباعد بينه وبينها حتى لا تحول بينه وبين ربه.
إن المباعدة في هذا الحديث تشمل المباعدة الأثرية، أي أن يباعد الله بينك وبين آثار الذنوب الدنيوية والأخروية، وتشمل المباعدة المكانية، فتسأل ربك أن يباعد بينك وبين ذنوبك من حيث المكان، فلا تكون قريبا من مواقع المعاصي ومواطنها، ولا يكتب لك الإقامة في أرض تكثر فيها المنكرات، أو تعمل في عمل ينتشر فيه الشر، أو يكون قريباً منك، وتشمل أيضاً المباعدة الزمانية، فتسأل الله أن يباعد بينك وبين زمن الوقوع في الخطايا والذنوب.
إن الخطايا هي التي توقعك في الزلات وتوردك المهالك، وتكون في الدنيا سبباً لذلك وهوانك، ويوم القيامة تكون سبباً لشقائك وانتكاستك وحرمانك من الجنة، فلذلك شرع لنا أن نسأل الله دائماً وأبداً وفي كل صلاة أن يباعد بيننا وبين خطايانا كما باعد بين المشرق والمغرب، حتى لا تكون خطايانا سبباً في حرماننا من الخير ووقوعنا في الشر والهلاك في الدنيا والآخرة، يقول ابن القيم -رحمه الله- مبيناً خطر المعاصي وآثار الذنوب على الفرد والمجتمع، فيقول: "فَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ، أَنَّ الذُّنُوبَ وَالْمَعَاصِيَ تَضُرُّ، وَلَا بُدَّ أَنَّ ضَرَرَهَا فِي الْقَلْبِ كَضَرَرِ السُّمُومِ فِي الْأَبْدَانِ عَلَى اخْتِلَافِ دَرَجَاتِهَا فِي الضَّرَرِ، وَهَلْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ شَرٌّ وَدَاءٌ إِلَّا سَبَبُهُ الذُّنُوبُ وَالْمَعَاصِي، فَمَا الَّذِي أَخْرَجَ الْأَبَوَيْنِ مِنَ الْجَنَّةِ، دَارِ اللَّذَّةِ وَالنَّعِيمِ وَالْبَهْجَةِ وَالسُّرُورِ إِلَى دَارِ الْآلَامِ وَالْأَحْزَانِ وَالْمَصَائِبِ؟.
وَمَا الَّذِي أَخْرَجَ إِبْلِيسَ مِنْ مَلَكُوتِ السَّمَاءِ وَطَرَدَهُ وَلَعَنَهُ ... وَمَا الَّذِي أَغْرَقَ أَهْلَ الْأَرْضِ كُلَّهُمْ حَتَّى عَلَا الْمَاءُ فَوْقَ رَأْسِ الْجِبَالِ؟ وَمَا الَّذِي سَلَّطَ الرِّيحَ الْعَقِيمَ عَلَى قَوْمِ عَادٍ حَتَّى أَلْقَتْهُمْ مَوْتَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٌ، وَدَمَّرَتْ مَا مَرَّ عَلَيْهِ مِنْ دِيَارِهِمْ وَحُرُوثِهِمْ وَزُرُوعِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ، حَتَّى صَارُوا عِبْرَةً لِلْأُمَمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ..." إلخ كلامه -رحمه الله؟- [الجواب الكافي (1/42-44 )].
اللَّهُمَّ باعد بيننا وبين خطايانَا كما باعدت بين المشرق والمغرب ونقنا من الخطايا كما ينقى الثوب الأَبْيَض من الدنس، اللَّهُمَّ إنا ظلمنا أنفسنا فاغفر لَنَا ذنوبنا وهب لَنَا تقواك واهدنا بهداك ولا تكلنا إِلَى أحد سواك، اللَّهُمَّ أعذنا بمعافاتك من عقوبتك وبرضاك من سخطك، واحفظ جوارحنا من مخالفة أمرك واغفر لَنَا ولوالدينا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين الأحياء مِنْهُمْ والميتين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
التعليقات