عناصر الخطبة
1/الوعيد الشديد لمن يؤذي المؤمنين2/فضل كف الأذى وثوابه 3/صور من الأذية المحرمة 4/فضل الصبر على أذى الناس 5/صور من عفو النبي -صلى الله عليه وسلم- 5/صور من عفو الصحابةاقتباس
جلس يوما لعطاء الجند، وأمر مناديه فنادى: أين عمرو بن جرموز؟, وهو الذي قتل أباه الزبير، فقيل له: أيها الأمير!، إنه قد تباعد في الأرض, فقال: أوَ يظن الجاهل أني أقيده -القود: قتل النفس بالنفس- بأبي عبد الله؟! فليظهر آمنًا؛ ليأخذ عطاءه موفرًا...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
أما بعد: فحديثنا في هذا اليوم الطيب الميمون الأغر عن كف الأذى عن الناس صدقة, وبيان خطورة أذية الناس, وبيان عقوبة من يؤذيهم في الدنيا والأخرة, ثم نطوف معكم على صور من الأذية المحرمة التي يقع فيها بعض الناس, ثم ننادي ونقول لمن نالهم الأذى: لا تقابلوا السيئة بالسيئة, ولكن اعفوا واصفحوا, أعيروني القلوب والأسماع -أيها الأحباب-.
أيها الإخوة الكرام: إن أذية المؤمنين والمؤمنات من كبائر الذنوب التي حذرنا منها علام الغيوب؛ فقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً)[الأحزاب:58], في هذه الآية تحريم أذى المسلم، إلا بوجه شرعيّ؛ كالمعاقبة على ذنب, ويدخل في الآية كل ما حرم للإيذاء؛ كالبيع على بيع غيره، والسوم على سومه، والخطبة على خطبته, وقد نص الشافعيّ على تحريم أكل الإنسان مما يلي غيره، إذا اشتمل على إيذاء, عن الفضيل قال: "لا يحل لك أن تؤذي كلبا أو خنزيرا بغير حق، فكيف؟!"؛ أي: فكيف إيذاء المؤمنين والمؤمنات!.
واعلموا أن كف الأذى صدقة مقبولة عند الله -تعالى-, عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ!، أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الْإِيمَانُ بِاللهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ", قَالَ: قُلْتُ: أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟, قَالَ: "أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا", قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟, قَالَ: "تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ", قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ!، أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟, قَالَ: "تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ؛ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ"(متفق عليه), يقول يحيى بن معاذ: "ليكن حظُّ المؤمن منكَ ثلاثة: إن لم تنفعه فلا تضرّه، وإن لم تُفرِحهُ فلا تغُمّه، وإن لم تمدحه فلا تذُمّه".
واعلموا -عباد الله- أن كف الأذى عن المسلمين وعن طرقاتهم موجب من موجبات دخول الجنة, عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال رسول اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "مرَّ رجلٌ بغصن شجرةٍ على ظهر طريقٍ، فقال: والله لأُنَحِّيَنَّ هذا عن المسلمين لا يؤذيهم؛ فأُدخِلَ الجنَّة"(متفق عليه), وعن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله! دُلَّني على عملٍ يُدخِلُني الجنة، قال: "اعزِلِ الأذَى عن طريق المسلمين"(مسند أحمد).
عن أبي ذر -رضي الله عنه-: ولمَّا سُئل النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: أيُّ المسلمين خيرٌ؟, قال: "مَن سلم المسلمون من لسانه ويده"(متفق عليه)، قال الإمام ابنُ حجر -رحمه الله -: "فيقتضي حَصْر المسلم فيمن سلِم المسلمون من لسانه ويده، والمراد بذلك المسلم الكامل الإسلام الواجب؛ إذْ سلامة المسلمين من لسان العبد ويده واجبةٌ، وأذى المسلم حرامٌ باللِّسان واليد", قال الإمام البغوي -رحمه الله تعالى-: "أفضلُ المسلمين من جمع إلى أداء حقوق الله -تعالى- زأداء حقوق المسلمين، والكفَّ عن أعراضهم".
ومن منا -عباد الله- يتحمل أن يحاربه الله –تعالى-؟! عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: قال رسول اللهِ - -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "إِنَّ اللهَ قال: مَن عَادَى لي وَلِيًّا فَقد آذَنتُه بِالحَرْب"(أخرجه البخاري), فمن المخذول الذي يتصدَّى لحرب الله، وقد قال -سبحانه-: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)[الحج: 38]؟!.
واحذروا -عباد الله- من الوقوع في الأذية؛ فإنها سبب من أسباب الإفلاس يوم القيامة, عن أبي هريرة أنَّ رسول اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "أتَدْرون ما المفلس؟", قالوا: المفلس فينا من لا دِرْهم له ولا متاع، فقال: "إنَّ المفلس مِن أُمَّتِي يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتمَ هذا، وقذفَ هذا، وأكلَ مال هذا، وسفكَ دمَ هذا، وضرب هذا؛ فيُعطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإنْ فَنِيَت حسناتُه قبل أن يقضى ما عليه أُخِذ من خطاياهم؛ فطُرِحَت عليه، ثُمَّ طرح في النَّار"(رواه مسلم).
وعن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهم- قال: صعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المنبرَ، فنادى بصوت رفيع، فقال: "يا معشر من أسلم بلسانه ولم يُفضِ الإيمان إلى قلبه: لا تُؤذوا المسلمين، ولا تُعيِّروهم، ولا تتَّبِعوا عوراتهم؛ فإنه من تتبَّع عورةَ أخيه المسلم تتبَّع الله عورته، ومن تتبَّع الله عورته؛ يفضَحه ولو في جوف رحله"(صحيح الترمذي).
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من البينات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، الهادي إلى إحسانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانه وسلم تسليما كثيرا, وبعد:
إن إيذاء المسلمين سبب لدخول النار، وكف الأذى عنهم من أسباب دخول الجنة، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فُلاَنَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاَتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا؛ غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِى جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا, قَالَ: "هِي في النَّارِ", قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَإِنَّ فُلاَنَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلاَتِهَا, وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأَقِطِ؛ وَلاَ تُؤْذِى جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ: "هِي في الْجَنَّةِ"(صحيح الترغيب والترهيب), عَن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم قال: "مَن كانَ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يُؤذِ جَارَهُ، وَمَن كَانَ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلْيُكرِم ضَيْفَهُ، وَمَن كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَو لِيَسْكُتْ"(متفق عليه).
ومن صور الأذى: وضع القاذورات والأحجار وتضيق الطرقات على المسلمين والمسلمات.
ومن صور الأذى: التخلِّي في طرق الناس وأفنيتهم، وقضاء الحاجة في أماكن تنزُّههم، وجلوسهم، وتنجيسها، وتقذيرها بالأنجاس والمهملات.
ومن ذلك أيضا: في تسريب مياه الصَّرف الصحي فيها؛ فيتأذَّى الناس بالرائحة، إضافةً إلى تنجيسهم، وتأذِّي الناس بذلك أعظمُ من تأذِّيهم بقضاء الحاجة في الطَّريق؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اتقوا اللعَّانَيْن"، قالوا: وما اللعَّانان يا رسول الله؟, قال: "الذي يتخلَّى في طريق الناس وظِلِّهم"(مسلم), وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قَالَ: "مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ فِي طُرُقِهِمْ؛ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعَنَتُهُمْ"(أخرجه الطبراني).
ومن الأذى المحرم: أذية أهل الكتاب بغير حق؛ فعن صفوانَ بنِ سليم عن عددٍ مِن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: "ألاَ مَن ظلَم معاهدًا، أو انتقصَه، أو كلَّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طِيب نفس؛ فأنا حجيجُه يوم القيامة"(أبو داؤود)؛ حجيجه: الحجيج فعيل من المحاجة؛ المغالبة وإظهار الحجة.
أيها الأحباب: إن من مكارم الأخلاق الصبر على أذى الغير؛ فإن الصبر على أذى الخلق من علامات قوة الإيمان، وصفة من صفات الرجال؛ فقد قال -تعالى-: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)[الشورى: 43], وقال -تعالى-: (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)[النحل:126] وقال -تعالى-: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً)[المزمل:10].
عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ"(مسند أحمد), وعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَنْتَصِرَ؛ دَعَاهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى رُؤوسِ الْخَلَائِقِ، حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي حُورِ الْعِينِ أَيَّتَهُنَّ شَاءَ، وَمَنْ تَرَكَ أَنْ يَلْبَسَ صَالِحَ الثِّيَابِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ دَعَاهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى رُؤوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللهُ -تَعَالَى- فِي حُلَلِ الْإِيمَانِ، أَيَّتَهُنَّ شَاءَ"(مسند أحمد).
صور من عفو النبي -صلى الله عليه وسلم - عمن أذاه؛ فعن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب؛ كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى".
وضرب أنبياء الله -صلوات الله عليهم- أروع الأمثلة في الصبر وتحمل الأذى من أجل الدعوة إلى الله، وقد تحمل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- المشاق في سبيل نشر الإسلام، وكان أهل قريش يرفضون دعوته للإسلام ويسبونه، ولا يستجيبون له، وكان جيرانه من المشركين يؤذونه ويلقون الأذى أمام بيته، فلا يقابل ذلك إلا بالصبر الجميل, قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي؛ فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ"(صحيح البخاري).
ولما فتح رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكة دخل البيت، فصلى بين الساريتين، ثم وضع يديه على عضادتي الباب، فقال: "لا إله إلا الله وحده, ماذا تقولون؟، وماذا تظنون؟", قالوا: نقول خيرًا، ونظن خيرًا؛ أخ كريم، وابن أخ، وقد قدرت، قال: "فإني أقول لكم كما قال أخي يوسف -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)[يوسف: 92]".
عفو أبي بكر -رضي الله عنه- عمن أذاه: عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "أن رجلًا شتم أبا بكر, والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جالس، فجعل النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعجب، ويتبسم، فلما أكثر ردَّ عليه بعض قوله؛ فغضب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقام فلحقه أبو بكر، فقال: يا رسول الله!، كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت، قال: "إنه كان معك مَلَك يردُّ عنك، فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان؛ فلم أكن لأقعد مع الشيطان", ثم قال: "يا أبا بكر!، ثلاث كلُّهنَّ حقٌّ: ما من عبد ظلم بمظلمة، فيغضي عنها لله -عزَّ وجلَّ-؛ إلا أعزَّ الله بها نصره، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة؛ إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة؛ إلا زاده الله -عزَّ وجلَّ- بها قلة"(رواه أحمد) .
ومن جميل العفو: عفو مصعب -رضي الله عنه- عمن قتل أباه, عن مصعب بن الزبير أنه لما ولي العراق، "جلس يوما لعطاء الجند، وأمر مناديه فنادى: أين عمرو بن جرموز؟, وهو الذي قتل أباه الزبير، فقيل له: أيها الأمير!، إنه قد تباعد في الأرض, فقال: أوَ يظن الجاهل أني أقيده -القود: قتل النفس بالنفس- بأبي عبد الله؟! فليظهر آمنًا؛ ليأخذ عطاءه موفرًا"(أدب الدنيا والدين للماوردي).
فليكن الحلم والصبر على أذى الناس شعارنا, ولنعفو ونصفح عمن أساء إلينا بكلمة أو قول, ولنقابل السيئة بالحسنة ونكن كمن قال الله عنهم: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)[الفرقان: 63], ولنتذكر أثناء تعاملنا مع الناس قول الله -تعالى-: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)[الشورى: 40، 43].
التعليقات