عناصر الخطبة
1/ خصائص الأشهُر الحُرُم 2/ فضائل الحج 3/ فضل أيام العشر من ذي الحِجَّة 4/ أهمية التعجل بالحج 5/ الحث على اغتِنام الأيام العشر بالعبادات ومُختلف الطاعات.اقتباس
ها قد أظلَّتنَا أيامٌ مُبارَكة، أيامُ العشر الأول مِن شهر ذي الحِجَّة، أيامُ خيرٍ وفوزٍ وفلاحٍ؛ فمَن أدرَكَها وتعرَّضَ لنفَحاتها سعِدَ بها، إنها أفضلُ أيام الدنيا، وهي فُرصةٌ عظيمةٌ للتزوُّد والاغتِنام، وموسِمُها مُشتركٌ بين الحاجِّين والقاعِدين. يقولُ ابنُ رجبٍ - رحمه الله -: "لما كان الله قد وضعَ في نفوسِ عبادِه المُؤمنين حَنينًا إلى مُشاهَدة بيتِه الحرام، وليس كلُّ أحدٍ قادِرًا على مُشاهَدته كلَّ عامٍ، فرَضَ على المُستطِيع الحجَّ مرَّةً واحدةً في عُمره، وجعلَ موسِمَ العشر مُشتركًا بين السائرين والقاعِدين"...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفِرُه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسِنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِهِ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد: فإنَّ لله -تعالى- الحِكمةَ البالِغةَ فيما يصطَفِي مِن خلقِه ويختار، وليس لأحدٍ مِن الأمرِ والاختِيارِ شيءٌ، (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) [القصص: 68].
ومِن هذا: تفضيلُ بعضِ الشُّهور على بعضٍ، قال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [التوبة: 36].
فالله -سبحانه- قد اختَصَّ الأشهُرَ الأربعةَ بما لم يكُن لغيرِها، ونهَى عن الظُّلم فيها، وإن كان على كل حالٍ عظيمًا، وفي كل الشُّهور مُحرَّمًا، إلا أنه في الأشهُر الحُرُم أعظمُ خطيئةً ووِزرًا.
فعن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -، في قولِه: (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) "في كلِّهنَّ، ثم اختَصَّ مِن ذلك أربعةَ أشهُر فجعلَهنَّ حرامًا، وعظَّم حُرمتَهنَّ، وجعلَ الذَّنبَ فيهنَّ أعظَم، والعملَ الصالِحَ والأجرَ أعظَم".
فكما أن المرءَ يعلَمُ أن ارتِكابَ الظُّلم في أيام الأشهُر الحُرُم بكافَّة صُوره وأنواعِه أخطرُ وأشدُّ، إلا أنه في المُقابِل يستشعِرُ أن أمامَه موسِمًا عظيمًا يتنافَسُ فيه المُتنافِسُون، ويربَحُ فيه العامِلُون، ويجتمِعُ فيه شرَفُ الزمان وشرَفُ المكان:
أما الزمان: فالأشهُرُ الحُرُم، وهي: ذو القَعدة، وذو الحِجَّة، والمُحرَّم، ورجب. ويكفِي شهرَ ذي الحجَّة شرَفًا أن العشرَ الأولَ مِنه قد اختُصَّت بما ليس لغيرِها مِن أيامِ السنةِ.
وأما المكان: فهذه مكةُ البلدُ الحرامُ، أقدَسُ بُقعةٍ على وجهِ الأرض، وهي مقصِدُ كل عابِدٍ وذاكِرٍ، فكفاها شرَفًا ورِفعةً.
أقسَمَ الله -تعالى- بها في كتابِهِ الكريم فقال: (وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) [التين: 3]، وجعلَها حرامًا فقال -سبحانه-: (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا) [النمل: 91]، حرَّمها الله على خلقِه أن يسفِكُوا فيها دمًا حرامًا، أو يظلِمُوا فيها أحدًا، أو يَصِيدُوا صيدَها، أو يقطَعُوا شجَرَها.
في هذه الأجواءِ المُبارَكة يأتي موسِمُ حجِّ بيتِ الله العتيق، الذي جعلَ الله قُلوبَ الناسِ تَهوِي إليه، وترِقُّ لذِكرِه، وتخشَعُ عند رُؤيتِه؛ إجلالًا لله وتعظيمًا لشعائِرِه.
عباد الله: ها هي قوافِلُ الحَجِيج، وطلائِعُ وُفود الرحمن تتقاطَرُ على البيتِ العتيق مِن كل فَجٍّ عميقٍ، وتَفِدُ إليه مِن أصقاع الأرض البعيدةِ والقريبةِ، مُلبِّين نداءَ خليلِ الله إبراهيم - عليه السلام -، الذي أمرَه الله بقولِه: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [الحج: 27].
وها هُم حُجَّاجُ بيتِ الله وعُمَّارُه يتوافَدُون إلى البلدِ الحرامِ، يحدُوهم الشوقُ، وتدفَعُهم الرغبةُ، مُنفِقِين في سبيلِ الله الأموالَ، تارِكِين الأهلَ وفلَذَات الأكباد، غيرَ مُبالِين بما يُلاقُونَه مِن المتاعِبِ والمشاقِّ، في هذه الرحلَةِ المُبارَكة، مُؤمِّلِين أن يحظَوا بموعُودِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في قولِه: "مَن أتَى هذا البيتَ فلم يرفُث ولم يفسُق، رجَعَ كما ولدَتْه أمُّه" (رواه البخاري ومسلم).
وكلما ازدادُوا لهذا البيتِ زيارة ازدادُوا له شوقًا، ولا يَقضُون مِنه وطَرًا. إنهم يَستَطِيبُون في سبيلِ الله التعبَ والمشاقَّ، ويَستَسهِلُون الصِّعاب.
فانظُر إلى فضلِ ربِّ البيتِ، وما وهَبَهم مِن فرائِدِ المِنَح، وقلائِدِ المِنَن؛ حيث خلَقَ مِن العدَم، ثم ابتدَأَهم بسوابِغِ النِّعَم، ونصَبَ خيمةَ القِرَى بأمِّ القُرَى، ونادَى: هلُمُّوا إلى بابِ الكرَم، فجديرٌ أن يكون سعيًا على الرأس لا سعيًا على القدَم.
أيها المُسلمون: ما أجملَ ذلك المشهَد وأعظَم تلك الصُّورة: عندما يجتمِعُ المُسلمون في موسِمِ الحجِّ في مجمَعٍ فريدٍ، ليس لأحدٍ مِن الناسِ غيرِ المُسلمين.
أتَى المُؤمنون هذا البيتَ عُنوانَ التوحيد، ومهوَى أفئِدة المُوحِّدين، مُهِلِّين بالتوحيدِ الذي أهلَّ به رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إن الحمدَ والنعمةَ لك والمُلك، لا شريك لك".
وهم يعلَمُون بما دلَّت عليه التلبِيَة مِن الإخلاص والتوحيد، ووجوبِ إفراد الله وحده بالعبادة، والبُعد عن اتِّخاذ شُركاء مع الله، مُقِرِّين بأن ربَّهم -سبحانه- المُتفرِّد بالنعمةِ والعطاء، والهِبَة والنَّعماء لا شريكَ لك، هو المُتفرِّدُ بالتوحيد لا نِدَّ له.
ولذا فإن المُلبِّي بهذه الكلمات حقًّا وصِدقًا لا يدعُو إلا الله، ولا يَستَغِيثُ إلا بالله، ولا يتوكَّلُ إلا على الله، ولا يذبَحُ ولا ينذِرُ إلا لله، ولا يصرِفُ شيئًا مِن العبادة إلا لله.
وهذا المُؤتمرُ العظيمُ والجمعُ الكبيرُ الذي يُرفعُ فيه شِعارُ التوحيد، يغِيظُ أعداءَ الدين، ويُعدُّ عقَبَةً كَؤُودًا في سبيل تحقيقِ مآربِهم، ونشرِ باطلِهم، وترويجِ مُعتقَداتهم الفاسِدة. لقد شرِقَت نفوسُهم، وحصِرَت صُدورُهم، وعلِمُوا أنهم مهما بذَلُوا مِن جهودٍ وأنفَقُوا مِن أموالٍ ليصُدُّوا عن سبيلِ الله، ويُخرِجُوا الناسَ مِن دينِهم لن يستطيعُوا تحقيقَ بُغيَتهم، وأنَّى لهم ذلك!
وقد جعلَ الله للمُسلمين مِن أسبابِ التمكينِ والثباتِ والبقاءِ ما مِن شأنِه أن تضعُفَ وتخُورَ كلُّ مُحاولةٍ ووسيلةٍ تسعَى لإبادة المُسلمين واستِباحة بيضَتهم.
أيها المُسلمون: ومما يتجلَّى في هذه الشعيرةِ العظيمة: أن الأمةَ تجتمِعُ في الحجِّ على توحيدِ الله تعالى، تجمعُهم رابِطةُ الدين والأخُوَّة في الله، وتتجلَّى مظاهِرُ الوحدة بكل أبعادِها. فالحُجَّاجُ والعُمَّارُ على دينٍ واحدٍ، ويعبُدُون إلهًا واحدًا، ووِجهتُهم واحِدة، وقِبلتُهم واحِدة، وشِعارُهم واحِد، وهم أيضًا في هيئةٍ وحالةٍ واحِدة، ونِداءٍ وهُتافٍ واحِد، ويقِفُون في صَعيدٍ واحِد، ويقُومُون بأداءِ عملٍ واحِد، وهم آخر الأمر مطلَبُهم ومقصِدُهم واحِد.
أقولُ قَولِي هذا، وأستغفِرُ الله لي ولكم ولسائر المُسلمين.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، شرعَ لعباده مواسِمَ الخيرات ليغفِرَ لهم الذنوبَ، ويُجزِلَ لهم الهِبَات، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له شرعَ الشرائعَ وأحكَمَ الأحكام، وأشهدُ أن سيِّدنا ونبيَّنا مُحمدًا عبدُه ورسولُه أفضلُ مَن صلَّى وصام، ووقفَ بالمشاعِر وطافَ بالبيتِ الحرام، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبِه الطيبين الكِرام، ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن على ساكِنِي البلد الحرام والمُقِيمين فيه أن يستشعِرُوا النعمةَ التي حباهم الله بها، ويشكُرُوه على مِنَّتِه وفضلِه، وأن جعلَهم مِن أهل الحرمِ وساكِنِي البلد الحرام. ما أجلَّها مِن نعمة! وأعظَمَها مِن مِنحَةٍ يتمنَّاها كلُّ مُؤمن!
أيها الإخوة: الحجُّ عبادةٌ عظيمةٌ مِن أجلِّ العبادات، وقُربةٌ مِن أعظم القُرُبات، بل هو الرُّكنُ الخامِسُ مِن أركان الإسلام. فعلى المُسلم أن يُبادِرَ بأداء فريضة الإسلام إذا كان مُستَطِيعًا، ولا يُسوِّف ولا يتراخَى؛ فمِن الأخطاء الشائِعة: أن يبلُغ المرءُ سنَّ الثلاثين والأربعين بل أكثر وهو لم يحُجَّ، مع أنه قادِر، ولكنَّه يتشاغَلُ ويتقاعَسُ ويقول: تعبٌ وإرهاقٌ، وازدِحامٌ وكُلفَة! فيمتَنِعُ بسببِ ذلك.
عجَبًا لحالِ هذا، والرسولُ -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَن أرادَ الحجَّ فليتعجَّل" (رواه أحمد وأبو داود).
فدلَّ هذا على أن مَن قدَرَ على أداء الحجِّ فليَغتَنِم الفُرصة قبل عُروضِ مانِعٍ، وعليه أن يحتَسِبَ ما قد يتعرَّضُ له مِن المشاقِّ، وما يُنفِقه مِن المال في العبادة؛ لقولِه -صلى الله عليه وسلم- لعائشة -رضي الله عنها-: "إن لكِ مِن الأجرِ على قَدرِ نصَبِكِ ونفَقَتِكِ"؛ (رواه الحاكم، وأصلُه في "الصحيحين").
أيها الإخوة: ها قد أظلَّتنَا أيامٌ مُبارَكة، أيامُ العشر الأول مِن شهر ذي الحِجَّة، أيامُ خيرٍ وفوزٍ وفلاحٍ؛ فمَن أدرَكَها وتعرَّضَ لنفَحاتها سعِدَ بها، إنها أفضلُ أيام الدنيا، كما أخبرَ الصادِقُ المصدُوقُ -صلى الله عليه وسلم-، وهي فُرصةٌ عظيمةٌ للتزوُّد والاغتِنام، وموسِمُها مُشتركٌ بين الحاجِّين والقاعِدين.
يقولُ ابنُ رجبٍ - رحمه الله -: "لما كان الله -سبحانه- قد وضعَ في نفوسِ عبادِه المُؤمنين حَنينًا إلى مُشاهَدة بيتِه الحرام، وليس كلُّ أحدٍ قادِرًا على مُشاهَدته كلَّ عامٍ، فرَضَ على المُستطِيع الحجَّ مرَّةً واحدةً في عُمره، وجعلَ موسِمَ العشر مُشتركًا بين السائرين والقاعِدين".
فعلينا - عباد الله - أن نُرِي اللهَ مِن أنفُسِنا خيرًا، وخاصَّةً في الأيام العشر التي بيَّن النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فضلَها بقولِه: "ما العملُ في أيامٍ أفضل منها في هذه"، قالوا: ولا الجِهاد؟ قال: "ولا الجِهاد، إلا رجُلٌ خرجَ يُخاطِرُ بنفسِه ومالِه فلم يرجِع بشيءٍ" (رواه البخاري).
وفي روايةٍ لأحمد: "ما مِن أيامٍ أعظمُ عند الله ولا أحبُّ إليه العملُ فيهنَّ مِن هذه الأيام العشر، فأكثِرُوا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتكبيرِ والتحميدِ".
فيُشرعُ فيها كلُّ عملٍ صالِحٍ مِن التسبيحِ والتهليلِ والتكبيرِ، والذِّكرِ والاستِغفارِ، وقراءةِ القرآن، والصيامِ، والصدقةِ، والدعاءِ، وبِرِّ الوالدَين، وصِلةِ الأرحام، والأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المُنكَر، والتوبةِ إلى الله، والاهتِمامِ بالأعمال القلبية؛ ومنها: الصدق، والإخلاص، والصفح، والعفو، والتخلُّص مِن الحِقد والشَّحناء والبغضاء، وسائر المعاني المرذُولة التي لا يُحبُّها الله - عزَّ وجل -.
معاشِر المُسلمين: وإذا كانت المُسارَعةُ بالخيرات محمُودةً مطلُوبةً في كل آنٍ وحينٍ، وكل مكانٍ، فإن حُدوثَ ذلك في الأماكِن المُفضَّلة والأزمان الشريفة أكثرُ فضلًا وخيرًا، وأعظمُ أجرًا.
فتعرَّضُوا - عباد الله - لنفَحات الجليل، واغتَنِمُوا أوقاتَكم، وافعَلُوا الخيرَ؛ فعسَى أن تُدرِكَ المرءَ نفحَةٌ مِن نفَحَات الكريم فيسعَد بذلك سعادةً ما بعدها شقاء، ويُصبِحَ مِمَّن طهَّرهم الله وزكَّاهم، وحباهم واجتَبَاهم، ورضِيَ عنهم وأرضاهم.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على مَن أمرَكم ربُّكم بالصلاةِ والسلامِ عليه، فقال - عزَّ مِن قائلٍ -: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى أزواجِه وذريَّته، كما صلَّيتَ على آل إبراهيم، وبارِك على محمدٍ وعلى أزواجه وذريَّته، كما بارَكتَ على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهم عن الخُلفاء الراشِدين، الأئمة المهديِّين، والصحابةِ أجمعين، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الكفرَ والكافِرين، واخذُل الطُّغاةَ والمُفسِدين، واجعَل هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا رخاءً، وسائر بلاد المُسلمين.
اللهم آمِنَّا في الأوطانِ والدُّور، وأصلِح الأئمةَ ووُلاةَ الأمور، ووفِّق وليَّ أمرِنا لما تحبُّ وترضَى مِن الأقوال والأفعال وكريمِ الخِصال.
اللهم مَن أرادَنا وأرادَ الإسلام والمُسلمين بسُوءٍ فأشغِله في نفسِه، واجعَل تدبيرَه تدميرَه يا سميعَ الدعاء.
اللهم انصُر إخوانَنا المُستضعَفين والمُجاهِدين في سبيلِك، والمُرابِطين على الثُّغور، اللهم كُن لهم مُعينًا ونصيرًا، ومُؤيِّدًا وظَهيرًا.
اللهم سلِّم الحُجَّاجَ والمُعتمِرين، وأعِنهم على أداء مناسِكِهم، واغفِر ذنبَهم، وآتِهم سُؤلَهم، واجعَل حجَّهم مبرُورًا، وسعيَهم مشكُورًا، ورُدَّهم إلى ديارِهم سالِمين غانِمين.
اللهم يا ولِيَّ الإسلام وأهلِه مسِّكنا به حتى نلقَاك. اللهم (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].
اللهم زوِّدنا مِن التَّقوَى، ووفِّقنا لاغتِنام الأيام العشر، واكتُب لنا فيها عظيمَ الثواب ووافِرَ الأجر.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [النحل: 90، 91].
التعليقات