عناصر الخطبة
1/ حاجة وفاقة القلب لذكر الله 2/ طمأنينة القلب وسعادته في الإكثار من ذكر الله 3/ مقدار عناية الله بالعبد بمقدار ذكره له 4/ مراتب ذكر الله 4/ إكثار المحبين لله من ذكره 5/ الحرص على أذكار اليوم والليلة

اقتباس

اعلموا أن لقلوبكم حاجة وفاقة أشد من حاجة بطونكم إذا خوت، فإن القلب يحتاج احتياجا عظيما إلى ربه؛ فإذا فقد ربه -سبحانه وتعالى- كان مآله...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].

 

أما بعد:

 

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صَلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها المؤمنون: اعلموا أن لقلوبكم حاجة وفاقة أشد من حاجة بطونكم إذا خوت، فإن القلب يحتاج احتياجا عظيما إلى ربه، فإذا فقد ربه -سبحانه وتعالى- كان مآله الموت، قال النبي -صَلى الله عليه وسلم-: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت"، فالذاكر لله حي القلب والغافل عن ذكر الله ميت القلب.

 

وإن هذه الضرورة التي يجدها القلب هي سر أنسه وطمأنينته، قال تعالى: (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28]، فمن تعاهد نفسه بدوام ذكر الله كان قلبه مطمئنا، وكان منشرح النفس قويا منطلق الأسارير في مأمنة من موت قلبه.

 

وإذا غفل العبد عن ذكر ربه لم يزل قلبه يضعف شيئا فشيئا، فإن عظمت الغفلة كان منتهاه الموت، ومن كان قلبه حيا سعد في الدنيا والآخرة، ومن كان قلبه ميتا خسر في الدنيا والآخرة.

 

وإن حياة قلوبنا بذكر ربنا -سبحانه وتعالى-، قال الله –تعالى-: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) [البقرة: 152]، فأخبر سبحانه أن ذكره أحدنا بحسب ما يكون من العبد من ذكره -سبحانه وتعالى-.

 

فذكر الله أحدنا بالاعتناء به، وتسديده وعونه، وتوفيقه، وتأيده، هي على حسب ذكر ربه -سبحانه وتعالى-، فاللاهجون على ذكر الله هم دائرون في رحمة الله وعنايته وتسديده وتأييده.

 

ومن استكثر من ذكر الله -سبحانه وتعالى- حتى غلب عليه ذكر الله -عز وجل-، كملت عبوديته، ومن كملت عبوديته كملت سعادته، فإن السعادة التي يهبها الله -عز وجل- لأحدنا ليست مرادها إلى نسبه ولا حسبه ولا ماله ومنصبه ورئاسته، كلا، بل مردها إلى عبوديته لله -سبحانه وتعالى-، فإن الله أرادك أن تكون له عبدا، فإذا كنت لله عبدا كان الله -عز وجل- لك وليا ونصيرا، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ) [الذاريات: 56 - 57].

 

وشرع لنا أن نذكر أنفسنا مرات عديدة في قرأتنا سورة الفاتحة بهذا الأصل، بقوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة: 5]، فأولئك الفائزون بالعبودية لله -عز وجل- هم الفائزون بالسعادة في الدنيا والآخرة، وإن أمارة عبوديتهم التي تميزهم عن غيرهم: دوام ذكرهم الله -سبحانه وتعالى-، ولا يراد بالذكر مجرد جريان اللسان بذكر الله -سبحانه وتعالى-، بل امتثال شرع الله –عز وجل- هو كله ذكرا لله –عز وجل-.

 

ومن جملة ذلك: الذكر، ذكرنا الله -سبحانه وتعالى- بألسنتنا، مع موافقة قلوبنا لما يجري على ألسنتنا، فيما رتبه الشرع الحكيم، والدين القويم، من أنواع الأذكار.

 

فاذكروا -أيها المؤمنون- ربكم يذكركم -سبحانه وتعالى-.

 

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله حمدا حمدا، والشكر له توالا وتترى، وأشهد أن لا إله إلا الله حقا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صدقا، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

 

أما بعد:

 

أيها المؤمنون: إن سر توفيقكم ومنشأ فلاحكم في الدنيا والآخرة هو: دوام ذكركم الله -سبحانه وتعالى-، وإن من أحب شيئا أكثر من ذكره، ومن أحب الله -سبحانه وتعالى- أكثر من ذكره، وحصل له به السبق في الدنيا والآخرة، قال صَلى الله عليه وسلم: "سبق المفردون" قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: "الذاكرون الله كثيرا والذاكرات".

 

وإن مما تحرز به هذه المرتبة: الحرص على الأذكار الموظفة في اليوم والليلة في مواقعها الشرعية، فإن العبد بذلك يصيب هذه المرتبة، فيكون من الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ.

 

فاعتنوا -رحمكم الله- بتحقيق هذه الرتبة العظيمة، وواظبوا على المشروع من الأذكار في أوقاته المؤقتة في أنحاء اليوم والنهار، تكونوا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، وتفوزوا بأعلى الدرجات.

 

اللهم اجعلنا من الذاكرين لك كثيرا...

 

 

المرفقات
فاقة القلب.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life