عناصر الخطبة
1/فضائل شريعة الإسلام 2/من محاسن الدين الإسلامي 3/أخوة الدين.. معاني وفضائل 4/وسائل مثلى لشكر النعم

اقتباس

في ظِلالِ الإسلامِ.. رفْرَفَ العَدْلُ وَسَادَ السَّلام، أُخُوَّةٌ.. ومَوَدَّةٌ.. وتآلُفٌ.. وَوِئَام، هَذَّبَ الإسلامُ المُجتَمَعَ المُسلِمَ.. فَنَقَّاهُ مِن شَوَائِبِ الفَسادِ، وَطَهَّرَهُ مِن أَسْبَابِ الفُرْقَةِ، وارتَقَى بِهِ إلى مَعارِجِ الفَضِيلَة، في ظِلالِ الإسلامِ.. صَارَ المسلمونَ إِخْوَةً، وأُخُوَّةُ الدِينِ أَعلى، وأُخُوَّةُ الدِّينِ أَمْتَن،...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

 

أيها المسلمون: أُمَّةٌ كَانَت فِي الجَهَالَةِ هَالِكَةٌ، في فُرْقَةٍ وقَطِيْعَةٍ وتَناحُرٍ وشِقاقٍ، عَقِيْدَةٌ مُنْحَرِفَة، وحياةٌ مُضْطَرِبَة، وسُلُوكٌ في شَتَّى المسالِكِ مُنْحَطٌّ، يَقْتُلُ بعَضُها بَعْضاً، ويَسفِكُ بعضُها دَمَ بعضٍ، القَوِيُّ مِنْها يَسْطُو على الضَّعِيف، فلا نُصْرَةَ لمظْلُومٍ، ولا إِقامَةَ لِعَدْل، ولا كرامَةَ لِمَن لا قُوَّةَ لَه.

 

أُمَّةٌ.. كَانَت بَيْنَ الأُممِ قَصِيَّة، وبَيْنَ الدُوَّلِ دَنِيَّة، لا يُؤْبَهُ لِشأَنِها، ولا يُنظَرُ لأَمْرِها، تُعَدُّ مِن سَقَطِ المَتَاعِ؛ فَيُقْضَى الأَمرُ حِينَ تَغِيبُ عَنْهُ، وَلا يُسْتَأمَرُونَ وَهُم شُهُودُ.

 

كَانَت مُسْتَعْبَدَةً مُسْتَرَقَّةً.. تُخاطَب باحْتِقَار، ويُنْظَرُ إليها بازْدِراء، في حَياةٍ مِن الذُّلِّ والبُؤسِ لا نَظِيرَ لَها، حَتى قَالَتِ اليهودُ (لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ)[آل عمران:76]، ليسَ عَلَيْنا في العَرَبِ إِثْمٌ إِن سَلَبْنا أَمْوالَهُم، ومَلَكْنا رِقابَهُم.

 

ظَلَّت الأُمَّةُ عَلَى تِلْكَ الحَالِ قُروناً.. حَتَّى أَذِنَ اللهُ لُها بالرِّفْعَةِ والكَرَامَةِ والعِزِّ والتَمْكِين، فَبَعَثَ فيها نَبياً كَريماً، وَرَسُوْلاً عظيماً.. انْتَشَلَها مِن لُجَجِ الجَهْلِ، وَهَدَاهَا مِن ظُلُماتِ الحَيْرَةِ، وأَرْشَدَها إلى سَواءِ السَّبِيل (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)[آل عمران:164].

 

شَعَّت أَنوارُ الرِسالَةِ.. فَما لَبِثَت أَن قَامَت للإسلامِ دَولَةٌ، وعَلا لَهُ صَرْحٌ، وشَمَخَ لَهُ بُنْيَان، دِينٌ نَزَلَ بِه القُرآنُ.. هو للإِنسانِ طُهْرٌ، وهو للإنسانِ صَلاحٌ، وهو للإِنسانِ مَجْدٌ، وهو للإِنسانِ حَضارَة.

 

دِيْنٌ سماوِيٌّ.. ارتْضاهُ اللهُ لِعبادِه إِلى قِيامِ السَّاعَةِ، فَلَن يَغْلِبَ دِينَ اللهِ دِيْنٌ، ولَن يَفُوْقَ شَرِيعَةَ اللهِ شَرْعٌ، ولَن يَسْبِقَ حُكْمَ اللهِ حُكْم (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)[المائدة:50].

 

 دِيْنٌ سماوِيٌّ.. أَحْكَامُهُ مُحْكَمَة، وَشَرَائِعُهُ زَاكِيَةٌ، للنَّفسِ فِيْهِ طُمأَنِيْنَةٌ، وللقَلْبِ فيهِ انْشِراح (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ)[الأنعام:125].

 

في ظِلالِ الإسلامِ.. رفْرَفَ العَدْلُ وَسَادَ السَّلام، أُخُوَّةٌ.. ومَوَدَّةٌ.. وتآلُفٌ.. وَوِئَام، هَذَّبَ الإسلامُ المُجتَمَعَ المُسلِمَ.. فَنَقَّاهُ مِن شَوَائِبِ الفَسادِ، وَطَهَّرَهُ مِن أَسْبَابِ الفُرْقَةِ، وارتَقَى بِهِ إلى مَعارِجِ الفَضِيْلَة، في ظِلالِ الإسلامِ.. صَارَ المسلمونَ إِخْوَةً، وأُخُوَّةُ الدِينِ أَعلى،  وأُخُوَّةُ الدِّينِ أَمْتَن، وأُخُوَّةُ الدِّينِ أَقْوى، وأُخُوَّةُ الدِّينِ أَصْدَق (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)[الحجرات:10].

 

وما اخْتَلَّت خَلَّةٌ مِن خِلالِ الفَضِيلَةِ في مُجْتَمَعٍ مُسْلِمٍ.. إلا بِبُعْدِ ذَاكَ المُجْتَمَعِ عَن تَعالِيمِ الإسلامِ، وَمَا اضْطَرَبَ مُجْتَمَعٌ في شأَنٍ مِن شُؤُونِهِ.. إلا بانْحرافِهِ عَن تعالِيمِ الدِّين، وَمَا خابَ مُجْتَمَعٌ بِكتابِ اللهِ يَعْتَصِم، وما هَلَكَ قَوْمٌ بِسُنَّةِ رَسولِ اللهِ يَهْتَدُون.

 

مُجْتَمَعٌ.. جَعَلَ القُرآنَ لَهُ دُسْتُوراً، وسُنَّةَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَهُ نِبْراساً.. مُجْتَمَعٌ لَن يَضِلَّ ولَن يَشْقَى، ولَن يَتَفَرَّق ولَن يَضْعُفَ (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[آل عمران:103].

 

تَخَبَّطَت أُممٌ مِنَ البَشَرِيَّةِ في حَياتِها.. حِينَ سَنَّت لها قَوانِينَ تُقِيمُ بِها شُؤُونَها، راغِبَةً عَن شَرِيعةِ رَبِّ العالَمِين، فَذاقَت مِنَ الشَّقاءِ أَشَرَّه، وشَرِبَت مِنَ الحَمِيمِ أَحَرَّه، وكابَدت مِنَ العَناءِ أَقْسَاه (فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا)[الطلاق:9].

 

شَرِيْعَةٌ نَزَلَت مِن رَبِّ العالَمِين.. أَفَيَزْعُمُ زاعِمٌ أَن لَهُ قُدْرَة على سَنِّ أَنظِمَةٍ وقوانِينَ تُضَاهِيها؟!

 

شَرِيعةٌ سَماوِيَّةٌ.. أَحْكَمَ أَحْكَامَها اللهُ.. وهو الحَكِيمُ العَلِيم، هُو أَعْلَمُ بِما يُصْلِحُ العِبادَ وبِما يُصْلِحُ أَحْوَالَهُم (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)[الملك: 14].

 

في شَرِيعةِ اللهِ.. يُهذَّبُ الفَردُ ويُهذَّبُ المُجتَمعُ، وتُنَقَّى السَّرَائِرُ وتُصَفَّى الضَمائِر، في شَرِيعةِ اللهِ.. لا يَصْطَلي امرؤٌ بنارِ ظُلْمٍ، ولا يُقاسي امْرؤٌ مَرارَةَ عُدوان، في شَرِيعةِ اللهِ.. الحقوقُ محفوظةٌ، والأَعْراضٌ مُصانَةٌ، والأَموالٌ مُحتَرَمَةٌ (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا)[الفرقان:19].

 

قامَت نُصُوْصُ الشَّرِيْعَةِ مُتضافِرَةً في لَمْلَمَةِ المجتَمَعِ المسْلِمِ وجَمْعِ شَتاتِه، لِتَبْقَى القُلُوبِ على الصَّفاءِ والمَحَبَّةِ والتراحُمِ والإِخَاء، جَسَدٌ واحِدٌ يحمي بعضُهُ بعضاً.

 

وقَفَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في مَوْقِفٍ مَشْهودٍ.. فَقالَ وَهُوَ الذي لا يَنْطِقُ عَن الهَوَى: "لا تَحَاسَدُوا، ولا تَنَاجَشُوا ولا تَبَاغَضُوا، ولا تَدَابَرُوا، ولا يَبِع بَعْضُكم على بَيْعِ بعضٍ، وكُونوا عبادَ الله إخوانًا، المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولا يَخْذُلُهُ ولا يَكْذِبُه ولا يَحْقِرُه، التّْقْوَى هَهُنَا -وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ- بِحَسْبِ امرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أن يَحْقِرَ أخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ ومَالُهُ وعِرْضُهُ"(رواه مسلم).

 

وأَيمُ اللهِ.. ما فَسَدَ مُجْتَمَعٌ كانَ بِهَذا الهَدْي النَّبَوِيِّ يَسْتَمْسِك، وأَيمُ اللهِ لَن يَهنأَ مجتَمَعٌ بِطُمأَنِينةٍ.. إِن تَجاوَزَ وتَعَدَّى وظَلَم، أَكمَلُ المجتمعاتِ أَماناً.. أَصَدَقُها إيماناً (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَم يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[الأنعام:82].

 

وأَصدَقُ المؤمنينَ إيماناً.. مَن حَفِظَ للمؤمنينَ حقوقَهُم، واتَّقَى أَموالَهُم وصانَ أَعراضَهُم (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[البقرة:188].

 

(وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[الحشر:10].

 

بارك الله لي ولكم..

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وأَشْهدُ أَن لا إله إلا اللهُ ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً رسول رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله لعلكم ترحمون.

 

أيها المسلمون: أُخُوَّةُ الدِّينِ حِيْنَ تُغْرَسُ في القُلُوْبِ.. يَرْتحِلُ عَنِ النُّفُوسِ فَسَادُها، فَلا يَجْتَرئُ مُسْلِمٌ عَلَى إِلْحاقِ الضَّرَرِ بأَخِيْهِ،  أُخُوَّةُ الدِّينِ تَنْفي الحِقْدَ والحَسَدَ، تَنْفِي التَعَالِي وَتَنْفِي الكِبرَ والبَطَرَ،  أُخُوَّةُ الدِّيْنِ.. مَوَدَّةٌ ورَحْمَة، ومَحبَّةٌ وصَفاء.

 

يَفْرَحُ المؤمِنُ لِفَرَحِ أَخِيْهِ ويُغَمُّ لِغَمِّه.. يُسَرُّ إِن خَيراً بِهِ نَزَلَ، وَيَحْزَنُ إِن لَمَّت بِه الكُرَبُ، يُعامِلُ المؤمِنُ أَخاه بِرِفْقٍ.. فَلا يُؤْذِيهِ في نَفْسِهِ، ولا في أَهْلِهِ، ولا في عِرْضِهِ، ولا في مَالِه،  كَذَا جاءَ في شَرِيْعَتِنا.. عَن أَنَس بنِ مالكِ -رضي الله عنه- أَنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُم حتَّى يُحِبَّ لأَخِيْهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِه"(رواه البخاري ومسلم).

 

مْجتَمَعٌ جَمَعَ اللهُ شَتاتَهُ بِالإِيْمَانِ.. سَيَبْقَى سَابِقاً سَامِقاً ما اسْتَمْسَكَ بالكِتابِ واعْتَصَم، وإِن تَخَلَّى عَن تَعالِيمِ الدِّينِ هَلَك، بالإيمانِ والتَّقْوى يَطِيْبُ العَيشُ وتتَوَالى البركات.. (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[الأعراف:96].

 

مجْتَمَعٌ.. مَوْعُودٌ مِنَ اللهِ بالاسْتِخْلافِ والتَّمْكِينِ، إِن رَفْرَفَ الإيمانُ في جَنَبَاتِه، وعلى عَمَلِ الصَّالحاتِ أَقَام (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[النور:55].

 

ولن يَزالَ الفَضْلُ مِن اللهِ على الأُمةِ يَتَوَالى؛ إِن هِيَ أَقامَت شَعَائِرِ الدِّينِ واعتَزَّت بِقِيَمِه، فَرَفَعَت بأَمرِ اللهِ رأَساً، وأَعْلَت للحقِّ فيها راية (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)[الحج:41].

 

عباد الله: وإِنَّ أُمةً مَنَّ اللهُ عليها بالأَمنِ في دَارِها، والرَّغدِ في عَيْشِها، والاجتماعِ في كَلِمَتِها.. لَحَرِيَّةٌ أَن تَرْعى لِلِنِعَمِ قَدْرَها، وأَن تكونَ للهِ من الشاكِرِين (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ)[العنكبوت:67].

 

وما شُكِرَت نِعَمُ اللهِ بِمِثْلِ استِجابَةٍ لأَمْرِه، وما صَدَقَ في الشُكْر مَن جَعَلَ النِّعَمَ جِسْراً للذُّنُوب، وكُلُّ مُسْلِمٍ مأَمورٌ بِحِفظِ النِّعَمِ، مُطالَبٌ بِالبُعدِ عَن أسبابِ زوالِها، مَعْنِيٌّ بِحمايَةِ الدِّينِ، مُخاطَبٌ بالحفاظِ على بلادِ المسلمين، فلا يُنْتَقَصُ في الدِينِ شِرْعَةٌ، ولا يُسْتَحَلُّ مِن أَرَض المسلمينَ شِبْرٌ، ولا يُسْتباحُ للأُمةِ حِمَى.

 

يَحفَظُ للهِ حَقَّهُ، ويحفظُ للمُسْلِمِينَ حُقُوْقَهم، فلا يَسْلُكُ دَرْباً للظُلْمِ، ولا يُقِرُّ عَملاً للفساد (وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ)[الشعراء: 151-152].

 

يَا مَن جَعَلْتُم رَسُوْلَ اللهِ قُدْوَتَكُم *** هَذا هُو المجدُ فَامْتَازُوا عَنِ الأُمَمِ

سَووا الصُّفُوْفَ وَصُوْنُوا سِرَّ نَهْضَتِكُم *** واسْتَجْمِعُوا الأَمْرَ قَبْلَ اللَّوْمِ والنَّدَمِ

 

اللهم احفظ علينا أمننا وإيماننا ودماءنا وأَعراضنا وأموالنا..

 

اللهم اجمع كلمة المسلمين على الكتاب والسنة.. وأعذهم من كل متربصٍ ومفسدٍ وحاسد.

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life