عناصر الخطبة
1/ التغيير العام رهن بتغيير النفس 2/ كيف يريد الله تديننا؟! 3/ الإسلام دين شامل 4/ ضرورة التناهي عن المنكر بين المؤمنين 5/ إصلاح الإنسان مفتاح خلاص الأمماهداف الخطبة
اقتباس
لقد أنعم الله علينا بالكثير من النعم، ولن تزول هذه النعم ولن تُسلب إلا إذا بدلنا وأنكرنا ونقضنا عهدنا مع المنعم، إنه عهد مع الله الذي قال: (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ)، عهد من القادر على أن يبدل الخوف أمنًا، ويبدل الجوع إطعامًا منه، إنه الله الذي له ملك السماوات والأرض، إنه الله الذي يحول بين المرء وقلبه، إنه العليم بخبايا النفوس ..
الحمد لله الذي كتب العزة والمهابة لأوليائه، الحمد لله الذي أكرم من أطاعه بالسكينة في الدنيا والسعادة في الآخرة، الحمد لله الذي قضى بالذلة والشقاء والهوان لمن عصاه وهو العزيز الحكيم.
وأشهد أن لا إله إلا الله، أنعم علينا بأحسن دين، وأفضل سبيل، برهانه الكتاب المبين، ورسوله صادق أمين، اللهم صلّ عليه وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها المسلمون والمسلمات: قال الله تعالى: (إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ) [الرعد: 11]، لقد أنعم الله علينا بالكثير من النعم، ولن تزول هذه النعم ولن تُسلب إلا إذا بدلنا وأنكرنا ونقضنا عهدنا مع المنعم، إنه عهد مع الله الذي قال: (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ)، عهد من القادر على أن يبدل الخوف أمنًا، ويبدل الجوع إطعامًا منه، إنه الله الذي له ملك السماوات والأرض، إنه الله الذي يحول بين المرء وقلبه، إنه العليم بخبايا النفوس، الخبير بما تخطط الرؤوس.
ولا يريد منا -عز وجل- أن نومن ببعض كتابه ونكفر ببعض، ولا يريد منا أن نكون أنصاف المسلمين له، ندخل إلى مساجده متأدبين بآداب الإسلام، متخلقين بأخلاقه، وبعد الصلاة، والخروج من بيوت الله؛ ننسى ما كنا، ونصير من طينة أخرى، ولسان حالنا يقول: الدين في الجامع، ونحقق آنذاك مقولة: الدين لله والوطن للجميع، فيصبح الدين تابعًا لأهوائنا، محصورًا في مخيلة كل فرد، يأخذ منه ما يريد ويترك ما يريد على قياسه ومزاجه.
كلا -أيها المسلمون- إن الإسلام بأركانه وآدابه لا ينبغي أن يبقى محصورًا بين حيطان مادية أو نفسية، وإنما جعله الله دينًا واقعيًّا يخالط الناس بتعاليمه في شؤون حياتهم: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام:162] ، يعيشونه كما أراده الله ورسوله، قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به".
فلا بد -أيها المسلمون- أن نحذِّر من بعض المنتسبين للإسلام يتسترون وراء ركعات يؤدونها بيننا، ويظهرون داخل المساجد بأخلاق الأنبياء، فإذا خرجوا إلى الناس في الحياة العامة تراهم مقبلين على كل سوء من العمل وكل فاحش من القول، يرغبون في أن يكون الدين -الذي أنزله الله- خادمًا مطيعًا لأهوائهم.
إذا كان من أهل الصناعة والحرفة غش، وإذا كان من أهل الإدارة ارتشى، وإذا أمنته على سر أفشى، لا يبالي بما حل أو حرم، يأكل أموال الناس بالباطل، ويزرع بذور النزاع بين الناس، إن كان له والدان عقهما، وإن كان له رحم قطعه، وإن كان له أجير ضيعه، وإن كان له جار خانه، وإن كان له صديق خذله، وإن كان له خادم ظلمه، وإن كان له منصب استغل نفوذه.
فانتبهوا -أيها المسلمون- واحذروا ممن هذا حالهم، وإذا علمتم بأحد من عمار المساجد هذا حاله فأيقظوه من غفلته، ونبهوه بالحكمة وخذوا بيده؛ إذ لا خير في قوم غابت من بينهم النصيحة، ولا تكونوا ممن قال الله فيهم: (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) [المائدة:79]، وإن لم تفعلوا ساد بينكم الخبث وكثر، وأوشك عقاب الله أن يعم، فعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: أنهلك وفينا الصالحون يا رسول الله؟! قال: "نعم، إذا كثر الخبث".
لقد سادت بيننا روح الأنا البغيضة، حتى أضحى البعض منا يقول: أنا وبعدي الطوفان، (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) [الرعد:11].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبكلام سيد الأولين والآخرين، ويغفر الله لي ولكم ولكل من قال: آمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي بيده الخير كله، المتفرد بالوحدانية سبحانه، إله عظيم رحيم بعباده، ذكره يطمئن القلوب، وصلى الله وسلم على سيد الخلق أجمعين.
وبعد:
لقد اختارنا الله سبحانه لخدمة هذا الدين العظيم، وعلينا أن نقبل ونقول: (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) [البقرة:285].
ولم نخلق ليجامل بعضنا بعضًا ونتساهل في أمور الدين، ويجبر بعضنا خاطر بعض في أمور قد تؤدي إلى ضعف الإسلام في النفوس، حتى يشب بيننا من لا يتمسك إلا بالقشور من الدين ويحتل مكان التأثير والتوجيه في المجتمع، فيظهر المتملقون والمفسدون الذين يظنون أنهم يصلحون: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ) [البقرة11 :12].
أيها المسلم: قال -صلى الله عليه وسلم-: "اتّق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا".
أيها الناس: لا خلاص للأمة من شقائها، ولا نجاة من بلائها، إلا بإصلاح الإنسان، ولا صلاح للإنسان إلا بسلامة قلبه وصلاح أعماله، ولا سلامة للقلوب ولا صلاح للأعمال إلا بالتمسك بكتاب الله؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "تركت فيكم من بعدي ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدًا، كتاب الله وسنتي".
واسأل نفسك -أيها المسلم-: هل أنت مع الإسلام أو مع اتباع الهوى؟! واعلم أن الحق لو اتبع أهواء الناس لفسدت الأرض.
فاللهم جنبنا الفساد وسبيل المفسدين، وخذ بنا إلى مواطن العزة بعد الوهن، ومواطن الغنى بعد الافتقار، ومواطن النصر على أنفسنا وعلى أعدائك وأعدائنا.
يا رب يا ملاذ التقين، وملجأ المؤمنين: وحّد صفوفنا، وألّف بين قلوبنا، وارحمنا وارحم والدينا، واغفر لمن سبقنا من المؤمنين، وارزقنا رفقة صالحة تعيننا على التفقه في دينك، اللهم أيقظ هممنا، وارزقنا الأمن والأمان من كل الفتن، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيًّا ولا محرومًا، وانصر اللهم المجاهدين لإعلاء كلمتك، خاصة في أرض الإسراء، أرض فلسطين.
التعليقات