عناصر الخطبة
1/ الفرح بالعيد من سنن المرسلين 2/ الثبات على الطاعات بعد رحيل رمضان 3/ فضل التواصل والصفح بين الأقارب والمسلمين4/ فضائل بر الوالدين وصلة الأرحام 5/ وصايا ونصائح لنساء الأمة 6/ بعض سنن يوم العيد.اهداف الخطبة
اقتباس
الفَرَحُ بالعيدِ مِن سُنَنِ المُرسَلِينَ، فَلَقَدْ أَظهَرَ نَبِيُّنا -صلى الله عليه وسلم- الفَرَحَ والسُّرُورَ بِالأعيَادِ في شَرعِهِ وفِعْلِهِ، فَلَبِسَ أحسنَ ثِيابهِ، وأَذِنَ لِلمُسلِمِينَ بَأَنْ يَفرَحُوا، وأقرَّ الفَرَحَينَ على فَرَحِهم، .. حُقَّ لنا أنْ نَفرحَ بعيدِنا، فَنَحنُ في يوم الجَوائِزِ، فيا من أدَّيتم فرضَكم وأطعتم ربَّكم، وصُمتُم شَهركم، أحسنُوا الظَّنِّ بِرَبِّكم، وثِقوا بحسنِ جَزَائِهِ وَثوَابِهِ، فانشروا المَحبَّةَ بينَكُم، وتزاورُوا وتَبَادَلُوا التَّهاني والدَّعواتِ بِعُمُرٍ مَدِيدٍ وَعَمَلٍ صَالِحٍ سَدِيدٍ. اليومَ فرحٌ وسرورٌ، لا نريد أحداً حزيناً! نريدُكَ أنْ تعيشَ مُبتهجًا مُتفائلاً، بتلك الإنجازاتِ التي حقَّقتها في رَمضانَ! أمَّا مَا فِينا من مُشكِلاتٍ وأحزانٍ، وتَقصِيرٍ وخَطَايَا، فَلا يَنْبَغِي أنْ تَمْنَعَنا من الفَرَحِ المَشرُوعِ، فالابتِلاءَاتُ والهُمُومُ مِن سُنَنِ اللهِ فِي خَلِيقَتِهِ! والأَيَامُ أيامُ اللهِ..
الخطبة الأولى:
اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! اللهُ أكبرُ! الله أكبرُ.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ. جَلَّ عن شَرِيكٍ وولدٍ، وتقدَّسَ عن نظيرٍ وانفرد، أفاضَ علينا وأجادَ، وخصَّنا بالأفراحِ والأعيادِ، نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له شَهَادَةَ مَنْ آمنَ به وأَسْلَمَ، وفوَّضَ أَمرَهُ لَهُ واستَسلَمْ، ونشهدُ أنَّ نَبِيَّنا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه حَرِصَ علينا فَعَلَّمَنا، ونَصَحَ فَجَعَلَ شَفَاعَتَهُ لنا: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة: 128]؛ صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه وعلى آلهِ وأصحابِهِ؛ والتابعينَ لهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الدِّينِ.
أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ في الإِسرَارِ وَالإِعلانِ، طَرِيقُ التَقوَى مَن سَلَكَهُ رَشَدَ، وَمَن جَانَبَهُ ضَلَّ وابتعد.
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهَ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.
أيُّها المُسلِمُونَ: العيدُ جُزءٌ من شَرِيعَةِ الإسلامِ، أَصِيلٌ في نَفْسِهِ مُتَمَيِّزٌ في يَومهِ، أعيادُنا رَبَّانِيَّةٌ ليست كأعيادِ البَشرِ، لَيسَت لِمَولِدِ عَظِيمٍ، وَلا لِتَوَلِّي مَلِكٍ، وَلا هِيَ تَحَلُّلٌ مِن قُيُودِ الشَّرعِ، أعيادُنا فَرَحٌ بِإِكمَالِ العِبَادَاتِ، ودُعَاءٌ بقَبُولِها: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 57].
وللصائمِ فَرحَتَانِ: إذا أَفطرَ فَرِحَ بِفِطرِه، وإذا لَقِيَ ربَّه فَرِحَ بصومِهِ. والحمدُ اللهِ على تَمَامِ رَمَضَانَ، واكتمالِ نِعمَةِ رَبِّنا علينا؛ فقد أمَّدَ في أعمارِنا وَوَسَّعَ فِي أرزَاقِنا، وأمَّنَنا في أوطَانِنِا، وعافانا في أبدَانِنا؛ فلهُ الحمدُ وَحدَهُ، لا نُحصي ثناءً عليه. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ، اللهَ أَكبرُ وَللهِ الحمد.
الفَرَحُ بالعيدِ مِن سُنَنِ المُرسَلِينَ، فَلَقَدْ أَظهَرَ نَبِيُّنا -صلى الله عليه وسلم- الفَرَحَ والسُّرُورَ بِالأعيَادِ في شَرعِهِ وفِعْلِهِ، فَلَبِسَ أحسنَ ثِيابهِ، وأَذِنَ لِلمُسلِمِينَ بَأَنْ يَفرَحُوا، وأقرَّ الفَرَحَينَ على فَرَحِهم، وخيرُ الهَديُ هديُ مُحمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-.
أيُّها المسلمونَ: حُقَّ لنا أنْ نَفرحَ بعيدِنا، فَنَحنُ في يوم الجَوائِزِ، فيا من أدَّيتم فرضَكم وأطعتم ربَّكم، وصُمتُم شَهركم، أحسنُوا الظَّنِّ بِرَبِّكم، وثِقوا بحسنِ جَزَائِهِ وَثوَابِهِ، فانشروا المَحبَّةَ بينَكُم، وتزاورُوا وتَبَادَلُوا التَّهاني والدَّعواتِ بِعُمُرٍ مَدِيدٍ وَعَمَلٍ صَالِحٍ سَدِيدٍ.
اليومَ فرحٌ وسرورٌ، لا نريد أحداً حزينا! نريدُكَ أنْ تعيشَ مُبتهجًا مُتفائلاً، بتلك الإنجازاتِ التي حقَّقتها في رَمضانَ! أمَّا مَا فِينا من مُشكِلاتٍ وأحزانٍ، وتَقصِيرٍ وخَطَايَا، فَلا يَنْبَغِي أنْ تَمْنَعَنا من الفَرَحِ المَشرُوعِ، فالابتِلاءَاتُ والهُمُومُ مِن سُنَنِ اللهِ فِي خَلِيقَتِهِ! والأَيَامُ أيامُ اللهِ. وَالأَمْرُ أَمْرُهُ: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ).
يا مؤمنونَ: عَيدُكُم مُبَارَكٌ بِإذنِ اللهِ تعالى، وَأَبشِروا فَدِينُ اللهِ مَنصورٌ، ولن يُطفِئَ نُورَهُ الأَعدَاءُ، واللهِ لَيُتِمَّنَ اللهُ الأمرَ بعزِّ عزيزٍ أو بِذُلِّ ذَلِيلٍ، واللهُ يُبَشِّرُكم فَيَقُولُ: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 139].
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
عبادَ اللهِ: عِيدُنا يَربِطُنا بِدينِنا وأخلاقِنا ويُذَكِّرُنا بِنِعمَةِ اللهِ عَلينا أنْ خَلَقَنَا في أحسَنِ تَقويمٍ وَهَدَانا صِرَاطَهُ المُستقيمَ، وإنْ كانَ لنا مِن عَجبٍ! فَلنَعْجَبْ مِنْ ظُهُورِ انحِرَافَاتٍ فِكْرِيَّةٍ، ومَسْلَكِيَّةٍ أخلاقِيَّةٍ!
أيُّها المسْلِمونَ: تَودِيعُ رَمَضَانَ: يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ حَازِمَاً وَحاسِمَاً لِكَافَّةِ فِئَاتِ شَبَابِنَا أنْ يَنتَهُوا عَنْ كُلِّ أنواعِ الفِسقِ والمُجُونِ والتَّهَاوُنِ في شَرْعِ اللهِ تَعالى وأنْ يَأخُذُوا أَمْرَ رَبِّهِم بِجِدٍّ وَتَقْوى! كَفى تَهَاوُناً في الصَّلواتِ، كفى تَشْكِيكَاً في شَرْعِ اللهِ المُطَهَّرِ، وانسِيَاقَاً خَلْفَ مَلاحِدَةٍ لا يَقْدُرُونَ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ، ألم يَقُلِ الرَّبُّ الكَرِيمُ: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ) [المؤمنون: 107]. كَمَا يَنبَغِي أنْ يَكُونَ تَودِيعُ رَمَضَانَ حَازِمَاً وَحَاسِمَاً كَذَلِكَ لِكُلِّ فِكْرٍ مُتَطَرِّفٍ ضَالٍّ مَشِينٍ: (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [آل عمران: 101].
كَفَى لَقَدْ ذُقْنا المُرَّ وَنَحنُ نَسْمَعُ عن انْحِرَافِ شَبابٍ لَنا اخْتُطِفَتْ عُقُولُهم وَقُلُوبُهمْ مِنْ أوبَاشٍ لا تُعرَفُ لَهُمْ هَوِيَّةٌ إسلامِيَّةٌ! أيُعْقَلُ أنْ يَصِلَ التَّطَرُّفُ إلى قَتْلِ الوَالِدَينِ وَطَعْنِ أُمٍّ بِسَاطُورٍ!!! رُحمَاكَ يا اللهُ، رُحمَاكَ يا اللهُ. ألا لَعْنَةُ اللهِ على الظَّالِمِينَ. مَاذا يُرِيدُ هَؤُلاءِ الأَغْرَارُ الدَّواعِشُ ؟أمَا كَفَاهُمْ فَسَادَاً وإفْسَادَاً.
مَنْ بَاعَ عَقْلَكُمَا وَمَنْ أَعطَاكُمَا *** هَذي النُّفُوسَ المُشْرَئِبَّةَ لِلهَوَانْ
مَنْ سَرَّبَ الوَهمَ الكَبِيرَ إليكُمَا *** وَمَحَجَّةُ الإسلامِ مُشرِقَةُ البَيانْ؟
أَبَوَاكُمَا أَخَوَكُمَا يَا بِئْسَمَا *** فَعَلَ التَّدَاعُشُ أَيُّها المُتَطَرِّفَانْ
يَا رَبِّ لُطْفَكَ إِنَّنَا فِي لُجَّةٍ *** أَمْوَاجُهَا الرَّعْنَاءُ تَخْتطِفُ العِنَانْ
فَافْتَحْ لَنا يَا رَبُّ بَابَ نَجَاتِنَا *** مِمَّا نُشَاهِدُ مِن تَصَارِيفِ الزَّمَانْ
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93].
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ.
أيُّها المسلمونَ: يا من أدَّيتم فرضَكم وأطعتم ربَّكم، وصُمتُم شَهركم، أحسنُوا الظَّنِّ بِرَبِّكم، وثِقوا بحسنِ جَزَائِهِ وَثوَابِهِ، فانشروا المَحبَّةَ بينَكُم، وتزاورُوا وتَبَادَلُوا التَّهاني والدَّعواتِ. اليومَ فرحٌ وسرورٌ لا نريد أحداً مِنَّا حزينا! نريدُكَ أنْ تعيشَ مُبتهجًا مُتفائلاً، بتلك الإنجازاتِ التي حقَّقتها في رَمضانَ! لقد كشفَ لنا رمضانُ، أنَّ في نُفُوسِنَا خَيراً كَثِيراً، وأنَّنا قادِرُون بإذنِ الله على فعل الكثيرَ لأنفسِنا ولأمَّتنا، فلقد عشنا مع القرآنِ الكريمِ تلاوةً وتدبُّرا، فأدركنا أنَّ القرآنَ الكريمَ هو النَّجاةُ والنُّورُ، وصَدَقَ اللهُ: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [المائدة: 15- 16].
فلا يسوغُ لنا أنْ نتخذَه وراءَنا ظِهريَّا. لقد علَّمنا رَمَضَانُ مَعنى الجُودِ والبِرِّ والإحسان، فلا تَغفُلُوا عن تلك الصِّفاتِ العاليةِ والأخلاقِ الحميدَةِ طِيلةَ العَامِ؟ فمن للمحتاجينَ والمعوِزينَ بعد الله إلا أنتم؟ واللهُ يَعِدِكُم ويقولُ: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
لقد كشف لنا رمضانُ عن قوةِ صَبْرِنا وعَزِيمَتِنا على شَهَواتِنا! فَأدركنَا أنَّا قادرون على التَّغلُّبِ على أنفسنا وعلى الشَّيطانِ الرَّجيم فَهَجَرنا القَنَواتِ والمُسَلسَلاتِ والشَّبكاتِ وانْقَطَعْنا عن استِرَاحَاتِ الَّلهو التي تضرُّ ولا تنفع!
أيُّها المؤمنون: يَومُنا عَظِيمٌ وَعِيدُنا كَريمٌ، فَاقدُرُوهُ حَقَّ قَدرِهِ، أُعفُوا وَاصفَحُوا (أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغفِرَ اللهُ لَكُم).
استقبلوا عيدَكم بِصَفَاءِ القُلُوبِ ونَقَائِها من الشَّحناءِ والبَغضَاءِ والتَّقَاطُعِ. فيا أحبابَنا: قبلَ حُسْنِ مَلْبَسِنا دَعوةٌ أنْ نُنَظِّفَ قُلوبَنا، اتركوا ما مضى أنتم قلتم ونحن قلنا، وأنتم فعلتم ونحن فعلنا! ردِّدوا: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).
فَكَمْ سَمِعتُم وَسَمِعْنا والعِياذُ باللهِ! عَن أناسٍ امتلأت قَلوبُهُم حِقدًا عَلَى أَقَارِبِهِم، قَاطعُوهُم وخَاصموهُم في المحاكم، كُلُّ ذَلِكَ لأجلِ أَمرٍ تَافِهٍ، قَليلٍ مِن حُطَامٍ أَو وِشَايَةِ لِئَامٍ، أَو زَلَّةِ لِسَانٍ، فَتَمُرُّ الأَشهُرُ وَالقُلُوبُ تَغلِي، وَتِلكَ لَعَمرُ اللهِ مِن دَلائِلِ الخسرانِ وضعفِ الإيمانِ: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد: 22- 23]. وقالَ: "لا يَدخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ".
فَرَحِمَ اللهُ عبدًا يصِلُ رَحِمَهُ وإنْ قَطَعُوه، وَيَتَعهَّدُهم بالزِّيارةِ والهديةِ وإن جَفَوه، وهَنِيئًا ثمَّ هَنِيئًا لِمَن أَعَانَ على الصِّلةِ بِقَبُولِ العُذرِ وَالصَّفحِ عَنِ الزَّلاَّتِ وَالتَّغَاضِي عَنِ الهَفَوَاتِ، لا يَعرِفُ السِّبَابَ وَلا يُكثِرُ العِتَابَ، و ذَلِكَ فَضلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ .
وأعظمُ العقوق ما كان من الولد لوالديه! فَاحْذَرْ غَضبَ الرَّبِّ عليكَ! فلن يُرفعَ لَكَ عندَ اللهِ عَمَلٌ! وَلَنْ تُوفَّقَ لأيِّ خَيرٍ! وَأنْتَ لَهُما عَاقٌّ! قَالَ : "ثلاثةٌ لا يقبلُ اللهُ منهم صَرْفًا ولا عَدْلاً: العاقُّ لوالديه، والمنَّانُ، والمُكَذِّبُ بالقَدَرِ".
أيُّها الأَبناءُ: أخاطبكم بكلِّ قَلْبي وَكَيَانِي، اتَّقوا اللهَ فِي الوالدين واقدُروا لهذه النِّعمَةِ قَدْرَها، واغتنموا خيرَهما وبِرَّهما فدونَكم أبوابُ الجِنانِ فأين السالكون؟! رَدِّدوا: رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وللهِ الحَمْدُ. معاشر الأبناءِ والبناتِ: صلاتُكم عزِّكُم ونورُكم، وصِلَتُكم بربِّكم وهي سَبَبٌ لانشِرَاحِ صُدورِكُم، وَتَيسيرِ أُمورِكم وبالمقابل: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه: 124]. فالله الله لا يَغلِبَنَّكُم عن الصَّلاةِ شُغلٌ ولا هوى، ولا شَيطَانٌ.
مَعَاشِرَ الأَبنَاءِ: لقد دخلت علينا أمورٌ تَقَنِيَّةٌ كثيرَةٌ ظاهِرُها فيها الرَّحمةُ، وإنْ لم نُحسنْ كان من قِبَلِها العَذَابُ! فَجوالاتٌ بأدقِّ المُوَاصَفَاتِ وَشَبَكَاتٌ أَسرَعُ من الخيالِ! فمتى ما خَرجنَا فيها عن المَشروعِ، قلَّ الحياءُ وذهبتِ الغيرةُ وضاعَ الدينُ، و (لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ).
ألا يوجدُ من الذِّئابِ البَشَرِيَّةِ من يُغري فَتَياتِنا، ويستدرِجُها بكلمةٍ تلوَ الأخرى، فيا أَمَةَ الرَّحمانِ تَيقَّظِي لِدينِكِ ومُستقبلِ حياتَكِ وعرضِكِ، فهذه خُطواتٌ خطيرةٌ تحدثُ في مواقع الدَّردَشة، والغرفِ الالكترونيةِ والرَّسائِلِ الطَّائِشَةِ، والألعاب المُباشِرَةِ! حماكِ اللهُ من كلِّ سوءٍ ومكروهٍ.
معاشر المُؤمِناتِ: أجبنَ الله حيثُ قال: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [الأحزاب: 33]. آيةٌ عظيمةٌ لو عَمِلتِ بها لَحُزْتِ خَيري الدُّنيا والآخرة، فالأصلُ قَرَارُكِ في بيتِكِ؛ فاصبري على تَعَبِ المَنزِلِ، وكَلَفَةِ التَّربيةِ والزَّوجِ، واحذري الخضوعَ في القولِ ومخالطةَ الرِّجالِ وإبداءَ الزِّينةِ لهم، ابتعدي عن ذلك في الأماكن العامَّةِ كالأسواقِ والحدائقِ، وأماكنَ الْمُتَنَزَّهاتِ الْمُختَلَطةِ فقد قال -صلى الله عليه وسلم- : «عَلَيكُنَّ بِحَافَاتِ الطَّرِيقِ». تَجَمَّلنَ بِالحَيَاءِ وَتزَيَّنَّ بِالسِّترِ، وَاحذَرْنَ المَلابِسَ الفَاتِنَةَ، والعَبَاءَاتِ المُزَركَشَةَ وَالمُخَصَّرةَ، وَالثِّيابَ القَصِيرةَ، والأَنقِبَةَ الخَدَّاعَةَ، فَإِنَّ اللهَ عليمٌ خبيرٌ.
عِبَادَ اللهِ: ولا تَنسَوا صِيَامَ سِتٍّ من شَوَّالٍ، فقد قالَ -صلى الله عليه وسلم- : «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»(مُسلِمٌ).
ثُمَّ استَقِيموا على العَمَلِ الصَّالحِ وَاثْبُتُوا على الطَّاعَةِ، وكان من هدي النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مُخَالَفةُ الطَّريقِ في العيدِ، وانطلقوا في عيدِكم مُبتهجينَ مُستَبشِرِينَ وَقَابِلوا أَهلِيكُم وأصحابِكم وجيرانِكم والعمَالَةِ الوافِدَةِ بالبِشْرِ والتِّرحابِ، ولا يعكِّرْ عليكَ الشَّيطانُ عيدَك!
أيُّها المُسلِمونَ: مَن كانَ يَعبدُ رَمضانَ فإنَّ رَمَضَان قد فَاتَ، ومَن كانَ يَعبُدُ ربَّ رَمضَانَ، فإنَّ اللهَ حيٌّ لا يموتُ. فيا مَنْ عَهدناكَ في رمضانَ مُنيباً تَائِباً، مُحافِظاً على صَلواتِكَ، مُهذَّباً نَقِيَّاً، مُتَواضِعاً تَقِيَّاً. باذِلاً سَخِيَّاً! أتُراكَ بعدما ذُقْتَ حلاوةَ الإيمانِ تعودُ إلى مَرارةِ العِصيانِ! فاستعذْ باللهِ مِن الحَورِ بعدَ الكَوْرِ، ومن الضلالةِ بعدَ الهدايةِ، ردِّدْ: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهَّابُ)، فاللهم إنَّا نسألكَ بركاتِ هذا العيدِ وجوائزه. واجعل عيدَنا فوزاً برضاكَ والجنَّةَ. اللهم اجعلنا ممن قبلت صيامَه وقيامَه وأعمالَه فأعتقت رقابَهم من النَّار.
اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان، اللهم اغفر لنا ولِولِدِينا وجمع المسلمينَ، الأحياءَ منهم والميتينَ، ووفِّق ولاة أمورِنا لِما تُحبُّ وترضى. وأصلح أحوال المسلمين، وهيئ لهم قادَةً صالِحينَ مُصلِحينَ، اللهم احفظ حُدُودَنا وجُنودَنا وتقبَّل موتاهم في الصَّالحينَ.
اللهم وانصر إخواننا المُستضعفينَ في كُلِّ مكانٍ يا ربَّ العالَمينَ، اللهمَّ وعليكَ بالطُّغاةِ الظَّالمينَ، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمينَ والمسلماتِ الأحياء منهم والأمواتِ. اللهم واجعل مستقبلنا خيرا من ماضينا وتوفَّنا وأنت راضٍ عنا يا كريمُ. (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار). سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
التعليقات