عناصر الخطبة
1/ حقيقة الجن وحقيقة خلقهم وسبب تسميتهم بذلك 2/ صفات الجن 3/ أقسام الجن 4/ من إيذاء الجن للإنس 5/ من أحكام الرقية

اقتباس

والجنُّ كالإنْسِ فيهم الـمُهتَدونَ ومنهم الفاجِرونَ؛ كما قالَ سبُحانَه: عنهم في مناداتهم لِقَومِهم: (يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيم)، وفيهم الكفارُ، والفُساقُ، والعُصاةُ، وقد اعتَرَفوا بذلكَ لما قالوا...

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ ذي الفَضلِ والجودِ والـمِنَّة، الحمدُ للهِ الـمُتَوَحِّدِ بِخَلْقِ الإنسِ والجِنَّة، الحمدُ للهِ الذي أمرَ بطاعتِه، ووعدَ من أطاعَهُ بالكَرامَةِ بالـجَنَّة، وتَوَعَّدَ مَن عَصاهُ بالنارِ إذْ تَولَّى عن الدينِ وخالَفَ السُّنة.

 

وأشهدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وَحدَهُ لا شريكَ لَه، جَلَّ عن الشَّبيهِ، والـمَثيلِ، والكُفْءِ، والنظير، وأشهدُ أنَّ مُحمداً عبدُهُ ورسولُه، وصَفِيُّهُ، وخَليلُه، وخِيرَتُهُ مِن خَلْقِه وأمينُهُ على وَحيِه، أرسلَهُ رَبُّهُ رَحمةً للعالَـمين، وحُجَّةً على العبادِ أجمعين، فصلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ، ما ذَكَرهُ الذاكرونَ الأبرارُ، وصلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ، ما تَعاقَبَ الليلُ والنهار، ونَسألُ اللهَ أنْ يَجعلَنا من صالِحي أمَّتِه، وأنْ يَحشُرَنا يومَ القيامَةِ في زُمرَتِه، أما بعـد:

 

أيُّها الأحَبَّةُ الكِرام: إنَّ الجِنِّ عالـَم غيبي يَجبُ الإيمانُ بِه، وقد أخبَرَنا اللهُ تعالى عن الجِنِّ وقَرَنَ بَينَهم وبينَ الإنسِ في مَواضِعَ كثيرةٍ، والغايةُ من خَلقِ الجِنِّ، هيَ نَفسُها الغايةُ من خلقِ الإنسِ؛ كما قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56].

 

والجنُّ عالـَمٌ أخفَى اللهُ عنَّا كثيراً من حَياتِـهم وخَصائِصِهم لِعَدَمِ حاجَتِنا لِذلك.

 

وقد سُمِّيَ الجنُّ جِناً لاختِفائِهم عن الأنظار، والاجتِنانُ هو: الاختِفاءُ والاستِتار.

 

ولقد خَلَقَ اللهُ الجنَّ من مَارِجٍ من نار، قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ) [الحجر:26-27]، وقال سبحانه: (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) [الرحمن: 15]؛ أي: من نارٍ شديدةِ الحرارةِ لا دُخانَ لها.

 

خلَقَ اللهُ الجنَّ قَبلَ أن يَخلُقَ آدَمَ -عليهِ السلامُ-، وأوَّلُ مَن سَكَنَ الأرضَ الجنُّ فأفْسَدوا فيها، وسَفَكوا الدِّماء، وقَتَل بعضُهم بَعضاً، فَبعثَ اللهُ تعالى إلَيهم من قاتَلَهم؛ حتى ألحقَهم بالـجُزُرِ والجبال؛ فلذلكَ لـمـَّا قالَ اللهُ تعالى للمَلائِكَةِ: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) [البَقَرَة:30] تَذَكَّرَتْ الملائكةُ ما فَعلَتْهُ الجِنُّ في الأرضِ؛ فقالوا: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء) وذلكَ أنَّ الجِنَّ قد فَعَلوا ذلك.

 

وقد يَسْتَشْكِلُ البَعْضُ كَيفَ يُخلَقُ الجنُّ من نارٍ ويُعَذَّبُ العُصاةُ مِنهم يَومَ القِيامَةِ بالنارِ؟

 

والجوابُ أنْ يُقال: إنَّ الإنسانَ أصلُ خِلْقَتِهِ من طِينٍ؛ لكِنَّهُ تَحَوَّلَ إلى شَيءٍ آخَرَ بَعدَ تَمامِ الخَلْقِ فَصَارَ لَـحْماً ودَماً، كذلكَ الِجنُّ أصلُ خِلقَتِهم من نار، لكنَّ طَبائِعَهم الآنَ لَيسَتْ كَطبائِعِ النارِ واللهُ أعلم.

 

أيُّها الـمُسلمون: والجِنُّ لهم صِفاتٌ منها:

أنَّ الجنَّ يَتَناكَحون، ولَهم ذُرِّيةٌ؛ كما قال تعالى عن إبليسَ: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) [الكهف:50]، وقال تعالى: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) [الرحمان:74].

 

 

والجنُّ يَتَوالَدون ويَتَناسَلون أكثرَ من تَناسُلِ الإنسِ، فهم أكثَرُ مِنَّا عَدداً، قالَ قَتَادَةَ، عَنْ عَامِرٍ الْبِكَالِيِّ: "إِنَّ اللَّهَ جَزَّأَ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ فَتِسْعَةٌ مِنْهُمُ الْجِنُّ، وَلَا يُولَدُ مِنَ الْإِنْسِ وَلَدٌ إِلَّا وُلِدَ مِنَ الْجِنِّ تِسْعَةٌ" (رواه عبدالرزاق والطبري في تفسيريهما).

 

والجنُّ يَأكلونَ ويَشربون، يَدُلُّ على ذلكَ ما في صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نَهى عن الاستِجمارِ بالعَظْمِ، والرَّوثِ، وقال: "فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ".

 

وعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَعَامًا لَمْ نَضَعْ أَيْدِيَنَا حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَضَعَ يَدَهُ، وَإِنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ مَرَّةً طَعَامًا، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا تُدْفَعُ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا فِي الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهَا، ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّمَا يُدْفَعُ فَأَخَذَ بِيَدِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَجَاءَ بِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ يَدَهُ فِي يَدِي مَعَ يَدِهما" (رواه مسلم).

 

فإذا لم يَذكُرِ الإنسانُ رَبَّهُ عندَ بِدايةِ الطعامِ أكَلَ مَعَهُ الشيطان.

 

والجنُّ مُكَلَّفونَ، ولهم اختيارٌ؛ كما قال سبحانه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فدَلَّ على أنهم مُكلَّفونَ بالعِبادة.

 

وقد اختلفَ أهلُ العلمِ هل أرسلَ اللهُ تعالى إلى الجنِّ رُسُلاً، كما أرسلَ إلى الإنسِ أم لا؟

 

والجوابُ: أنَّ اللهَ تعالى يُرسِلُ الرسُلَ إلى الإنسِ ورَسولُ الإنسِ َيدعو الجنّ إلى الله، ثم يُرسلُهم إلى قَومِهم مُنذِرين؛ كما قال تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) [الأحقاف: 29] ولم يَقُلْ مُرسَلين.

 

ومن صفاتِ الجنِّ: أنَّهم يَموتونَ ويُبعَثون؛ كما قال تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) [الرحمن:26-27]، وقال سبحانه: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [الْقَصَصِ:88].

 

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَانَ يَقُولُ: "اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْ تُضِلَّنِي، أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ" (متفق عليه).

 

ومن صِفاتِ الجنِّ: أنَّهم يَسكُنونَ معَ الإنسِ فَوقَ الأرضِ ويَدُلُّ عليهِ قولُ اللهِ تعالى عن آدَمَ وحَوَّاءَ وإبليسَ: (وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) [الأعراف:24]، وقال تعالى: (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ) [الرحمن:10] قال ابنُ عباس: وضَعَها للخَلقِ فيَشمَلُ الجنَّ والإنسَ.

 

وأكثرُ ما يَسكُنُ الجنُّ في مَواضِعِ النجاساتِ؛ لِذا شُرِعَ لنا الاستِعاذَةُ من ذُكورِ الجنِّ وإناثِهم عندَ دُخولِ الخلاءِ؛ كما روى أبو داود أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ -يَعني مَواضِعَ قَضاءِ الحاجَةِ وكَشفِ العَورَةِ- مُحْتَضَرَةٌ -أي يحضرها الجن- فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ" الخُبُثُ جَمعُ خَبيثٍ وهم ذُكورُ الجنِّ، والخبائِثُ جَمعُ خبيثةٍ وهي إناثُ الجن.

 

ونَهى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاةِ في أعطانِ الإبلِ والحماماتِ؛ لأنَّها مأوى الشياطين.

 

كما يَكثُرُ وجودُ الشياطينِ في الأسواقِ لذلكَ يكثرُ فيها الغَشُّ والنظرُ الحرامُ والحلِفُ الكاذِبُ والخصومات، وقد روى مسلمٌ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أوصى بعضَ أصحابِهِ فقال: "لَا تَكُونَنَّ إِنِ اسْتَطَعْتَ، أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ وَلَا آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا، فَإِنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ، وَبِهَا يَنْصِبُ رَايَتَهُ".

 

ومن صِفاتِ الجنِّ: أنَّهم يَقدِرونَ على التَّشَكُّلِ والتصوُّرِ بصُوَرٍ مُتَنوِّعَةٍ، ومن ذلكَ أنَّ إبليسَ تَمثّلَ لقريشٍ لما وَقَعَتْ مَعركةُ بَدرٍ في صورةِ سُراقَةَ بن مالِكٍ، وأقبلَ معَ قَومٍ من الجنِّ في صُوَرِ رِجالٍ، وقالَ لِقُريشٍ: قاتِلوا مُحمداً فإنِّي جَارٌ لكم -يَعني: أنا سُراقةُ بن مالكٍ وهَؤلاءِ قَومي نُجيرُكم ونُساعِدُكم- فلمَّا تَراءَتْ الفِئِتانِ والتَقى الصَّفانِ ورأى إبليسُ الملائِكةَ وَلَّى هارِباً، فصاحَ رجالُ قريشٍ يا سُراقةُ أَلـَمْ تَزْعُمْ أنَّكَ جارٌ لَنا؟ (قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَاب) [الأنفال:48].

 

وروى مسلمٌ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أخبَرَ: أنَّ الشيطانَ يَتَمَثَّلُ في صورةِ الكَلْبِ الأسوَدِ فقال: "الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ".

 

ولا يُمكنُ لأحَدٍ أنْ يَرى الجنَّ في صُورَتِهم الحقيقيةِ التي خُلِقوا عليها، فمَا يُنشَرُ من صُوَرِ الجنِّ كُلُّهُ غَيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ اللهَ تعالى قالَ عن الشيطانِ والجنِّ: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ) [الأعراف:27] فنحنُ لا يُمكنُ أنْ نَراهم على صُوَرِهم الحقيقية، أمَّا هُم فَيـرَونَنا على ذلك.

 

أيُّها المسلمون: وقد قَسَّمَ أهلُ العلمِ الجنَّ إلى ثلاثَةِ أنواعٍ:

فمن الجنِّ مَن يُسَمَّونَ: العَفاريتَ، وهم أقوياءُ الجنِّ ودُهاتِهم، ومنهم العِفْريتُ الذي تَكَفّلَ لِسُلَيمانَ عليهِ السلامُ بإحضارِ عَرشِ بَلقيسَ، وسُليمانُ في فِلسطين، وعَرْشُ بِلقيسَ في اليمن (قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِين) [النمل:39].

 

والصِنفُ الثاني منهم: هم الجنُّ الـخُبلُ، وهم سُفَهاءُ الجنِّ الذينَ يُؤذونَ بَني آدمَ في التَّلَبُّسِ والتَّصَرُّعِ وغَيرِه.

 

ومنهم صِنفٌ ثالثٌ: يُسَمَّونَ بالغيلانِ، جَمعُ غُولٍ، قيل: إنَّهم سَحَرَةُ الجنِّ الذينَ يَتَشكَّلونَ ويَظهَرونَ للناسِ، وهم يَهرُبونَ ويَفزَعون عندَ ذِكرِ اللهِ تعالى؛ كما قالَ -عليهِ الصلاةُ والسلامُ-: "وَإِذَا تَغَوَّلَتْ لَكُمُ الْغِيلَانُ، فَبَادَرُوا بِالْأَذَانِ" (رواه الإمام أحمد).

 

مَعاشِرَ المؤمنين: والجنُّ ضُعَفاءُ، قال تعالى: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) [النساء:76]، وقال -عزَّ وجَلَّ-: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُون) [النحل 98-100].

 

وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: "لَقِيَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلًا مِنَ الْجِنِّ، فَصَارَعَهُ فَصَرَعَهُ الْإِنْسِيُّ. فَقَالَ لَهُ الْإِنْسِيُّ: إِنِّي لَأَرَاكَ ضَئِيلًا شَخِيتًا، كَأَنَّ ذُرَيِّعَتَيْكَ ذُرَيِّعَتَا كَلْبٍ، فَكَذَاكَ أَنْتُمْ مَعْشَرَ الْجِنِّ، أَمْ أَنْتَ مِنْ بَيْنِهِمْ كَذَلِكَ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ إِنِّي مِنْهُمْ لَضَلِيعٌ، وَلَكِنْ عَاوِدْنِي الثَّانِيَةَ، فَإِنْ صَرَعْتَنِي عَلَّمْتُكَ شَيْئًا يَنْفَعُكَ. فَعَاوَدَهُ فَصَرَعَهُ، قال: هَاتِ عَلِّمْنِي، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: تَقْرَأُ (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) [آلِ عِمْرَانَ:2] ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّكَ لَا تَقْرَؤُهَا فِي بَيْتٍ إِلَّا خَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ، لَهُ خَبَجٌ كَخَبَجِ الْحِمَارِ، ثُمَّ لَا يَدْخُلُهُ حَتَّى يُصْبِحَ".

 

فَقَالَ رَجُلٌ فِي الْقَوْمِ لابنِ مَسعودٍ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! مَنْ ذَاكَ الرَّجُلُ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ هُوَ عُمَرُ؟ فَقَالَ: مَنْ يَكُونُ هُوَ إِلا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟!

 

قال الهيثمي في مجمع الزوائد: "رواه الطبراني في المعجم الكبير ورجاله رجال الصحيح".

 

أيُّها الإخوةُ الكرام: والجنُّ كالإنْسِ فيهم الـمُهتَدونَ ومنهم الفاجِرونَ؛ كما قالَ سبُحانَه: فالمهتدونَ همُ الذينَ قالوا لِقَومِهم: (يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيم) [الأحقاف:31].

 

وفيهم الكفارُ، والفُساقُ، والعُصاةُ، وقد اعتَرَفوا بذلكَ لما قالوا: (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا) [الجن:11]؛ أي: كُنَّا فِرَقاً مُتَنوِّعةً وأنواعًا مُختلفةً.

 

أسألُ اللهَ تعالى أنْ يُفَقِّهَني وإياكم في الدِّين، وأنْ يُعَلِّمَنا ما يَنفَعُنا وأنْ يَنفَعَنا بما عَلَّمَنا.

 

أقولُ ما تَسمعونَ، وأستَغْفِرُ اللهَ الجليلَ العظيمَ من كُلِّ ذَنبٍ فاستَغْفِروهُ وتوبوا إليهِ؛ إنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشُّكرُ لَهُ على تَوفيقِهِ وامتِنانِه، وأشهدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ تَعظيمًا لِشأنِه، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ الدَّاعي إلى رِضوانِه، صلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبارَكَ عليهِ، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ وإخوانِهِ وخِلَّانِه، ومن سارَ على نـَهجِهِ واقْتَفى أثَـرَهُ واسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ إلى يَومِ الدين.

 

أما بَعدُ:

 

مَعاشِرَ المؤمنين: إنَّ مَسَّ الجنِّ للإنسِ وصَرعِهم لهم ثابِتٌ بالكِتابِ والسُّنةِ، ويَدُلُّ على ذلكَ قَولَ اللهِ تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) [البقرة:275].

 

قال الطبري: "لا يَقومونَ في الآخِرَةِ من قُبورِهم إلّا كَما يَقومُ الذي يَتَخَبَّطُهُ الشيطانُ مِنْ الـمَس"؛ يَعني يتخبطُهُ في الدُّنيا فيَصرَعُهُ من المس.

 

وعَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَافَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنِي هَذَا بِهِ لَمَمٌ مُنْذُ سَبْعِ سِنِينَ يَأْخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَدْنِيهِ" فَأَدْنَتْهُ مِنْهُ فَتَفَلَ فِي فِيهِ وَقَالَ: "اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ" ثُمَّ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا رَجَعْنَا فَأَعْلِمِينَا مَا صَنَعَ" فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَقْبَلَتْهُ وَمَعَهَا كَبْشَانِ وَأَقِطٌ وَسَمْنٌ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "خُذْ هَذَا الْكَبْشَ فَاتَّخِذْ مِنْهُ مَا أَرَدْتَ" فَقَالَتْ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ مَا رَأَيْنَا بِهِ شَيْئًا مُنْذُ فَارَقْتَنَا" (أخرجه الحاكم).

 

وذكرَ ابنُ القّيِّمِ أنَّ الصَّرْعَ نوعان: منهُ صَرعٌ من الأرواحِ الخبيثةِ -يعني تَعَرُّضٌ من الجن- ومنهُ صَرْعٌ من الأخلاطِ الرَّديْئَة، يَعني صرعٌ بسَبَبِ اضطِراباتٍ في الجسد.

 

ومن الأذى الذي تُسبِّبُه الجنُّ للإنسِ إحداثُ الخوفِ والتـَّرويعِ للناس، عبرَ أصواتٍ يُصدِرونَها أو أبوابٍ يُحرِّكونَها وما شَابَهَ ذلك.

 

والوِقايَةُ من ذلكَ تَكونُ بِقِراءَةِ القُرآنِ وذِكرِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- وهَجْرِ آلاتِ اللَّهوِ المحرَّمِ وعَدَمِ تَعليقِ الصُّوَرِ والتماثيلِ في البُيوتِ؛ لأنَّ هذهِ تَستَجلِبُ الشياطينَ، خاصَّةً إنْ أُضيفَ إلى ذلكَ رَوائِحُ خَبيثةٍ، لذلكَ تَجدُ السَّحَرَةَ يُحيطونَ أنفُسَهم بالرَّوائِحِ الخبيثةِ والأوساخ.

 

لذلكَ لا تَعجَبْ أنَّ بُيوتاً تَكثُرُ فيها الخِلافاتُ والغَضَبُ بينَ الزَّوجةِ والأولادِ والأبِ، والغَضَبُ من الشيطانِ كما تَعلمون، والشيطانُ من الجنِّ والسَّبَبُ هوَ استِجلابُهم للشياطينِ بالمعاصي ولو أنَّهم آمَنوا واتَّقَوا لَقَرَّبَ اللهُ إليهم مَلائَكِتَه.

 

أيُّها الأحِبَّةُ الكرام: الجنُّ معَ شِدَّةِ ضَعفِهم لكنَّهم يَتَقوَّونَ على العُصاةِ وعلى مَنْ خافَ منهم؛ لذلكَ قالَ اللهُ تعالى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) [الجن:6].

 

وقد كانتْ العربُ في الجاهِليةِ إذا نَزَلوا مَوطِناً أثناءَ سَفَرِهم، قالوا: نَعوذُ بِعظيمِ هذا الوادي من سُفَهاءِ أهلِه، فلما رَأَتْ الجنُّ أنَّ البَشَرَ يَخافونَ منهم، ويَستَعيذونَ بِهم من سُفهائِهم، تَقَوَّوا عليهم فقالَ اللهُ تعالى: (فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) يعني زادوهم تَخويفًا.

 

ولا يَنبغي أنْ يُفَسِّرَ الإنسانُ كُلَّ قَلَقٍ واضطرابٍ يُصيبُهُ بأنَّه جِنٌّ أو سِحرٌ فأحياناً تَكونُ أمراضاً نَفسيَّةً أو تَوَهُّمات.

 

وأحيانًا يُظهِرُ بعضُ الناسِ أنَّهُ مُصابٌ بِسحرٍ أو مَسٍّ من الجنِّ لِيَستَجلِبَ عَطْفَ الناسِ، فيشتَكي من ضيقٍ واكتِئابٍ ويطلُبُ الرُّقيَةَ عليه والبقاءَ بجانِبِه لِيَسْتَدِرَّ عَطفَ مَن حَولَها أو غيَر ذلكَ من الأسباب؛ فلا يَنبغي أنْ تَتَسرَّعَ بالحُكمِ على كُلِّ اضطِرابٍ أنَّه من الجن.

 

أخيرًا -أيُّها الإخوةُ الفُضَلاء- أمَّا الـمُعالـِجونَ بالقُرآن، فقد نَفَعَ اللهُ تعالى بِهم وسَدَّ بِهم بابَ السِّحرِ والشَّعوَذَةِ، واللهُ تعالى يقول: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الإسراء:82]، ويقول: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ) [فصلت:44].

 

فَكَمْ شَفى اللهُ بالقُرآنِ من رَجُلٍ عَقيم، وكم شفى من سَقيم، وكم جَمَعَ من أُسَرٍ.

 

ولكن يَنبغي الحذَرُ من تَساهُلِ القارِئِ الرَّاقي بِلَمسِ المرأةِ أو الخَلوَةِ بِها، بَلْ يَنبَغي أنْ يُصاحِبَها مَحرَمُها، وكذلكَ إنْ وُجِدَ على الراقي مُلاحَظَةٌ تَتَعلَّقُ بِكَيفِيةِ الرُّقيةِ أو استِعمالِ طُرُقٍ غَريبةٍ أنْ يُلاحَظَ ذلكَ ويُناصَح.

 

ولا بَأسَ بأخْذِ العِوَضِ على القِراءَةِ، فإنَّ أبا سعيدٍ الخُدري رضي الله عنه قَرَأَ على سَيِّدٍ لِقَومٍ من العَرَبِ لَديغٍ فَأعْطَوهُ قَطيعًا مِن غَنَمٍ، فأخبَرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال له: "وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ" (رواه البخاري).

 

ولكن إنْ احتَسَبَ الراقي عِلاجَهُ للناسِ أجرًا وثوابًا عندَ اللهِ تعالى فهو أولى.

 

ولا يَنبغي للإنسانِ أن يَفزَعَ دائِمًا إلى مَن يَرقيهِ، بَلْ يَرقي نَفسَهُ قَدرَ استِطاعَتِه؛ لأنَّ الرُّقيةَ دُعاء، ودُعاؤكَ لِنفسِكَ سيكونُ غالِباً أكثرَ إخلاصاً ولَـجَئاً، وقد عَلَّمَنا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إذا مَرِضَ أحدُنا؛ فقال: "ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ بِاسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ" (رواه مسلم).

 

أسألُ اللهَ تعالى أنْ يُفَقِّهَنا وإياكم في الدِّين، وأنْ يَحفَظَنا من شُرورِ الشياطين،

 

اللهمَّ وَفِّقنا لِفعلِ الخيرات، وتَركِ المنكرات، وحُبِّ المساكين، اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمينَ، وأذِلَّ الشِّرْكَ والمُشركينَ، واحْمِ حَوزَةَ الدِّينِ،

 

اللهمَّ اغفِرْ لنا ولآبائِنا وأمهاتِنا اللهمَّ من كانَ منهم حياً فمتِّعْهُ بالصحةِ على طاعتِك واخْتِمْ لنا ولَه بخير ومن كان منهم مَيِّتاً فَوَسِّعْ له في قَبْرِهِ وضاعِفْ له حسناتِه وتَجاوزْ عن سيئاتِه واجمعْنا بهِ في جنَّتِك يا رَبَّ العالمين اللهمَّ أصْلِحْ أحوالَ المسلمين في كُلِّ مكان.

 

اللهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ الـمَهْمومين، ونَفِّسْ كَرْبَ الـمَكْروبين واقْضِ الدَّينَ عنِ الـمَدينين، واشْفِ مَرْضَى الـمـُسلِمين.

 

اللهمّ لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا همّاً إلا فرّجْته، ولا دَيناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا عقيماً إلا ذرية صالحةً رزقته، ولا ولداً عاقّاً إلا هديته وأصلحته يا ربَّ العالمين.

 

اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إنا نسألك الجنة لنا ولوالدينا، ولمن له حق علينا، وللمسلمين أجمعين.

 

اللهمَّ صَلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما صليتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيم، وبارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيم؛ إنَّكَ حَميدٌ مَجيد.

 

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90].

 

فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم (وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكبَرُ وَاللَّهُ يَعلَمُ ما تَصنَعونَ) [العنكبوت:٤٥].

 

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات:180-182].

المرفقات
عالم-الجن.doc
التعليقات
أ/ محمد
18-12-2017

السلام عليكم كلفني احد الخطباء الاكارم ان اخطب بدلا عنه في هذا الاسبوع . وبعد تصبح الموقع قمت باختيار هذه الخطبة لاقوم بالقائها على الناس والله يوفق الجميع

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life