عاصفة الحزم (حي على الجهاد)

الشيخ محمد بن مبارك الشرافي

2022-10-10 - 1444/03/14
عناصر الخطبة
1/ أفعال الحوثيين الخبيثة وجرائمهم في اليمن 2/ أهمية إضْعَاف شَوْكَة الْحُوثِيِّين 3/ فضل الجهاد في سبيل الله 4/ عوامل النصر على الأعداء 5/ وجوب الحذر من الشائعات والأراجيف.
اهداف الخطبة

اقتباس

لا يَخْفَى عَلَى كُلِّ مُنْصِفٍ مَا صَنَعَهُ الْحُوثِيُّونَ فِي الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ فِي بِلَادِ الْيَمَنِ الشَّقِيقَةِ مِنْ أَفْعَالٍ تَخْرِيِبِيَّةٍ وَأَعْمَالٍ إِرْهَابِيَّةٍ؛ تَمَثَّلَتْ فِي سَفْكِ الدِّمَاءِ الْبَرِيئَةِ وَإِتْلَافِ الْأَمْوَالِ وَتَدْمِيرِ الْمَسَاجِدِ وَحِلَقِ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَتَخْرِيبٍ لِلْمَعَاهِدِ وَالْجَامِعَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَاسْتِهْدَافٍ لِلأَئِمَّةِ وَالْخُطَبَاءِ وَالدُّعَاةِ وَأَهْلِ الرَّأْيِ، إِضَافَةً إِلَى َأَعْمَالِ النَّهْبِ وَالسَّلْبِ وَالتَّدْمِيرِ وَالتَّفْجِيرِ، وَتَفْرِيقِ أَهْلِ الْيَمَنِ، هَذَا فَضْلَاً عَنْ تَصْرِيحَاتِهِم الْمُتَكَرِّرَةِ بِتَهْدِيدِ أَمْنِ الْخَلِيجِ وَمُقَدَّسَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَطَاوُلِهِمُ الدَّائِمُ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَزَوْجَاتِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ-، وَجِميعُ أَعْمَالِ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ تُشَكِّلُ خُطُورَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ عُمُومَاً وَعَلَى دُوَلِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ خُصُوصَاً...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَعَزَّ مَنْ أَطَاعَهُ وَاتَّقَاه، وَأَذَلَّ مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ فَعَصَاه، النَّاصِرُ لِدِينِهِ وَمَنْ وَالاه، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيراً إِلَى يَوْمِ الدِّين.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يقول: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) [الحج: 39- 40].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّهُ لا يَخْفَى عَلَى كُلِّ مُنْصِفٍ مَا صَنَعَهُ الْحُوثِيُّونَ فِي الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ فِي بِلَادِ الْيَمَنِ الشَّقِيقَةِ مِنْ أَفْعَالٍ تَخْرِيِبِيَّةٍ وَأَعْمَالٍ إِرْهَابِيَّةٍ؛ تَمَثَّلَتْ فِي سَفْكِ الدِّمَاءِ الْبَرِيئَةِ وَإِتْلَافِ الْأَمْوَالِ وَتَدْمِيرِ الْمَسَاجِدِ وَحِلَقِ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَتَخْرِيبٍ لِلْمَعَاهِدِ وَالْجَامِعَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَاسْتِهْدَافٍ لِلأَئِمَّةِ وَالْخُطَبَاءِ وَالدُّعَاةِ وَأَهْلِ الرَّأْيِ، إِضَافَةً إِلَى َأَعْمَالِ النَّهْبِ وَالسَّلْبِ وَالتَّدْمِيرِ وَالتَّفْجِيرِ، وَتَفْرِيقِ أَهْلِ الْيَمَنِ، هَذَا فَضْلَاً عَنْ تَصْرِيحَاتِهِم الْمُتَكَرِّرَةِ بِتَهْدِيدِ أَمْنِ الْخَلِيجِ وَمُقَدَّسَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَطَاوُلِهِمُ الدَّائِمُ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَزَوْجَاتِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ-، وَجِميعُ أَعْمَالِ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ تُشَكِّلُ خُطُورَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ عُمُومَاً وَعَلَى دُوَلِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ خُصُوصَاً.

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: وَإِنَّ إِضْعَافَ شَوْكَةِ هَؤُلاءِ الْحُوثِيِّينَ وَضَرْبِ مَعَاقِلِهِمُ الْعَسْكَرِيَّةِ هُوَ حِمَايَةٌ لِبِلادِنَا مِنْ تَهْدِيدَاتِهِمْ وَكَفِّ شَرِّهِمْ عَنْ أَبْنَاءِ الْيَمَنِ الشَّقِيقِ وَمَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ.

 

وَإِنَّهُ انْطِلَاقَاً مِنْ مَسْؤُولِيَّةِ بِلَاِد الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ تِجَاهَ الشَّعْبِ الْيَمَنِيِّ الشَّقِيقِ وَاسْتِجَابَةَ لِمَا تَضَمّنَتُهُ رِسَالَةِ الرَّئِيسِ الْيَمَنِيِّ، مِنْ طَلَبٍ لِتَقْدِيمِ الْمُسَانَدَةِ الْفَوْرِيَّةِ بِكَافَّةِ الْوَسَائِلِ وَالتَّدَابِيرِ اللَّازِمَةِ لِحِمَايَةِ الْيَمَنِ وَشَعْبِهِ مِنْ عُدْوَانِ الْمِيلِيشْيَاتِ الْحُوثِيَّةِ الْمَدْعُومَةِ مِنْ قُوى إِقْلِيمِيَّةٍ هَدَفُهَا بَسْطُ هَيْمَنَتِهَا عَلَى الْيَمَنِ وَجَعْلِهَا قَاعِدَةً لِنُفُوذِهَا فِي الْمَنْطِقَةِ.

 

 وَلِذَا فَإِنَّ حُكُومَتَنَا -أَيَّدَهَا اللهُ- وَعَلَى رَأْسِهَا خَادِمُ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ الْمَلِكُ سَلْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ -حَفِظَهُ اللهُ-، انْطِلَاقَاً مِمَّا أَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَحَقِّ الْجَارِ عَلَى جَارِهِ , وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ)[الأنفال: 72]، وَلِدَفْعِ شَرِّ هَؤُلاءِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ أَعْلَنُوا الْجِهَادَ الْمُقَدَّسَ، وَابْتَدَأَتِ الضَّرَبَاتُ الْجَوِيَّةُ عَلَى مَعَاقِلِ الْحُوثِيِّينَ الأَشْرَارِ، فَنَسْأَلُ اللهَ بِعِزَّتِهِ وَقُوَّتِهِ أَنْ يَنْصُرَنَا عَلَيْهِمْ وَأَنْ يَخْذُلَهُمْ وَيَكُفَّ شَرَّهَمُ .

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَإِنَّهُ مَعَ هَذَا الْحَدَثِ الْجَلَلِ يَنْبَغِي لَنَا أُمُورٌ عِدَّةٌ:

فَمِنْهَا: أَنْ نَتَيَّقَنَ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَحْدَهُ , لَا بِقُوَّتِنَا وَلَا بِعَدَدِنَا أَوْ عُدَّتِنَا , فَعَلَيْنَا أَنْ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَأَنْ نَصْدُقَ فِي اللَّجَأِ إِلَيْهِ فَهُوَ وَحْدَهُ النَّاصِرُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [آل عمران: 122] وَقَالَ: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) [الفرقان: 58]، وَقَالَ تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) [الشعراء: 217].

 

وَمِنْهَا: أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ هَذَا جِهَادٌ شَرْعِيٌّ مَحْبُوبٌ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، وَقَدْ جَاءَتِ النُّصُوصُ الْعَظِيمَةُ فِي بَيَانِ فَضْلِهِ، فَيَنْبَغِي لَنَا مَعْرِفَتُهَا وَإِيصَالُهَا إِلَى جُنودِنَا الْبَواسِلُ أَيَّدَهُمُ اللهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [الصف: 10- 12].

 

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ: أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ (إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ: "حَجٌّ مَبْرُورٌ" (متفق عليه).

 

 وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا" (متفق عليه).

 

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَبْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ : "مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ" (رواه البخاري).

 

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ: "لَا تَسْتَطِيعُونَهُ"، قَالَ: فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: "لَا تَسْتَطِيعُونَهُ"، وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ "مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللهِ، لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ، وَلَا صَلَاةٍ، حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى" (مُتَّفَقٌ عَلَيْه).

 

فَهَذِهِ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ بَعْضُ الآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ فِي فَضْلِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ.

 

ثُمَّ لْنَعْلَمَ أَنَّ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَقَدْ فَازَ بِالأَجْرِ الْعَظِيمِ، وَنَالَ مِنْ رِفْعَةِ الدَّرَجَاتِ وَكَثِيرِ الْحَسَنَاتِ مَا لا يُقَدَّرُ قَدْرُهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تَضَمَّنَ اللهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادًا فِي سَبِيلِي، وَإِيمَانًا بِي، وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِي، فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ، لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ، وَرِيحُهُ مِسْكٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ أَبَدًا، وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ، وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً، وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

 

 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ القَتْلِ إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ القَرْصَةِ" (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

 

 وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَلَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدُ، يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

 

وَمِنْهَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ إِخْوَانَنَا أَهْلَ السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْيَمِنِ نَحْنُ وَهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ، فَلا يُؤْخَذُ إِخْوَانُنَا بِجَرِيرَةِ أُولَئِكَ الْمُعْتَدِينَ، بَلْ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي الْيَمَنِ عَانَوُا الْأَمَرَّيْنِ مِنَ الْحُوثِيِّينَ.

 

وَإِنَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي لَنَا دَائِمَاً وَيَتَأَكَّدُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْدَاثِ الالْتِفَافُ حَوْلَ عُلَمَائِنَا وَوُلاةِ أَمْرِنَا وَالصُّدُورِ عَنْ رَأْيِهِمْ وَجَمْعُ الْكَلِمَةِ عَلَيْهِمْ وَالْحَذَرُ مِنْ الْمُرْجِفِينَ وَالْمُخَذِّلِينَ، وَالْمُنْدَسِّينَ بَيْنَنَا مِمَّنِ انْطَوَتْ قُلُوبُهُمْ عَلَى بِلَادِ التَّوْحِيدِ وَعَلَى عُلُمَائِهَا وَأُمَرَائِهَا، قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُون)[التوبة: 50]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) [محمد: 30].

 

فَاللَّهُمَّ انْصُرْ دِينَكَ وَكِتَابَكَ وَعِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَينَ، وَأَشْهَدُ أَلا إِلَهَ إِلا اللهُ وَلِيُّ الصَّالحِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأَمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ !

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي لَنَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ التَّأْكِيدُ عَلَى الْبُعْدِ عَنِ الْمَعاصِي وَالْحَذَرِ مِنْ مُخَالَفَةِ الشَّرِيعَةِ، ثُمَّ عَلَيْنَا الْإِكْثَارُ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ وَلا سِيَّمَا عِبَادَةُ الدُّعَاءِ فَهُوَ مَحْبُوبٌ للهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر: 60]، فَلْنُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي السُّجُودِ فِي الْفَرَائِضِ وَفِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَبَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَنَدْعُو لِجُنُودِنَا بِالتَّثْبِيتِ وَالنَّصْرِ ونَدْعُو لِوَلِيِّ أَمْرِنَا باِلتَّسْدِيدِ وَالإِعَانَةِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَإِنَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي لَنَا جِدَّاً أَنْ نَحْذَرَ مِنْ الْحُوثِيِّينَ الذِينَ فِي بِلادِنَا أَوْ مِمَّنْ يَتَعاوَنُ مَعَهُمْ أَوْ يَتَعاطَفُ مَعَهُمْ، وَهَذَا أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ، مَعَ أَنَّ إِخْوَانِنَا أَهْلَ السُّنَّةِ الْيَمَنِيِّينَ مَعَنَا قَلْبَاً وَقَالِبَاً، لَكِنَّنَا نُحَذِّرُ مِنَ الْمُنْدَسِّينَ فِي النَّاسِ، وَلِذَا فَعَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ عُيُونَاً وَاعِيَةً لِمَا قَدْ يَحْصُلُ, فَإِنَّهُ لا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَقُومُ هَؤُلاءِ بِرَدَّةِ فَعْلٍ تَخْرِيبِيِّةٍ فِي بِلادِنَا انْتِقَامَاً لِمَا يَجْرِي، وَلِذَا فَمَتَى رَأَيْنَا أَمْرَاً مُرِيبَاً أَوْ أَحْدَاثَاً نَشُكُّ فِيهَا فَعَلَيْنَا أَنْ نُبِلِّغَ الْجِهَاتِ الْأَمْنِيَّةِ الْمُخْتِصَّةِ عَلَى وَجْهِ السُّرْعَةِ، حِمَايَةً لِبَلادِنَا وَدَرْءَاً لِلْفِتْنَةِ وَبَغْيِ الْحُوثِيِّينَ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ، وَاسْتِبَاقَاً لِلْأَحْدَاثِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَيَنْبَغِي لَنَا كَذَلِكَ السَّكِينَةُ وَعَدَمُ الْعَجَلَةِ، وَالتَّثَبُّتُ فِي الْأَحْدَاثِ وَعَدَمُ تَرْوِيجِ الشَّائِعَاتِ التِي يَبُثُّهَا أَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ فِي الدَّاخِلَ وَالْخَارِجِ , قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات: 6].

 

اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجِرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِم، اللَّهُمَّ ثَبِّتْ جُنُودَنَا وَأَيَّدْهُمْ بِتَأْيِيدِكَ وَأَنْزِلِ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ، اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيِهُمْ وَارْبِطْ عَلَى قُلُوبِهِمْ، اللَّهُمَّ كُنْ مَعَهُمْ وَلا تَكُنْ عَلَيْهِمْ، اللَّهُمَّ وَفِقْ إِمَامَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ لِمَّا تُحِبَّهُ وَتَرْضَاهُ، اللَّهُمَّ صَوِّبْ رَأْيَهُ وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ إِلَى الْحَقِّ يَا رَبِّ الْعَالِمِينَ، اللَّهُمَّ اجْمَعْ بِهِ كَلِمَةَ الْمُسْلِمِينَ وَوَحِّدْ بِهِ صَفَّهُمْ.

 

(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار)، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

 

المرفقات
عاصفة الحزم (حي على الجهاد).doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life