عناصر الخطبة
1/ مأساة سوريا وارتكاب نظامها أفظع الجرائم 2/ معاونة أطراف خارجية عديدة للنظام السوري 3/ دَور الروافض والعلمانيين والمنافقين في الأحداث 4/ دلالات ضرب اليهود لأسلحة النظام السوري المتطورة 5/ الإعداد لأيام الملاحم والفتوحات القادمةاهداف الخطبة
اقتباس
أوضاع مقلقة، وأخبار محزنة، تصيب المرء بالغثيان، وتجعل العاقل الحليم حيران؛ لكنها -في الوقت نفسه- تحمل بشارات عظيمة، وآيات كبيرة، تجعل المسلم يوقن أن بعد العسر يسرا، وأن بعد الصبر نصراً، وأنه كلما عظم البلاء عظم الجزاء؛ ( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء:19].
اشتدت الأزمة على إخواننا المستضعفين في سوريا، وطال ليلهم، وعظم بلاؤهم، واشتدت كربتهم، وبان مكر عدوهم، وطفح غدره، وانفجر فجوره وحقده.
أوضاع مقلقة، وأخبار محزنة، تصيب المرء بالغثيان، وتجعل العاقل الحليم حيران؛ لكنها -في الوقت نفسه- تحمل بشارات عظيمة، وآيات كبيرة، تجعل المسلم يوقن أن بعد العسر يسرا، وأن بعد الصبر نصراً، وأنه كلما عظم البلاء عظم الجزاء؛ ( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء:19].
لقد ارتكب النظام النصيري الرافضي -عجل الله بسقوطه وهلاكه- ارتكب في الأيام الأخيرة مجازر رهيبة، ومذابح مروعة، يتفطر لها القلب، وتبكي لها العين، ويحزن لها الفؤاد.
ذبْحٌ جماعي بالسكاكين كما تذبح الشياة والأغنام، وضرب للعُزَّلِ بالكيماوي والأسلحة الخطيرة والمحرمة دولياً أن يُضرَب بها أحد إلا المسلمين، في ظل هذا الصمت المطبق والسكوت والخنوع.
فظائع ترتكب، وقصف لكل شيء يتحرك على الأرض، وأمور لا يصدق الإنسان أن تحدث لإخواننا، ولولا أننا نراها ونشاهدها بأعيننا لما صدقنا أن تقع هذه العظائم في عالم متحضر تبلدت فيه المشاعر، وماتت فيه الأحاسيس، وضاعت فيه حقوق الإنسان المسلم، وتواطأ فيه الجميع على أهل الإسلام.
فكما قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا"، قَالُوا: مِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: "أَنْتُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، تُنْتَزَعُ الْمَهَابَةُ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ، وَيُجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنُ"، قَالُوا: وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ: "حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ".
لقد تفجرت قلوب المسلمين أسى وحزناً مما حدث ويحدث حتى هذه اللحظة في بانياس والرقة ودير الزور وحمص ودمشق نفسها من عدوان غاشم، وحقد أحمر، وقصف مباشر لا يفرق بين مدني وعسكري وصغير وكبير، ولا يراعي حرمة لبيت ولا لمسجد ولا لمستشفى، في وحشية لا نظير لها في التاريخ، وإبادة جماعية يراد من خلالها تطهير الشام من أهل السنة.
وهيهات أن يحدث ذلك! وأجناد الشام قد ثاروا، وأسوده قد زأروا وهبوا ولبوا: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج:39-40].
إن النظام النصيري لا يقف وحده خلف هذه المجازر والجرائم، وإنما تشاركه أطراف عديدة تعينه بشكل مباشر وتمده بطريقة قذرة، كالصين وروسيا الشيوعية الملحدة التي تغذي هذا النظام المجرم بخبراتها العسكرية ومعارضتها السياسية.
ومنهم -وهم الأخطر، والعدو الأحمر- روافض إيران وأذنابهم في العراق ولبنان، الذين يقترفون بأيديهم القذرة أشنع هذه الجرائم وأكبرها وأشدها، ينصر بعضهم بعضا، ويعين بعضهم الآخر على الشر والكفر والنفاق.
ونحن أهلَ السنة يعادي بعضنا بعضاً، ويقاتل بعضنا بعضاً، ومن قام ليؤيد إخوانه ويشاركهم في مصابهم ولو بالكلام حورب واتهم بالإرهاب والتطرف؛ أما الروافض فإنهم يفخر بعضهم بنصرة بعض، ويعزز ويكرم من قام منهم بمشاركة إخوانه الشيعة في الكفر والإجرام، يقول الله تبارك وتعالى: (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ).
ويقول سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) [الأنفال:73]، أي: لو لم يناصر بعضكم بعضا كما يفعل الظلمة والفجرة وأهل النفاق حين ينصر بعضهم بعضا فإن الفتنة ستقع، والفساد الكبير سيحدث، وهذا ما هو واقع اليوم، والله المستعان.
إن الأحداث في سوريا كشفت وبينت أن أخطر عدو على الأمة هو العدو الفارسي المجوسي، فقد فاق شرهم شر الروم، وحدث منهم من القمع والإجرام والقصف والذبح والاعتقال ما يتضاءل أمامه ما عملته أمريكا ومن حالفها من الروم، وظهر للجميع أن الفرس الأنجاس لا يكنون عداء إلا لأهل السنة، ولا يحملون سلاحهم ضد أحد إلا ضد أهل السنة، فكم أهانهم اليهود وأذلوهم وضربوهم وحلّقوا بطائراتهم فوقهم فلم يردوا عليهم برصاصة واحدة، ولم يستخدموا معهم شيئاً مما يفعلونه ضد أهل السنة.
أما أهل السنة الذين خرجوا في الشام والعراق بطريقة سلمية، وعارضوا النظام المجرم الفاجر بمظاهرات شعبية، وقاموا بالتظاهر دفاعاً عن دينهم وأموالهم وأعراضهم وحريتهم؛ فإنهم استحقوا في نظر المجوس أن يسحقوا ويبادوا وتستخدم ضدهم كل أنواع الأسلحة: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) [المائدة:82].
من يحمي اليهود ويحرس حدودهم في سوريا ولبنان غير هؤلاء المجوس؟ ومن يحول بين الأمة وبين نصرة مقدساتها في فلسطين ويمنع المسلمين من الدخول لنصرة مسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير هؤلاء المجوس ومن شاكلهم من العلمانيين والمنافقين؟ المحسوبين زوراً وبهتاناً على أهل السنة؛ وأهل السنة منهم بَراء!.
لقد قام اليهود قبل أيام بضرب الأسلحة الخطيرة والمتطورة للنظام السوري، وضربوا معها أعداداً من جنود النظام وشبيحته خوفاً من انقلابهم على النظام وانشقاقهم عنه، فلوا انشقوا وبحوزتهم تلك الأسلحة الثقيلة والخطيرة فإنها حتماً ستصل إلى من يسمونهم بالإرهابيين الذين يرهبون أعداء الله، وهذا ما يخافه العالم كله، وهذا إن دَلَّ على شيءٍ فإنما يدل على العلاقة الوثيقة بين النظام واليهود؛ ولهذا لم يضرب اليهود هذا السلاح إلا بعد خوفهم من انفلاته من يد النظام ووصوله إلى يد غيره.
وكلما أيقن اليهود باقتراب زوال النظام وسقوطه ونهايته كلما قاموا بتدمير سلاحه الذي يخافون أن يصل إلى أحد، خاصة أهل السنة، ولعل في تلك الضربة بشارة باقتراب المجاهدين من سقوط النظام والوصول إلى مراكزه الحصينة ومخازنه المحصنة؛ فلذلك قام اليهود بضرب ذلك السلاح الثقيل حتى لا يقع في أيدي المجاهدين.
(وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [آل عمران:139-140].
الخطبة الثانية:
روى الإمام أبوداود والطبراني وصححه الألباني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا، فَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ، فَتُنْصَرُونَ، وَتَغْنَمُونَ، وَتَسْلَمُونَ، ثُمَّ تَرْجِعُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ الصَّلِيبَ، فَيَقُولُ: غَلَبَ الصَّلِيبُ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيَدُقُّهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ، وَتَجْمَعُ لِلْمَلْحَمَةِ".
إن المعركة بين المسلمين وأعدائهم معركة طويلة ومستمرة، والملاحم القادمة والأحداث العظام ستدور رحاها في أرض الشام المباركة كما أخبر بذلك المصطفى، صلى الله عليه وسلم.
فالمعركة معركة الأمة، والأيام المستقبلية هي أيام الفتوحات والصولات والجولات، والسعيد هو من أعد لتلك الأيام عدتها، ولبس للحرب والأهوال لباسها، والخاسر من وضع سلاحه وسلم نفسه لعدوه وجاء إليه عدوه فوجده بلا عدة وعتاد، فحينها يهينه ويذله.
وما ذلت الشعوب الإسلامية المستضعفة إلا حينما فرطت في سلاحها ونزعته من يدها وعاشت سنوات طويلة بلا سلاح، فاستباح العدو بيضتها، وتجرأ عليها، ولو كان يعلم أن سلاح الأمة بيدها لما تجرأ على ارتكاب هذه المجازر والقيام بتلك المذابح كما هو حاصل اليوم في سوريا وفلسطين وبورما وغيرها من بلاد المسلمين.
فلنعتبر بهم، ولنحذر من استغفالنا ووضع سلاحنا وسحبه من أيدينا، ولنتهيأ للمعارك الفاصلة القادمة؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- يقول: (وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً) [النساء:102]، ويقول: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) [الأنفال:60].
يقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ"، ويقول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ".
صلوا وسلموا...
التعليقات