رعاية الأبناء

ياسر الطريقي

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ تربية الأبناء مسؤولية الآباء 2/ تربية الأبناء على المحافظة على الصلاة 3/ تربية الأبناء على قراءة القرآن والذكر 4/ تربية الأبناء على الصدق 5/ تربية الأبناء على محبة الخير للغير 6/ تربية الأبناء على مُصاحبةِ الأخيار 7/ تربية الأبناء على مُراقبةِ الله تعالى 8/ تربية البنات على الحشمة في اللباس والزينة 9/ مظاهر مخلة في لباس الأولاد والبنات والواجب نحوها
اهداف الخطبة

اقتباس

أبناؤنا وبناتُنا أَمانةٌ في أعناقِنا؛ أداؤُها حُسْنُ رِعَايَتِهم, وتربيتُهم تربيةً واعية, يتمثلون من خلالها الحسنَ والجميلَ تَدَيُّناً وخُلقاً وعقلا, ويجتنبون القبيحَ والرديءَ من الأقوالِ والأفعالِ تَدَيُّناً وخُلقاً وعقلا. التربيةُ الواعية هي التي يُميزونَ بها الخيرَ من الشرِّ, والطَّيبَ من الخبيث, والصوابَ من الخطأ, والحسن من القبيح. نُربي أبناءنا على....

 

 

 

 

إن الحمدَ لله, نحمدُه, ونستعينُه, ونستغفرُه, ونعوذُ بالله, من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مُضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريك له, وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه, وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد:

 

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)[لقمان: 33].

 

معشرَ المؤمنين: رعايةُ البنينِ والبنات, وتربيتُهم تربيةً صالحة مسؤوليةُ الوالدينِ بالدرجةِ الأولى, يُسألانِ عنها في الدنيا والآخرة, حَمَّلَهُما الإسلامُ تِلْكُمُ الأمانة, وخَصَّهُما النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالحفاظِ على فطرةِ الله التي فَطَرَ الأطفالَ عَلَيْهَا، فقال كما في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ".

 

والإسلامُ هو فِطرةُ الله تعالى، "وعملُ الآباءِ والمربين إنما ينحصرُ في الحفاظِ على هذه الفطرة, سليمةً نقية، وفي صقلِها وتفجيرِ طاقاتِ الخيرِ فيها، وينابيعِ الإبداعِ من أعماقِها".

 

واتجاهُ الأبناءِ الفكريُ والخُلُقي والاجتماعي متأثرٌ أولاً وقبلَ كُلِّ شيء ببيئةِ الوالدين وأفكارهِما، وأخلاقِهما، وأساليبِ تربيتِهما.

 

أبناؤنا وبناتُنا أَمانةٌ في أعناقِنا؛ أداؤُها حُسْنُ رِعَايَتِهم, وتربيتُهم تربيةً واعية, يتمثلون من خلالها الحسنَ والجميلَ تَدَيُّناً وخُلقاً وعقلا, ويجتنبون القبيحَ والرديءَ من الأقوالِ والأفعالِ تَدَيُّناً وخُلقاً وعقلا.

 

التربيةُ الواعية هي التي يُميزونَ بها الخيرَ من الشرِّ, والطَّيبَ من الخبيث, والصوابَ من الخطأ, والحسن من القبيح.

 

نُربي أبناءنا على أداءِ الصلاةِ جماعةً في المسجدِ تربيةً عمليةً أولاً بمُحافظتِنا مَعْشَرَ الأولياءِ عليها, وحرصِنِا وعدمِ تساهُلِنا بها, فلا قيمةَ للتربية, ولا أَثرَ للنصيحةِ إلا بتحقيقِ القُدوةِ الحسنةِ في المُربي؛ القدوةُ في العبادةِ والأخلاق، القدوةُ في الأقوالِ والأعمال، القدوةُ في المَخْبَرِ والمَظْهَر، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) [الفرقان: 74].

 

وتدبَّر دعوةَ إبراهيم عليه السلام: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ)[إبراهيم: 40].

 

وقال تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)[طه: 132].

 

ومِنْ ثَمَّ نُتَابِعُهُم ونَتَفَقَّدُهم ونُرَغِّبُهُم ونُخَوِّفُهُم, فالصلاةُ مِفْتَاحُ الخيرِ كُلِّه؛ تنهى عن الفحشاءِ والمنكر, تُقَرِّبُ إلى الله تعالى, حَرَيٌّ بِمَن واظبَ عليها وحافظ أن يُوَفَّقَ في حياتِه كُلِّهَا العِلْمِيَّةِ منها والعَمَلِّية.

 

نُربي أبناءنا وبناتِنا على الذِّكْرِ وقراءةِ القرآن, فحياةُ البيتِ المسلمِ, وسعادتُه وأُنْسُهُ ولذتُه في ذكرِ الله، ففي صحيح مسلمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ".

 

وقال صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنه: "اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا".

 

وقال -كما في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: " لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ".

 

وقال -كما في الصحيحين عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِت رضي الله عنه: "صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ".

وإذا خَلَتِ البيوتُ من الصلاةِ والذِّكْرِ صارت قُبُورَاً مُوحِشَة, وأطلالاً خَرِبَة, ولو كانت قصوراً مشيدة, وتَغدو خاملةً بدون ذكر الله والقرآن, ومرتعاً للشيطان، سُكَّانها موتى القلوب, وإن كانوا أحياءَ الأجساد.

 

نُربي أبناءنا وبناتِنا على الصدقِ ومُجانبةِ الكذب, فالصدقُ روحُ الأعمال، ومِفتاحُ الفضائل، ومقياسُ التقوى، ودليلُ المُروءة، وبَرِيدُ العِزَّة، وطريقُ السعادة, يُضفِي الهيبة, ويجلبُ البركة، ويرفعُ الدرجة، ويُورِثُ الطَّمَأْنِينَة في القلب.

 

نربيهم على الصدقِ في زمنٍ كَثُرَ فيه الكذب، وامْتُهِنَ الخداع، وسَادَ المَكر، وطَغَتِ المُراوَغَة، واسْتُسِيغَ الغِّشُ، والتدليس.

 

لا يكذبُ المرءُ إلا من مَهَانَتِهِ *** أَوْ عَادَةِ السوءِ أو مِنْ قِلَّةِ الأَدَبِ

 

نُعَلِّمُ صغارَنا أنَّ الصدقَ منجاةٌ وعِزَّة, وأنَّ الكذبَ مَهْواةٌ وذِلَّة؛ نَتَدارَسُ معهم قَولَهُ صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين- :"إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا".

 

نُربيهم على محبةِ الخيرِ للغير, والإحسانِ للناس, ومعرفةِ حقِّ الجار, واحترامِه وتَجَنُبِ ما يُؤْذِيه, نُعَلِمُهُم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال-كما في الصحيحين- :" مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ".

 

وقال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ".

 

وأقسم صلى الله عليه وسلم فقال: "وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ" قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ".

 

نُربي أبناءنا وبناتِنا على مُصاحبةِ الأخيار, ومجانبةِ قرناءِ السوءِ والأشرار, ونَضْرِبُ لهم مثلاً ضَرَبَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأصحابِه فقال: "إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ؛ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً".

 

نُربي أولادَنا على مُراقبةِ الله تعالى, واستحضارِ مَعِيَّتِه واطلاعِهِ علينا؛ لِيُصْبِحَ الولدُ رقيباً على نَفْسِهِ وذاتِه فإذا ابتعدَ عنه وليُّ أَمْرِه, وغَرَّهُ صاحبُه, أو خلا بنفسِه, أو مع جهازِه, ووسائِلِ اتصالاتِه, ثم زَيَّنَ لهُ الشيطانُ عَمَلاً, أو حَسّنَ له مشهداً, وحدثتُه نفسُه بمعصية, ودعاهُ هَوَاهُ إلى خَطِيئة, تَذَكَّرَ اللهَ فوقاه, واتقاهُ فهداه, واستحيى منه فعصمه.

 

نُربي أبناءنا وبناتِنا على امتثالِ القِيَمِ والأخلاقِ والمُروءةِ في اللباسِ والزينة, وتَجَنُّبِ ما فيه تَشَبُّهٌ بالكفُار والكافرات, والفاسقين والفاسقات, وتَرْكِ ما كان مُخالِفاً للضوابطِ الشرعية, والقِيَمِ والأعرافِ الَمرْعِيَّة, وقد انتشر-ويَا لَلَأَسَفْ-, عندَ البناتِ وبَعْضِ النساءِ لِبْسُ القصير, والبِنْطَال, والثيابِ الرقَيقَةِ, وغيرِ الساترة, وإظهارِ المفاتنِ لا سيما في المناسبات مما لا يجوزُ لِبْسُهُ حتى بين النساء؛ لما في ذلكَ من التَشبُّه بغير المسلمين, وحصولِ الفتنةِ بَيْنَهُنّ.

 

ويتساهلُ البعضُ في لباسِ البناتِ دَاخِلَ البُيوتِ، فتبدُو البنتُ بِلبَاسٍ غَيْرِ سَاتِرٍ عِنْدَ مَحَارِمِهَا, الأمرُ الذي جعل منه الشيطانُ مدخلاً يُفْسِدُ به البيتَ, ويُزَعْزِعُ دَعَائِمَه, ويَقْلِبُ بِهِ فِطْرَةَ ضِعَافِ النُّفُوسِ, ويَجْعَلُ مِن خِلالِه الحارِسَ لِصاً سَارِقاً, والراعي ذِئْبَاً عَادِيا, لا سيما مع التوسُّعِ في مُشاهدةِ الأفلامِ الماجنة, والبرامجِ الساقِطَة, فيقعُ في البيوتِ وبينَ المحارِمِ ما لا يَتَصَوَّرُهُ مُسلم, ولا يُصدقُه عاقل.

 

ألا فليحذرْ وليُّ أَمْرِ البيتِ من التساهل والغفلة, وعليه الحزمُ بأمرِ اللباسِ والزينة, فهو شِعَارُ العِّفةِ وعُنوانُ الحياءِ, والتهاونُ باللباسِ الساترِ ما كانَ لينتشرَ لولا غَيابُ التوعيةِ مع التربيةِ الحازمة, وضَعْفُ القيامِ بواجبِ الرعاية, والتقصيرُ بأمانةِ المسؤولية.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ لله على إحسانِه, والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه, وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريك له تعظيماً لشأنه, وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه, وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً

 

أما بعد:

 

أيها المؤمنون: وبقدر ما نَأسَفُ لانتشارِ اللباسِ المُخِلِّ عندَ البنات, فإِننا نَعْجَبُ لِظُهُورِ الخَلَلِ في لِبَاسِ بَعْضِ الشباب, ورَوَاجِ أَلْبِسَةٍ بَيْنَهُم مُخْجِلَةٍ لا تليقُ بالرجال, يُحَاكُونَ بِهَا سُفَهَاءَ شَبَابِ الكُفَّارِ وشُذَّاذِ المُجتمعات.

 

أَلْبِسَةٌ ضَيِّقَة, قَبِيْحَةٌ فَاضِحَة, تَنْحَسِرُ عن أَجْسَامِهِم, وتُبْدِي شَيْئَاً مِن عَوْرَاتِهِم مَعَ تَبَلُّدِ إِحْسَاسٍ, وصَفَاقَةِ وَجْهٍ, ودَفَانَةِ مُرُوءَة, فأي رجال هم! وأيُّ عقولٍ لهم!.

 

هل نَحْنُ مَعْشَرَ الأولياء سَبَبٌ في ظُهُورِ تِلْكَ التَّقْلِيعَاتِ المَشَينَة, والتَّصَرُّفَاتِ الدَّخِيلَة, مِن خِلالِ تَهَاوُنِنِا في التَّرْبِية, وغَفْلَتِنَا عن المُتابَعةِ, والتَّوْجِيه؟!.

 

البعضُ مِنَّا لا يَعْلَمُ عنِ ابْنِهِ في بَيْتِهِ ماذا يُشاهِد, ولا يَدْرِي خَارِجَهُ مَنْ يُصَادِق, ومَعَ مَنْ يُجَالِس, حَتَّى ظَهَرَ فيِ المُجْتَمَعِ تَجَمُّعاتٌ سَائِبَة, يَنْتَشِرُ فيها السُّوءُ, ويُجَاهَرُ بالَمعْصِيَة, ويُغَرَّرُ بالأَحْدَاثِ, ويُزَيَّنُ فيها الرَّقْصُ, ويُفْتَخَرُ بالتَّخَنُّثِ, ومُشَابَهَةِ البَنَاتِ, تَجَمُّعَاتٌ مَشْبُوهَةٌ أَضْحَتْ سُوقَاً رَائِجَةً لِتُجَارِ المُسْكِرَاتِ والمُخدرات, وفُسَّاقِ المُجْتَمَعات.

 

وإذا كانَ على المُؤَسَّسَاتِ الأَمْنِيَّة الوُقوفُ بِقُوَةٍ وصَرَامَةٍ تُجَاهَ تِلْكَ التَجَمُّعَاتِ المَشْبُوهَة, فإنَّ على الأَولياءِ قَبْلَ ذَلِكَ مُتَابَعَةَ الأَبْنَاءِ, وتَحْذِيرَهُم مِنْ تِلْكَ المُسْتَنْقَعَات, وتَهْيِئَةِ البَدِيلِ النَّافِعِ, والمَحْضَنِ التَرْبَويِّ الآمِن.

 

ولَكَ أَيُّهَا الشابُ أَنْ تُقَارِنَ بَيْنَ شَبَابِ تِلكَ التَجَمُّعَاتِ السَّائِبَة, وبَينَ شَبَابٍ في أَعْمَارِهِمْ تَمْتَلِأُ المساجدُ بهم, مُصلين ذَاكرينَ, يَتَغَنَّونَ بالقرآنِ في حِلَقِ الذِّكر, تَسْمَعُهُ دَوِيَّاً كَدَوِيِّ النَّحْلِ, وَيَحْتَفِلُ كِرَامُ الناسِ بِحُفَاظِّهِم في مَجْمَعٍ مَشْهُودٍ, يَفْخَرُ بِهِمُ الآبَاء, ويَبْتَهِجُ بِهِمُ المجتمع, ثم هُم في الآخرةِ مَوعودُون بتاجِ الكرامة, ويُلْبَسُونَ حُلةَ الكَرامة تَكْرِيْمَاً من الغنيِّ الكريم, ويرضى عنهم, ويزيدُهم, ويَرْفَعُ بهم قَدْرَ والدِيهم.

 

فأيُّ المسلكينِ تختار أيها الشاب, وفي أيِّ السبيلين تسير:

 

أنتَ في الناسِ تُقاس *** بالذي اخترتَ خَليلا

فاصحبِ الأخيارَ تعلو *** وتَنَلْ ذِكْرَاً جَمِيْلا

 

عبادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

 

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين, وارْضَ اللهم عن الخلفاء الرشدين, وعن سائرِ أصحابِ نبيك أجمعين, وعنا معهم بفضلك وإحسانك وجودك يا أرحمَ الراحمين.

 

اللهم أعز الإسلامَ والمسلمين, وأذلَ الشرك والمشركين, ودمر أعدائَك أعداءَ الدين.

 

اللهم انصر عبادَك المسلمين في الشام وفي كل مكان, اللهم انصرهم نصراً مؤزراً, على عدوك وعدوهم, اللهم ولي عليهم خيارهم, واكفهم شر أشراهم.

 

اللهم انصر إخواننا في سوريا اللهم كن لهم عوناً وظهيراً, اللهم كن لهم مؤيداً ونصيراً, اللهم عجل فَرَجَهُم, وارفعِ البلاء, واكشفِ الغُمَّةَ عنهم.

 

اللهم منزل الكتاب, مجري السحاب, هازم الأحزاب, اهزم طاغية الشام وحزبه, اللهم اهزمهم وزلزلهم, اللهم اهزمهم وزلزلهم.

 

اللهم وأصلح إمامنا, وولي أمرنا, وجنبه بطانة السوء, وارزقه البطانةَ الصالحة التي تعينه على الحق, وتدله إليه.

 

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا غائباً إلا رددته يا حي يا قيوم.

 

اللهم ادفع عنا الغلاء, والوباء والربا والزنا, والزلازل والمحن, وسوء الفتن, ما ظهر منها وما بطن, عن بلدنا هذا, وعن سائر بلاد المسلمين يا أرحم الراحمين.

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].

 

(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر: 10].

 

 

 

المرفقات
رعاية الأبناء.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life