دروس من الحج

محمد بن سليمان المهوس

2024-07-01 - 1445/12/25
عناصر الخطبة
1/انتهاء عشر ذي الحجة 2/فضائل الحج 3/ دروس ومقاصد الحج 3/تحقيق التوحيد الخالص لله تعالى 4/من معاني التلبية 5/الحج والتذكير بالدار الآخرة 6/ الاستسلام والامتثال لشرع الله تعالى.

اقتباس

لِيَعْلَمَ الْمُسْلِمُونَ وَلَيَتَذَكَّرُوا وَلَيَسْتَيْقِنُوا أَنَّهُ لَا سَعَادَةَ وَلَا نَجَاحَ، وَلَا تَوْفِيقَ وَلَا سَدَادَ وَلَا فَلاحَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ ‏-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَالسَّيْرِ عَلَى طَرِيقَتِهِ وَمِنْهَاجِهِ، وَالْأخْذِ بِهَدْيِهِ وَسُنَّتِهِ فِي الْاعْتِقَادِ وَالْأَعْمَالِ، وَفِي الْحُكْمِ وَالتَّحَاكُمِ، وَالْأَخْلَاقِ وَالسُّلُوكِ.

الخطبةُ الأولَى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلَّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَدَّعَ الْعَالَمُ الْإِسْلَامِيُّ عَشْرَ أَيَّامٍ مُبَارَكَاتٍ؛ وَالَّتِي فِيهَا فَرِيضَةُ الْحَجِّ؛ الْفَرِيضَةُ الَّتِي عَظُمَتْ فِي مَنَاسِكِهَا، وَجَلَّتْ فِي مَظَاهِرِهَا، وَعَمَّتْ فِي ثِمَارِهَا، وَسَمَتْ فِي سَمَاحَتِهَا وَيُسْرِهَا.

 

الْفَرِيضَةُ الَّتِي تَضَمَّنَتْ مِنَ الْمَصَالِحِ مَا لَا يُحْصِيهُ الْمُحْصُونَ، وَلَا يَعُدُّهُ الْعَادُّون؛ وتَضَمَّنَتْ مِنَ الْمَقَاصِدِ أَسْمَاهَا، وَمِنَ الْحِكَمِ أَعْلَاهَا، وَمِنَ الْمَنَافِعِ أَعْظَمهَا وَأَزْكَاهَا.

 

 أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: دُرُوسُ وَثِمَارُ وَمَقَاصِدُ الْحَجِّ تَدُورُ مَحَاوِرُهَا عَلَى تَصْحِيحِ الِاعْتِقَادِ وَالتَّعَبُّدِ، وَالدَّعْوَةِ لِوَحْدَةِ التَّوَجُّهِ وَالْكَلِمَةِ وَالصَّفِّ، وَالتَّزْكِيَةِ السُّلُوكِيَّةِ لِلنُّفُوسِ وَالْقُلُوبِ وَالْأَرْوَاحِ وَالْأَبْدَانِ.

 

قَالَ الله -تَعَالَى-: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)[الحج: 28]؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: "مَنَافِعُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَأَمَّا مَنَافِعُ الْآخِرَةِ، فَرِضْوَانُ اللَّهِ -جَلَّ وَعَلَا-، وَأَمَّا مَنَافِعُ الدُّنْيَا فَمَا يُصِيبُونَ مِنْ مَنَافِعِ الْبُدْنِ وَالذَّبَائِحِ وَالتِّجَارَاتِ".

 

 وَمِنْ دُرُوسِ الْحَجِّ: الْمَحَبَّةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ -تَعَالَى- لِبَيْتِهِ الْحَرَامِ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، يَسْتَنْفِرُهُم الْبَيْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا)[البقرة: 125]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ-: "لَا يَقْضُونَ مِنْهُ وَطَرًا؛ يَأْتُونَهُ ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ، ثُمَّ يَعُودُونَ إِلَيْهِ".

 

وَمِنْ دُرُوسِ الْحَجِّ: تَذْكِيرُ الْأُمَّةِ بِأَنَّ أَعْظَمَ مَا يَجِبُ أَنْ تَهْتَمَّ بِهِ، وَأَنْ تُحَافِظَ عَلَيْهِ، وَأَنْ تَغْرِسَهُ فِي النُّفُوسِ: تَحْقِيقُ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ -سُبْحَانَهُ-، وَتَحْقِيقُ الْغَايَةِ الْقُصْوَى فِي الْخُضُوعِ وَالتَّذَلُّلِ لَهُ تَوَجُّهًا وَإِرَادَةً، قَصْدًا وَعَمَلاً، وَلِذَا افْتَتَحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- حَجَّتَهُ بِالتَّوْحِيدِ؛ كَمَا قَالَ جَابِرٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "فَأَهَّلَ بِالتَّوْحِيدِ؛ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ".

 

وَهَذِهِ التَّلْبِيَةُ تَتَضَمَّنُ مَعْنَى التَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ أَسَاسُ الدِّينِ وَقِوَامُهُ، كَمَا تَتَضَمَّنُ: إِجَابَةً لِلَّهِ بَعْدَ إِجَابَةٍ بِأَدَاءِ الْحَجِّ، وَإِخْلَاصًا يِهَذِهِ الْفَرِيضَةِ وَغَيْرِهَا لِلَّهِ -تَعَالَى-، وَالْبَرَاءةِ مِنَ الشِّرَكِ بِكُلِّ صُوَرِهِ وَشَتَّى أَنْوَاعِهِ وَأَشْكَالِهِ.

 

فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا أَنْ يَسْتَحْضِرُوا مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْكَلِمَةُ مِنْ مَعَنًى، وَأَنْ يَعْرِفُوا مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ دِلَالَةٍ عَظِيمَةِ.

 

فَإِنَّ الْمُسْلِمَ الْمُوَحِّدَ لَا يَسْأَلُ وَلَا يَدْعُو إِلَّا اللهَ، وَلَا يَسْتَغِيثُ إِلَّا بِاللهِ، وَلَا يَتَوَكَّلُ إِلَّا عَلَى رَبِّهِ، وَلَا يَذْبَحُ وَلَا يَنْذُرُ إِلَّا لِخَالِقِهِ، مُسْتَيْقِنًا أَنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ بِيَدِ اللهِ، وَأَزِمَّةَ الْأُمُورِ بِيَدِهِ، وَمَرْجِعَهَا إِلَيْهِ -سُبْحَانَهُ-، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ.

 

وَمِنْ دُرُوسِ الْحَجِّ: تَذْكِيرُ الْحُجَّاجِ وَغَيْرِهِمْ بِالدَّارِ الْآخِرَةِ؛ حَيْثُ يُصَوِّرُ الْحَجُّ ذَلِكَ تَصْوِيرًا عَجِيبًا؛ فَالْمَيِّتُ يَتَنَقَّلُ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا إِلَى دَارِ الْآخِرَةِ، وَالْحَاجُّ يَنْتَقِلُ مِنْ بِلَادٍ إِلَى أُخْرَى، وَالْمَيِّتُ يُجَرَّدُ مِنْ ثِيَابِهِ، وَالْحَاجُّ يَتَجَرَّدُ مِنَ الْمَخِيِطِ، وَالْمَيِّتُ يُغَسَّلُ بَعْدَ تَجْرِيدِهِ، وَالْحَاجُّ يَغْتَسِلُ عِنْدَ مِيقَاتِهِ، وَالْمَيِّتُ يُكَفَّنُ فِي ثِيَابٍ بَيْضَاءَ، وَكَذَا الْحَاجُّ يَلْبَسُ إِزَارًا وَرِدَاءً أَبْيَضَيْنِ نَظِيفَيْنِ، وَالْأَمْوَاتُ يُحْشَرُونَ سَوَاءً، وَكَذَا الْحُجَّاجُ يَقِفُونَ سَوَاءً كَذَلِكَ، وَهَذَا غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ مِنْ دُرُوسِ الْحَجِّ.

 

وَمِنْ دُرُوسِ الْحَجِّ: الْاسْتِسْلَامُ وَالْامْتِثَالُ لِأَمْرَ اللهِ، وَهُوَ مَا يَتَرَبَّى عَلَيْهِ الْحَاجُّ فِي مَشَاعَرِ الْحَجِّ، دُونَ تَكَلُّفِ الْعِلْمِ بِوَجْهِ الْحِكْمَةِ فِيهَا؛ كَالْطَّوَافِ وَالسَّعِيِ وَكَوْنِهِمَا سَبْعًا، وَالْابْتِدَاءِ بِالطَّوَافِ مِنَ الْحَجَرِ الْأسْوَدِ بَعْدَ تقبيله أَوِ اسْتِلَامِهِ أَوِ الْإشَارَةِ إِلَيْهِ، وَبِدَايَةِ السَّعي مِن الصَّفَا، وَرَمْي الْجَمَرَاتِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ؛ كُلُّ ذَلِكَ يَصْنَعُهُ الْحَاجُّ عُبُودِيَّةً لِلَّهِ -تَعَالَى-، وَامْتِثَالًا لِأَمْرِهِ وَاسْتِسْلَامًا لِشَرْعِهِ.

 

وَمِنْ دُرُوسِ الْحَجِّ: مَا جَاءَ فِي قَوْلِ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ كُلِّ مَنْسَكٍ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ، مُخَاطِبًا الصَّحَابَةَ وَأُمَّتَهُ: "خُذُوا عَنِيَّ مَنَاسِكَكُمْ"؛ لِيَعْلَمَ الْمُسْلِمُونَ وَلَيَتَذَكَّرُوا وَلَيَسْتَيْقِنُوا أَنَّهُ لَا سَعَادَةَ وَلَا نَجَاحَ، وَلَا تَوْفِيقَ وَلَا سَدَادَ وَلَا فَلاحَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ ‏-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَالسَّيْرِ عَلَى طَرِيقَتِهِ وَمِنْهَاجِهِ، وَالْأخْذِ بِهَدْيِهِ وَسُنَّتِهِ فِي الْاعْتِقَادِ وَالْأَعْمَالِ، وَفِي الْحُكْمِ وَالتَّحَاكُمِ، وَالْأَخْلَاقِ وَالسُّلُوكِ.

 

نَسْأَلُ اللهَ -تَعَالَى- أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنَ الْجَمِيِعِ صَالِحَ الْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ، وَأَنْ يُبَلِّغَنَا هَذِهِ الْمَواسِم الْمُبَارَكَة أَعْوامًا عَدِيِدَةً، وَأَزْمِنَةً مَدِيِدَةً؛ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ.

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَأنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى-، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ دُرُوسِ الْحَجِّ: مَا تَقُوُمُ بِهِ بِلَادُ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ مِنْ خِدْمَةٍ جَلِيلَةٍ لِحُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ؛ حَيْثُ شَهِدَ حَجُّ هَذَا الْعَامِ نجَاحًا بَاهِرًا، شَهِدَ بِذَلِكَ الْحَجيجُ كُلُّهُمْ؛ وَيَبْرُزُ ذَلِكَ فِي التَّنْظِيمِ الدَّقيقِ، وَالْمُتَابَعَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ، وَهَذَا بِفَضْلِ اللهِ -تَعَالَى-، ثُمَّ بِالرَّعَايَةٍ الْكَرِيمَةِ مِنْ لَدُنْ خَادِمِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَسُمُوِّ وَلِيِّ عَهْدَهِ الْأَمين.

 

وَدَوْلَتُنَا مُنْذُ تَأْسِيسِهَا –وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ– تَبْذُلُ الْغَالِيَ وَالنَّفِيسَ فِي خِدْمَةِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَخِدْمَةِ الْحُجَّاجِ وَالْمُعْتَمِرِينَ؛ بَلْ تَقُوُمُ بِخِدْمَةِ الْمُسْلِمِينَ عُمُومًا بِلَا أَدْنَى مِنَّةٍ وَطَلَبِ ذِكْرٍ وَشُكْرٍ، وَإِنَّمَا كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا)[الإنسان: 9]؛ فَجَزَى اللهُ وَلِيَّ أَمْرِنَا خَيْرًا، وَبَارَكَ فِي عُمُرِهِ وَعَمَلِهِ.

 

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]. وَقَالَ ‏-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رواه مسلم).

 

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

 

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life