عناصر الخطبة
1/التحذير من اتباع خطوات الشيطان 2/عواقب اتباع خطوات الشيطان 3/تفشي الزنا وخطر العزوف عن الزواج 4/وقاية الأبناء مسؤولية الآباءاقتباس
خطوات يسيرات! وتواصل ومراسلات! وجلسات مختلطة في كافيهات! تراها النفس انفتاحا وحرية لا غضاضة فيها ولا حياءً، يحسبونها هينا وهي عند الله عظيم. يحسبها الجهلاء تنتهي عند تراضي الطرفان، أو عدم علم الوالدان، ونسوا أن نهايتها...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي لا يبلغُ مِدحَتَه القائلون، ولا يُحصِي نعماءَه العادُّون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا رب غيره ولا إله سواه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اقتفى أثره، واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ)[النور: 21] خطوات يسيرات! وتواصل ومراسلات! وجلسات مختلطة في كافيهات! تراها النفس انفتاحا وحرية لا غضاضة فيها ولا حياءً، يحسبونها هينا وهي عند الله عظيم، أخرج البخاري في صحيحه عن سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ غَدَاةٍ: "أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، فقَالاَ لِي: انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ، فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا" قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلاَءِ؟ قَالَا: "هَؤُلاَءِ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي" هذه هي نهاية هذه الخطوات، وهذه جائزة اللعب في الأعراض، يحسبها الجهلاء تنتهي عند تراضي الطرفان، أو عدم علم الوالدان، ونسوا أن نهايتها عذاب شديد، وعقاب أليم: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)[النور: 19]، هذه مجرد المحبة، أما من يرتكبها: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)[الفرقان: 68-70].
ظهر الزنا ولُطِفَ اسمه، وشُرب الخمر وغير لفظه، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا: "إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا"(متفق عليه).
الحضارة والانفتاح لا تحل حراما، ولا تخفف عذابا، ولو اجتمع أهل الأرض على أن يجعلوا المنكر معروفا لا يصيره معروفا، وما نحن على الله بالكرامة حتى يغير دينه أو يبدل شريعته من أجل أهوائنا.
والله -عز وجل- هو الحكيم الخبير، وهو اللطيف الرحيم؛ شرع أحكاما، وحد حدودا، وهو العليم بمصاح العباد والبلاد، ولو تُرك الناس يعملون كما تهوى أنفسهم لأصبحوا كالأنعام بل أضل، وما حُرم شيء إلا وجعل الله منه عِوضا: (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) [النساء: 3].
إن ظاهرة العزوف عن الزواج وتعقيده، وتأخره من الجنسين مع اعترافهم بحاجته هو سبب ظهور أمارات الفحشاء والمنكر، فسهلت المحادثات، وتيسرت الجلسات، وضعف الوازع الديني والأخلاقي، وترى فئام من الفتيان والفتيات تهيم على وجهها في هزيع من الليل بين مسيرات وجلسات في أماكن لا يذكر الله فيها إلا قليلاً، قد نصب الشيطان فيها رايته، فلا تسمع إلا مزمار الشيطان يصدح، ولا ترى إلا جلبه للشر بخيله ورجله، فلا عجب أن ترى نقابات فيها قد نُزعت، وعقول قد سكرت، وأنت لا ترافيها داعي الله، قال نبينا -عليه الصلاة والسلام- مذكرا ومحذرا: "يا أَيُّهَا النَّاسُ! قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ"، وفي الصحيحين: "وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ لَهُ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ".
والأنجع في ذلك ما قاله لنا ربنا في كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا)[التحريم: 6] نقي أنفسنا وأهلينا ونوعي مجتمعنا بالابتعاد عن أماكن ووسائل تزين خطوات الشيطان، وتورد المرء المهالك، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
ومن أعظم النصح والرعاية: أن يذكر الأبناء والبنات والجيران والأصحاب أن عاقبة أمر هذه الخطوات خسرا، وتتلى عليهم النصوص والآيات الزاجرات موعظة وذكرى، ولعلهم يتقون ولعلهم يحذرون، ومن وفّى فأجره على الله، ومن يتق الله يجعل له مخرجا، والبشرى لمن غض ولم يستجب للنداءات والدعوات والإغراءات بظل العرش له يوم لا ظل إلا ظله: "وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ".
عصمنا الله وذريتنا وأزواجنا من مظلات الفتن، ونستغفر الله من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله معز من أطاعه واتقاه، ومذل من خالف أمره وعصاه، وصلى الله وسلم على خير خلق الله.
أما بعد:
أَأَخَيَّ لا يُغريكّ سربالُ الرَّخاْ
وسرابُ دنيا بالغرور تفخّخا
فلسوف تتركها لتُسكن َ فرسخا
فاصرخ: معاذ الله من درب مشين *** إني أخافُ الله ربَّ العالمين
فإذا سعت فتنُ الحياةِ تبشُّ لكْ
وتبرّجت في خلوة الرُّقباء ِ لكْ
وأتت تدندنُ في المكان ِ بهيت لكْ
فاصرخ: معاذ الله من درب مشين *** إني أخافُ الله ربَّ العالمين
إنْ ضجّت القنواتُ في صدرِ البيوتْ
وسرى السفورُ على شِباكِ العنكبوت
وتجَمهرَ الشيطانُ في الليلِ الصموتْ
فاصرخ: معاذ الله من درب مشين *** إني أخافُ الله ربَّ العالمين
وإذا دعا للفسق ِ آلافُ الدُّعاة
وبكى الحياءُ على التعفّفِ والثبات
والإثمُ يرقصُ في الليالي الصاخبات
فاصرخ: معاذ الله من درب مشين *** إني أخافُ الله ربَّ العالمين
واليومَ يا أختاهُ جرحكِ ينضحُ
ومصابُنا فيكِ أطمُّ وأفدحُ
والجيلُ يُهدى من هداكِ ويجنحُ
فقولي: معاذ الله من درب مشين *** إني أخافُ الله ربَّ العالمين
فإذا دعا الداعي إلى نزعِ الحجابْ
واستفتحَ الباغي لميلِكِ ألفَ بابْ
واستدرجوكِ بكلِّ ألوان الخطاب
فقولي: معاذ الله من درب مشين *** إني أخافُ الله ربَّ العالمين
(وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)[آل عمران: 101].
اللهم احفظ علينا أمننا وإيماننا وعقيدتنا وبلادنا.
اللهم من أراد بنا أو بالإسلام والمسلمين سوءا أو فتنة فأشغله في نفسه، ورد كيده في نحره، وأرح المسلمين من شره.
التعليقات