خطوات الاستعداد لرمضان

راكان المغربي

2022-10-06 - 1444/03/10
عناصر الخطبة
1/خطوات الاستعداد لمواسم التجارة في المواسم 2/الاستعداد لأعظم مواسم أرباح الآخرة 3/خطوات الاستعداد لاستقبال شهر رمضان 4/اغتنام فضائل وأعمال شهر شعبان.

اقتباس

ثلاثون يومًا تفصلنا عن موسم من أعظم مواسم أرباحِ الآخرة، واكتناز الأجور، والتخفُّف من الخسائر، والاغتسال من الذنوب والخطايا.. إنه موسمُ شهرِ رمضان، الذي تُفتَحُ فيه أبوابُ الجنان، فتزدهرُ أسواقُها، وتُغلقُ أبوابُ النيران، وتبور تجارتُها.. فحريٌّ بنا أن نستعدّ لذلك الموسم من هذه اللحظة....

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

أما بعد: في أعراف المال والاقتصاد، هناك ما يُسمَّى بالمواسم التجارية.. تلك المواسم، تُوضعُ لها الخطط، وتُصرَف لها الميزانيات، وتكون في أعلى سُلّم أولوياتِ التجار..

 

قبل الموسم يُضاعفُ العمل، وتُركّزُ الجهود، ويُمنعُ الموظفون من أخذِ الإجازات، وكلُّ ذلك ليزيدَ الإنتاج، فتعظمَ فرصُ جنيِ الأرباح.. تلك هي بعضُ خطوات الاستعدادِ لمواسم التجارة.

 

وكما أن الدنيا لها أسواقُها ومواسمُها وأرباحُها؛ فإن الآخرةَ أيضًا لها أسواقُها، وتصل إلينا نفحاتُها، ولها تُجّارهُا ومرتادوها الذين (يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ)[فاطر:29]؛ أي لن تخسر أبدًا.

 

عباد الله: ثلاثون يومًا تفصلنا عن موسم من أعظم مواسم أرباحِ الآخرة، واكتناز الأجور، والتخفُّف من الخسائر، والاغتسال من الذنوب والخطايا..

 

إنه موسمُ شهرِ رمضان، الذي تُفتَحُ فيه أبوابُ الجنان، فتزدهرُ أسواقُها، وتُغلقُ أبوابُ النيران، وتبور تجارتُها..

 

فحريٌّ بنا أن نستعدّ لذلك الموسم من هذه اللحظة، وبين يدي رمضان هاكم بعضُ خطوات الاستعداد:

أولاً: تحديدُ الوِجهة وتعظيمُ همّ الآخرة في القلب، فحين يتحرّق القلب رغبةً في الآخرة فحينها ستندفع الجوارحُ للعمل، وسيبقى المرءُ مشتاقًا لمواسم الخير، مشغولٌ همُّه وبالُه بكيفيةِ استثمارِها على أحسنِ وجه، وبأقصى جهد، وأعلى ربح.

 

يومًا ما قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- لأصحابه من التابعين: أَنْتُمْ أَكْثَرُ صَلَاةً، وَأَكْثَرُ صِيَامًا، وَأَكْثَرُ جِهَادًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهُمْ كَانُوا خَيْرًا مِنْكُمْ. قَالُوا: فِيمَ ذَاكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: كَانُوا أَزْهَدَ مِنْكُمْ فِي الدُّنْيَا، وَأَرْغَبَ مِنْكُمْ فِي الْآخِرَةِ".

 

ثاني خطواتِ الاستعداد: المحافظةُ على حدودِ اللهِ بأداءِ الفرائض، واجتنابِ المعاصي، فبأداء الفرائض تَنالُ القرب من الله؛ كما في الحديث القدسي: "وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه"، وباجتناب المعاصي تجتنب سخطَ الله، وحريٌّ بمن يكون هذا حاله أن ينال التوفيقَ، وأن يُباعد الله بينه وبين الحرمان؛ فإن المعاصي هي التي تُظلم القلب، وتُضعف الجوارح، وتَخورُ بها قوى المرء، فلا يقوى على كثير من الخيرات.

 

قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إنَّ لِلْحَسَنَةِ نُورًا في القَلْبِ، وضِياءً في الوَجْهِ، وقُوَّةً في البَدَنِ، وزِيادَةً في الرِّزْقِ، ومَحَبَّةً في قُلُوبِ الخَلْقِ، وإنَّ لِلسَّيِّئَةِ سَوادًا في الوَجْهِ، وظُلْمَةً في القَلْبِ ووَهَنًا في البَدَنِ، ونَقْصًا في الرِّزْقِ، وبُغْضَةً في قُلُوبِ الخَلْقِ".

 

ثالثُ الخطوات: التدرُّبُ والمجاهدةُ في سبل الخير، فإن العدَّاءَ الناجحَ هو الذي يستعدّ لموعد السباق بالتدريب والتمرين، حتى إذا جاء موعدُ السباق استطاع أن يحافظَ على لياقته البدنية ولم تَخُرْ قواه سريعًا.

 

وكما أن هناك لياقة بدنية، فهناك أيضًا لياقة إيمانية، فالذي تعوَّد على الطاعاتِ قبل رمضان سيسهل عليه الاستمرارُ فيها والازديادُ منها، وأما الذي لم يتعودْ ولم يتمرنْ فيُخْشَى عليه من عدمِ الاستمرار لضعف لياقته.

 

ومن أبرز تلك الطاعات: صيام شهر شعبان الذي كان من سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، حتى استغرب أسامةُ -رضي الله عنه- من إكثار النبي -صلى الله عليه وسلم- منه فقال له: يا رسولَ اللَّهِ! لم أرك تَصومُ شَهْرًا منَ الشُّهورِ ما تصومُ من شعبانَ؟! قالَ: "ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ بينَ رجب ورمضانَ، وَهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُرفَعَ عمَلي وأَنا صائمٌ".

 

وقد روي عن السلف أنهم كانوا يُلقّبون شهر شعبان بشهر القُرّاء. قال ابن رجب -رحمه الله-: "ولما كان شعبان كالمقدّمة لرمضان شُرع فيه ما يُشْرَع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن، ليحصل التأهُّبَ لتلقّي رمضان، وترتاضَ النفوس بذلك على طاعة الرحمن.

 

قال سلمة بن كُهَيل: "كان يُقال: شهر شعبان شهر القُرّاء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: "هذا شهر القُرّاء". وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان، أغلق حانوتَه وتفرّغ لقراءة القرآن".

 

رابع خطوات الاستعداد: سلامةُ الصدر، والعفوُ عن العباد، وتطهيرُ القلب من الضغائن والأحقاد، فإن البغضاء هي الحالقة التي تحلقُ الدين، وتحرمُ الطاعة، وتذهبُ بالحسنات.

 

ومما جاء في ذلك ما جاء في ليلةِ النصفِ من شعبان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إنَّ اللَّهَ ليطَّلعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلَّا لمشرِك أو مشاحنٍ".

 

تلك رياحُ موسمِ الخير قد شارفت على الوصول، فتأهبوا واستعدّوا عسى أن تكونوا من الفائزين المقبولين..

 

بارك الله لي ولكم..

 

 

الخطبة الثانية:

 

أما بعد: ومن خطواتِ الاستعدادِ المهمة -يا عباد الله- تعلُّمُ العلمِ والإقبالُ على التفقُّهِ في أحكامِ رمضانَ وفضائلِه ودرجاتِه، فإن العلمَ هو الذي يدفع للعملِ والاجتهاد، فتقرأُ حكمًا لتُطبّقه، وتسمعُ فضلا لتناله، وتقفُ على سرّ من أسرار العبادة فيزيدُ ذلك من إقبالك عليها.

 

فحريٌّ بالإنسان أن يضعَ لنفسه خطةً من الآن في ذلك، وقد سهلت علينا مواقع التواصل الكثير من المصاعب، فيمكنكَ بكل سهولةٍ أن تضعَ برنامجًا لنفسك ولأهلك تسمعون فيه درسًا فقهيًّا، ومحاضراتٍ إيمانيَّة، ويمكنك أن تقرأَ المقالاتِ والكتيباتِ الرمضانية، ومن يفعل ذلك ويكثر منه فسيجد أثره بيِّنًا واضحًا في رمضان -بإذن الله-.

 

اللهم بَلِّغنا رمضان ونحن في صحة وعافية وإيمان..

اللهم اهدنا بهداك، واجعل عملنا في رضاك..

المرفقات
j1TWP6cKjWMADNa8nIp9BxFHdadGyHRrDKjZdk5e.pdf
GMIF5F2KRKG67Li7R9tUsQf5zewki1T5LlBD10uf.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life