عناصر الخطبة
1/من فضائل يوم العيد وما يشرع فيه 2/قيمة الكلمة وخطرها 3/أثر الكلمة على صاحبها وعلى الناس 4/الحث على حفظ اللساناقتباس
الكلمة: عمارٌ أو دمار، مغنمٌ أو مغرم، سمٌّ أو بلسم، ولئن كانت الكلمة خفيفةً على اللسان، سهلةٌ في النطقِ والبيان، إلا أنها سِلاحٌ ذو حدَّين، تجمعُ وتُفرق، تبني وتهدِم، تُصلِحُ وتُفسِد، ترفعُ وتخفِض، عجيبةٌ هي الكلمة...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
إنَّ الحمدَ للهِ، نحمَدُه ونستعينُه ونستغفِرُه، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسِنا، وسيئات أعمالنا، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له, ومَن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا عبد اللهِ ورسولُه -صلى الله عليه وسلم-، (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70 - 71].
أمَّا بعد: فاتقوا اللهَ -عبادَ اللهِ- وأطِيعوهُ، واذكروه كثيراً وسبحوه، واحمدوهُ على ما هداكم واشكُروه، وعَظِموهُ في هذا اليوم المباركِ وكبروهُ.
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ.
اللهُ أَكبرُ، لبَّى لهُ الملبونَ وكبَّروا، اللهُ أَكبرُ، صلَّى له المصلونَ ومَّجدوا، اللهُ أَكبرُ، طافَ له الطائفونَ وعظَّموا، اللهُ أَكبرُ، ضحَّى له المضحونَ ونحروا.
اللهُ أَكبرُ كبيرا، والحمدُ لله كثيرا، وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلا.
معاشرَ المؤمنينَ الكرام: يَومُكُمْ هذا يَومٌ عَظيمٌ مُبارَكٌ، رَفعَ اللهُ قدرَهُ، وأعلى شأنه وذِكرَهُ، وسمَّاهُ يَومَ الحجِّ الأكبر، يَوْمَ الْعَجِّ وَالثَّجِّ، يَوْمَ النَّحْرِ والشُّكر، يومَ التكبيرِ والذِّكر، يومَ العِيدِ السَّعيدِ، أَفضَلُ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ وَأَعظَمُهَا، وأجلُّها وأشرفُها، فاعرِفوا لهذا اليومِ قدْرَهُ وعَظمَته، واستشعِروا برَكتَهُ وأهميتَه، وتعرَضوا لنفحاتِ رَبِكُم ورحمتِه، وامْلَؤُوا قُلُوبَكُمْ من تَعْظِيمَ اللهِ -تَعَالَى- وَإجْلَالهِ وهيبتِه،؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[الحديد: 28].
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ.
أيها المؤمنون: العَيدَ -أعادكم الله- شَعِيرةٌ مِنْ شَعائِرِ اللهِ المجيدَةِ، ومُناسبةٌ غَاليةٌ سعِيدةِ، فأسْعدَ اللهُ أيامَكُم، وبَاركَ اللهُ أعيادَكُم، وأدَامُ اللهُ أفراحَكُم، وتَقبلَ اللهُ منَّا ومِنكُم، وبُشراكُم -بإذنِ اللهِ- بُشراكم، بُشراكُم بالأجرِ العظيمِ والدَّرجَاتِ العُلا، كيف لا؟! وربُكُم -جَلَّ وعَلا- مُحسنٌ كَريمٌ، لا يُضيعُ أجرَ من أحسَنَ عَملا.
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ.
معاشر المؤمنين الكرام: "الكلمة!"، الكلمةُ عنوانُ المرءِ ومقياسه، تُتَرجِمُ عن مكنوناتِ قَلبِه، وتدَلُ على مستوى إيمانهِ وعقلِه، الكلمة: عمارٌ أو دمار، مغنمٌ أو مغرم، سمٌّ أو بلسم، ولئن كانت الكلمة خفيفةً على اللسان، سهلةٌ في النطقِ والبيان، إلا أنها سِلاحٌ ذو حدَّين، تجمعُ وتُفرق، تبني وتهدِم، تُصلِحُ وتُفسِد، ترفعُ وتخفِض، عجيبةٌ هي الكلمة، فكم أفرحت، وكم أحزنت، وكم شفت، وكم آلمت، وكم رفعت وأكرمت من أناسٍ، وكم وضعت وأذلت آخرين، وكم أشعلت من حروبٍ ونزاعات، وكم أطفأت من فتنٍ وصراعات!.
عجيبةٌ هيَ الكلمة؛ ترتقي حتى تكونَ أفضلَ الأعمال، ففي الحديث الصحيح: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم"، وفي آخره قال: "ذكر الله"، وتسفلُ الكلمةُ حتى تكون شرَّ الأعمال، ففي الحديث الصحيح: "قال كلمةً أوبقت دنياه وأخراه"، وفي الحديث المتفق عليه قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن كان يؤمِن بالله واليوم الآخرِ فليقل خيرًا أو ليصمُت"، ويقول لقمان الحكيم: "إنَّ من الكلام ما هو أقسى من الحجر، وأحرُّ من الجمر، وآلم من وخز الإبر، وإنَّ من الكلام ما هو ألينُ من الحرير، وأرق من نِسمة الأثير، وأعذبُ من النمير".
إنها الكلمةُ إما أن تَخْرُجَ طيبةً من فَمٍ طَيِّبٍ، فلا تسأل عن روعتها ورفعتها وبركتها، وإما أن تخرج خبيثةً مِنْ فَمٍ خاطئٍ، فلا تسأل عن شؤمها وقبحها وخستها، فمتى قويَّ الإيمان انْقادَ اللسانُ، فلا يقولُ إلا خيراً وبراً واحساناً، وإذا ضعُفُ الإيمانُ انحرف اللسانَ، فلا يَكُفَّ عَن غيبةٍ أو نميمةٍ، أو سُخريةٍ أو شتيمة، وَوالله ما نالَ إنسانٌ كرامَة، ولا حظيَ بين الناس بجميلِ مكانة؛ إلا وكان للسان النصيب الأوفى في ذلك، فطوبي لكل لسانٍ طيب.
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ.
أيها الأحبة الأكارم: المرء في هذه الحياة، إمّا أن يَزِيْنُهُ في الناسِ خُلُقٌ كريمٌ، وعقلٌ حكيم، وَمَنْطِقٌ سَلِيْم، وَإما أن يَشِيْنُه في الناسِ خُلُقٌ لئيم، ومَعْشَرٌ سقيم، ولِسانٌ أثيم، جاء في صحيح الإمامِ البخاري أنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا؛ يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا؛ بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ"، فإذا كانت الكلمةُ التي لا يُلقى لها بالاً ترفعُ قائلها درجاتٍ عاليةٍ في الجنة، أو تهوي به دركاتٍ سحيقةٍ في قعرٍ جهنم، فما بالكم بالكلمةِ المقصُودةِ، المبنيةِ على أمورٍ وهميةٍ، وتخمينات ظنية!، أعاذنا الله وإياكم من ذلك، فحين سأل معاذ بن جبلٍ -رضي الله عنه-: يا رسول الله! وإنّا لمؤاخَذون بما نتكلَّمُ به، فقال: "ثكِلتكَ أُمّكُ يا معاذ! وهل يَكُبُّ الناسَ في النَّارِ على وجوهِهِم إلاّ حصَائدُ ألسِنتهِم؟"، وفي أمثال العرب: "مقتلُ الرجلِ بين فكيه"، و"ربَّ كلمةٍ قالت لصاحبها دعني".
وقد أكدَ القرآنُ أنّ كلام الانسانِ محفوظٌ عليه؛ (سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا)[آل عمران: 181]، (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)[ق: 18]، فإن كان خيراً كوفئَ عليه، قال -تعالى-: (فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا)[المائدة: 85]، وإن كانَ شراً عوقبَ عليه، قال -تعالى-: (وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا)[المائدة: 64].
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ.
أيها المباركون: وللكلمة الطيبةِ في القرآن مثلٌ عجيب، فهي شجرةٌ مباركة، تؤتي أكلَها كلَّ حينٍ بإذن ربها، وفي القرآن حثٌّ مُتكررٌ على الكلمة الطيبة، قال -تعالى-: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)[الإسراء: 53]، وقال -سبحانه-: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)[النحل: 125]، وقال -تعالى-: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)[البقرة: 83]، (وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)[الإسراء: 23].
ثم إذا تأملت، فالكلمةُ الطيبةُ سهلةٌ ميسورة، لا تتطلبُ مجهوداً، ولا تُكلِفُ نُقوداً؛ تَهدي العقول، وتُنير القلوب، وتزكي النفوس، وتسمو بالأرواح، تأمّل: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)[الجمعة: 2]، وقال -عزَّ وجلَّ-: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70 - 71].
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا * وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا * وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا)[الإسراء: 35 - 38].
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ حمدًا لاَ مُنْتَهَى لِحَدِّهِ، وَلا حِسَابَ لِعَدَدِهِ، وَلا انْقِطَاعَ لأمَدِهِ، (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)[فاطر: 41]، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له سبحانهُ وبحمده، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسولهُ ومصطفاه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته ومن والاه، وسلَّم تسليماً كثيراً إلى يوم لقياه.
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إله إلا الله، الله أكبرُ اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمد.
معاشر المؤمنين الكرام: "الكلمة"، الكلمة مصدرها اللسان، واللسان ضَمانٌ للإنسان، ففي صحيح البخاري قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بيْنَ رِجْلَيْهِ؛ أضْمنْ لهُ الجَنَّة"، فاتقوا الله -عباد الله- فعلى مُخْرَجاتِ اللسانِ وكلماته، هناك رَقَابَةٌ شديدة، وهناك حِفظٌ وكتابةٌ وتدوينٌ، فلا يلفظ اللسانِ كلمةً إلا وقد رُصِدَت؛ (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ)[الانفطار: 10 - 12]، فهناك ملكان موكّلان، يُلازِمانِ المسلم في لَيْلِهِ ونَهارِه، يُحصيانِ ويسجلان أَعْمَالِهِ وأقواله، عَن اليمين مَلَكٌ يكتبُ الحسناتِ، وَعَنِ الشِّمالِ مَلَكٌ يَكْتُبُ السيئاتِ، قال -تعالى-: (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)[ق: 17- 18]، وقال -تعالى-: (هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[الجاثية: 29]، فَمَنْ اسْتَحْضَرَ هَذِهِ الحقيقة -يا عبادَ الله- وأيقنَ أَنَّ أَعظَمَ ما يُعرضُ في مِيزانَ الآخرةِ غداً، إنما هو حَصَائِدُ الألسنةِ، وثمراتُ الكلام؛ فسيكونُ للسانِه حَافِظاً، وَلَهُ مُراعياً ومراقباً، يحجزه عَن الخَوْضِ فِيما لا ينفع، ويَطلِقُه في كُلِّ ما يرفعُ ويَنْفَع.
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إله إلا الله، الله أكبرُ اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمد.
أيها الموفقونَ المباركون رجالاً ونساءً: إذا عُدتمْ بتوفيقِ اللهِ لبيوتِكُم وأهلِيكُم، فعُودوا بقلوبٍ صَافيةٍ نَقيةٍ، صِلوا من قَطعكُم، وأعطوا من حَرمكُم، وأحسِنوا لمن أساءَ إليكم، فالعيدُ مُناسَبةٌ عَظيمةٌ تُظهِرُ فيهِ الأمّةُ جمالَ اجتماعِهَا وأُلفتِها، وروعَةَ تواصُلِها وترابُطها، وقوةَ تلاحُمها وتراحُمها.
العيدُ -يا رعاكم الله- دَرسٌ عَظيمٌ من دُروسِ التَّسامُحِ والتَّصافي، تَتناسَى فيهِ النفوسُ الكبيرةُ خِلافاتِها، وتعودُ القلوبُ النقيةُ فيه إلى سابق مودتها، وفي كتاب الله الكريم: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)[الشورى: 40].
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ.
ألا فاتقوا الله ربكم، وأصلِحوا ذاتَ بينكم، واهنؤوا بعيدكم، وادعوا لإخوانكم المستضعفين والمضطهدين.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين، واجْمَع كلمتهم على الحق والدين، وجنِّبهم الشرور والصراعات والفتن، ما ظهر وما بطَن.
وكما بدأنا الكلام لربنا حامدين مكبرين، فنختمُ بذكره مُسبحين، ولحسنُ بلائه شاكرين؛ (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصافات: 180 - 182].
التعليقات