اقتباس
نرفع إليكم شكوى نسائية صارخة، تشكل حلقة في سلسلة الظلم التي تمارَس على المرأة -أمًا وأختًا وزوجة وبنتًا-، من بعض قليلي الدين والنخوة، البعداء عن المبادئ الإسلامية السامقة الرفيعة، التي تحترم كل آدمي -رجلاً كان أو امرأة-، وتقرُّ له حقوقًا واجبة النفاذ، فأوجب على كل مُنْتَمٍ إلى هذا الدين أن يكون أمينًا في توصيل الحقوق إلى أصحابها، وإلا لم يكن من أهل الإيمان الخُلَّص ..
معاشر الخطباء الأعزاء، والدعاة الفضلاء، والمفكرين والكتاب الأصلاء:
نرفع إليكم شكوى نسائية صارخة، تشكل حلقة في سلسلة الظلم التي تمارَس على المرأة -أمًا وأختًا وزوجة وبنتًا-، من بعض قليلي الدين والنخوة، البعداء عن المبادئ الإسلامية السامقة الرفيعة، التي تحترم كل آدمي -رجلاً كان أو امرأة-، وتقرُّ له حقوقًا واجبة النفاذ، فأوجب على كل مُنْتَمٍ إلى هذا الدين أن يكون أمينًا في توصيل الحقوق إلى أصحابها، وإلا لم يكن من أهل الإيمان الخُلَّص الذين هم أهل الله وخاصته، ومن هؤلاء الذين أولاهم الإسلام اهتمامًا كبيرًا، وأولى حقوقهم مزيد عناية، وأوصى الرجال -بأي صفة كانوا- أن يعتنوا بهم بشكل زائد، وأن لا يظلموهم، ولا يتعسفوا في استخدام الحقوق ضدهم؛ النساء؛ حيث لهم ولاية وقوامة عليهن، ففيها نوع من التحكم الذي أقره الشرع بحدوده، فإذا تجاوز العبد حده -مِنْ وليٍّ أو قوَّامٍ-، كان ظالمًا، وكان من المتوعَّدين بالعذاب والإقبال على الهلاك.
وتتعدد مظاهر هذا الظلم الموجه من الرجل إلى المرأة في صور متكاثرة، تزيد يومًا بعد يوم بمرور الأيام واتساع العلاقات الإنسانية بين البشر، فما بين منعها الميراث الشرعي الذي تستحقه، مرورًا بالضرب المبرح والعنف الأسري الذي يمارسه بعض الأزواج والأولياء على نسائهم، أو التمتع بها بالزواج مع التساهل في طلاقها كسلعة رخيصة، أو حتى حبسها في المنزل دون مراعاة لحقوقها الطبيعية في الحنو والعطف والإنفاق والعلاقة الحميمة، أو الميل لإحدى الزوجات دون الأخرى، أو تفضيل الأبناء الذكور على البنات بحجج واهية لا تستند إلى شرع أو عقل أو حكمة، أو عضل البنات والأخوات عن الزواج وحرمانهن من الحصول على المتعة الحلال والذرية للاستيلاء على رواتبهن أو مستحقاتهن حتى يبلغن من الكبر عتيًا، كل هذا بغطاء مجتمعي مقيت، أو فهم خاطئ لنظرة الدين للمرأة، التي كرمها الإسلام أمًّا وزوجة وأختًا وبنتًا.
وقد تلقينا من إحدى نساء مجتمعنا المترامي الأطراف، المتمسك -لم يزل- بشريعة ربه ومبادئ دينه، رسالة صارخة، قاسية العبارات، شديدة الألفاظ، عميقة المعاني، تصف فيها معاناتها ومعاناة بني جنسها من ظلم وقع عليهن من آباء أو أزواج، لم يراعوا لهن حرمة، أو يتبعوا فيهن منهاجًا ولا شرعة، بل كالوا لهن العذاب أصنافًا، والإساءة أشكالاً وألوانًا، فنهيب بكم -خطباءً ودعاة وكتابًا- أن تطلعوا عليها، فتدركها عقولكم، وتستشف ما فيها قلوبكم وأفئدتكم، لتحرك مشاعركم ونخوتكم لدفع الظلم عنهن، ورفع الأذى المتمكن من حياتهن، فمن استطاع أن يقدم كلمة فليفعل، ومن استطاع أن يقدم خطبة فلا يبخل، ومن استطاع أن يُنْهِي لإحداهن معاملة فَلْيَسْعَ وليعملْ، ومن لم يكن من أهل الخطابة أو الكلام أو العطاء المادي المحسوس فلا أقل من تعاطف في فؤاده، أو دمعة من عينه، أو تعليق من قلمه، وليس وراء ذلك من النخوة العربية والأخوة الإسلامية حبة خردل.
والمرأة ضعيفة البنية، قليلة الحيلة، قد لا تستبين حجتها في مواجهة الرجل الذي يمتلك القدرة على المناورة والبيان والإفصاح عما بداخله، فضلاً عما قد يمتلكه من النفوذ والسلطة والمال، ما يؤهله للتأثير في قرارات المحاكمات، فيتفوق عليها من ذلك الجانب، فيجلب المحامين البارعين، الذين يلحنون بلسان فصيح، وحجة دامغة، فيستميل القضاة إلى ناحيته، ويحصل على حكم لصالحه.. كل هذا والمرأة تشاهد وتسمع ما يزيد من غضبها وسخطها على مجتمعها الذي تشعر بتواطئه مع الزوج أو الأب الظالم.
وأما إذا استطاعت المرأة تخطي كل تلك العقبات وكانت المحكومية في صالحها، فإنها تظل تعاني سنوات وسنوات حتى تنفيذ قرار المحكمة، وربما جاعت وضاع أبناؤها حتى تحصل على حقها من نفقة أو كسوة أو طلاق، فمن حقها الذي كفلته لها الشريعة والذي كفله لها المجتمع أن تجد من يعينها على الوصول إلى حقوقها، وأن لا تضطرها الظروف إلى اللجوء لمن يستغلونها –أيًا كان نوع هذا الاستغلال- من أجل لقمة تطعم بها جياعها، أو كسوة تغطي بها صغارها.
وإننا –في ملتقى الخطباء- إذ نعلن انطلاق هذه الحملة المباركة، فإننا نؤكد من خلال هذا التحرك الإيجابي في المجتمع سعينا لجمع أكبر قدر ممكن من المواد المتفرقة التي كتبها الخطباء والدعاة والمفكرون وإتاحتها للخطباء، وذلك عبر استنهاض همم الخطباء والدعاة والمثقفين لإشباع الموضوع بالخطب والمقالات والدراسات التي تغطي الموضوع من جميع جوانبه؛ لبيان حق المرأة في الإسلام -أمًّا وزوجة وبنتًا- من الكتاب والسنة وهدي الصحابة وسلف الأمة.
كما نؤكد أن على المؤسسات القضائية الإسراع في تنفيذ الأحكام الصادرة عنها، كأحكام الطلاق والنفقة وغيرها، وعدم المماطلة أو التباطؤ الذي يزيد من شعور النساء في المجتمع بالظلم والتعسف.
ونحن في انتظار مشاركاتكم -من خطب بليغة عصماء، أو مقالات مطولة أو مقتضبة، أو دراسات اجتماعية أو شرعية متعمقة، أو غيرها- في حملتنا، لرفع الظلم عن نساء أمتنا، وتبصير الرجال بما عليهم من واجبات تجاههن، وحقوق تجب صيانتها لهن، راجين أن تكون الحملة على مستوى المشاركة المطلوب من الخطباء والدعاة والكتاب، وأن تنال اهتمامهم، وتلفت انتباههم، علَّها تكون لبنة في تشييد صرح العدل المنير بأضواء السلام والمحبة والوئام، وهدم أكواخ الظلم التي سكنتها خفافيش القهر والمذلة والاعتساف؛ والله حسبنا وهو نعم الوكيل.
التعليقات
احمد عاشور الجزائري
12-04-2019وفق الله القائمين على هذا الصرح العظيم لما يحبه و يرضاه . لقد سنت و فرضت الدول العلمانية قوانين جائرة قلبت فيها الموازين فأصبح الرجل هو المظلوم الذي يبحث عمن ينصفه .فبين ليلة و اخرى هو مهدد بالخلع وإذا طلق فرضت عليه أثقل النفقات .....فالرجال يبحثون عمن ينصفهم من جور و ظلم النسوان.والله المستعان