عناصر الخطبة
1/الدين الحق هو الإسلام 2/دين المحامد والفضائل 3/من محاسن الإسلام وفضائله 4/حقيقة الإسلام وأسباب قبوله 5/اختبار حقيقة إسلام العبد وصدقه 6/حقيقة الإيمان 7/من نواقض الإسلام.اقتباس
ومما يُرغِّب في دين الإسلام ويُشوِّق إليه: أنه دين المحامد والفضائل، ودين الهدى والنور، ودين العصمة والنجاة، ودين العزة والشرف والكرامة، به يجزي الله العباد، وعنه يسألهم، وعليه مدار الثواب والعقاب.
الخطبةُ الأولَى:
الحمد لله الذي أنزل علينا خير كتبه، وشرع لنا أفضل شرائع دينه، وجعل أُمتنا من خير الأمم، فسبحانه من إله عظيم وملك كريم، أحمده -تعالى- وأشكره، وأستغفره وأتوب إليه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فهو -تعالى- الإله الحق الذي تميل إليه قلوبنا حبًّا وإجلالاً وتعظيمًا، ومولانا الحق الذي نعتز به ونتوجه إليه في دقيق أمورنا، وجليلها، فلا ربّ لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، إمام المرسلين وخاتم النبيين، وقائد الغر المحجلين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: أيها المسلمون: فإن المنهج المستقيم، والطريق الواضح الجلي لسعادة العبد في الدارين هو المنهج الإسلامي، الذي كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، والسلف الصالح، فالدين الحق هو دين الإسلام؛ قال -تعالى-: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)[سورة آل عمران:19].
ومتى حاد الإنسان عن هذا الدين وابتغى غيره من الأديان، فلن يسعد في هذه الدنيا، ولن يُقبَل منه عمله، وسيكون في الآخرة من الخاسرين؛ إذا مات على غير دين الإسلام؛ قال -تعالى-: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[سورة آل عمران:85].
ومما يُرغِّب في دين الإسلام ويُشوِّق إليه: أنه دين المحامد والفضائل، ودين الهدى والنور، ودين العصمة والنجاة، ودين العزة والشرف والكرامة، به يجزي الله العباد، وعنه يسألهم، وعليه مدار الثواب والعقاب.
وإذا كانت هذه المزايا للإسلام، بل وأكثر منها، فلنتعرف لهذا الإسلام وحقيقته وأسباب قبوله، فالإسلام حقيقةً هو: الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله.
ومن أهم أسباب قبوله: إخلاص العمل لوجه الله -تعالى-، وحسن المتابعة لرسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ فليس الإسلام يحصل بمجرد الانتساب إليه، وإنما بالتطبيق لتعاليمه في أحرج ساعات الضيق، وفي أوقات رفاهية النفس وسرورها.
فالمِحَن والمصائب، والخير والشر، امتحان واختبار لحقيقة إسلام العبد وصدقه مع ربه؛ قال -تعالى-: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)[سورة العنكبوت:1-3].
وقال -تعالى-: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)[سورة محمد:31]؛ أي لَنخْتَبِرنّكم بالأوامر والنواهي، ومن ذلك الأمر بالجهاد حتى يظهر الممتثل لما أُمر به الصابر على دينه ومشاقّ ما كُلِّف به، (وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) بكشفها امتحانًا، ليظهر لكل من يشهد لكم أو عليكم من إنس أو جن أو حيوان أو جماد أو غير ذلك، بما عملتم من طاعة أو عصيان، فما أعظمه من إسلام! وما أيسره على من يسَّره الله عليه!
أيها المسلمون: لا يخفى أن بين المسلمين عددًا كثيرًا ينتسب إلى الإسلام، والإسلام بريء منهم، وبعيد عنهم، وذلك لعدم قيامهم بأركان الإسلام، ولعدم سلامتهم من نواقضه، وهم متفاوتون في ذلك على حسب تفاوتهم في أعمالهم إزاء الإسلام.
ومن بين المسلمين أعداد كبيرة ظلموا أنفسهم بارتكاب المحرمات التي منها ما يُوجب دخول النار، وذلك بدون مبالاة ولا اهتمام، وهذا غالبًا يكثر في الشباب المراهقين، لضعف إيمانهم، وقلة فقههم في دينهم، ولاستخفافهم بأوامر الله ونواهيه.
فيا معشر الشباب: استجيبوا لربكم، ويا معشر الآباء أعينوهم على أنفسهم في الحق، وأْطروهم عليه أطرًا، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[سورة الأنفال:25].
بارك الله...
الخطبة الثانية:
الحمد لله مُوفِّق مَن شاء مِن عباده لعبادته وطاعته، فقلوب العباد بين إصبعين من أصابعه يُقلّبها كيف يشاء، فسبحانه من إله عظيم، عليم حكيم، يخفض ويرفع، ويُعِز ويذل، يمهل ولا يهمل، يعفو ويصفح، ويأخذ أخذ عزيز مقتدر.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحي القيوم، الذي تزداد محبته كلما ازدادت معرفته وطاعته، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله نبي خُيِّر في آخر حياته فاختار الرفيق الأعلى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى- حق تقواه، كونوا على الإيمان الحق، فليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، وإنما الإيمان الحقيقي ما وقر في القلب وصدقته الأعمال، تذكروا أوامره وامتثلوها، ونواهيه فاجتنبوها، طاعةً له ورغبةً في ثوابه وخشيةً من عقابه، واستعينوا على ذلك بطلب المعونة منه، واحفزوا الهمة بتذكر عظمته، وكمال علمه، وكمال كرمه، وفرحه بتوبة عبده وإنابته إليه، وقوة بطشه وشدة غضبه على انتهاك حرماته.
ولا يخفى عليكم أن من نواقض الإسلام: الإعراض عنه، والاستخفاف به، فلا يتعلمه ولا يعمل به؛ قال -تعالى-: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ)[سورة السجدة:22]، وقال -تعالى-: (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ)[سورة المدثر:49].
اللهم اشرح صدورنا للإسلام وحبِّب إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه يا أرحم الراحمين.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
التعليقات