عناصر الخطبة
1/ تأملات في شعار حقوق الإنسان وأحوال حامليه 2/ دوافع الغربيين في المطالبة بحقوق الإنسان 3/ أحقاد الغربيين وجرائمهم في بلاد المسلمين 4/ حقد الحضارة الغربية على الإسلام والمسلمين 5/ كم قتلى فرنسا مقارنة بقتلى المسلمين كل يوم؟!اهداف الخطبة
اقتباس
من حق إنسانهم أن يسبّ ديننا، ويهين مقدساتنا، ويسخر من رسولنا -صلى الله عليه وسلم- ويحاربنا بكل أنواع الحرب، لكن سيضجّ العالم كله لو قام الإنسان المسلم بنسف عقائدهم، ورد أباطيلهم، وكشف زيف معتقداتهم، وتأديب من سبّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- وشتم وتبجح.. لكن تعالوا إلى الإنسان المسلم لو قطع يد سارق أو جلد زانيًا، لقامت منظمات حقوق الإنسان بالشجب والتنديد والاستنكار والوعيد، واعتبروا ذلك إجراماً كبيراً في حق الإنسان ونسفاً لحقوقه، وهم عندما ينسفونه كله ويدمرون بيته وأرضه ويحرقون ممتلكاته ويستهدفون حرماته ومقدساته ويهينون المسلمين ويدمرونهم بالقصف والحرق والإبادة الجماعية كل هذا أمراً عادياً وطبيعياً في فكرهم المنحرف المعوج..
الخطبة الأولى:
عباد الله: لقد شرّف الله الإنسان، وكرَّمه بكل ميزة وفضل وامتنان، وحمله في البر والبحر ورزقه من الطيبات وفضله على جميع العالمين يقول الله -تبارك وتعالى-: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء : 70].
هذه الآية جزء من حقوق الإنسان التي وهبها الإسلام لكل إنسان وأعطاها لكل فرد من جنس الإنسان ولم تقتصر حقوق الإنسان في الإسلام على الإنسان المسلم فقط وإنما شملت كل شخص طالما أنه إنسان.
فكل بنو آدم مكرمون، وكلهم مفضلون على غيرهم من المخلوقات، وكلهم سواسية كأسنان المشط لا يتفاضلون إلا بالخير والتقوى والإيمان (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات : 13].
هذا في الإسلام وفي شريعة الإسلام العادلة الطاهرة التي أتى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- بيضاء نقية فلا تظنوا أن الغرب أو منظماته الحقوقية أو مجلس الأمم المتحدة أو غيرهم قد سبقوا الإسلام في مراعاة حقوق الإنسان؛ فإنهم فقط يتبجحون بذلك، ويدّعون به ويتكلمون عنه ليل نهار في أخبارهم وتقاريرهم، ولكن الفرق بين حقوق الإنسان عندهم وحقوق الإنسان عندنا أن حقوق الإنسان عندنا شملت كل إنسان وحقوق الإنسان عندهم شملت فقط الإنسان المتبع لملتهم المقدس لدياناتهم الباطلة المحرفة.
أما الإنسان المسلم عندهم فلا حقوق له ولا مميزات ولا فضل ولا كرامة، ولذلك يُسحق الإنسان المسلم في كل مكان، فلا يبالون به ويُهدر دمه في كل بقاع الأرض فلا يلتفتون إليه ويُنحر نحراً ويشرد ويُظلم ويُهجّر، فلا يفكرون فيه ولا يحسبون له أي حساب وهذه بلدان المسلمين خير شاهد على ذلك.
فهذه فلسطين من عشرات السنين تُباد، وهذه العراق تُسحَق، وهذه سوريا تُحرَق، والإنسان المسلم في بورما ونيجيريا والبوسنة والهرسك وكوسوفو والقوقاز يُقتَل ويُسفك دمه، وفي أفغانستان والصومال واليمن يُشَرد ويُقصف، وتفتن بلدان المسلمين، وتفتت فلا يفكرون فيهم ولا يبالون بهم، ويوقدون نيران الحروب ويشعلونها في الأراضي الإسلامية؛ لأن حقوق الإنسان مقصورة عند الكفار على الإنسان غير المسلم.
أما المسلم عندهم وفي نظرهم إنما خُلق على صورة إنسان، وفي شكل بني آدم وهو في الحقيقة في نظرهم أحطّ من الحيوان، ويرون أنه إنما خُلق على صورة إنسان ليخدمهم؛ فهم الإنسان فقط، وأما المسلم حسب تصوراتهم وعقائدهم وأفكارهم فليس بإنسان أصلاً.
ولهذا تقوم الدنيا وتقعد ويضجّ العالم كله ضجّاً، وتحرك الأرض من أقصاها إلى أقصاها إذا مُسَّ إنسانهم بأذًى، أو استُهدف بشيء، ولو بسيط من حق الدفاع على النفس من قبل الإنسان المسلم أو ردود أفعال المسلمين.
من حق إنسانهم أن يستبيح بلاد المسلمين، ويقصف بطائراته الحربية وبارجاته العسكرية أرض المسلمين، ويدمر بيوتهم وممتلكاتهم، لكن ليس من حق الإنسان المسلم أن يرد عليهم أو يضربهم أو يستهدف أرضهم أو ينال منهم، فإذا فعل شيئاً من ذلك ولو بسيطاً يرد به الظلم المجحف عليه قامت على المسلمين منظمات حقوق الإنسان واتهموهم بارتكاب جرائم ضد الإنسان، وأن هذا اختراق لوثيقة حقوق الإنسان وكالوا للمسلمين جميع التهم ووصموهم بالظلامية والإرهاب والتطرف، وإشعال الفتن وهم في الحقيقة من يشعلون الفتن ويبدءون بالظلم ويوقدون نيران الحرب.
يقول الله -تبارك وتعالى-: (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [المائدة : 64].
من حق إنسانهم أن يسبّ ديننا، ويهين مقدساتنا، ويسخر من رسولنا -صلى الله عليه وسلم- ويحاربنا بكل أنواع الحرب، لكن سيضجّ العالم كله لو قام الإنسان المسلم بنسف عقائدهم، ورد أباطيلهم، وكشف زيف معتقداتهم، وتأديب من سبّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- وشتم وتبجح.
إنه استحقارهم للإنسان المسلم، وإهانتهم له، وعدم اعتبارهم له أنه إنسان؛ وصدق الله -سبحانه وتعالى- إذ يقول عنهم: (إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا) [النساء : 101] ويقول (لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) [آل عمران : 118] (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ) [التوبة : 8].
تقصف طائراتهم قصفاً عشوائياً بالحمم والبراكين والبراميل على سوريا والعراق وأفغانستان واليمن وغيرها، وتشوه صورة الإنسان، ويُحرق حرقاً وتُقطع أشلائه تقطيعاً، ويُمزق تمزيقاً بهذا القصف، مع أن الإنسان تكفيه رصاصة واحدة أو شظية لتقتله، ولكنهم من شدة حقدهم على المسلمين وكرههم لهم يصبّون عليهم الصواريخ الحارقة صبًّا، ويلقون عليهم القنابل العنقودية والمتفجرات الانشطارية التي تخلط دم الإنسان بعظمه وتمزقه كل ممزق، ومع ذلك يبررون هذه الجرائم الوحشية ويمررونها مرور الكرام وتتقبلها منظماتهم الإجرامية بكل سكوت وصمت ..
لكن تعالوا إلى الإنسان المسلم لو قطع يد سارق أو جلد زانيًا، لقامت منظمات حقوق الإنسان بالشجب والتنديد والاستنكار والوعيد، واعتبروا ذلك إجراماً كبيراً في حق الإنسان ونسفاً لحقوقه، وهم عندما ينسفونه كله ويدمرون بيته وأرضه ويحرقون ممتلكاته ويستهدفون حرماته ومقدساته ويهينون المسلمين ويدمرونهم بالقصف والحرق والإبادة الجماعية كل هذا أمراً عادياً وطبيعياً في فكرهم المنحرف المعوج
لكن لما يأتي الإسلام وشريعته الغراء وحكمه الرشيد فيقتل القاتل الذي قتل عمداً أو يقطع يد السارق الذي سرق بهذه اليد يُعتبر عندهم تشويهاً لحقوق الإنسان.. قاتلهم الله أنى يؤفكون وكيف يحكمون؟ وبأي ميزان يزنون؟ وبأي منطق يتكلمون ويبررون ولكن كما قال الله (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف : 179]، وقال (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) [الفرقان : 44].
فلابد أن نعلم قدرنا عندهم، وأنهم ينظرون إلينا بنظرة عقائدية، ويفكرون فينا نحن المسلمين بتفكير يحمل كل الكره والبغض، وفي قلوبهم حقد شديد وكره دفين لكل شخص مسلم، وإن تظاهروا بخلاف ذلك في كلامهم وقوانين حقوق الإنسان عندهم، ولكن أفعالهم تعكس حقيقتهم وتظهر بواطنهم وتكشف زيفهم وادعاءاتهم وتكذب قوانينهم التي شرّعوها لهم فقط وليس لنا نحن المسلمين فيها نصيب.
وصدق القرآن إذ يقول عنهم (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) [الممتحنة : 2]، ويقول: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) [البقرة : 109]، فمن نصدق القرآن الكريم أم نصدق ادعاءات هؤلاء الكاذبين وزيف إعلامهم الخبيث؟!
فإيانا إيانا أن تنطوي علينا أفكارهم أو يخدعنا إعلامهم، أو يضحكون علينا بتبريراتهم لإجرامهم واستنكارهم لدفاع المسلمين عن أنفسهم ودينهم وحقوقهم أو يؤثر فينا أصحاب الأبواق وأهل النفاق المطبلين لهم المتباكين عليهم.
يقول الله (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) [النساء : 89].
بارك الله لي ولكم ..
الخطبة الثانية:
رأيتم كيف ثار العالم واهتز وتحركت منظماته الحقوقية ومجالسه المدعية للإنسانية وصاحت واستنكرت وأزبدت وأرعدت عندما استُهدفت فرنسا وقتل من مواطنيها بضع عشرات لا يساوون من يُقتل في يوم واحد في سوريا وحدها، ومع ذلك اهتز العالم كله لمصابهم وتسارعت الإدانات العالمية من قبل زعماء الدول الأجنبية والعربية، وأعلنت حالة الطوارئ في جميع أنحاء فرنسا.
وأعلن الرئيس الأمريكي إدانته للحادثة، مؤكداً تعاون بلاده الكامل مع فرنسا ووصف الأمين العام للأمم المتحدة تلك الهجمات بـ"الخسيسة"، وأدانت روسيا المجرمة هذه الهجمات، وعرض الكرملين مساعدة فرنسا في التحقيق، وأكد رئيس وزراء بريطانيا أن بلاده ستفعل ما في وسعها من أجل مساعدة فرنسا، وأعلنت إيطاليا تضامنها الكامل مع فرنسا وقال الرئيس الصيني إنه مستعد للانضمام إلى فرنسا لزيادة التعاون الأمني وأعلن الرئيس الإيراني تنديده بتلك الهجمات، واصفاً الحدث بأنه يعد "جريمة ضد الإنسانية" وأعلن تأجيل زيارته المقررة إلى أوروبا، وبكت الدول العربية قتلى باريس وتضامنوا معهم!!
والسؤال الذي يضع نفسه أين هؤلاء النتنى جميعاً من المجازر الرهيبة في فلسطين وسوريا واضطهاد أهل السنة في العراق، وتشريدهم وقتلهم، ووضع اليمن في أتون حروب وصراعات كثيرة ومريرة، وهل يعلم هؤلاء أن هذه الأحداث ما هي إلا نتائج هذا الظلم والظلمات والسياسات الخاطئة التي تنتهجها دول الاستكبار ضد الشعوب المستضعفة؟!
إنها سياسة الكيل بمكيالين وحقوق الإنسان التي لا تعرف للإنسان حقوقاً إلا للإنسان غير المسلم، ولكنّ الله لهم بالمرصاد، وأمة الإسلام أمة عزيزة حرة كريمة لا ترضى بالضيم ولن تقبل الهوان وستظل تدافع عن دينها ونفسها وحقوقها حتى يأتي وعد الله الذي لا محالة من تحققه شاء من شاء وأبى من أبى (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف : 128] (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور : 55].
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار، حتى لا يدع بيت حجر ولا مدر إلا دخله، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل الله به الكفر وأهله".
صلوا وسلموا ..
التعليقات