عناصر الخطبة
1/وجوب الدعوة إلى الله على نهج النبي عليه الصلاة والسلام 2/مخاطر وجود الأحزاب والجماعات 3/اهتمام علماء الأمة بالدعوة إلى الله 4/تحذير اللجنة الدائمة من كتاب جماعة التبليغ.

اقتباس

والْأُمُورُ الَّتِي أُخِذَتْ على جَمَاعَةُ التبليغ كثيرة؛ ومن ذلك: أن هذه الجَمَاعَةُ شَأْنَهَا كَشَأْنِ الْجَمَاعَاتِ الْأُخْرَى التي أَخَذَتْ مِنَ التَّصَوُّفِ بِنَصِيبٍ؛ كالْبَيْعَةُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الصُّوفِيَّةِ فِي الْهِنْدِ, وَتَتَعَصَب لِمَنْهَجِهَا, وَتَقْصرُ فِيْ الْعِلْمِ وَالْدَعْوَةِ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِالصِّفَاتِ السِّتِّ، والتَّسَاهُلُ فِي الْمُعْتَقَدِ، ودَعْوَةُ أَتْبَاعِهِمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ مَنْهَجِ السَّلَفِ إِلَى مَنْهَجِهَا...

الخطبة الأولى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70 – 71 ].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى, وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ -تَعَالَى-: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)[الأنعام: 153], وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ، اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ: السَّمْعُ، والطَّاعَةُ، والْجِهَادُ، والْهِجْرَةُ، وَالْجَمَاعَةُ..." إِلَى أَنْ قَالَ: "فَادْعُوَا بِدَعْوَةِ اللَّهِ الَّتِي سَمَّاكُمْ بِهَا الْمُسْلِمِينَ, الْمُؤْمِنِينَ، عِبَادَ اللَّهِ".

 

عِبَادَ اللَّهِ: لَقَدْ حَذَّرَ الْإِسْلَامُ مِنْ التَفَرُّقِ وَالتَّشَتُّتِ، وَأَمَرَ بِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَحَثَّ عَلَيْهَا، وَلَمَّا اسْتَنْجَدَ الْأَنْصَارِيُّ بِالْأَنْصَارِ، وَالْمُهَاجِرِيُّ بِالْمُهَاجِرِينَ، غَضِبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ كَلِمَتَهُ الْعَظِيمَةَ: "أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْن ظَهْرَانِيكُمْ"، مَعَ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَحْمُودَةِ فِي الشَّرْعِ، لَكِنَّهَا لِمَا خَرَجَتْ بِمَخْرَجِ اسْتِنْجَادِ كُلِّ طَائِفَةٍ بِأَصْحَابِهَا حَذَّرَهُمْ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ذَلِكَ.

 

وَلَقَدْ رَأَيْتُ أُمَّةَ الْإِسْلَامِ تَأَثَّرَ بَعْضُ أَبْنَائِهَا بالتَّأْثِيرِ الْغَرْبِيِّ، بِإِنْشَاءِ الْجَمَاعَاتِ وَالْأَحْزَابِ والْحِزْبِيَّاتِ الْمَقِيتَةِ الَّتِي مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ؛ فَنَزَلَتْ نَازِلَةٌ تُعَدُّ مِنْ النَّوَازِلِ الْعَقَدِيَّةِ فِي الْقَرْنِ الْسَابِقِ، الَّتِي لَيْسَ لَهَا سَابِقَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، أَلَا وَهِيَ إِنْشَاءُ الْجَمَاعَاتِ وَالْأَحْزَابِ، فَكَانَ مَوْقِفُ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ الْكِبَارِ عَلَى عَدَمِ الانْتِمَاءِ إِلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا أَوْ الِانْتِسَابِ إِلَيْهَا، فَلَمْ يُعْرَفْ عَنْ عَالِمٍ مُعْتَبَرٍ أَوْ إِمَامٍ مُتَّبَعٍ أَنَّهُ انْضَمَّ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنْ هَذِهِ الْجَمَاعَاتِ، أَوْ كَانَ عُضْوًا فِيهَا، أَوْ قام بِتَقْلِيدِهَا وَإِنْشَاءِ أَحْزَابٍ مُمَاثِلَةٍ لَهَا؛ لِعِلْمِهِمْ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ مُحْدَثٌ لَا يُقِرُّهُ الْإِسْلَامُ وَلَا يَرْضَاهُ, وَيُفَرِّقُ وَلَا يَجْمَعُ، فَلَمْ يَنْضَمُّوا إِلَيْهَا لَا فِي مَرْحَلَةِ شَبَابِهِمْ، وَلَا بَعْدَ أَنْ كَبُرَتْ أَعْمَارُهُمْ، وَاتَّسَعَ عِلْمُهُمْ، فَمَنْهَجُهُمْ ثَابِتٌ لِأَنَّهُمْ أُسِّسُوا عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَعَلَى عِلْمٍ مُؤَصَلٍ، وَنَهَلُوا مِنْ الْمَنْبَعِ الصَّافِي الَّذِي لَا كَدَرَ فِيهِ وَلَا غَبَشَ.

 

لَقَدْ كَانَ فِي أَوْجِ انْتِشَارِ هَذِهِ الْجَمَاعَاتِ، وَتَحَمُّسِ فِئَةٍ مِنْ الشَّبَابِ بِالِانْضِمَامِ إِلَيْهَا، أَحْجَمَ الْعُلَمَاءُ الْكِبَارُ عَنْ الِانْضِمَامِ إِلَيْهَا وَتَأْيِيدِهَا وَالِانْتِسَابِ إِلَيْهَا, ولقد وقف عُلَمَاءِ السُّنَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ مَوْقِفَ الْمُحَذِّرِ مِنْ هَذِهِ الْجَمَاعَاتِ؛ لِعِلْمِهِمْ الْجَازِمِ بِأَنَّهَا خِلَافُ النَّهْجِ النَّبَوِيِّ, وَغَالِبُ هَذِهِ الْجَمَاعَاتِ أُسِّسَتْ عَلَى طُرُقٍ صُوفِيَّةٍ مُخَالِفَةٍ لِمَنْهَجِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، أَوْ مَنَاهِجَ سِيَاسِيَّةٍ، وَغَالِبُهَا بُنِيَتْ عَلَى شِرْكِيَّاتٍ وَمُخَالَفَاتٍ وَبِدَعٍ وَمُحْدَثَاتٍ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ, فينبغي الْحَذَرُ مِنْهَا، وَعَدَمُ الِانْتِمَاءِ إِلَيْهَا؛ فَالْأَحْزَابُ تُفَرِّقُ وَلَا تَجْمَعُ, وَبِاِسْتِطَاعَةٍ كُلُّ مُسْلِمٍ الدَّعْوَةُ إِلَى اللهِ دُونَما أَنْ يَعِيشَ تَحْتَ ظِلِّ جَمَاعَةٍ؛ يَأْتَمِرُ بِأَمْرِهَا، وَيَنْتَهِي بِنَهْيِهَا, وَيَلْتَزِمُ بِتعَالِيْمهَا, وَيُوَالِي بِهَا، وَيُعَادِي مِنْ أَجْلِهَا.

 

وَكُلّ عُلَمَاءِ الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّة -فِي الْقَدِيمِ وَالْحَديثِ- قَامُوا عَلَى الدَّعْوَةِ, بَلْ وَجَمِيعَ عُلَمَاءِ السنَّةِ -فِي الْقَدِيمِ وَالْحَديثِ- قَامُوا عَلَى الدَّعْوَةِ الْفَرْدِيَّةِ دُونَما اِنْتِمَاءٍ لِحِزْبٍ أَوْ جَمَاعَةٍ, وَلَوْ كَانُوا فِيْ غَيْرِ دِيَارِهِم الأَصْلِيَّةِ, وَلَقَدْ كَانَ الإِمَامُ الْأَلْبَانِيُّ -رَحِمَنَا اللهَ وَإِيَّاهُ- مِثَالٌ عَظِيم لِلدَّعْوَةِ الْفَرْدِيَّةِ؛ فَهُوَ أَعْجَمِيٌ، غَرِيبٌ فِي بِلَادِ الشَّامِ, لَا سَنَدَ لَهُ مِنْ دَوْلَتِهِ، وَلَيْسَ حَوْلَهُ أُنَاسٌ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْوُجَهَاءِ, وَتَسَلَّطَ عَلَيْهِ الأَعْدَاءُ وَالْخُصُومُ, وَحُورِبَ لِقِيَامِهِ بِالسنَّةِ مِنَ الْجَمَاعَاتُ قَاطِبَةً؛ صُوفِيَّة, وَسنِيَّة, وَشِيعِيَّة، وَمَعَ ذَلِكَ تَمَسَّكَ بِالسُنَّةِ، وَدَعَا إِلَيْهَا, وَصَبَرَ حَتَّى كَتَبَ اللهُ لَهُ الْقَبُول، وَاِنْتَشَرَ عِلْمُهُ بِالْآفَاقِ, وَكُتُبهِ ظَاهِرَةٌ تَسِيرُ مَسَار الشَّمْسِ فِي الْأَقْمَارِ، وَيَتَلَقَّفُهَا النَّاسُ كَمَا يَتَلَقَّفُونَ الدَّوَاءَ، هَذَا مَنْ نَصْرِ اللهِ -عِزِّ وَجَلٍّ- لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرَ السُنَّة، وَقَرَبَهَا بَيْنَ أَيَدِيَّ الْأُمَّةِ، فَهُوَ فَرْدٌ لَا جَمَاعَة, وَأَمْثَالَهُ كُثُر, فَمَتَى صَدَقَ الْإِنْسَان مَعَ رَبِّهِ كَانَ أُمَّةً لِوَحْدِهِ؟!.

 

أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ, وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الْخُطْبَة الثَّانِيَة:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

 

أمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

عِبَادَ اللهِ: الْمُسْلِمُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى جَانِبٍ كَبِيرٍ مِنَ الْإِدْرَاكِ وَالْيَقظَةِ وَالْاِهْتِمَامِ بِأَمْرِ دِينِهِ وَأُمَّتِهِ، وَعَلَى عِلْمٍ وَبَصيرَةٍ بِمَا يَدُورُ حَوْلهُ مِنَ الْآَرَاءِ وَالاتِّجَاهَاتِ الضَّالَّةِ الَّتِي تَعْصِفُ بِالْمُسْلِمِينَ، وَبِالْبَشَرِيَّةِ جَمْعَاء؛ لِيَكُون خَيْر دَاعٍ إِلَى الْهُدَى، وَخَيْر مُنْقِذٍ مِنَ الضَّلَاَلَةِ, فَالصِّرَاعُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ سُنَّةَ اللهِ فِي خَلْقِهِ، وَالْحَقُّ لَا يَنْصُرُهُ إِلَّا مَنْ يَعْرِفُ الْخَيْرَ، وَيَعْمَلُ بِهِ، وَيَدْعُو إِلَيْهِ، وَيَعْرِفُ الشَّرَّ وَيُحَذِّرُ مِنْهُ.

 

والْأُمُورُ الَّتِي أُخِذَتْ على جَمَاعَةُ التبليغ كثيرة؛ ومن ذلك:

أن هذه الجَمَاعَةُ شَأْنَهَا كَشَأْنِ الْجَمَاعَاتِ الْأُخْرَى التي أَخَذَتْ مِنَ التَّصَوُّفِ بِنَصِيبٍ؛ كالْبَيْعَةُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الصُّوفِيَّةِ فِي الْهِنْدِ, وَتَتَعَصَب لِمَنْهَجِهَا, وَتَقْصرُ فِيْ الْعِلْمِ وَالْدَعْوَةِ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِالصِّفَاتِ السِّتِّ، والتَّسَاهُلُ فِي الْمُعْتَقَدِ، ودَعْوَةُ أَتْبَاعِهِمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ مَنْهَجِ السَّلَفِ إِلَى مَنْهَجِهَا, وتَعْظِيمُ كِبَارِ شَخْصِيَّاتِهَا, وَتَرْتِيبُ الْخُرُوجِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، دُوْنَمَا مُسْتَنَدٍ شَرْعِي!.

 

وَمِنَ الْبِدَعِ عِنْدَهُمْ: قِرَاءَةُ السُّوَرِ الْعَشْرِ الْقِصَارِ فِي حَلقَةِ التَّعْلِيمِ وَالْبَيَانِ بَعْدَ كُلِّ صَلَاةِ فَجْرٍ، وَالتَّعْرِيفُ بِالْجَمَاعَةِ بَعْدَ كُلِّ صَلَاةِ ظُهْرٍ، وَالْقِرَاءَةُ فِي حَيَاةِ الصَّحَابَةِ لِلْكَانْدَهْلَوِيِّ بَعْدَ كُلِّ صَلَاةِ عِشَاءٍ، ولَمْ تُحَاوِلْ إِصْلَاحَ عَقِيدَةِ أَتْبَاعِهَا، وَجَمِيعِ مَشَايِخِهَا الْمُتَصَوِّفَةِ، ويَظْهرُ ضَعْفَ الْمُعْتَقِدِ مِنْ بَيَانَاتِهِمْ؛ لِأَنَّهَا تَقُومُ عَلَى الْقصَصِ، وَلَيْسَ عَلَى الدَّلِيلِ الصَّحِيحِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَفِقْهِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ، وَلَيْسَ أَظْهَرُ وَأَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا وُجُودُ الْقُبُورِ فِي مَسْجِدِهِمْ الرَّئِيسِيِّ فِي دَلِهِي، وَبِجِوَارِ مَسْجِدِهِمْ الرَّئِيسِيِّ فِي رَائِي وَنِد وَغَيْرِهِمَا.

 

والإقرار بِكِتَابٍ (تَبْلِيغِي نصاب) رَغْمَ مَا فِيهِ مِنْ انْحِرَافَاتٍ كَمَرْجِعٍ لِأَعْضَاءِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدْ حَذَّرَتْ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ لِلْإِفْتَاءِ فِي الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ بِرِئَاسَةِ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ ابْنِ باز -رحمنا الله وإياه- مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، فَقَالَتْ: "إِنَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ وَالْخُرَافَاتِ، الَّتِي لَا تَسْتَنِدُ إِلَى أَصْلٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَا يَقُولُ بِذَلِكَ وَلَا يَعْتَقِدُهُ إِلَّا مَنْ انْتَكَسَتْ فِطْرَتُهُ، وَعَمِيَتْ بَصِيرَتُهُ، وَضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ". وَذَكَرَتْ اللَّجْنَةُ بَعْضَ الشَّنَاعَاتِ الَّتِي لَا يُقِرُّهَا مُسْلِمٌ وَلَا يَقْبَلُ بِهَا مَنْ سَلِمَتْ عَقِيدَتُهُ.

 

وَالْمُسْلِمُ لَيْسَ بِحَاجَةِ لِمُفَارَقَةِ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِيْن، وَالِانْضِمَامُ إِلَى أَحْزَابٍ وَجَمَاعَاتٍ، وَلْيَكُنْ مَنْهَجُ الْمُسْلِم كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)[يوسف: 108].

 

الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ وَالمِحَنِ, مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ .وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ.

 

هَذا وصلُّوا وسلّموا على الحبيبِ المصطفى والنبيّ المجتبى محمد بن عبد الله, فقد أمركم الله بذلك فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

 

 

المرفقات
جماعة-التبليغ-2.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life