عناصر الخطبة
1/خطورة الفتوى في زمن الانفتاح الإعلامي والتقني 2/المكانة الأسمى للفتوى في الشريعة الإسلامية 3/بعض الآداب الواجب مراعاتها في المفتي والمستفتي 4/وجوب معرفة حق العلماء وأهل الفتوى وتوقيرهم 5/الإشادة بالندوة العلمية للفتوى في بلاد الحرمين الشريفيناقتباس
وهنا دعوة موجَّهة لعلماء الأمة؛ للحِفَاظ على هُوِيَّة الأمة الإسلاميَّة، ووحدتها، ووسطيتها، واعتدالها، وتعاهُدِها بالتفقيه والتوعية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتصدي للشبهات المُضِلَّة والدعوات المغرضة، وفوضى الإفتاء عبرَ الوسائل الحديثة، ومواقع التواصُل المختلفة، وتقوية التواصُل مع شباب الأمة...
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، -سبحانه- عزَّ إلهًا بديعًا ديَّانًا، نحمده -تعالى- على آلائه الجُلَّى، ممَّا تناءى وتدانى، ونشكره على ما خصَّ مِنْ نِعَم تتوالى، ولا تتوانى.
لكَ الحمدُ ما أولاكَ بالحمدِ والثنا *** على نِعَمٍ أتَبَعْتَها نِعمًا تَتْرَى
لكَ الحمدُ حمدًا أنتَ وفَّقْتَنا له *** وعلَّمْتَنا مِنْ حَمدِكَ النَّظْمَ والنَّثْرَا
وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ثَنَا بالاستفتاء النفوسَ عن هواها، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، خير مَنْ هدى الأمةَ لمناهل تقواها، وأصَّل مَعالِمَ الفتيا ومبناها، صلى الله وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، بُدُور الحق الساطع عيانًا، ومن اقتفى أثرهم بإحسان، يرجو من المولى رحمةً ورضوانًا، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ: فيا عبادَ اللهِ: اتقوا اللهَ حقَّ التقوى، فإن الذُّخر الأبقى، والدرع الأقوى، والطهر الأنقى، والقمة الأرقى؛ (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)[الْبَقَرَةِ: 197]، فالزموا -رحمكم الله- التقوى.
تقوى إلهِ العالمينَ فإنَّها *** عِزٌّ وحرزٌ في الدنا والمرجعُ
فيها غِنَى الدارينِ فاستمسِكْ بها *** وَالزَمْ تَنَلْ ما تشتهيه وتدَّعِي
أيها المسلمون: في زَمَنِ الانْفِتَاح العَالَمِي المُبْهِر، بإعلامه وفَضائِيَّاتِهِ، وتِقَانَاتِه، وعولمته وشَبَكَاتِه، ومُخْتَرَعَاتِه، تَبْرُزُ قضيةٌ شرعيةٌ مهمةٌ، ذاتُ مقامٍ رفيعٍ، وشأنٍ عظيمٍ بديعٍ، تُناشِد الأمةَ دونَ الانحدارِ، تلكم -أيها الأحبة الكرام- هي قضية الفتوى، والتوقيع عن ربِّ العالمينَ عبرَ القنوات، ووسائل الاتصال الحديثة والتقانات.
إخوةَ الإيمانِ: للفتوى في شريعتنا الغَرَّاء، مكانة سامِقة سَمِيَّة، ومنزلة شريفة عَلِيَّة، بها تستبين مَعالِمُ الدينِ، وتنجلي مبهماتُ الأحكام عن المستفتينَ، ويتلقَّى المسلمون أحكامَ ربِّ العالمينَ، وهي فرضُ كفايةٍ، إذا قام به بعضُ المسلمين سقَط عن الباقي؛ حتى لا تخْلُوَ الأمةُ من قائم لله بحجته بالإفتاء والبيان، والدليل والبرهان؛ (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ)[النَّحْلِ: 43-44]، ذاك هو الأصل في حُكمِها، ولعظيم شأنها تولَّاها ربُّ العالمينَ فقال سبحانه: (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ)[النِّسَاءِ: 127]، وقال جل وعلا: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ)[النِّسَاءِ: 176]، وكان أولَ مَنْ نالَ شرفَ الإفتاء، والتوقيعِ عن رب العالَمين، فَرَقَى بالإفتاء الذِّروةَ والمنتهى، الحبيبُ المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، فعلَّم الصحابةَ آدابَها وأحكامَها، ثم تولَّى زمامَ ذلك بعدَه صحابتُه الأطهارُ، وأهل العلم من السلف الأبرار، والتابعين الأخيار -رضي الله عنهم- وأرضاهم-، ولمعرفتهم بمكانتها وخطورتها كانوا يتهيَّبون الإفتاءَ، فَمَا منهم مِنْ أحدٍ يُستفتى عن شيء إلَّا وَدَّ أَنَّ أخاه كَفَاهُ الفُتْيَا، كما أُثِرَ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى -رحمه الله-، وقال الإمام أحمد -رحمه الله-: "من عرض نفسه للفتيا فقد عرضها لأمر عظيم"، ويقول بشر الحافي: "من أحب أن يسأل فليس بأهل أن يسأل"، وقال ابن الصلاح -رحمه الله-: "هاب الفُتيا مَنْ هابَها من أكابر العلماء العاملينَ، وأفاضلِ السالفينَ والخالفينَ، وكان أحدُهم لا تمنعه شهرتُه بالأمانة، واضطلاعُه بمعرفة المعضِلات في اعتقاد مَنْ يسأله من العامَّة، مِنْ أَنْ يدفعَ بالجواب، أو يقول: لا أدري، أو يؤخر الجواب إلى حين يدري".
الله أكبر، يا مسرعين إلى الفتاوى *** هَوِّنُوا فَلَرُبَّ فتوى أهلكَتْ مَنْ قالَها
وَلَرُبَّ فتوى شكَّكَتْ مُتدِّينًا *** فِيمَا لَدَيْهِ وأَحدَثَتْ زِلزَالَها
أيها المؤمنون: الحاجةُ إلى الفتوى قائمةٌ إلى قيام الساعة، لا يخبو نورُها، ولا تَتَغَوَّرُ بُحُورُها، والحاجةُ لها في هذا العصر الهائج بالمُتغيرات، المصطَخِب بالتحوُّلات، العاجِّ بالمخترَعات والتقانات والفضائيات، والشبكات والقنوات، التي أحالَتْ أقطارَ المعمورة المتنائية، إلى قُرًى مُتَسَامِتَةٍ مترائية، آكَدُ وألزَمُ، وأوجبُ وأحْتَمُ، إلا أنَّ الغيور ما أكثرَ ما يَرَى مِنْ أشباهِ المفتينَ، وأنصافِ المتعالِمِينَ، الذين يتجاسَرُون -وبجرأة عجيبة- على مَقام التَّحليل والتحريم، ممن يمدون للإفتاء باعًا قصيرة، دون علم وبصيرة، وإنكَ لَواجِدٌ في ساحات الفتوى وحلائب العلوم والمعارف من ذلك العجب العجاب، والله المستعان.
تَشكُو الفتاوى في زمانكَ حالَها *** مِنْ بعد ما سلَب الفضاءُ جَمالَها
صَارَتْ مبلبلةَ الفؤادِ، أتشتكي *** عُلماءها؟ أم تشتكي جُهَّالها؟!
مَعاشِرَ المسلمينَ: إنَّ من أوجبِ الواجباتِ أن يقوم بهذا العمل المؤهَّلون دون المتعالِمِينَ، والأُصَلاءُ دونَ الدُخَلاءِ؛ حِفظًا لدِين الأمة، وتوحيدًا لكلمتها، وضبطًا لمسالكها ومناهجها؛ وقَصْرُ فتاوى القضايا المهِمَّات، والنوازل والْمُلِمَّات على ولاة الأمور، ومَنْ في حُكْمِهم من العلماء الموثوقين، والجهات المخوَّلة، كهيئات كبار العلماء، والمجامع الفقهيَّة والهيئات الشرعيَّة، كي تُحْكَمَ الأحكامُ، وتُزَمَّ أمورُ المسلمينَ والإسلامِ، قال الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله-: "الإمامُ والحاكمُ إذا نزلَتْ به نازلةٌ لا أصلَ لها في الكتاب ولا في السُّنة، عليه أن يَجمَع العلماءَ وذوي الرأي، ويُشاوِرَهم".
ومن الضوابط المهمة للفتاوى في عصر التِّقانة، التي تُذَاعُ على عالَمٍ مفتوحٍ، لا يُفرِّق بين المِلَلِ والمذاهب، والفِرَقِ والمشارب، والثقافات والأفكار، ألَّا يتولَّاها إلا الأَكْفَاء، تحت مظلة موثوقة، فلا تؤخذ من المجاهيل، والمواقع المشبوهة.
وممَّا ينبغي العنايةُ به معرفةُ آداب الإفتاء والاستفتاء، فإنَّ للمفتي آدابًا وأخلاقًا تُجَمِّل منصبَه، وتُكمِّل منزلتَه، وتستميل قلوبَ السَّائلينَ وأبصارَهم بما يليق بجلال الإفتاء ومكانته، ومن أهمها صلاحُ النِّيَّة وصِدْقُ الطوية، واللجوء إلى رَبِّ البَرية، وأن يُوافِقَ قولُهُ فعلَه، وأنْ يكونَ الحقُّ رائدَه، والنصُّ دَلِيلَهُ ومُرْشِدَه، حَسَنَ الاستماع، جيِّدَ الملحَظِ والاستنباط، مستفسِرًا لِمَا يحتاج استفسارًا، سالكا مسلك التيسير ورفع الحرج، واعتبار المآلات، والأخذ بالمصالح، ودرء المفاسد، وعلى المستفتي أن يتحرَّى في سؤاله المفتي التقِيّ الورِع الثقة، وأن يُوَقِّره ويحترمه ويُجِلَّه، ولا يسأل عن المسائل الشاذَّة والغريبة، ولا يُلِحَّ في تطلُّب الجواب، ولا يسأله في حال ضجره، أو هَمِّه أو شغله، أو غير ذلك ممَّا يَشغَل قلبَه وفِكرَه، وأَنْ يحرص على الإيجاز والاختصار، مع الوضوح والبيان، ويدعو للمفتي في حُضُورِه وغَيبتِه، ولا يُواجِهَه بما يَكرَه من الألحاظ أو الألفاظ.
أُمَّةَ الإسلامِ: وهنا دعوة موجَّهة لعلماء الأمة؛ للحِفَاظ على هُوِيَّة الأمة الإسلاميَّة، ووحدتها، ووسطيتها، واعتدالها، وتعاهُدِها بالتفقيه والتوعية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتصدي للشبهات المُضِلَّة والدعوات المغرضة، وفوضى الإفتاء عبرَ الوسائل الحديثة، ومواقع التواصُل المختلفة، وتقوية التواصُل مع شباب الأمة؛ لتعزيز نَهْج الوسطيَّة بينَهم، وتحذيرِهم من التفرُّق والتحزُّب والتعصب والمذهبية والطائفية والكراهية، وتحقيق القدوة الصالحة لهم، والاجتماع على القضايا الكليَّة، ومنظومة الأخلاق والقِيَم الكبرى، والتحلِّي بآداب الخلاف؛ صونًا لمصالح الأُمَّة العُليا، خاصةً في زمن الانفتاح العالميّ، بفضائياته وإعلامه وتِقَانَاتِه، وتعزيز دور الفتوى في حفظ الأمن والاستقرار، ومكافحة التطرف والعنف والإرهاب والانحلال، ولزوم الجماعة والإمامة، وإحلال السلام والتسامح.
وإنه لَيجدُر بأبناء الأمة أن يُرَاعُوا للعلماء وأهل الفتوى حقَّهم، ويعرفوا لهم فضلَهم، ويرفعوا مكانتهم، ومِنْ حقِّ أهلِ العلمِ الرجوعُ إليهم والصدورُ عنهم، خاصةً في النوازل والمستجِدَّات، وعندَ حصولِ الفتنِ والنوازلِ العامةِ، ووضعُ الثقةِ بهم؛ فهم أهل الدراية، لاسيما عندما تشتَبِه الأمورُ، وتلتبِس الحقائقُ، ويكثُر الخلط والتشويشُ، حينئذ تُعْطَى القوسُ بَارِيها؛ ليقول أهلُ العلم قولتَهم، والناسُ لهم تَبَعٌ. يقول الحسن البصريّ -رحمه الله-: "الفتنة إذا أقبَلَت عرَفَها كلُّ عالِم، وإذا أدبرَتْ عرَفَها كلُّ جاهلٍ"؛ (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا)[النِّسَاءِ: 83].
نفعني اللهُ وإيَّاكم بمُحكم كتابه، وهَدْيِ خطابه، وجنَّبَنا فتنة القول والعمل، ومسالك التعالم والزلل، أو أن نقولَ عليه ما ليس لنا به عِلمٌ، أو نتقحَّمَ في شَرعِه ما ليس عندَنا فيه فهمٌ، إنَّه جوادٌ كريمٌ.
أقول قُولِي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل الذنوب والخطيئات، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفور رحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ولي التوفيق لأقوم سَنَن، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، أخشى البرية في السِّرّ والعَلَن، صلَّى اللهُ وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبه، منابع الفضل وكل بالمدح قمن، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ، ما غردت ورقاء بفنن.
أما بعدُ: فاتقوا الله -عباد الله-، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بالجماعة، فإن يد الله مع الجماعة، واحذروا زور القول ودخله، ومنكر الرأي وخطله، واتبعوا صالح الفعل ومثله، تفلحوا وتفوزوا، وللخيرات تغنموا وتحوزوا.
إخوة الإسلام: وفي لُجَجِ احتدامِ العالَمِ واضطرابه، وتخلخُل أركانِ فِكره واحترابه، وفي عصر الثورة التقانيَّة، وأوْجِ الحضارةِ والمدنيةِ، يُشادُ بالحدَثِ العلميِّ المهمِّ؛ المتمثِّل بإقامة الندوة العِلميَّة الكبرى: "الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرُها في التيسير على قاصديهما"، تأكيدًا على عناية ولاة الأمر، في هذه البلاد المبارَكة بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، حِسًّا ومَعْنًى.
وقد أُثْلجت صدورُ المؤمنين، وقَرَّتْ أعينُ الغيورينَ، بمخرَجاتها المهمة بوثيقة الحرمين الشريفين، في الفتوى الصادرة عن هذه الندوة المبارَكة التي تُعدّ نبراسًا ومنهاجًا يُحتَذى؛ حيث عزَّزَت مكانة الفتوى، وأصَّلَت منهجَها، وأبَانَتِ التزامَ بلاد الحرمين الشريفين منهجَ الوسطية والاعتدال، في شتَّى المجالات؛ وخصوصًا في الفتوى، وعنايتها ببناء المُفْتِينَ، وحرصها على استثمار التِّقَانة، والتحوُّل الرَّقْمِيّ والذكاء الاصطناعيّ؛ لإيصال رسالة الحرمين الشريفين، العِلميَّة، والدعويَّة، والتوجيهية، والإرشاديَّة، وَفْقَ منهجِ الاعتدالِ والوسطيةِ، بمختلف اللغات العالميَّة؛ للتسهيل والتيسير على قاصِدِي بيت الله الحرام، وزائري مسجد رسوله المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، من الحجاج والمعتمرين والزائرين.
فجزى اللهُ قادةَ وعلماءَ هذه البلاد المباركة؛ منارةِ التوحيدِ والعقيدةِ، ومأرِزِ الإيمانِ، ورائدةِ الاعتدالِ والوسطيةِ خيرَ الجزاءِ وأوفاه، وسائر العاملين، وجميع المسلمين، إن ربي خير مسؤول، وأكرم مأمول.
هذا وصلُّوا وسلِّموا -رحمكم الله- على المصطفى من ولد عدنان، من أتى بأنفع العلم والتبيان، على مر الدهور والأزمان، كما أمركم المولى في محكم القرآن، فقال تعالى قولًا كريمًا، وهو الأصدق قيلا، قولًا عظيم البرهان تنزيلا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى اللهُ عليه بها عشرًا".
فصلِّ يا ربِّ على المبارَك *** محمدٍ وآلِهِ وبارِكِ
وصَحبِهِ والتابعين النُّبَلَا *** ومَنْ قَفَى آثارَهُم وَوَصَلَا
وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون؛ وعن سائر الصحابة والتابعين، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتكَ يا أرحمَ الراحمينَ.
اللهم أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأعلِ بفضلكَ كلمةَ الحق والدين، اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين، اللهم وَفِّقْه لِمَا تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه وولي عهده إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، وإلى ما فيه الخير للإسلام والمسلمين، اللهم وفقهم للبطانة الصالحة، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ على هذه البلاد عقيدتها، وقيادتها، وأمنها، ورخاءها واستقرارها، وسائرَ بلاد المسلمين، اللهم اجعلها دائمًا حائزة على الخيرات والبركات، سالمة من الشرور والآفات، اللهم اصرف عَنَّا شر الأشرار وكيد الفجار، وشرَّ طوارق الليل والنهار، رُدَّ عَنَّا كيدَ الكائدين، وعدوانَ المعتدين، ومكرَ الماكرين، وحقدَ الحاقدينَ، وحسدَ الحاسدينَ، حسبنا الله ونعم الوكيل.
حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلتُ وهو ربُّ العرش العظيم، لا إله إلا أنتَ برحمتكَ نستغيث، فلا تَكِلْنا إلى أنفسنا طرفةَ عينٍ، وأصلِح لنا شأنَنا كلَّه، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، وألف ذات بينهم، وأصلح قلوبهم وأعمالهم، واجمعهم يا حي يا قيوم على العطاء والسنة، يا ذا العطاء والفضل والمنة.
اللهم انصر جنودنا، ورجال أمننا، المرابطين على ثغورنا وحدودنا، اللهم تقبل شهداءهم، اللهم اشف مرضاهم، وعاف جرحاهم، وردهم سالمين غانمين.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[الْبَقَرَةِ: 127]، (وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[الْبَقَرَةِ: 128]، واغفر لنا ولوالدينا ووالديهم، والمسلمين والمسلمات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصَّافَّاتِ: 180-182].
التعليقات