تعظيم قدر الصلاة

خالد بن عبدالله الشايع

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: الصلاة
عناصر الخطبة
1/أهمية الصلاة وعظم شأنها 2/مظاهر اهتمام نبينا -عليه الصلاة والسلام- بالصلاة 3/اهتمام الأنبياء والرسل بالصلاة 4/أسئلة لمحاسبة النفس في شأن الصلاة

اقتباس

انظر لمن ذهب لعمل له في زحمة الطريق, ثم أذن المؤذن للصلاة, كيف يتصرف؟, انظر للمعظم لأمر الصلاة, تجده مباشرة يبحث عن أقرب مسجد ويستعد لها مبكرا, والآخر يقول: بقي وقت على الإقامة, سأقف بعد قليل, حتى تنقضي الصلاة ولم يقف...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الحمد لله رب العالمين...

 

أما بعد:

 

فيا أيها الناس: لقد شرع الله الشرائع, وحد الحدود, وبين الملة أكمل بيان, وفاضل بين العبادات, فجعل منها أركانا, وجعل منها واجبات, وجعل منها مستحبات, وحرم أعمالا وأقوالا, جعل منها كفرا, ومنها كبائر الذنوب, ومنها محرمات, ومنها مكروهات, وحث  على معالي الأمور ونهى عن سفسافها.

 

وإن من معالي الأمور, وهي من العبادات الجليلة التي فرضها الله, فجعلها ركنا من أركان الإسلام؛ بل جعلها شعار الإسلام, فلا حظ في الإسلام لمن تركها, إنها الصلاة عمود الدين, والفارق بين الإسلام والكفر, لقد عظم الله شأنها؛ ففرضها من فوق سبع سمواته, مشافهة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-, ولم يرسل بها جبريل؛ بيانا لعظيم شأنها, وكانت من أوائل الأعمال المفروضة على الناس, فرضت عليهم وهم بمكة قبل الهجرة.

 

ولقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- عظيم شأن الصلاة قولا وفعلا, وحث عليها, وعلى المحافظة عليها؛ بل تابع أصحابه في أدائها, وكان يتفقدهم في الصلاة فيقول: "أَشَاهِدٌ فُلاَنٌ", "أَشَاهِدٌ فُلاَنٌ", فكانت الصلاة هي ملتقى الأتقياء والأصحاب, وراحة البال من عناء الدنيا, ومكفرة الذنوب من أخلاط الدنيا التي تعلق بالعبد إذا انغمس فيها.

 

فكانت الصلاة الراحة, وقرة العين للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه, أخرج الترمذي في سننه من حديث أنس, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "حُبِّب إليَّ من دنياكم الطيب والنساء، وجعلت قرَّة عيني في الصلاة", أخرج أبو داود في سننه من حديث حذيفة قال: "كان -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة".

 

وكان يقول: "أرحنا بها يا بلال", ومصداق ذلك, انظر كيف يصلي بالليل؟! كيف كان مقدار صلاته, قراءة وركوعا وسجودا؟! تعلم يقينا معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "جعلت قرة عيني في الصلاة".

 

ثم انظر للأنبياء -عليهم السلام- من قبله, كيف كانت اهتمامهم بالصلاة؟! فإبراهيم -عليه السلام- يدعو: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ)[إبراهيم: 37]؛ فالغاية الأولى هي إقامة الصلاة!, ويقول بعدها: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ)[إبراهيم: 40].

 

 والله -تعالى- يمدح بها إسماعيل -عليه السلام-: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)[مريم: 54، 55].

 

وموسى -عليه السلام- يؤمَر بها في اللِّقاء الأوَّل: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)[طه: 14].

 

والمسيح -عليه السلام- ينطق بها في مَهْدِه: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا)[مريم: 30، 31].

 

ولقمان يجعلها في مقدِّمة ما يوصي به ابنَه: (يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)[لقمان: 17].

 

عباد الله: لا شك أن عبادة بهذه المثابة, تحتاج منا إلى مزيد عناية واهتمام, ربنا اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا, ربنا وتقبل دعاء.

 

أقول قولي هذا, واستغفر الله لي ولكم, إنه غفور رحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله...

 

أما بعد:

 

فيا أيها الناس: سمعنا في الخطبة الأولى ذلك الفضل العظيم الذي جعله الله للصلاة, وكيف اهتم بها أنبياء الله؟ وإنني أدعو نفسي وإخواني إلى محاسبة النفس في اهتمامنا بالصلاة, وكيفية أدائها, هل هي على السنة؟, هل فعلا أصبحت قرة عين لنا؟, هل هي مفزعنا عند اشتداد الخطوب؟.

 

للأسف؛ إن الملاحظ أن كثيرا منا لديه تقصير شديد في الصلاة والعناية بها؛ بل هي حمل ثقيل على البعض -والعياذ بالله-.

 

ولعلي أضرب أمثلة تقع منا, تدل على قلة الاهتمام بالصلاة, فانظر إلى الذين يسهرون في الليل سهرا مفرطا, ثم ينامون عن صلاة الفجر, هل عظموا الصلاة؟, هل الصلاة عندهم أكبر أم الدنيا وشهواتها؟.

 

وانظر لمن ذهب لعمل له في زحمة الطريق, ثم أذن المؤذن للصلاة, كيف يتصرف؟, انظر للمعظم لأمر الصلاة, تجده مباشرة يبحث عن أقرب مسجد ويستعد لها مبكرا, والآخر يقول: بقي وقت على الإقامة, سأقف بعد قليل, حتى تنقضي الصلاة ولم يقف, هل عظم هذا الصلاة أم ضيعها؟.

 

ولتعلم عظيم قدر الصلاة في قلبك, انظر إلى انتظارك لها, هل قلبك معلق بالصلاة, تترقب الوقت كل دقيقة؟ ,هل أنت تستعد لها مبكرا مع الأذان؟, هل تحسن الوضوء لها؟ هل تحافظ على سنن الصلاة؟.

 

ثم لنعرف قدر الصلاة في قلوبنا, سل نفسك: هل إذا صليت صلاة, صليتها وخشعت فيها ودمعت عينك فيها؟, ومتى كان ذلك؟, هل أنت ممن ينظر إلى الصلاة وأنها مقابلة بين العبد وربه؟, هل تحافظ على الأذكار البعدية للصلاة؟, ماذا يعني لك المسجد الذي تقام فيه الصلاة؟, هل هو مكان خلوتك, وطمأنينة نفسك, وأداء عبادتك؟.

 

معاشر المؤمنين: كم نحن بحاجة لوقفة محاسبة مع النفس تجاه الصلاة, لابد من ترتيب الأوراق, فالصلاة شأنها عظيم, فمن حافظ عليها؛ كانت له نورا ونجاة وبرهانا يوم القيامة.

 

اللهم اجعلنا من أهل الصلاة المحافظين عليها القائمين بحقوقها.

 

المرفقات
C88hYy5VgnqQGfTXDuzTq4C447hAOuaHPYx0mdBt.doc
amNUJiK9UK5X2Wcu6Aq3iE3wcxTAUeYl36WIXwLa.pdf
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life