عناصر الخطبة
1/قصة ابن عمر والراعي دروس وعبر 2/صور من عظمة الله 3/ تعظيم الله تعالى بين الإنسان والجماداتاقتباس
إِنَّ زَمَانَنَا هَذَا، قَدْ كَثُرَتْ فِيهِ الْأَشْغَالُ، وَتَغَيَّرَتْ فِيهِ الْأَحْوَالُ، وَانْبَهَرَ النَّاسُ بِمَا صَنَعُوا مِنَ اكْتِشَافَاتٍ، وَنَسُوا عِبَادَةً مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ؛ وَهِيَ التَّفَكُّرُ فِيمَا أَبْدَعَ اللَّهُ مِنْ مَخْلُوقَاتٍ، فَنَقَصَ تَعْظِيمُ اللَّهِ -تَعَالَى- فِي الْخَلَوَاتِ...
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، وَلَهُ النِّعْمَةُ وَالْفَضْلُ، وَلَهُ الْمُلْكُ وَالْحَمْدُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ وَالْمَجْدُ، أَوَّلُ لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ، وَآخِرُ لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، ظَاهِرٌ لَيْسَ فَوْقَهُ شَيْءٌ، بَاطِنٌ لَيْسَ دُونَهُ شَيْءٌ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْدُ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102].
قَالَ نَافِعٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ، وَوَضَعُوا السُّفْرَةَ لَهُ، فَمَرَّ بِهِمْ رَاعِي غَنَمٍ فَسَلَّمَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَلُمَّ يَا رَاعِي، فَأَصِبْ مِنْ هَذِهِ السُّفْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَتَصُومُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الْحَارِّ الشَّدِيدِ سَمُومُهُ، وَأَنْتَ فِي هَذِهِ الْحَالِ تَرْعَى هَذِهِ الْغَنَمَ؟، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي أُبَادِرُ أَيَّامِي هَذِهِ الْخَالِيَةَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْتَبِرَ وَرَعَهُ: فَهَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ فَنُعْطِيَكَ ثَمَنَهَا وَنُعْطِيَكَ مِنْ لَحْمِهَا مَا تُفْطِرُ عَلَيْهِ؟، قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِي بِغَنَمٍ، إِنَّهَا غَنَمُ سَيِّدِي، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا يَفْعَلُ سَيِّدُكَ إِذَا فَقَدَهَا؟، فَوَلَّى الرَّاعِي عَنْهُ، وَهُوَ رَافِعٌ أُصْبُعَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَهُوَ يَقُولُ: فَأَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُرَدِّدُ قَوْلَ الرَّاعِي، يَقُولُ: قَالَ الرَّاعِي: فَأَيْنَ اللَّهُ؟، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَ إِلَى مَوْلَاهُ، فَاشْتَرَى مِنْهُ الْغَنَمَ وَالرَّاعِيَ، فَأَعْتَقَ الرَّاعِيَ، وَوَهَبَ لَهُ الْغَنَمَ.
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا الرَّاعِي الْبَسِيطِ، وَبَيْنَ مَنْ يَتَهَاوَنُ فِي الْمَعْصِيَةِ، هُوَ مِقْدَارُ مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ، وَلَعَلَّ الْبِيئَةَ الصَّحْرَاوِيَّةَ الَّتِي يَعِيشُ فِيهَا هَيَّأَتْ لَهُ فُرْصَةَ التَّفَكُّرِ فِي خَلْقِ اللَّهِ -تَعَالَى-، وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ تَعْظِيمِ الرَّبِّ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي الْقُلُوبِ؛ (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[آلِ عِمْرَانَ: 190-191]، فَأَيْنَ تَعْظِيمُ اللَّهِ فِي نُفُوسِنَا؟، أَيْنَ دُمُوعُ الْخَشْيَةِ عَنْ عُيُونِنَا؟، أَيْنَ أَثَرُ الْمَوَاعِظِ عَلَى قُلُوبِنَا؟، لِمَاذَا نَرَى فِي أَنْفُسِنَا غَفْلَةً عَنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ؟، لِمَاذَا هَذَا الْإِعْرَاضُ عَنِ الطَّاعَاتِ؟، وَلِمَاذَا هَذَا الْكَسَلُ عَنِ الْعِبَادَاتِ؟.
إِنَّ زَمَانَنَا هَذَا، قَدْ كَثُرَتْ فِيهِ الْأَشْغَالُ، وَتَغَيَّرَتْ فِيهِ الْأَحْوَالُ، وَانْبَهَرَ النَّاسُ بِمَا صَنَعُوا مِنَ اكْتِشَافَاتٍ، وَنَسُوا عِبَادَةً مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ؛ وَهِيَ التَّفَكُّرُ فِيمَا أَبْدَعَ اللَّهُ مِنْ مَخْلُوقَاتٍ، فَنَقَصَ تَعْظِيمُ اللَّهِ -تَعَالَى- فِي الْخَلَوَاتِ.
اسْأَلْ نَفْسَكَ.. مَنْ خَلَقَ تِلْكَ السَّمَاوَاتِ الشِّدَادَ؟، وَمَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ مَبْسُوطَةً كَالْمِهَادِ؟، وَمَنْ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا، فَأَخْرَجَ بِهِ أَشْجَارًا وَفَوَاكِهَ وَزُهُورًا؟، فَالْمَاءُ وَاحِدٌ، وَالتُّرَابُ وَاحِدٌ، وَتَخْتَلِفُ الْأَصْنَافُ لَوْنًا وَحَجْمًا، وَرَائِحَةً وَطَعْمًا، (أَمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[النَّمْلِ: 60-61].
مَنْ يُجِيبُ الدَّعَوَاتِ؟، وَمَنْ يَكْشِفُ الْكُرُبَاتِ؟، وَمَنْ يَعُوذُ بِهِ الْمَذْعُورُ؟، وَمَنْ يَلُوذُ بِهِ الْحَائِرُ؟، (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمْ مَنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)[النَّمْلِ: 62-63].
مَنْ خَلَقَ الْكَائِنَاتِ مِنَ الْعَدَمِ؟.. وَمَنْ يُعِيدُهَا لِيَوْمٍ لَا يَنْفَعُ فِيهِ النَّدَمُ؟.. مَنْ يَرْزُقُ الْجَنِينَ فِي ثَلَاثِ ظُلُمَاتٍ؟.. وَمَنْ يَعْلَمُ غَيْبَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ؟.. (أَمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ * بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ)[النَّمْلِ: 64-66].
عَلِمَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ قُدْرَتَهُ، وَامْتَلَأَتْ فِي أَرْجَائِهِمَا عَظَمَتُهُ، فَجَاءَهُمَا الْأَمْرُ بِالْإِتْيَانِ، فَاسْتَجَابَا مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ وَلَا عِصْيَانٍ، (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)[فُصِّلَتْ: 11].
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِمَا مِنَ الْآيَاتِ وَالْحِكْمَةِ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ، يَغْفِرُ ذَنْبًا وَيُفَرِّجُ كَرْبًا، وَيَفُكُّ عَانِيًا، وَيَنْصُرُ ضَعِيفًا، وَيُغْنِي فَقِيرًا، وَيُمِيتُ وَيُحْيِي، وَيُسْعِدُ وَيُشْقِي، وَيُضِلُّ وَيَهْدِي، وَيُعِزُّ أَقْوَامًا وَيُذِلُّ آخَرِينَ، وَيَرْفَعُ أَقْوَامًا وَيَضَعُ آخَرِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَيْرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:
يَا أَهْلَ الْإِيمَانِ: لَا يَنْبَغِي لِجَمَادَاتٍ أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ تَعْظِيمًا لِلَّهِ -تَعَالَى- مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَهَذِهِ كَلِمَةٌ قَالَهَا أَهْلُ الْكُفْرِ كَذِبًا وَبُهْتَانًا وَاغْتِرَارًا، كَانَ لَهَا الْأَثَرُ الْعَظِيمُ عَلَى الْمَخْلُوقَاتِ غَضَبًا وَتَسْبِيحًا وَاعْتِذَارًا؛ (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا)[مَرْيَمَ: 88-93].
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ: "اقْشَعَرَّتِ الْجِبَالُ وَمَا فِيهَا مِنَ الْأَشْجَارِ، وَالْبِحَارُ وَمَا فِيهَا مِنَ الْحِيتَانِ، وَفَزِعَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَجَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ. وَكَادَتْ أَنْ تَزُولَ، وَغَضِبَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَاسْتَعَرَتْ جَهَنَّمُ، حِينَ قَالُوا: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا".
وَالْعَجِيبُ.. أَنَّ هُنَاكَ مَنْ لَمْ يُعَظِّمِ اللَّهَ -تَعَالَى- حَقَّ التَّعْظِيمِ.. فَخَاطَبَهُمْ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)[الزُّمَرِ: 67]. قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَذِهِ الْآيَةَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ هَكَذَا بِيَدِهِ، يُحَرِّكُهَا يُقْبِلُ بِهَا وَيُدْبِرُ: "يُمَجِّدُ الرَّبُّ نَفْسَهُ، يَقُولُ: أَنَا الْجَبَّارُ، أَنَا الْمُتَكَبِّرُ، أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْعَزِيزُ، أَنَا الْكَرِيمُ".
فَيَا عَبْدَ اللَّهِ: إِذَا أَحْسَسْتَ بِضَعْفٍ فِي تَعْظِيمِكَ لِلَّهِ -تَعَالَى-، فَتَأَمَّلْ فِي مَخْلُوقَاتِهِ الْكَثِيرَةِ، وَنِعَمِهِ الْوَفِيرَةِ، ثُمَّ انْظُرْ إِلَى عَمَلِكَ، فِي يَوْمِكَ وَلَيْلَتِكَ، فَإِنْ كَانَ فِي طَاعَةِ الْكَرِيمِ، فَاثْبُتْ، فَإِنَّ هَذِهِ هِيَ ثَمَرَةُ التَّعْظِيمِ.
اللَّهُمَّ هَبْنَا اسْتِشْعَارَ جَلَالِكَ وَعَظَمَتِكَ... وَقُدْرَتِكَ وَعِزَّتِكَ... وَهَبْنَا إِدْرَاكَ ضَعْفِنَا وَعَجْزِنَا وَفَقْرِنَا إِلَيْكَ... وَاسْتِغْنَائِكَ عَنَّا، وَحَاجَتِنَا إِلَيْكَ...
اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَطَايَانَا كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنَا مِنْ خَطَايَانَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنَا مِنْ خَطَايَانَا بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا، رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا، رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ، وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا، أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.
وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى الرَّحْمَةِ الْمُهْدَاةِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ، وَشَفِيعِ النَّاسِ يَوْمَ الدِّينِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.
عِبَادَ اللَّهِ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]...
التعليقات