عناصر الخطبة
1/ تذكرة ووصايا للمعلمين 2/ ربط التعليم بالدعوةاهداف الخطبة
اقتباس
وتدور الأيام دورتها، ويعود غدا أبناؤنا وبناتنا إلى مقاعد الدراسة ليبدؤوا عاماً دراسيا جديداً، فأسأل الله -عز وجل- أن يجعل هذا العام الدراسي عام خير ورشد عليهم، وأن يوفقهم فيه لما يحبه ويرضاه، وبهذه المناسبة -عباد الله- أحب أن أوجه كلمة لمعشر المعلمين والمعلمات، ومعشر المتعلمين والمتعلمات، فهم -وغيرهم- بحاجة إلى التوجيه والإرشاد، والتنبيه والتذكير.
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي أنزل القرآن، وخلق الإنسان، علمه البيان، أحمده -سبحانه- وأشكره باللسان والقلب والأركان.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تبلغ شاهدها الخلود في روضات الجنان، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله سيد أهل البلاغة واللسان، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه الذين نصروه فكانوا له نعم الأنصار والأعوان، وعلى من اهتدى بهديه وعمل بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- حق التقوى واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
يا عبد الله:
خذ من شبابك قبل الموت والهرم *** وبادر التوب قبل الفوت والندم
واعلم بأنك مُجزيٌّ ومرتهن *** وراقب الله واحذر زلة القدم
فليس بعد حلول الموت معتبة *** إلا الرجاء وعفو الله ذي الكرم
عباد الله: وتدور الأيام دورتها، ويعود غدا أبناؤنا وبناتنا إلى مقاعد الدراسة ليبدؤوا عاماً دراسيا جديداً، فأسأل الله -عز وجل- أن يجعل هذا العام الدراسي عام خير ورشد عليهم، وأن يوفقهم فيه لما يحبه ويرضاه، وبهذه المناسبة -عباد الله- أحب أن أوجه كلمة لمعشر المعلمين والمعلمات، ومعشر المتعلمين والمتعلمات، فهم -وغيرهم- بحاجة إلى التوجيه والإرشاد، والتنبيه والتذكير.
إنكم -معشر المعلمين والمعلمات- قد تبوأتم مسؤولية عظيمة في حياتكم، وهي تربية الأجيال الناشئة من بنين وبنات، وسلم الآباء والأمهات فلذات أكبادهم لكم لتعلموهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم وتربوهم تربية صالحة مستقيمة، حتى يكونوا نشئاً صالحا ونافعا، فاعلموا علم اليقين أنكم قدوة لهم في أخلاقكم وأفعالكم وأحوالكم، وهم يقتدون بكم أكثر مما يقتدون بآبائهم وأمهاتهم، ويأخذون منكم أكثر مما يأخذون من آبائهم وأمهاتهم؛ بل إن الابن قد يتقمص شخصية معلمه حتى يكون صورة له، والبنت تتقمص شخصية معلمتها حتى تكون صورة لها.
والمدرسة هي المقر الثالث للولد مع البيت والمجتمع، فللمدرسة تأثير كبير على الأبناء والبنات في الأخلاق والمعاملة والعبادة والاعتقاد؛ لذا أوصي إخواني المعلمين وأخواتي المعلمات بتقوى الله -عز وجل- في هذه الرسالة العظيمة وهذا العمل الجليل، وهذه المسؤولية الكبيرة، ليؤدوها بإخلاص ونصح، وبقوة وأمانة، فقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يبايعون الرسول -صلى الله عليه وسلم- على النصح لكل مسلم.
ففي الحديث الصحيح عن جابر -رضي الله عنه وأرضاه- أنه قال: "بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم"، والمتعلمون والمتعلمات من أولى المسلمين بالنصح والرعاية، لا يكن همّ المعلم والمعلمة الحصول على المرتب الذي يدفع له آخر الشهر وإن كان ضروريا وأمرا حيوياً في أداء هذه الرسالة ورعاية هذه المسؤولية، فهو حاصل عليه سواء أخلص ونصح في التعليم أو لم يخلص وينصح.
أما الثواب الأخروي فعلمه إلى الله، وهو الذي يجب على المسلم أن يهتم له، ويحرص على بلوغه ونيله بفعل أسباب نيله، وتجنب أسباب منعه أو رفعه.
على أن للإخلاص والنصح في التعليم أثراً على المعلم في أداء رسالة التعليم على الوجه الأكمل والأحسن: حسن تحضير للمادة، وحرص على إيصال المعلومات إلى عقول المتعلمين، وعدم تفريق بين متعلم ومتعلم، بل جميع المتعلمين عنده سواء، لا فرق بين متعلم ولي أمره وجيه أو ثري أو فقير وضيع، همه إصلاح المتعلم وإفادته وتوجيهه، وملاحظة المتعلم الذي يعيش واقعاً أسرياً مفككاً بما يجعله يتعلم العلم بلا تشتت فكر وذهول عقل، وعندما يلمس المتعلمون هذا النصح والإخلاص في المعلم، فإن نصيبه منهم هو الاحترام والتقدير داخل المدرسة وخارجها.
والتعليم في الحقيقة دعوة إلى الله -عز وجل-، والدعوة إلى الله عبادة، والعبادة لا بد فيها من مراعاة الإخلاص لله -عز وجل- والمتابعة للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، حتى تؤدي على الوجه الأكمل، والمعلم رائدٌ في هذا المجال، وقدوة في هذا السبيل، فهو محتاج إلى تقوى الله ومراقبته حاجة شديدة؛ لأن له تصرفاً وإدارة وحكماً وإشرافاً.
ولهذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام من بعده يوصون كل من تقلد عملاً ذا ريادة وسلطة بتقوى الله -عز وجل-، يَعلمه من اطلع على سيرتهم وسبر أحوالهم.
وأوصى المعلمين والمعلمات -أيضاً- بالصبر على هذه المهمة وهذه المسؤولية، والاستعانة بالله -عز وجل- فيها وبطاعته، كما قال -تعالى-: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة:5]، وقال -سبحانه-: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) [البقرة:45]، فإنهم سيواجهون في هذه المهمة بعض الصعوبات، ويلاقون بعض المتاعب، وقد يتعرضون لشيء من الأذى من سفهاء المتعلمين والمتعلمات، فليتحلوا بالصبر والحلم، ومعالجة العوائق والمتاعب بهما وبالوسائل المشروعة المتاحة.
كما أوصيهم بأن يكونوا قدوة للمتعلمين في عباداتهم ومعاملاتهم وأخلاقهم ومظهرهم، فليحرصوا على عبادة الله -عز وجل- وطاعته، في السر والعلن، ويسعوا إلى أن تكون معاملتهم لأهليهم وغيرهم معاملة حسنة، وأن تكون أخلاقهم أخلاقاً فاضلة، وأن يكون مظهرهم مظهراً جميلاً وحسناً، فإن الله -عز وجل- جميل يحب الجمال.
وختاماً، أقول للمعلمين والمعلمات: إن المسؤولية عظيمة، والدور كبير، والغاية جليلة، فليحرصوا على ذلك حرصاً شديداً، وليؤدوا الأمانة كما ائتمنوا عليها، فإن الله سائل المعلم والمعلمة عن المتعلمين والمتعلمات يوم القيامة، وليعلم كل معلم ومعلمة أنه قد يكون سببا عظيماً في تخريج أجيال صالحين، وشباب أتقياء، وقادة أسوياء، وقد يكونون سبباً عظيماً في تخريج أجيال فاسدين، وشباب طالحين، وقادة معوجين، فليتقوا الله في شباب الأمة وشاباتها.
اللهم وفق المعلمين والمعلمات لأداء رسالة التعليم على الوجه الذي يرضيك، اللهم اجعلهم دعاة هدى ورشاد، وإصلاح وسداد، اللهم أعنهم على هذه المهمة واجعل السداد والهدى حليفهم، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل خطيئة فاستغفروه واتقوه؛ فإنه هو أهل التقوى وأهل المغفرة.
الخطبة الثانية:
عباد الله: يلاقي المعلم وتلاقي المعلمة صعوبات وعوائق في أداء هذه المهمة، لذا كان من المطلوب أن ننصف لهم كما أنصفنا منهم، من أجل هذا سوف أوجه كلمة إلى مسؤولي التربية والتعليم، وإلى الآباء والأمهات، وإلى المتعلمين والمتعلمات في خطب قادمة إن شاء الله.
التعليقات