عناصر الخطبة
1/مكانة اليقين ومعناه وأهميته 2/درجات اليقين 3/من صفات أهل اليقين الكامل 4/من صفات أهل اليقين.اقتباس
من صفات أهل اليقين أنهم يفكرون في ملكوت السموات والأرض، وما خلق الله -عز وجل- في هذا الكون، ويرون عظمة الله في خلق السموات والأرض والجبال والبحار وغير ذلك؛ فيزيد لدى المسلم اليقين بالله -عز وجل- وعظمة قدرته -سبحانه وتعالى-.
الخطبة الأولى:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102].
فإن اليقين بالله -عز وجل- وبما أنزل من شُعب الإيمان وصفته من أهل التقوى والإحسان قال -تعالى-: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)[النمل:3]؛ ومعنى اليقين هو العلم التام الذي ليس فيه شك، ومعنى اليقين هو سكون القلب عن العمل بما صدق به القلب، وقال ابن القيم -رحمه الله-: "لا يتم صلاح العبد في الدارين إلا باليقين والعافية"، ولأهمية اليقين فقد نبَّه الله -عز وجل- نبيه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- إلى عدم الركون إلى أهل الشك من الكفار والمنافقين؛ فقال -سبحانه وتعالى-: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ)الروم:60].
واليقين ذكر البعض أنه الإيمان كله؛ قال بعض السلف: "الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله". قال ابن القيم -رحمه الله-: "اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد"، وباليقين تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمّر العاملون، وعن الحسن: أن أبا بكر خطب الناس فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا أيها الناس! إن الناس لم يعطوا في الدنيا خيراً من اليقين والمعافاة" وسنده رجال الصحيح.
ولقد كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تُهوّن به علينا مصائب الدنيا".
ولقد ضرب أنبياء الله ورسله الكرام المثل الأعلى في اليقين وحُسن الثقة بالله -تعالى-، فها هو الخليل إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- عندما ألقوه في النار فقال -وهو متيقن بحفظ الله له ونصره له-: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، فأنجاه الله ليقينه وثقته بالله -تعالى-، وهذا كليم الله موسى -عليه السلام- يقول لأصحابه حينما أدركهم فرعون فوجدوا البحر أمامهم والعدو من وراءهم؛ فظهر اليقين بالله -عز وجل- لدى موسى -عليه السلام- قال الله: (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ، قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء:61]، وهذا هو اليقين بالله، وحفظ الله نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- عندما أحاط بهم قريش يريدون قتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول لصاحبه أبي بكر -رضي الله عنه- في الغار: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما". وهذا من اليقين.
واليقين ثلاث درجات: الأولى علم اليقين، وهو العلم الجازم المطابق للواقع، والثانية عين اليقين، وهو بأنك تشاهد الأمر. والثالث حق اليقين وهو المخالطة والملابسة، فأهل اليقين يعلمون إيمانًا جازمًا بوجود الله -عز وجل- والجنة والنار ويوم القيامة، وأنهم سيحاسبون عن أعمالهم بعد الموت، ويزيد هذا الإيمان إلى الدرجة التي بعدها إلى اليقين، وكأنك ترى الله -عز وجل- وهو درجة الإحسان، وكأنك ترى الجنة فتعمل لها، وكأنك ترى النار فتخاف منها، وتتجنب السيئات والمعاصي حتى لا تدخلها، ولا زلت تترقى في درجات اليقين حتى تصل إلى درجة الأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام-.
من صفات أهل اليقين الكامل بأن الرزق ليس بيد أحد من البشر، وأنه بيد الله وحده لا شريك له (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)[الذاريات:22-23]، لذا تجدهم يتصدقون ولا يخشون الفقر.
أهل اليقين يؤمنون بالقرآن الكريم وهم صابرون، قال -تعالى-: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ)[السجدة:24]، فهم يعملون بما جاء في القرآن الكريم وهم موقنون به.
نسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا اليقين بالله -عز وجل-، واليقين بما جاء في القرآن الكريم وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
من صفات أهل اليقين أنهم يفكرون في ملكوت السموات والأرض، وما خلق الله -عز وجل- في هذا الكون، ويرون عظمة الله في خلق السموات والأرض والجبال والبحار وغير ذلك؛ فيزيد لدى المسلم اليقين بالله -عز وجل- وعظمة قدرته -سبحانه وتعالى-.
أهل اليقين يوقنون أن النفع والضر بيد الله -تعالى-: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[الأنعام: 17]، وفي الحديث "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك"(رواه الترمذي وصححه الألباني).
أيضًا أهل اليقين عندهم يقين بالقضاء والقدر، فكلما أصاب العبد يثق أنه من أقدار الله، ولا يعترض على شيء من ذلك؛ "فمن رضي له الرضا، ومن سخط فعليه السخط".
أهل التقوى يؤمنون بقلوبهم أنهم سيحاسبون على أعمالهم؛ إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، ولذلك فهم يستعدون للموت والحساب، نسأل أن يجعلنا من أهل التقوى واليقين.
ألا وصلوا على سيدنا محمد كما أمركم الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك.
اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دَيْنًا إلا قضيته، ولا عسرًا إلا يسَّرته، ولا مريضًا إلا شفيته.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
التعليقات