النظافة قيمة إسلامية

محمد بن إبراهيم السبر

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/أهمية النظافة في الإسلام 2/حث الإسلام على سنن الفطرة 3/النظافة مسؤولية مجتمعية 4/ مفهوم النظافة وأنواعها

اقتباس

النظافة في الإسلام قيمة إيمانية عظيمة الشأن، وهي من الأشياء التي يحبها الله، وهي جزء لا يتجزأ من الإيمان، وقد جعل الإسلام الطهارة شرطا لصحة الصلاة التي هي عمود الإسلام، وحث الإسلام أبناءه عليها في جميع أحوالهم، عند صلاتهم، وفي اجتماعاتهم ومجالسهم، وكما اهتم الإسلام بنظافة الإنسان اهتم بنظافة البيئة والمكان، وجاء...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ)[التوبة: 119].

 

​النظافة في الإسلام قيمة إيمانية عظيمة الشأن، فهي من الأشياء التي يحبها الله -تعالى-: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[البقرة: 222]، وهي جزء لا يتجزأ من الإيمان؛ كما قال النبي -ﷺ-: "الطهور شَطْر الإيمان"، فهي عبادة رفيعة يُثاب فاعلها، ويأثم تاركها في بعض مظاهرها؛ يراعيها المسلم ويتحلى بها في كل الأوقات والظروف.

 

لقد جعل الإسلام الطهارة شرطا لصحة الصلاة التي هي عمود الإسلام، قال ﷺ: "لا تُقبلُ صلاةٌ بغيرِ طهورٍ، ولا صدقةٌ من غُلولٍ"(رواه مسلم والترمذي وابن ماجه).

 

وقد امتدح الله -عز وجل- أهل قباء، وجعل حرصهم على النظافة والطهارة سببا في حبه تعالى لهم، فقال سبحانه: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)[التوبة: 108] أي يتطهرون من الأحداث والجنابات والنجاسات، وقال عطاء: كانوا يستنجون بالماء ولا ينامون بالليل على الجنابة.

 

وحث الإسلام أبناءه عليها في جميع أحوالهم، عند صلاتهم، وفي اجتماعاتهم ومجالسهم: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)[الأعراف: 31].

 

ومن مظاهر النظافة في الشريعة الإسلامية: سنن الفطرة، وهي عبارة عن بعض السلوكيات التي تعتني بنظافة الإنسان، قال ﷺ: "الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وقص الشارب"(رواه البخاري ومسلم).

 

 

وغسل جميع البدن واجب بعد الجماع والاحتلام، وبعد الحيض والنفاس، وغير ذلك من المواطن التي يلزم معها الغسل، ومندوب إليه في المناسبات الشرعية، ومواطن الاجتماع والازدحام كالجمع والعيدين، قال ﷺ: "إذا جاء أحدُكم الجمعةَ فليغتسلْ"(رواه البخاري ومسلم).

 

وحث نبي الإسلام أمته على استعمال السواك في اليوم والليلة، فيسن عند الوضوء، وعند الصلاة، وعند القيام من النوم، وعند تغير رائحة الفم، قال ﷺ: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء"، فالطهارة سيما أهل الإيمان في الدنيا والآخرة؛ فقد بين النبي -ﷺ- أن أمته تعرف من بين الأمم على كثرتها بأثر الطهارة والنظافة، فقال ﷺ: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء".

 

النظافة مسؤولية مجتمعية؛ فالإسلام كما اهتم بنظافة الإنسان؛ فقد اهتم بنظافة البيئة والمكان، وجاء بآداب وأخلاق تدرأ خطر النفايات على صحة الإنسان والبيئة، قال ﷺ: "الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ -أَوْ: بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ"(متفق عليه)، وقال: "عُرِضَت عليَّ أعمالُ أمتي حسنُها وسيِّئُها، فوجدتُ في محاسِن أعمالها: الأذى يُماطُ عن الطريقِ"(رواه مُسلمٌ).

 

وقد ورد النهي عن إلقاء الأذى في الطرق والحدائق والأماكن العامة التي يركن إليها الناس للاستراحة والاستظلال؛ قال: "اتقوا اللاعنين" قالوا: وما اللاعنان؟ قال: "الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

بل رغب الشرع في إزالة ما يؤذي المسلمين في طريقهم، ففي الصحيحين أن النبي ﷺ قال: "بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشـكر اللَّه له فغفر له"، وفي رواية: "مر رجل بغصن شجرة على ظهر الطريق، فقال: والله لأنحين هذا عن طريق المسلمين لا يؤذيهم؛ فأدخل الجنة".

 

ومن هنا -عباد الله- يجب أن نُعلِّم أبنائنا معنى النظافة، وأنها ليست كلمة تقال وإنما هي سلوك يظهر، ونُعلِّمهم أنها من الدين، ونُبيّن لهم مخاطر التهاون في النظافة، ونحذرهم من بعض السلوكيات التي يقع فيها البعض من رمي النفايات والقاذورات في الطرق والساحات والحدائق، وغيرها.

 

وبعد: عباد الله: فإن الإسلام يعنى بالنظافة الخاصة والعامة، والظاهرة والباطنة، والمعنوية والمادية، فخلق المسلم طهارة الاعتقاد، وطهارة القلب من الشرك والنفاق والغل والحسد، ونظافة المظهر والمأكل والمشرب والمسكن والمركب كل ذلك وغيره من فضل الله على عباده المؤمنين، وتشريفاً وتكريماً لهم.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[المائدة: 6].

 

نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم، وبهدي سيد المرسلين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا.

وبعد: فاتقوا الله -عباد الله-، واعلموا أن دين الإسلام لا أكملَ ولا أعظمَ منه، ولا أزكَى للعبدِ وأطهرَ له سِواه منه، والسعيدُ من طهَّرَ قلبَه وجوارِحَه ولسانَه وظاهِرَه مما يُغضِبُ ربَّه، واستعملَها فيما يحبه الله ويرضاه، وشكرَ نِعَمَ الله عليه: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)[الأعراف: 26].

 

وصلُّوا وسلِّموا على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، نبيِّكم محمد رسول الله، فقد أمرَكم بذلك ربُّكم، فقال وهو الصادق في قيله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ على عبدك، محمد الرسول المصطفى، والنبي المجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين.

وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن بقية العشرة، وأصحاب الشجرة، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

 

اللهم أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأَذِلَّ الشركَ والمشركينَ، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، ووفِّق وليَّ أمرنا ونائبه لما تحب وترضى، اللهم أعذنا من الفتن، ما ظهَر منها وما بطَن.

 

اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ونفِّسْ كروبنا، وعافِ مبتلانا، واشفِ مرضانا، وارحم موتانا.

 

(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الأعراف: 23].

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201].

 

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصافات: 180-182].

المرفقات
5WB4UnyR8LiLZlnivooTs5R6TfKlVIjHxNbUEone.pdf
ShvgxBrJ9soMXuarbUalVlm6K1Y1HqpMpxYx0h3j.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life